الشعب يدفع كل الفواتير في الجمهورية الجديدة.. مفاهيم ملتبسة (70)
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
حتى نبدد تلك الأسطورة الاستبدادية حول الزيادة السكانية وتبنّي هذه الرؤية المالتوسية في مواجهة مقولة أخرى تؤكد على مفهوم الهبة السكانية وأدوار الشباب الإيجابية في صناعة المستقبل وعمليات التنمية؛ فإننا نأتي على تعيين من يتحمل كل هذه الأزمات الهيكلية والبنيانية التي يعاني منها النظام السياسي المصري في كافة الجوانب الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية.
هذه الطغمة وما سبقها من الطغاة الذين نسجوا هذه الأسطورة منذ حركة يوليو 1952؛ هم في حقيقة الأمر يكررون تلك المشاهد طالما وجدوا المشاجب التي يعلقون عليها كل ما يتعلق بسياسات فشلهم وطغيانهم، وطالما أن من يتحمل الفاتورة مع استئثارهم بالمغانم في ظل مفهوم العصابة الذي تحدثنا عنه هو الشعب، فليترف المترفون، ويبنون القصور والسجون، ويقومون بكل ما من شأنه أن يستخرجوا كل مليم من جيب المواطن "الملعون". إن من يدفع الفواتير هو شعب مصر بأشكال مختلفة، وإن من يقسم المغانم هي عصابة العسكر وبأشكال مختلفة.
وفي هذا الإطار يأتي حرص منظومة الثالث من يوليو على اتهام الشعب بكل نقيصة وتحميله مسؤولية فشلها وفسادها واستبدادها. يمكن الحديث عن أنماط من الفواتير، وإجبار المواطنين على دفعها بصورة كاملة، بل إن الأمر أكبر من ذلك، حيث تتاجر هذه المنظومة في عملية سداد هذه الفواتير أيضا بما يضمن لها تحقيق مصالح ومكاسب من جراء هذه العملية نفسها، الأمر الذي يجعل الفواتير مضاعفة. وهو أمر باتت تحترفه هذه المنظومة وتتفوق فيه، خاصة بعدما باتت في بعض الأحيان تقوم بدور السمسار/ أو المثمن العقاري، وباتت المتاجرة في الشعب وبالشعب هي المهنة الوحيدة التي تحترفها هذه المنظومة وتجيد القيام بها، وتبرر بها كل عمل أو سياسة أو فساد أو استبداد أو حتى رشاوى في الداخل والخارج، فاتهام الشعب هو الحاضر دائما في مخيلة هذه المنظومة وزبانيتها وأذرعها المختلفة، ومن هنا يمكن استعراض نماذج وأنماط لهذه الفواتير منها فواتير الجباية، والقروض، والفشل، والفساد، والاستبداد والفاشية والظلم.
حرص منظومة الثالث من يوليو على اتهام الشعب بكل نقيصة وتحميله مسؤولية فشلها وفسادها واستبدادها. يمكن الحديث عن أنماط من الفواتير، وإجبار المواطنين على دفعها بصورة كاملة، بل إن الأمر أكبر من ذلك، حيث تتاجر هذه المنظومة في عملية سداد هذه الفواتير أيضا بما يضمن لها تحقيق مصالح ومكاسب من جراء هذه العملية نفسها، الأمر الذي يجعل الفواتير مضاعفة
وإذا تأملنا سياسات ومسارات هذه المنظومة فيما يتعلق بالجباية نجد أن الأمر يفوق الحصر، حتى أنه في فترة من الفترات كان رئيس هذه المنظومة يحرص على الاحتفاظ بدفتر ملاحظات قريب من يده يكتب فيه أي فكرة يمكن أن تعود على منظومته بالجباية. ورأينا نماذج حية لهذا السلوك، وكيف أن القوانين صدرت لاحقة لمناقشة على الهواء مباشرة لفكرة أو عمل يقوم به البعض بعيدا عن الجباية أو الضرائب، مثل أعمال التسوق الالكتروني، أو العمل "الفري لانسر"، إضافة إلى التوسع الكبير في أعمال الجباية والضرائب وتنويع وسائل تحصيل ذلك، وصولا إلى عسكرة وظائف الجباية ومنح القائمين عليها الضبطية القضائية والحصانة العسكرية، ناهيك عن سياساته في ميكنة العديد من المصالح.
