إعداد: فرانس24 تابِع إعلان اقرأ المزيد

بعد نحو 11 شهرا من شغور المنصب، دعا الموفد الفرنسي الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان المسؤولين اللبنانيين إلى إيجاد "خيار ثالث" لأزمة انتخابات الرئاسة فيما لا يملك أي فريق أكثرية برلمانية تخوّله إيصال مرشح.

وقال لودريان في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية بعد ثلاثة أشهر من بدء مهمة كلفه بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمحاولة إخراج لبنان من أزمته، "من المهم أن تضع الأطراف السياسية حدا للأزمة التي لا تطاق بالنسبة إلى اللبنانيين وأن تحاول إيجاد حل وسط عبر خيار ثالث".

 وكان لودريان يتحدث عن الانتخابات الرئاسية المتعثرة.

ومنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في نهاية تشرين الأول/أكتوبر 2022، فشل البرلمان 12 مرة في انتخاب رئيس، إذ لا يحظى أي فريق بأكثرية واضحة في البرلمان.

ويدعم حزب الله، اللاعب السياسي الأبرز في البلاد والذي يمتلك ترسانة عسكرية ضخمة، وحلفاؤه، الوزير السابق سليمان فرنجية للرئاسة، فيما تبنت أحزاب وشخصيات معارضة ومستقلة ترشيح لوزير السابق والمسؤول في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور.

وقال لودريان "المؤشرات الحيوية للدولة اللبنانية تشي بأنها في دائرة الخطر الشديد"، وذلك في خضم أزمة سياسية وانهيار اقتصادي متماد منذ أربعة أعوام. وأوضح لودريان "ليس بإمكان أي منهما الفوز، ولا يمكن لأي من الخيارين أن ينجح".

ومنذ تعيينه في حزيران/يونيو مبعوثا خاصا، زار لودريان لبنان ثلاث مرات، آخرها الشهر الحالي، والتقى مسؤولين لبنانيين وقادة أحزاب فاعلة من دون أن تثمر جهوده. ويعتزم القيام بزيارة رابعة خلال الأسابيع المقبلة.

ويتردد بوتيرة متزايدة اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون كمرشح بديل غير محسوب مباشرة على أي فريق سياسي. وكان عون في عداد شخصيات عدة التقاها مسؤولون محليون وأجانب بينهم لودريان.

وردا على سؤال، رفض لورديان تسمية مرشح، مؤكدا أنه ليس إلا "وسيطا"، وأن الأمر متروك للبنانيين لإبرام تسوية.

وقال "أجريت مشاورات أظهرت أن أولويات الأطراف الفاعلة يمكن بسهولة أن تكون موضوع توافق".

وكان لودريان دعا المسؤولين اللبنانيين عقب زيارته الثانية إلى بيروت في تموز/يوليو إلى تحديد الأولويات والكفاءات المطلوب توفّرها لدى الرئيس المقبل. 

 جلسات مفتوحة

بمواجهة "المأزق" القائم، اقترح الموفد الفرنسي على المسؤولين إجراء "مرحلة مشاورات مقتضبة" يليها اجتماع فوري ومفتوح للبرلمان حتى انتخاب رئيس.

وتنسجم مبادرة لودريان مع اقتراح أعلنه رئيس البرلمان نبيه بري نهاية الشهر الماضي، وتضمّن دعوة الكتل البرلمانية إلى عقد جلسات حوار لمدة سبعة أيام كحد أقصى خلال الشهر الحالي، على أن تليها جلسات مفتوحة لانتخاب رئيس. 

لكن كتلا برلمانية رئيسية رفضت اقتراح بري بالجلوس حول طاولة حوار من أجل التوافق على شخصية رئيس، معتبرة أن الأولوية يجب أن تكون للتوجّه إلى البرلمان لانتخاب الرئيس مباشرة. وتفضّل تلك الكتل الاحتكام إلى اللعبة الانتخابية الديمقراطية وأن يفوز المرشّح الذي يحظى بالعدد الأكبر من الأصوات.

ويعتزم لودريان العودة مجددا إلى بيروت "خلال الأسابيع المقبلة" لإطلاق هذا المسار الذي من المفترض أن يدوم "لأسبوع تقريبا"، على أن يقدّم في اليوم الأول ردود مختلف اللاعبين السياسيين حول "أولويات الرئاسة التي يمكن الاتفاق عليها للسنوات الست المقبلة".

وتلي ذلك مرحلة من التشاور بين القوى السياسية اللبنانية، وفي الوقت ذاته ينعقد البرلمان "في جلسات متتالية ومفتوحة" حتى التوصل إلى حل.

ويزيد الشغور الرئاسي في لبنان الوضع الاقتصادي سوءا في وقت تشهد البلاد منذ 2019 انهيارا اقتصاديا صنفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850. 

ومنذ أشهر، تدير البلاد حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية فيما يشترط المجتمع الدولي إصلاحات ملحة من أجل تقديم دعم مالي يساعد لبنان على النهوض من مأزقه الاقتصادي المزمن. 

ونبّه لودريان إلى أن الدول الخمس التي تتابع الملف اللبناني، أي فرنسا والسعودية ومصر والولايات المتحدة وقطر، بدأت تفقد صبرها وتهدد بوقف الدعم المالي الذي تقدمه للبنان. 

وقد اجتمع ممثلون عن تلك الدول في 19 أيلول/سبتمبر على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، من دون أن يصدر عنهم بيان ختامي.

وقال لودريان "الدول الخمس موحدة تماما، ومنزعجة للغاية، وتتساءل عن جدوى استمرار تمويلها للبنان، في وقت يتمادى المسؤولون السياسيون في عدم تحمّل المسؤولية".

ولا يزال احتمال فرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين الذين يعرقلون إنهاء الأزمة مطروحا. وقال لودريان في هذا السياق "من الواضح أنها فرضية" مطروحة، في موازاة إصراره على أن "الاستفاقة لا تزال ممكنة".

فرانس24/ أ ف ب

المصدر: فرانس24

كلمات دلالية: ناغورني قره باغ الحرب في أوكرانيا ريبورتاج لبنان البرلمان رئيس الجمهورية حزب الله نبيه بري فرنسا جان إيف لودريان

إقرأ أيضاً:

لماذا كل هذا التهويل؟

مَنْ يراقب عن بعد بيانات بعض الدول العربية والغربية، والتي تحذّر فيها رعاياها من التوجّه إلى لبنان، أو تلك التي تطلب فيها من مواطنيها مغادرة لبنان، يعتقد أن الحرب واقعة اليوم قبل الغد. إلاّ أن هذه التحذيرات لم تثنِ اللبنانيين، الذين يحملون جنسيات أخرى، وهم كثر، من التوجّه إلى وطنهم الأم كما كانوا يفعلون مع بداية كل صيف. وعلى رغم إصرار بعض هؤلاء اللبنانيين على تحدّي الصعوبات، التي يمكن أن تعترضهم لدى وجودهم على الأراضي اللبنانية، فإن كثيرين من هؤلاء فضّلوا التريث وعدم المخاطرة، وذلك نظرًا إلى ما يسمعونه كل يوم من أخبار، سواء عبر الاعلام التقليدي أو يقرأونه عبر اعلام التواصل الاجتماعي، وما يصل إليهم من أصداء نتيجة شائعات تطلقها جهات معروفة، وهي متخصّصة في اللعب على وتر الحالات النفسية، خصوصًا أنها تعرف أن الخبر يصل إلى مَنْ هم في الخارج مضخّمًا، بحيث تأتي ردّات فعل البعض مبالغًا فيها بعض الشيء.   وبالتواصل مع أغلبية، الذين "خاطروا" بتوجههم إلى لبنان واستخفّوا بهذه التحذيرات، يتبين من خلال انطباعاتهم العفوية أن "الدنيا بألف خير"، والناس الذين لا يعيشون في المناطق التي تستهدفها إسرائيل "ما على بالهم بال"؛ يرتادون المسابح والشواطئ لاكتساب سمرة الصيف؛ يسهرون ويملأون المطاعم والمقاهي والنوادي والمرابع الليلية "المفولة". ويعود الجميع إلى منازلهم في آخر الليل غير عابئين بكل هذه البيانات. وعندما يُسألون عمّا يتعرّض له الجنوب من قصف يومي يأتي جوابهم من حيث لا يمكن توقعّه "يللي طّلع الحمار على الميدنة خلليه ينزلو"، أي بمعنى أن "حزب الله" الذي قرر فتح جبهة الجنوب من دون استشارة أحد من شركائه في الوطن عليه أن يتحمّل مسؤولية ما أقدم عليه، وهم يرون أن لمساندة غزة أوجهًا كثيرة غير عبر الاسناد العسكري. وهذا ما لا يراه آخرون ينتمون إلى بيئة "الثنائي الشيعي"، الذين يقولون بأن ما لحق بالعدو من خسائر بشرية ومادية تفوق الخسائر اللبنانية بأضعاف، وأنه لولا عمليات "المقاومة الإسلامية" انطلاقًا من الجنوب، والتي تُنزل بالعدو أفدح الخسائر، لما أتى هذا العدد من المسؤولين والموفدين الدوليين إلى بيروت للبحث في كيفية تهدئة الوضع المتفجر بين إسرائيل و"حزب الله" بهدف تأمين عودة سريعة للمستوطنين إلى مستوطناتهم الشمالية.     وفي رأي هؤلاء أن ربط الجبهة الجنوبية بالجبهة الغزاوية قد وصل إلى هدفه، والدليل أن جواب "حزب الله"، سواء للموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين أو لغيره من الموفدين الدوليين أن عمليات "المقاومة الإسلامية" لن تتوقف قبل أن تقف الحرب على غزة. وهذا ما يُعمل عليه حاليًا وصولًا إلى تسوية شاملة تضمن حقوق الفلسطينيين بدولة مستقلة كاملة المواصفات.     في المقابل، فإن ما شهدته الساحة السياسية الداخلية في خلال هذا الأسبوع من رفع سقف الخطاب السياسي على خلفية العظة، التي تطرق فيها البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي إلى الوضع القائم في الجنوب، كاد يُدخل البلاد في مهاترات سياسية ليس الأوان أوانها وليس الظرف ظرفها، خصوصًا أن ما يعانيه أهل الجنوب نتيجة ما يتعرّضون له من قصف وتهديم لمنازلهم وحرق لمحاصيلهم الزراعية، إضافة إلى معاناة جميع اللبنانيين من وضع اقتصادي خانق وضاغط، لا يعطي أي مسؤول حزبي أو طائفي حق توزيع شهادات في الوطنية وفي الانتماء الوطني وفي المزايدة على معاداة إسرائيل كونها العدو الأوحد للبنان ولجميع اللبنانيين على حدّ سواء.   فهذا التهويل والهرج والمرج السياسي يأتي في وقت لا تزال الجمهورية من دون رئيس يدير بعقلانية لعبة التوازنات الداخلية، ويساهم مع غيره من المسؤولين في إعادة الحياة إلى مؤسسات الدولة الشرعية، وفي ضخ جرعة من الأمل والثقة في وطن يكاد يصبح أوطانًا، فتضيع معه هويته، التي أبدى أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين خشيته عليها. المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • زيارة الأمين المساعد إلى لبنان هي تنفيذا لقرار مجلس الجامعة العربية للتشارور مع القوى السياسية
  • الرئيس السيسي يهنئ نظيره الموريتاني بمناسبة إعادة انتخابه رئيسًا للبلاد
  • رئيس البرلمان النمساوي: استمرار عمل الائتلاف الحكومي رغم الخلافات السياسية
  • أحمد الحريري من زحلة: استسهال عدم وجود رئيس للجمهورية كارثة على كل اللبنانيين
  • بدء التصويت بانتخابات فرنسا وتوقعات بتقدم اليمين المتطرف
  • لماذا كل هذا التهويل؟
  • صراع السلطة والحرب في السودان
  • الناخبون الموريتانيون يدلون بأصواتهم لاختيار رئيس للبلاد
  • لا زيارات سياسية للاغتراب
  • ملف لبنان في لقاء لودريان وهوكشتاين الاسبوع المقبل والخازن في بكركي اليوم لرأب الصدع مع الحزب