موقع 24:
2025-10-17@11:59:51 GMT

المولد النبوي.. نهج المحبة والرحمة

تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT

المولد النبوي.. نهج المحبة والرحمة

منذ فجر الدعوة الإسلامية، نشأ غرض شعري ذو قيمة إبداعية وأخلاقية، وهو غرض "المديح النبوي"، فإذا تتبعنا تاريخ المديح النبوي، سنجد أن أوله ما قاله عبد المطلب إبان ولادة محمد صلى الله عليه وسلم، إذ شبه ولادته (ص) بالنور والإشراق، حين يقول: وأنت لما ولدت أشرقت ** الأرض وضاءت بنورك الأفقُ فنحن في ذلك الضياء وفي ** النور وسبل الرشاد نختــرقُ

الاحتفاء بذكرى المولد رسالة ذات مغزى تربوي وأخلاقي وروحي

ثم ها هو أبو طالب يمدح النبي (ص) في صغره، عندما استسقى به في أيام القحط.

وأبيض يستسقي الغمام بوجهه ** ثمال اليتامى عصمة للأرامل

يلوذ به الـهُلَّاك من آل هاشم ** فهم عنده في نعمة وفواضل

ومع ذلك فهذا الفن الشعري الذي ازدهر وتنامى مع الدعوة النبوية والفتوحات الإسلامية، كان هذا وهو حي عليه الصلاة والسلام قائم بين ظهراني أصحابه، وممن اشتهروا بهذا مجموعة من الشعراء الصحابة رضوان الله عليهم الذين كانوا يُعرفون بالفصاحة والبلاغة، ومنهم "حسان بن ثابت"، و"كعب بن مالك"، و"كعب بن زهير"، و"عبد الله بن رواحة"، فقد كانوا يكتبون الشعر في مدح الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكان هذا فناً من فنون المحبة والشوق، والشغف بمدح خصائصه وخصائله.

فمابالكم بنا نحن الذين أحببناه ولم نره! لماذا حين نحتفل به نقع تحت طائلة الضلالة، ونواجه بوابل الإنكار والذم من بعض المتشددين الذين يرون ذلك بدعة سيئة، أو يعدونه كبيرة من الكبائر أو ذنباً عظيماً، هل يتناسى هؤلاء أنه احتفاء يُعبّر عن المحبة له صلى الله عليه وسلم، وهل ينكرون أنه كان يعظّم يوم مولده، ويشكر الله تعالى فيه على نعمته، وكان يعبّر عن ذلك التعظيم بالصيام، هل ينكرون أن محبته أصل من أصول الإيمان، وقال: لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أجمعين)؟! هل ينكرون المفارقة المهمة فى حديث -البخاري- قيل أن الله يخفّف عن أبي لهب كل يوم اثنين بسبب عتقه لثويبة جاريته لما بشرته بولادة النبي صلى الله وعليه وسلم؟!

إن محبته صلى الله عليه وسلم تتغلغل في قلوب المؤمنين، وإن التعبير عنها ليس على درجة واحدة، ولا بشكل واحد، بل لها عدة سبل وطرائق في التنفيس عنها.

وقد أجازت دار الإفتاء المصرية احتفال المسلمين بالمولد النبوي الشريف، وأوضحت الدار في فتواها حول ذلك، أن المولد النبوي الشريف إطلالة للرحمة الإلهية، كما أخبر عنها في القرآن بالنسبة للتاريخ البشري جميعه.

وأشارت الفتوى إلى أن جماهير العلماء سلفاً وخلفاً أجمعوا على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، بل ألف في استحباب ذلك جماعة من العلماء والفقهاء، بيّنوا بالأدلة الصحيحة استحباب هذا العمل، وأكدوا أن الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف فعل لا مخالفة فيه لسنة، ولا إحياء فيه لبدعة غير حسنة، غير تلك التي شهد الشرع باعتبارها، ويكفي ما قاله عمر رضي الله عنه "نعم البدعة هذه".