وبعكس فلسفة الميكنة والتطوير في كثير من البلاد بأنها تأتي تسهيلا على المواطنين في قضاء خدماتهم، فإنه في مصر تأتي لضمان التحصيل الفوري للخدمة وبالسعر والتكلفة التي تريدها هذه المنظومة، مثل ميكنة عدادات الكهرباء وغيرها من المجالات التي لم تنعكس على المواطن إلا بارتفاع التكلفة ووقوف تقديم الخدمة على دفعه ما يطلب منه دون مناقشة أو مراجعة ضمن حالة إذعانية عامة.
أما عن فاتورة القروض، فهي باهظة وشديدة الخطورة ولا يمكن استيعاب أو فهم سياسة هذه المنظومة لسدادها بعدما تجاوزت الحدود وتضاعفت كثيرا في الفترة الأخيرة دون عائد حقيقي على الوطن أو المواطنين، خاصة وأن هذه القروض منصرفة في مشاريع يسميها قومية لا عائد لها إلا ما يراه رئيس المنظومة من أنها ترفع الروح المعنوية للمواطنين، ويفتخر بأنه لا يلتزم بدراسة الجدوى ولا يعتمد عليها، وهو ما انعكس بقوة على فشل العديد من المشاريع أو وقوع خسائر لا حدود لها، أو أنها تنصرف إلى مشاريع رفاهية وترفيهية مثل القصور الرئاسية الإمبراطورية، وأعلى برج، وأكبر مسجد، وأوسع كنيسة، وأثقل نجفة، ناهيك عن التفريط في الأمن القومي للبلاد ومقدراته الاستراتيجية وأصوله الأساسية دفعا لفوائد هذه القروض، وباتت مصر سوقا مفتوحة للدول صاحبة رؤوس الأموال تختار من مشاريعها وأصولها وأراضيها ما يسدد لها ديونها، ومن ذلك جزيرتي تيران وصنافير، والعديد من الشركات الناجحة، إضافة إلى تكبيل القرار المصري في العديد من الملفات القومية مثل سد النهضة، وممر الهند- إسرائيل، وغيرها من الملفات الاستراتيجية.
تأتي فاتورة الفشل لتعبر عن حالة شديدة الخطورة في المجتمع المصري، خاصة وأنها تتداخل مع ملف من أكثر الملفات خطورة وهو ملف العلاقات المدنية العسكرية؛ حيث تعتمد هذه المنظومة على عناصر المؤسسة العسكرية وتحرص على فرضهم وتمكينهم في المؤسسات المدنية، وفي الوقت نفسه ومع ذلك الفشل المتكرر والواضح للعيان نجد أن منظومة الثالث من يوليو تحمّل الشعب والمكّون المدني مسؤولية هذا الفشل
وتأتي فاتورة الفشل لتعبر عن حالة شديدة الخطورة في المجتمع المصري، خاصة وأنها تتداخل مع ملف من أكثر الملفات خطورة وهو ملف العلاقات المدنية العسكرية؛ حيث تعتمد هذه المنظومة على عناصر المؤسسة العسكرية وتحرص على فرضهم وتمكينهم في المؤسسات المدنية، وفي الوقت نفسه ومع ذلك الفشل المتكرر والواضح للعيان نجد أن منظومة الثالث من يوليو تحمّل الشعب والمكّون المدني مسؤولية هذا الفشل. ولا يمكن تجاهل ذلك المشهد عندما توقف رئيس هذه المنظومة عند أحد المشاريع ليصرخ قائلا: "فين المدني اللي هنا"، كما أنه كثيرا ما يتباهى برجاله العسكريين ويتمنى أن يكون لديه آلاف منهم ليحقق ما يأمل ويتمنى، على الرغم من الفشل المتكرر لهؤلاء القيادات أنفسهم، ولكنه حريص شديد الحرص على تدبيج خطاب معين يضمن من خلاله السيادة والنجاح لعناصر المؤسسة العسكرية في إطار عسكرته للمجتمع.
فاتورة الفساد لا تقل خطورة عن الفواتير السابقة، ويمكننا القول إن الفساد في هذه المنظومة مؤسسي، ولعل مراجعة موقف هذه المنظومة من الجهاز المركزي للمحاسبات ورئيسه السابق المستشار هشام جنينة تكفي للتدليل على حماية هذه المنظومة للفساد ورعايته وإدارته، فالفساد المُدار والمتغلغل في مؤسسات الدولة السيادية والاستراتيجية يحتاج إلى مقالات ودراسات خاصة به.
وتمكن الإشارة إلى واقعة الرشوة التي تم الكشف عنها مؤخرا لسيناتور أمريكي وما كشفت عنه من ملابسات خطيرة جدا، خاصة في ملف الشركة التي تم تأسيسها كواجهة لهذه العمليات في الخارج، حيث تم الكشف عن إٍسناد هذا العمل "الديني الإسلامي" إلى رجل أعمال "مسيحي"! وارتفاع تكلفة هذه الخدمة أضعافا مضاعفة، ناهيك عن التورط في تدمير صحة المصريين باستيراد بضاعة فاسدة تدمر صحة الشعب المصري، وهو أمر لا يشغل بال هذه المنظومة بقدر ما يشغلها من تحصيل مكاسب مادية ومعنوية لا حصر لها.
أما عن فاتورة الاستبداد والفاشية والظلم؛ فحدث ولا حرج، وهي فاتورة تختلف عن جميع الفواتير الأخرى لأن الثمن فيها هو دم المصريين وأعمارهم وحياتهم، سواء بالقتل والسحق والإخفاء القسري والتدوير في السجون حتى نهاية عمر هذا النظام، وضياع موارد وحقوق ومكان ومكانة مصر في ظل هذه المنظومة التي لا تنشغل إلا بتأمين وجودها على قمة السلطة بغض النظر عن الثمن المدفوع.
إن نشر وانتشار حالة الاستبداد والفاشية والظلم في ربوع الوطن يبدو أنها المهمة المقدسة لهذه المنظومة التي تضمن من خلالها استمرارها والحفاظ على كيانها، الأمر الذي ترتب عليه أن باتت مصر بمثابة سجن كبير لا يمكن أن يجادلنا في ذلك إلا القائمون على هذا السجن والمستفيدون منه.
وبات ينتشر مؤخرا على وسائل التواصل الاجتماعي ما أسماها الأستاذ بلال فضل "جريمة عتاب السيسي"، والتي هي عبارة عن مقاطع فيديو ينشرها مواطنون مصريون يعبرون فيها عن الثمن الذي باتوا يدفعونه جراء استمرار هذه المنظومة. ورغم تصريحهم بأنهم كانوا يؤيدون هذا النظام فإن النظام لا يتورع عن إيقاع أشد أنواع التنكيل بهم، ممارسا عليهم كل ما لم يكونوا يصدقونه من قبل. ونحن هنا نندد بما يتعرضون له، ونؤكد في الوقت نفسه أن هذا النظام لا يعمل إلا لمصلحته الشخصية المباشرة وأنه يقتات على من لا يقدّرون خطورة هذا النظام واستمراره.
تكلفة فاشية هذا النظام واستبداده وظلمه تفوق في أرقامها سد احتياجات الشعوب وضروراتها باسم "أمن الدولة"، فإن كثيرا من الباحثين والخبراء قد أكدوا أن تكلفة العدل في المجتمعات والدول أقل بكثير من تكلفة الاستبداد والطغيان
تبدو لنا المسألة في إطار من يدفع الفاتورة أو يدفع التكلفة التي تتعلق بهذا النظام وسياسات فشله، وتوزيع المغانم في ظل استراتيجية تقوم على الفساد والإفساد، وتكلفة فاشية هذا النظام واستبداده وظلمه تفوق في أرقامها سد احتياجات الشعوب وضروراتها باسم "أمن الدولة"، فإن كثيرا من الباحثين والخبراء قد أكدوا أن تكلفة العدل في المجتمعات والدول أقل بكثير من تكلفة الاستبداد والطغيان.
ومع ذلك، لا يأبه المستبد بالشعب، ويستخف بالقوم، ويقوم بكل ما من شأنه أن يزيد استئثاره وتحكمه واحتكاره لكل شأن يتعلق بالدولة والمجتمع. ولم يقف عند هذا الحد، بل واصل سياسات الديون والاقتراض وسياسات الجباية والتفنن في فرضها من مكوس وضرائب، فاستكمل هذا النظام الطغياني كل حلقات منظومة محتكرة ملعونة، مهترئة مجنونة، تقوم بكل ما من شأنه أن يهيمن على مقدرات البلاد والعباد، لتقع الطامة الكبرى، وهو ما سنقوم عليه في مقال آت حول بيع مصر وأصولها في محاولة من النظام أن يجلب مالا ليصرفه مرة أخرى على ترفه ومترفيه، وحينما واجهه البعض بالأرقام المتضاربة أكد "لا تتعبوا أنفسكم في متابعة ما أنفقت سواء كان بالجنيه أم بالدولار، فأنا قد أنفقت الجنيه والدولار".. هكذا هي متوالية الاستخفاف لمنظومة الاستبداد والطغيان وخراب العمران في الجمهورية الجديدة.
twitter.com/Saif_abdelfatah
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الاستبدادية المصري الفشل الفساد مصر الفساد الاستبداد الفشل مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذه المنظومة هذا النظام
إقرأ أيضاً:
لسانها السليط لن يدفع بزواجنا إلى البعيد
أخالها كائنا متملصا من الأنوثة
لسانها السليط لن يدفع بزواجنا إلى البعيد
سيدتي، أهنئك على هذا المنبر” منبر ركن ادم وحواء” على موقع النهار اونلاين. الذي سمحت لنفسي أن أكون فيه مشاركا بما يقض مضجعي، فمربط فرس مشكلتي زوجتي المصون. لم أدرك يوما أنني سأحيا التعاسة على يدها، كيف لا وقد إخترتها عن حب لتكون رفيقة دربي. تحديت الجميع حتى يجمعنا الحلال ورأيتها من خلالها أنها الزوجة المناسبة التي ستحافظ على إسم عائلتي وشرفي. وقد خاب ظني بالقدر الذي أراسلك اليوم سيدتي وأنا أعاني الأمرّن، كما أنني بين نارين. بعد أن فكرت في الطلاق ولي منها إبنين لا أريدهما أن ينشأ مثلما نشأت هي.
صدمة ما بعدها صدمة سيدتي وأنا أكتشف أن من أدخلتها بيتنا على أساس العشرة الدائمة. سليطة اللسان لا تعرف من أبجديات اللباقة شيء. فهي تعامل أخواتي معاملة مشينة وكأني بهنّ عدواتها، ناهيك عن إخوتي الذكور الذين باتوا ينفرون من المنزل الذي يلجونه ليلا. هروبا من كلامها اللاذع.أما والداي، المسكينان وبالرغم من أنهما يتمتعان بموفور الصحة والعافية إلا أنهما لم يسلما من قلة أدب زوجتي. التي لا تخدمهما، بل وتستزيد من قبح التصرف معها بالرغم من أنهما لم يسيئا إليها قطّ.
ثلاثة سنوات هي عمر زواجنا، أحسّ من خلالها أنني مثقل بالهموم. لطالما نصحتها بضرورة التغيير من تصرفاتها إلاّ أنها ترفض الأمر جملة وتفصيلا. وتواصل في تعنّتها الذي سيكلفها الطلاق. أي نعم سيّدتي أريد لنفسي أن أحيا الراحة التي لطالما ناشدتها وتوسّمتها من الزواج، إلّا أنّني للأسف لم أجدها.
فما السّبيل للخلاص من هذا الغبن؟
أخوكم ش.أمجد من الشرق الجزائري.
من الصعب أن يجد المرء نفسه وقد وقع ضحية سوء إختياره، وما يحدث معك أخي لهو أكبر دليل على ذلك. كيف لا وقد تحديت العالم من أجل تكوين أسرة عمادها الحب والتفاهم . إلا أنك وجدت نفسك قاب قوسين أو أدنى من ذلك، بعد أن خاب ظنك في رفيقة دربك. التي لم تتعلم طيلة ثلاثة سنوات معنى أن تحيا بسلام ووئام مع أهلك الذين لم يؤذوها ولم يضطهدوها قطّ. أستغرب فكرة أنها تتطاول و تتقاوى. بطريقة مستفزة قد تصل إلى درجة العنف أو الضرب لو كانت زوجة لرجل أخر لا يزن الأمور بميزان العقل.
سلاطة اللسان، وعدم تقدير من نحيا بينهم من جملة الأمور التي تفقدنا لذة الحياة، وأن يبقى الأمر على هذا الحال. فهذا مستحيل، لذا عليك أخي أن تجد لنفسك مخرجا قبل الطلاق من خلال الحديث. بروية وهدوء مع زوجتك لتعرف منها ما تريده، وما هو الحد الذي تودّ بلوغه من خلال هذه التصرفات. فربما هي تبحث عن سكن منفرد خاص بها تكون هي سيدته وملكته وصاحبته. أو ربما أنها تعاني من إضطراب سلوكي ونزعة تميل للعيش بعيدا عن الأخرين. بحيث تهدأ نفسيتها وتستكين.كذلك، عليك أيضا أن تطرح الموضوع على أهلها. حتى يكونوا على بينة من تصرفات إبنتهم التي قد تهدم بيتها في لحظة طيش وتعود أدراجها إليهم. وهي تحمل لقب المطلقة، فينهروها ويعيدوها بطريقتهم إلى جادة الصواب.
تريث قبل أن تتخذ قرار الطلاق، وحاول أن لا تندم على أي شيء فات وحتى ما هو أت. وكان الله في عونك لتخرج من هذه المحنة.
ردت: س.بوزيدي.
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور