بمؤتمر وزراء ثقافة العالم الإسلامي.. إيسيسكو يطرح إستراتيجية لمكافحة الاتجار بالممتلكات الثقافية
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
لا يعدّ الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية جريمة بحق الأمم وتاريخها فحسب؛ بل في حق التراث الإنساني كله، كون أن ملكيتها لا تعود إلى الدول وحدها، وإنما تعدّ تراثا عالميا يجب حمايته والمحافظة عليه.
جريمة الاتجار بالممتلكات الثقافية كانت أحد المحاور التي تطرق إليها المؤتمر الثاني عشر لوزراء الثقافة في دول العالم الإسلامي، المقام على مدار يومين في العاصمة القطرية الدوحة تحت شعار، "نحو تجديد العمل الثقافي في العالم الإسلامي".
وبرزت إستراتيجية منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو" لمكافحة الاتجار بالممتلكات الثقافية في العالم الإسلامي، ضمن الوثائق التي استُعرضت وصُودق على خطوطها العريضة خلال المؤتمر، وحُدّدت مسارات العمل عليها بين المنظمة والدول الأعضاء، تمهيدا لاعتمادها بصورة نهائية خلال عامين، ومتابعة تنفيذها لتكون مؤثرة في سياسات وتشريعات الدول الأعضاء.
14 ألف مخطوطةويرى مدير إدارة الشؤون القانونية والمعايير الدولية بمنظمة "إيسيسكو"، محمد الهادي السهيلي، أن الإستراتيجية هي نتاج طلبات من دول عديدة في المنظمة، بضرورة منح الموضوع أهمية قصوى، ودعم الدول في استرداد وتنمية قدرات العاملين في مجالات الثقافة والميادين المتصلة من أجهزة إنفاذ القانون، فضلا عن بعض الورشات التي عقدتها منظمتا "يونسكو" و"يونيدروا"، اللتان أصدرتا اتفاقيتين في هذا المجال في 1970 و1995.
ويقول السهيلي للجزيرة نت، إن تقديرات الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية حول العالم تتراوح بين 3.4 إلى 6.3 مليار دولار سنويا، وهو رقم كبير وسرقة لممتلكات ثقافية للدول والتراث الإنساني والعالمي، لذلك تسعى المنظمة من خلال هذه الإستراتيجية إلى معالجة الثغرات في الاتفاقيات التي لا تخدم الدول، خاصة دول العالم الإسلامي الأكثر تعرضا لهذا الاتجار.
السهيلي يرى أن دول العالم الإسلامي هي الأكثر تعرضا للاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية (الجزيرة)ويضيف أن هذه الظاهرة تمسّ كل الدول وبالأخص دول العالم الإسلامي، وكذلك الدول التي تعاني من أزمات وحروب، ففي اليمن -مثلا- رُصدت سرقة وتهديد نحو أكثر من 14 ألف مخطوطة، لم يتضح حتى الآن مصيرها.
ويشير مدير إدارة الشؤون القانونية والمعايير الدولية بمنظمة "إيسيسكو"، إلى أن التاريخ مليء بسرقات كثيرة للممتلكات الثقافية، أشهرها سرقة لوحة "زهرة الخشخاش" للفنان الهولندي العالمي فنسنت فان جوخ من متحف محمد محمود خليل بالقاهرة، التي تبلغ قيمتها 60 مليون دولار.
المؤتمر شهد حضورا مميزا من وزراء الثقافة لدول العالم الإسلامي (الجزيرة) 3 محاورويوضح أنه صُودق خلال مؤتمر وزراء الثقافة في دول العالم الإسلامي على المحاور العريضة للإستراتيجية وخطوطها التي تتلخص في 3 محاور كبرى، الأول: يشمل الآليات الحمائية التي تضم الضمانات والتشريعات القانونية، الثاني: يتعلق بالآليات المادية الخاصة بالصيانة والترميم والحماية والحفظ والتوثيق وإعداد الدراسات الاستكشافية، والثالث: يرتبط بالتعاون الدولي، خاصة فيما يتعلق بإصدار القواعد القانونية الدولية، أو بالمساعدة في البعد المادي.
بدوره، نبّه مدير البرامج بالملتقى القطري للمؤلفين، صالح غريب، بإستراتيجية "إيسيسكو" لمكافحة الاتجار بالممتلكات الثقافية في العالم الإسلامي، لكنه شدد على ضرورة وجود آلية للتنفيذ تحمي الممتلكات الثقافية في البلدان الإسلامية.
ويقول صالح للجزيرة نت، "إننا طالبنا بضرورة طرح هذا الأمر كثيرا، وإصدار قوانين وتطبيق آليات ملزمة تمنع هذا الاتجار، تسهم في كفّ أيادي الذين يعملون في الاتجار بالممتلكات الثقافية، سواء كانت مادية أو معنوية".
صالح غريب يشدد على ضرورة وجود آليات ملزمة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية (الجزيرة)ويضيف "الممتلكات الثقافية متنوعة ومجالاتها مفتوحة، ولا بد من وضع ضوابط وقوانين تحكم هذه الأمور من أجل المحافظة عليها، خاصة أن بعض المنتفعين يستسهل هذا الأمر، ويلجأ إلى أساليب غير أخلاقية في عملية الاتجار بالممتلكات الثقافية".
سرقة ثقافتنامن جهته يرى الناقد المسرحي الدكتور حسن رشيد، أن إستراتيجية "إيسيسكو" لمكافحة الاتجار بالممتلكات الثقافية في العالم الإسلامي بادرة طيبة، "نتمنى لها أن تصل إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع خلال الفترة المقبلة".
ويقول حسن رشيد للجزيرة نت، إن "بعض الدول التي لا تمتلك تاريخا، استغلت ضعفنا في بعض الفترات وسرقت ثقافتنا وتراثنا وحضاراتنا، ففي بعض المتاحف العالمية في مختلف دول العالم تجد الآثار المصرية، وكذلك الآثار العراقية بعد سقوط صدام حسين، فضلا عن طمس الهُوية والسرقة الثقافية للبلدان العربية الواقعة تحت الاحتلال، أو التي تعاني من حروب وأزمات".
ويضيف "أننا لا نحافظ على ثقافتنا وتراثنا في كل مكان، ونحن مسؤولون عن هذا الأمر، فهناك في دولة مالي واحدة من أقدم المكتبات الإسلامية والمعرضة الآن للسرقة والنهب، مثلها مثل كثير من عمليات السرقة التي أصابت مخطوطات تاريخية في اليمن".
لوسيل عاصمة الثقافة الإسلامية 2030كما استعرض المؤتمر الثاني عشر لوزراء الثقافة في دول العالم الإسلامي، التقرير الصادر عن المجلس الاستشاري للتنمية الثقافية في العالم الإسلامي، وأهم المبادرات والبنود التي توصل إليها المجلس الاستشاري.
المؤتمر اعتمد مدينة لوسيل القطرية عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي 2030 (الجزيرة)كما اعتمد مجموعة من القرارات أهمها: اعتماد مدينة لوسيل القطرية عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي 2030، ووثائق تطوير برنامج "إيسيسكو" لعواصم الثقافة في العالم الإسلامي، وسبل تطويرها، وأهم الدول المرشحة لاستضافة عواصم الثقافة في العالم الإسلامي خلال الفترة القادمة.
كما تم خلال المؤتمر استعراض مجهودات المنظمة في دعم العمل الثقافي، في ظل رؤيتها وتوجهاتها الإستراتيجية، وكذلك تقرير لجنة التراث في العالم الإسلامي، ووثيقة المبادئ التوجيهية للسياسات الثقافية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الثقافیة فی العالم الإسلامی دول العالم الإسلامی الثقافة فی فی دول
إقرأ أيضاً:
بدعوى عدم وجود ميزانية لشحن الكهرباء.. الظلام يخيم على قصر ثقافة طنطا منذ 50 يوماً ولا حياة لمن تنادي
50 يوماً بالتمام و الكمال مرت، والظلام يخيم على أروقة قصر ثقافة طنطا، المكان عندما تدخله لأول وهلة تعتقد أنه مكان مهجور لا حياة فيه، لكن بداخل المقر يتجمع أعضاء الفرق المختلفة في قاعة القصر، والعاملون على مكاتبهم يمارسون أنشطتهم على ضوء الهواتف المحمولة خاصة الأنشطة والتدريبات التي تقام مساءً، في مشهد يشبه إلى حد كبير المناطق الريفية القديمة التي تعاني من عدم وصول الكهرباء إليها، ويتم أحياناً كثيرة إقامة الندوات الثقافية خارج قاعة القصر، الأمر الذي أدى إلى حالة من الاستياء والغضب الشديد بين الرواد وأعضاء الفرق الفنية المختلفة نظراً لانقطاع الكهرباء طوال هذه المدة بسبب نفاذ الشحن في كارت العداد وعدم وجود ميزانية لإعادة شحنه مرة أخرى.