مشروعية الاحتفال بذكرى المولد النبوي صدرت عن علماء الأمة الإسلامية المعتدلين، وأقربهم إلى الصواب والوسطية والتسامح، كما أن المولد النبوي الشريف، يعد فسحة كبيرة لإدخال البهجة، وتعطير المجالس بذكره وبذكراه، والاقتداء بسيرته صلى الله عليه وسلم، وترسيخ معاني الإنسانية والمحبة والسلام والتسامح، متخلقين بأخلاقه وبمنهجه صلى الله عليه وسلم.

كما أن الاحتفاء بذكرى المولد رسالة ذات مغزى تربوي وأخلاقي وروحي، وهو أمر محمود، وعمل مبرور، يكفي أنه توقير للرسول صلى الله عليه، شريطة أن يكون ذلك بقراءة السيرة ومدارستها من باب الأسوة الحسنة، فهي فضيلة في هذا الشهر، فنحن أحوج ما نكون إلى هديه في هذا العصر الذي كثرت فيه الفتن، وانتشر التطرف، والتكفير، وتم اختطاف الدين، وبدأ يعيش المسلم في غربة، وكثر أعداؤه، فلا طريق إلى الخلاص من كل ذلك إلا باتباع "نهج المحبة" التي تلطف الأجواء، وترسخ الاعتدال والتسامح، وتعزز من أدبيات التدين الصحيح.

كما يعتبر المولد من الفرص السانحة لنرتقي بأخلاقنا، وإظهار الاستئناس والابتهاج بهذه الذكرى، فحياته كلها أسوة لنا، ولذا فإن تأصيل محبة الرسول عليه الصلاة والسلام واجب شرعي.

وتختلف الاحتفالات الشعبية والرسمية من بلد لآخر ومن منطقة لغيرها، مثل إقامة مجالس لذكر الله وقراءة القرآن والابتهالات، ومدح النبي، وتدارس سيرته، وذِكر شمائله، ويُقدّم فيها الصدقات والطعام والحلوى وغيرها.. وهو يوم إجازة رسمية في معظم الدول العربية والإسلامية.

من الثوابت الوطنية في دولتنا والنابعة من حكمة قيادتنا، أن المناسبات الدينية يجب استثمارها في إعادة الإرث التاريخي والمنهج الحضاري، لكون الإمارات منبعاً ثرياً للمحبة، وموطناً أصيلاً للاعتدال، ومحجّة للتعايش السلمي بين الناس.

ندعو الله أن يعيد هذه الذكرى على دولتنا وعلى العالم الإسلامي والإنسانية جمعاء بالخير والبركة والرخاء، وكل عام والجميع بخير ومحبة وسلام.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني المولد النبوی الشریف صلى الله علیه وسلم بذکرى المولد

إقرأ أيضاً:

رئيس جامعة الأزهر يلقي محاضرة بعنوان «أثر اللغة العربية في فهم النص الشريف»

ألقى الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، محاضرة علمية بدار الإفتاء المصرية بعنوان «أثر اللغة العربية في فهم النص الشريف»، ضمن البرنامج التدريبي منهجية الفتوى في دار الإفتاء المصرية، لمجموعة من علماء دور الإفتاء الماليزية والأكاديميين الجامعيين.

رئيس جامعة الأزهر يفتتح أعمال التطوير بمستشفى سيد جلال الجامعي نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه القبلي يتابع الاختبارات النهائية لمسابقة الإنشاد الديني

تناول رئيس الجامعة، خلال المحاضرة، المكانة الرفيعة للغة العربية ودورها المحوري في ضبط الفهم الشرعي للنصوص واستنباط الأحكام، مشيرًا إلى أنها لسان الوحي ووعاء الشريعة، وأن فهمها يمثل المدخل الرئيس لصحة الفقه في الدين واستقامة الفتوى، وأن الحديث عن أثر اللغة في النص الشريف هو حديث عن هوية الأمة ومصدر وعيها التشريعي والمعرفي.

