سام برس:
2025-03-17@06:22:27 GMT

التغيير الجذري .. بين الحقيقة والخيال

تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT

التغيير الجذري .. بين الحقيقة والخيال

بقلم/ احمد الشاوش
تحدث السيد عبدالملك الحوثي ، في خطابه الاخير عن اجراء " تغيير جذري وشيك" في مؤسسات الدولة ، بعد ان أصبح الفساد والرشوة والابتزاز على كل لسان ، وأمتدت أذرع أُخطُبوطات العبث الى مؤسسات الدولة ، ورجال المال والاعمال والاسواق والنقاط حتى صاحب العربية وبسطة الخضرة الضعيف لم ينجو من الملاحقة والابتزاز تحت مبررات عجيبة.



وصار كل فاسد ينهش المال العام وكل عابث يبحث عن ضحية وكل شيطان يبحث عن صيدة وكل مرتشي يبحث عن فريسة في ظل سياسة لعبة مراكز القوى العابثة والمصالح الضيقة وايقاعات اسندني أسندك وهذا من شلتي وهذا من شلتك ، وغياب القانون وانعدام الضمير وفقدان المساءلة وقيلولة جهاز الرقابة وهيئة مكافحة الفساد والسلطة القضائية والضغوط الخفية التي وفرت بيئة آمنة للفساد والتغطية على حيتانه وعكست رؤية سلبية لدى المواطن اليمني المحب للنظام.

والحقيقة المُرة التي يجب ان يدركها العقلاء والحكماء من الحوثيين والهاشميين ، أن شعبية انصار لله " في بداية دخولهم الى العاصمة صنعاء كانت مرتفعة ، لانها كانت ترتكز على المطالبة بتحقيق العدالة والمساواة وألغاء الجرعة واسقاط الحكومة الفاسدة ورفع الاجور والمرتبات والمطالبة بدولة القانون ، والمحافظة على المؤسسات والتمسك بوحدة وسيادة اليمن ما دفع الكثير من ابناء الشعب اليمني الى تأييدها والوقوف الى جانبها والاصطفاف معها ، كمنقذ رغم وجود أكثر من علامة تعجب واستفهام.

والحقيقة التي يجب أن يدركها انصار الرب ، وان كانت عنيفة وصادمة ومؤلمه ومُقلقة ومُكلفه هي أن ثقة الناس قد تلاشت ، وان السمعة الطيبة في بداية الصعود تكاد تندثر وان شعبية الانصار تتوارى وأن رصيدهم يكاد ينتهي لاسيما في ظل الفساد والغلاء القاتل ومراكز القوى العابثة والفشل في ادارة مؤسسات الدولة وغياب العدالة وعدم معالجة قضية الرواتب وتقديم الخدمات وتشغيل وتعطيل الدستور والقانون من قبل الكثير بحسب المزاج السياسي.

والعجيب انه كل ما ظهرت مشكلة على السطح الارض وضج الناس وسارع العقلاء الى حلها وهدأت النفوس ، تلوح في الافق أزمة او كارثة جديدة في غياب الوعي وانعدام الحكمة والقدرة على المعالجة وما الاسلوب الغير اللائق الذي قام به بعض المحسوبين على الانصار في مصادرة واخذ وسحب الاعلام الوطنية بالقوة من أيدي المواطنين ومن فوق السيارات في جولة ريماس وشارع حدة وبعض الجولات ليلة السادس والعشرين من سبتمبر ، الا ضرب من الجنون وقفز على الدستور والقانون وحالة من الاستبداد والفوضى ودليل على عدم النضوج وضيق الصدر واحترام حرية الاخرين ومصادرة فرحة الناس في الاحتفال بمناسبة وطنية عزيزة - بثورة 26 سبتمبر 1962 ،

والسؤال المحير للناس هو لماذا يصر بعض العابثين من الانصار وممن ارتمى في احضانهم من المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة ومخلفات الاحزاب الاسنة والفاشلة سابقاً ولاحقاً على الفتنة واستعداء الشعب وشل مؤسسات الدولة وتقليب المواجع واستفزاز وأثارة العامة وممارسة الفساد والطغيان والغرور وتهديد كل صاحب رأي أو قضية بالسجن ، بينما القضاء هو الفيصل ؟.

والحقيقة التي يجب ان يدركها الجميع انه لايمكن ان تقوم لليمن قائمة الا في ظل تطبيق قيم التسامح والتعايش وحرية الرأي والتعبير والمشاركة السياسية والاحتكام الى الصندوق والتنمية وايجاد اقتصاد قوي ، واذابة الفوارق والاهتمام بالانسان وخلق فرص عمل..

وبعد اعلان السيد عبدالملك الحوثي ، اعلن الرئيس مهدي المشاط عن التغيير الجذري الوشيك ، وغرد محمد علي الحوثي عن التغيير والتفويض ، وغرد حسين العزي ، وحسين حازب وعامر والكثير من القيادات والوزراء والمشرفين والاعلاميين الفاسدين والصالحين في وسائل التواصل الاجتماعي ، ورحبوا وهللوا وكبروا وبشروا بريااااح التغيير التي ستقتلع جذور الفساد والفاسدين في ذكرى المولد النبوي الشريف عليه افضل الصلاة والسلام وهو ما نأمله.

ولكن أكثر ما لفت نظري وانتباهي أن بعض الفاسدين بدأ يطبل وينافق ويمزق ويزايد وينافق بـ " التغيير الجذري الوشيك " في محاولة لتحسين صورته والابقاء على منصبه أو تدويره الى مكان آخر ، وليس حُباً في التغيير والاصلاح والاطاحة بالفاسدين.. مايجعل اليمنيون ينظرون الى ان التغيير الجذري يقع بين "الحقيقة والخيال".

وبكل شغف وشوق ينتظر الشعب التغيير الجذري ، ويأملون ان يقتلع التغيير جذور الفساد على مستوى الرئاسة والحكومة والاعلام والاجهزة الامنية والمخابرات والبحث الجنائي الذي كثر شاكوه وقل شاكروه واقسام الشرطة ومؤسسات الدولة بشخصيات تحمل من الكفاءة والنزاهة والشرف والاخلاق والاستقامة والسمعة والوطنية ، مايفتقده بعض اللصوص والفاسدين والامعات والمزايدين والمنافقين من أجل بناءالدولة

أخيراً .. الشعب اليمني بحاجة ماسة الى اجراء تغيير جذري يعصف بالفاسدين واللصوص والمنافقين من اجل الحصول على حقوقه وتحسين ظروفة ومعيشته والعيش بشرف بعد 9سنوات من التضحية والفقر والجوع والرعب.

لانريد ان يكون التغيير الجذري ، مجرد تدوير للفساد والفاسدين .. أو قلع سيد وغرس سيد من نفس الفصيلة أو تغيير أخطبوط بسمك قرش أو كمن يقلع بصل ويزرع ثوم ، أو استبدال فاكهة اليوسفي بالليمون ، وانما نأمل ان يكون التغيير الى الافضل والاقدر والاجدر ومن كافة الطيف والمشارب السياسية والفكرية والثقافية شرط الكفاءه والنزاهة ، حتى يلبي طموحات وثقة الشعب واستقرار البلد..
نصيحة .. حسنوا سمعتكم وجددوا الثقة واقرأو الرأي العام جيداً ستجدون الحقيقة ولكم حرية الاختيار!!؟ .

المصدر: سام برس

كلمات دلالية: التغییر الجذری مؤسسات الدولة

إقرأ أيضاً:

الموت بالوكالة: كيف صار الشعب السوداني رهينةً لسلطتين قاتلتين؟

في البدء، كان الحلم هشًّا، يتنازعه الواقع والممكن، بين دولة لا يحكمها العقل وجيوش يحكمها الرعب. لم يكن السودان يومًا استثناءً في سياق التراجيديا التاريخية التي صنعتها الجيوشُ العربية منذ أن تحولت من مؤسساتٍ وظيفية إلى كياناتٍ فوق الدولة، تمارس السلطة دون مساءلة، وتحكم دون أن تُحاكم.

لكن في هذا البلد، كان للعسكر وجوهٌ كثيرة، كلٌّ منها أكثر فتكًا من الآخر، حتى أصبح المواطن السوداني، ذاك الكائن المعذَّب، رهينَ طاحونةٍ تدور برؤوسٍ متشابكة، إحداها الجيش الذي خنق الدولة منذ 1956، والأخرى مليشيا خرجت من رحم التوحش وصارت قوة تنازع الطاغية ذاته على سلطانه، في مشهد عبثي تتداخل فيه الأدوار بين الجلاد والضحية، حتى بات الوطن كله رهينةً بين المطرقة والسندان.

بدأت السردية القاتلة منذ أن استيقظ السودان المستقل على حقيقة أنه لم يُخلق ليحكم نفسه، بل ليكون حقلَ تجاربٍ لأوهام الضباطِ الذين قرأوا نصفَ كتبِ القوميةِ العربية، وظنوا أن الشعب صفحةٌ بيضاءُ قابلةٌ لإعادة التشكيل وفق أوامرِ القيادةِ العامة.
الفريق عبود، أول الطغاة، جاء كظلالٍ ممتدة لجيوشِ ما بعد الاستعمار، حيث لم يكن الاستقلالُ سوى قناعٍ رثٍ لاستعمارٍ داخلي أكثر فجاجة. ثم تلاهُ نُميري، العائد من شطحاتِ البعثِ الماركسي إلى خرافاتِ الهوسِ الديني، في مسيرةٍ عكست هشاشةَ السرديات التي حاول العسكرُ تسويقها، والتي انتهت إلى أن الشعب ليس سوى متغيرٍ ثانوي في معادلة الحكم.

لكن اللعبةَ الأكثر فجاجةً كانت في 1989، حين اختُزلت الدولةُ في معادلةٍ وحيدة: الإسلاميون والجيشُ كيانٌ واحد، والحربُ على المواطنِ أصبحت معركةَ استئصالٍ مفتوحة.
هنا، بدأ الجيش في التحول إلى عصبةٍ متآمرة، حيث لم يعد مجردَ قوةٍ تحكم باسم الدولة، بل صار جهازًا أيديولوجيًا يعمل لتصفية أي مشروعٍ خارج ثنائية “الطاغية المخلص” و”العدو الوجودي”. كانت الإنقاذُ لحظةَ التحامِ القمعِ المقدسِ مع السلاحِ الدنيوي، حيث أصبح الوطنُ مجردَ ساحةٍ تُعادُ هندستها وفق أوهامِ البقاءِ الأبدي.

في تلك اللحظة، وُلدت المليشيات.

وجيف الخطى الأولى ظهرت في دارفور، حيث اختُزلت الدولةُ في معسكراتِ الموت، وتحولت الجيوشُ النظاميةُ إلى أشباحٍ تراقبُ المذابح من بعيد. ومن رماد الجنجويد، خرجت قوات الدعم السريع، كظلٍّ كثيفٍ لنظامٍ أفرط في صناعة الوحوش، حتى كادَ يُبتلع بها.
حميدتي، بائع الإبل الذي صعد من ثقافة الغزو البدائي، أصبح رجل الدولة بامتياز، في استعارةٍ فظةٍ لصعود العوامِ المسلحين في الإمبراطورياتِ الآفلة. هنا، لم يكن الصراعُ مجردَ لعبةِ سلطة، بل كان إعادةَ توزيعٍ للقوةِ خارج أطرها التقليدية، حيث أصبح الموتُ رأسمالًا قابلًا للمساومة، وصارت الحربُ استثمارًا مفتوحًا، بمدخلاتِ الذهبِ ومخرجاتِ الخراب.

حين انفجرت الحرب في 15 أبريل 2023، لم تكن سوى لحظةٍ حتمية في سياقٍ بدأ منذ أن تخلّى الجيشُ عن كونهِ مؤسسةً وطنية، وأصبح مجردَ أداةٍ لصناعةِ الطغاة. لكنها كانت أيضًا إعلانًا لانهيارِ النموذجِ نفسه، حيث لم يعد بالإمكان إخفاءُ هشاشةِ الدولةِ خلفَ أستارِ البيروقراطيةِ العسكرية. الجيشُ الذي كان يُراد له أن يكون درعَ الدولة، أصبح شبحًا يتآكل من داخله، والدعمُ السريع، الذي أُنشئ كأداةِ قمع، أصبح دولةً صغيرة داخل الدولة، حتى خرجت الأمور عن نطاق السيطرة.

لا شيء يعبر عن هذه اللحظة أكثر من أصواتِ الخرطومِ المنكوبة، حيث تحوّلت المدينة إلى أطلالٍ تتردد فيها أصداءُ الأسئلة التي لم تجد إجابة: من يحكمُ السودان؟ هل هو الجيشُ الذي صار ظلًّا لنفسه؟ أم المليشياتُ التي خرجت من رحمِ الفوضى وأصبحت القوةَ الوحيدةَ القادرةَ على فرضِ معادلاتها؟ أم أن البلادَ محكومةٌ بمنطقِ الحربِ الدائمة، حيث الدولةُ مجردُ مرحلةٍ عابرة بين معركتين؟

إذا كان ماركس قد تحدث عن “الدولة كأداةٍ للقمع الطبقي”، فإن السودان يقدم نموذجًا أكثر تعقيدًا، حيث الدولةُ لم تعد موجودةً أصلًا، والقمعُ أصبح مُوزّعًا بين عدةِ أقطابٍ، كلٌّ منها يحاولُ أن يؤسسَ روايتهُ الخاصة.
الأمر ليس صراعًا بين سلطةٍ وشعب، بل بين عدةِ سلطاتٍ، كلٌّ منها ترى في الشعب مادةً خامًا لإعادةِ التشكيل.

هذا ما يُفسرُ لماذا تحولت المليشياتُ إلى كياناتٍ اقتصاديةٍ ضخمة، ولماذا أصبح الجيشُ نفسه طرفًا في تجارةِ الحرب، حيث لا أحد يرغبُ في إنهاءِ النزاع، لأن النزاع ذاتهُ أصبح مصدرَ الشرعيةِ الوحيد.

لكن المأساةَ الحقيقية ليست في القتلةِ فحسب، بل في الذين ما زالوا يبحثون عن تبريرٍ أخلاقي لهذه الفوضى. هنا، تأتي السردياتُ التي تحاولُ اختزالَ الأمرِ في “حربٍ بين معسكرين”، وكأن هناك حقًا معسكرًا يمثلُ الشعب. الحقيقةُ أن الشعبَ السوداني، الذي ظلَّ لعقودٍ محاصرًا بين الطغاةِ والجلادين، لم يعد طرفًا في المعادلة. لقد صار مادةً للفرجةِ في مسرحيةٍ دمويةٍ تُعيد إنتاج نفسها بوجوهٍ مختلفة، لكنها تحتفظُ بالحبكةِ ذاتها: الوهمُ، القمع، ثم السقوط.

عبد الخالق محجوب، الذي قُتل لأنه رفض أن يرى في الجيشِ حليفًا، كان يُدركُ أن العسكرَ لا يصنعون الثورات، بل يُجهضونها. غرامشي، الذي تحدث عن “الهيمنة” كأداةٍ لصياغةِ الوعي، كان ليجدَ في السودانِ نموذجًا فريدًا لهيمنةٍ لم تُصنع عبر الأفكار، بل عبر الرصاص. وبين هذا وذاك، يظل المواطنُ السوداني، الذي اعتاد أن يكون مشروعَ شهيد، في انتظارِ أن يسألهُ أحدهم: متى تُريدُ أن تكونَ مواطنًا كاملَ الحقوق؟

لكن لا أحد يسألُ هذا السؤال، لأن في السودان، كما في كل الدول التي سقطت في قبضةِ العسكر، السؤالُ الوحيدُ الذي يُسمعُ دائمًا هو: لمن السلطة؟ وما دامت الإجابةُ تأتي بالسلاح، فإن المواطنَ لن يكونَ سوى صدىً للأقدامِ التي تجوبُ الخرطوم، بحثًا عن غنيمةٍ جديدة.

zoolsaay@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • أقصبي: الفساد ينتج خطورة كبيرة على مؤسسات البلاد
  • الرئيس السيسي: نعمل على تطوير مؤسسات الدولة بشكل تدريجي وبخطوات ملموسة
  • مستقبل وطن: الشعب المصري سر نجاح الدولة في التغلب على التحديات
  • الطواف العربي في رحاب التغيير : البحث عن دور
  • رئيس الجمهورية يخالف الحقيقة التي تؤكد “إن إيران من قصفت حلبجة بالكيمياوي وليس العراق”
  • كبيرة ومتنوعة.. عون يكشف عن التحديات التي يواجهها لبنان
  • حزب السادات: الشعب المصري لم يعد يصدق أكاذيب الجماعة الإرهابية
  • منصور بن زايد يحضر مأدبة الإفطار التي أقامها محمد بن بطي آل حامد
  • نص الإعلان الدستوري لسوريا 2025
  • الموت بالوكالة: كيف صار الشعب السوداني رهينةً لسلطتين قاتلتين؟