ويرجع السبب في انقطاع التيار الكهربائي إلى أن عداد الكهرباء يعمل بنظام مسبوق الدفع مما يستلزم الشحن أولاً حتى تعود الحياة للقصر، إلا أن الإجراءات الروتينية المتبعة حالت دون سداد قيمة الشحن مما تسببت في تلك الأزمة، والتي بدأت في السابع من أكتوبر الماضي، وتم مخاطبة فرع ثقافة الغربية، وإقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي، لسرعة سداد قيمة الشحن لإعادة الكهرباء للمكان لكن حتى هذه اللحظة والمخاطبات مستمرة دون جدوى، لعدم وجود ميزانية للشحن، ولا حياة لمن تنادي.
وألقت تلك الأزمة بظلالها على الأنشطة المختلفة خاصة فرق المسرح والفنون الشعبية والندوات اليومية التي يتم إقامتها في الظلام على أضواء الهواتف المحمولة وهو ما أثار استياء الرواد.
وأعرب أحمد الشافعي "مخرج مسرحي" بقصر الثقافة، عن استيائه من التعامل بهذا النمط الروتيني، مشيراً أن النشاط المسرحي والتدريبات تتم في الظلام وهذا أمر غير مقبول، فيما أكد الخبير الإعلامي سمير مهنا "محاضر"، أن عدد الحاضرين في الندوات يتقلص كل مرة عن المرة التي تسبقها بسبب انقطاع التيار، واصفاً الوضع الحالي في قصر الثقافة بـ "السيء" نظراً لبرودة الجو، مع عدم توافر وسائل تهوية وجلوس العاملين في الظلام.
وأضاف رامي جوهر مدرب فرقة الفنون الشعبية بالقصر، أن انقطاع الكهرباء عن قصر ثقافة طنطا يعيق ممارسة كل أنشطة القصر ويحدث فوضى في سير تلك الأنشطة لاسيما ونحن في بداية أشهر الشتاء ودرجات الحرارة المنخفضة ولا يمكن مزاولة نشاط خارج القاعة، الأمر الذي يتطلب تدخل سريع من الكاتب محمد عبد الحافظ ناصف نائب رئيس هيئة قصور الثقافة لحل هذه الأزمة لإعادة مزاولة أنشطة القصر والحفاظ على رواده وحفاظاً على هيبة المكان والوزارة أمام رواد القصر.
يذكر أن أزمة انقطاع التيار الكهربائي في قصر ثقافة طنطا لم تكن الأولى من نوعها، حيث أنها سبق وأن حدثت منذ عامين، وخيم الظلام على المكان لأكثر من شهر ونصف تقريبا، ونفس الوضع يتكرر من جديد مما تسبب في حدوث حالة من الغضب والاستياء بين الرواد والمترددين، ورغم نقل بعض الأنشطة الفنية للمركز الثقافي إلا أن هناك أنشطة أخرى مازلت قائمة في قصر الثقافة وهو ما يدعو للتساؤل متى تنتهي أزمة قصر ثقافة طنطا بتخصيص مقر مستقل يتناسب مع استيعاب كافة الأنشطة، بما يليق بقصر ثقافة عاصمة محافظة الغربية.
وكانت أزمة انقطاع الكهرباء في المواقع الثقافية بالغربية قد بدأت في دار الكتب بطنطا منذ نحو ٦ سنوات بعد أن تم تحويل نظام عداد الكهرباء للكارت مسبوق الدفع، مما يستلزم شحن الكارت بشكل منتظم حتى لا تنقطع الكهرباء على الرواد إلا أن نظام الروتين المتبع في إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي، تأخر موعد الشحن وانقطع التيار الكهربائي، ويطالب رواد قصر الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، والكاتب محمد عبد الحافظ ناصف نائب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة بسرعة التدخل لحل تلك الأزمة.
جانب من إحدى بروفات فريق المسرح بقصر ثقافة طنطا