وأكد فضيلته، أن من أخطر ما يهدد صفاء الفتوى وانضباطها هو القول على الله بغير علم، لأن الفتوى بغير علم تمثل افتراءً على الله تعالى وتسبب اضطرابًا في الوعي العام وخللًا في حياة الناس، مستشهدًا بقول النبي ﷺ: «من أفتى بغير علم لعنته ملائكة السماء والأرض»، موضحًا أن المفتي يقوم مقام النبوة في البيان والتبليغ عن الله تعالى، فهو وارث علم الأنبياء ومبلّغ عن رب العالمين، ولا يليق بهذا المقام الجليل أن يتصدر له إلا من جمع بين العلم الراسخ والفهم الدقيق والورع والعدالة.

وأشار رئيس الجامعة إلى أن ضعف الزاد في اللغة العربية من أبرز أسباب الخطأ في الفهم والفتوى، موضحًا أن اللغة هي الأداة التي يُفهم بها النص الشرعي، وأن الجهل بها يؤدي إلى الانحراف في المعنى والمقصد، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أرشدوا أخاكم فقد ضل»، مؤكدًا أن الدقة اللغوية شرط أساس في الفهم السليم للوحي، وأن اللغة والفقه والعقيدة علوم متكاملة لا تنفصل عن بعضها.

وبين فضيلته أن الأمة الإسلامية أمة تصنع المعرفة ولا تستهلكها، لافتًا إلى أن علماءها الأوائل أسسوا لقواعد العلوم وبنوا منهجًا متكاملًا يربط بين اللغة والدين والفكر، مؤكدًا أن اللغة تمثل الأساس الذي تتماسك به وحدة المعرفة الإسلامية، داعيًا الباحثين وطلاب الدراسات العليا إلى التعمق في دراسة اللغة العربية، خاصة في باب العلاقة بين الفقه واللغة، موصيًا بقراءة كتاب «الكوكب الدري في تخريج الفروع الفقهية على المسائل اللغوية» لما يتضمنه من بيانٍ لأثر اللغة في دقة الاستنباط وتوجيه الأحكام.

وفي ختام المحاضرة، تحدث رئيس الجامعة عن الفرق بين الفتوى الفردية والفتوى المؤسسية، موضحًا أن الفتوى الفردية تخص الأفراد وتصدر من المفتي المؤهل، بينما الفتوى المؤسسية تتعلق بالشأن العام والمصالح الكبرى للأمة وينبغي أن تصدر من المؤسسات الرسمية لما تمتاز به من منهجية علمية وضبط جماعي ونظر في المآلات، مؤكدًا أن من تمام الفقه في الدين أن يتجرد المفتي من الهوى وألا يضيّق ما وسّعه الله، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تحجر واسعًا»، مشيرًا إلى أن مراعاة المصلحة العامة ورفع الحرج عن الناس من سمات الفقه الراشد الذي يجسد وسطية الشريعة وسعتها.

مقالات مشابهة

  • تاج الكرامة والسبيل لأعلى المنازل.. خطيب المسجد النبوي يوصي بتقوى الله
  • إحسان الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم اليوم الجمعة
  • الموالد الصوفية بين المحبة والبدعة
  • أسباب استقرار الحياة الزوجية في الشرع الشريف
  • محافظ الغربية يشهد احتفالية المولد الأحمدي بمشاركة وزير الأوقاف
  • معنى العفو وفضله في الشرع الشريف
  • رئيس جامعة الأزهر يلقي محاضرة بعنوان «أثر اللغة العربية في فهم النص الشريف»
  • الشعلة بطلاً لبطولة المولد النبوي لكرة القدم في الزهرة بالحديدة
  • جزاء صلاة الضحى "الأوابين" بالشرع الشريف
  • حكم التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم