وزير العدل: مصر أول دولة تطلق خدمة استصدار وثائق ومحررات قضائية عن بُعد
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
أكد وزير العدل المستشار عمر مروان، أن مصر هي الدولة الأولى التي تطلق خدمة استصدار وثائق ومحررات رسمية قضائية وذات طابع رسمي (توكيلات القضايا) وذلك بشكل إلكتروني معتمد وتكون ممهورة بخاتم أصلي على نحو إلكتروني دون تدخل بشري وليس صورة خاتم.
جاء ذلك في تصريحات صحفية أدلى بها المستشار عمر مروان، عقب قيامه والدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات بتفقد الخدمات التي تقدمها الوحدة الرقمية لإصدار محررات وزارة العدل عن بعد بداخل محكمة القاهرة الجديدة، والتي تقدم خدمات باستصدار شهادات المحاكم الاقتصادية، وكذلك استخراج شهادات من واقع الجدول لـ101 محكمة جزئية و29 محكمة ابتدائية، بالإضافة إلى خدمة استصدار توكيل رسمي عام للقضايا دونما الحاجة لتوجه المواطن إلى مقر مكاتب التوثيق التابعة لمصلحة الشهر العقاري للحصول عليها، وذلك بحضور وفد من دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة.
وأكد وزير العدل، توافر جميع عوامل الأمان في كافة الوثائق والمحررات الصادرة عن الوحدات الرقمية الجديدة، بصورة كاملة؛ حيث تتضمن التأكد من شخصية المواطن فضلًا عن التصميم المميز لهذا النوع من المحررات على نحو يستحيل معه تزويره، بالإضافة إلى مهر تلك الوثائق بخاتم أصلي تصدره الوحدة الرقمية على النحو الذي يتفق وطبيعة ونوع كل وثيقة وليس وضع صورة لهذا الخاتم، علاوة على البصمة الإلكترونية، والتوقيع الإلكتروني وجميعها اشتراطات وإجراءات تحول دون تقليد أو تزوير الوثائق والمحررات الصادرة عن تلك الوحدات.
وأشار إلى أن هذه الخدمة سيتم التوسع فيها بشكل كبير مستقبلًا إيمانًا من وزارة العدل بضرورة رفع الأعباء عن كاهل المواطنين، والتيسير عليهم، وذلك في إطار توجه الدولة ككل نحو الرقمنة واعتماد الأساليب التكنولوجية الحديثة، في كافة المناحي إيمانًا من الدولة المصرية بأن المواطن يستحق الخدمة التي تليق به، ومع التوجه نحو الجمهورية الجديدة.
وأضاف أن وزارة العدل تعمل على توسيع نطاق هذه الخدمات المتطورة بحيث تشمل مستقبلًا كافة عناصر المنظومة القضائية المصرية، وجميع المحاكم، مثمنًا في هذا الصدد جهود فريق العمل الذي كلف بتطوير هذه الوحدات بالتعاون مع وزارة الاتصالات.
وقال المستشار عمر مروان إن هذه الخدمات الجديدة تمثل نقلة نوعية في آليات استخراج شهادات المحاكم الاقتصادية والمدنية والابتدائية، وتوكيلات القضايا عن بعد، مشيرًا إلى أن التجربة العملية التي أجراها بنفسه اليوم بحضور وزير الاتصالات لاستصدار توكيل رسمي عام للقضايا من الوحدة الرقمية بداخل محكمة القاهرة الجديدة لم يستغرق سوى 8 دقائق فقط، فضلًا عن أنها نتاج ثمار تعاون وثيق طويل وممتد مع وزارة الاتصالات.
وأكد وزير العدل أن رسوم تقديم هذه الخدمات المتطورة زهيدة للغاية في مقابل ما توفره من جهد على المواطنين، وأن هذا الأمر يأتي في إطار الحرص على عدم إضافة أية أعباء مالية جديدة على المواطنين، والتيسير عليهم قدر الإمكان.
من جانبه، أكد الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أن التعاون مع وزارة العدل في مجال الوحدات الرقمية لاستصدار المحررات عن بعد، سيشهد خطوة جديدة مرتقبة من خطوات التطوير وتتمثل في العمل على إنشاء تطبيق إلكتروني عبر الهواتف المحمولة حتى يكون المواطن على دراية بأقرب موقع من مكان تواجده لتلقي الخدمة، فضلًا عما تم بالفعل من إنشاء مكاتب لبيع الأجهزة المخصصة للتوقيع الإلكتروني بالقرب من مقار المحاكم التي تتواجد بداخلها هذه الوحدات، وذلك في إطار التيسير على المواطنين.
وأشاد وزير الاتصالات، بمستوى التعاون المثمر مع وزارة العدل، مشيرًا إلى أن له انعكاسات إيجابية عديدة على المواطنين وراحتهم؛ حيث يتم تقديم العديد من الخدمات بشكل محوكم ومؤمن.
واستعرض وزير الاتصالات، العديد من الخدمات التي تقدم بالفعل، كنتيجة التعاون المشترك بين الوزارتين والتي بدأت بتقديم خدمات التوثيق بداخل المكاتب البريدية، ثم امتداد تقديم هذه الخدمة لتشمل مكاتب شركات الهاتف المحمول، والعديد من الخدمات التي تقدم عن بُعد ودون تدخل بشري وتعتمد التطبيقات الإلكترونية على الهواتف المحمولة، وكذلك اعتماد التوقيع الإلكتروني، وخدمات المحاكم الاقتصادية، مع الحرص على وضع أعلى مستويات التأمين في جميع تلك الوثائق.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
حرب الوكالة: السودان والإمارات.. هل تغير «دولة ممزقة» تاريخ الحروب؟
لعقود طويلة، كانت حروب الوكالة ـ ولا تزال ـ حيزاً غامضاً تتحرك فيه الدول لتحقيق أهدافها الاستراتيجية من دون الانخراط المباشر في أعمال عسكرية واسعة النطاق.
التغيير ــ وكالات
لكن هذا الحيز الرمادي ـ ثمة احتمالات ولو ضعيفة ـ قد يتقلّص، إذ تعيد دعوى قضائية جديدة النقاش حول إمكانية تجريم المشاركة ـ ولو عن بُعد ـ في جرائم الحرب.
السودان ضد الإماراتيقاضي السودان دولة الإمارات أمام محكمة العدل الدولية بتهمة تأجيج نزاع داخلي، من دون أن تنشر الدولة الخليجية قواتها على الأراضي السودانية.
يزعم السودان أن الإمارات متواطئة ـ بتقديم دعم مالي وسياسي وعسكري ـ في “إبادة جماعية” ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع بحق قبيلة المساليت في غرب دارفور، نوفمبر 2023.
القضية “غير مسبوقة في نطاق القانون الدولي”، يقول لموقع “الحرة” عبدالخالق الشايب، وهو مستشار قانوني وباحث في جامعة هارفارد.
وإذا قضت المحكمة لصالح السودان، فيسكون الحكم ـ بدوره ـ “سابقة قانونية” تُحمّل فيها دولة المسؤولية القانونية عن حرب بالوكالة، خاضتها عن بُعد.
وسيوفر الحكم أساسا لمساءلة الدول عن حروب الوكالة، وإعادة تقييم مبدأ عدم التدخل في سياق الحروب غير المباشرة.
يقول خبراء قانون لموقع “الحرة”، إن قضية السودان ـ إذا نجحت ـ ستؤدي إلى إعادة النظر في أدق التحفظات المتعلقة بالمادة التاسعة من اتفاقية الإبادة الجماعية، خصوصا عندما تكون هناك ادعاءات بارتكاب إبادة جماعية.
وقد تفقد الدول ـ نتيجة لذلك ـ القدرة على حماية نفسها من اختصاص المحكمة في مثل هذه القضايا.
ومن تداعيات القضية ـ إذا قررت محكمة العدل الدولية البت فيها ـ إعادة تفسير اتفاقية الإبادة الجماعية لتشمل حالات التورط غير المباشر أو التواطؤ في جرائم الحرب.
حروب الوكالةفي حديث مع موقع “الحرة”، تقول ريبيكا هاملتون، أستاذة القانون الدولي في الجامعة الأميركية في واشنطن، إن مفهوم الحرب بالوكالة يتبدى عندما تتصرف دولة كراع وتدعم طرفا آخر في ارتكاب أفعال خاطئة.
ورغم أن حروب الوكالة تبدو ظاهرة حديثة، فلها تاريخ طويل ومعقّد.
تُعرّف بأنها صراعات تقوم فيها قوة كبرى ـ عالمية أو إقليمية ـ بتحريض طرف معين أو دعمه أو توجيهه، بينما تظل هي بعيدة، أو منخرطة بشكل محدود في القتال على الأرض.
تختلف حروب الوكالة عن الحروب التقليدية في أن الأخيرة تتحمل فيها الدول العبء الأكبر في القتال الفعلي، وعن التحالفات التي تساهم فيها القوى الكبرى والصغرى حسب قدراتها.
وتُعرف حروب الوكالة أيضا بأنها تدخّل طرف ثالث في حرب قائمة. وتشير الموسوعة البريطانية إلى أن الأطراف الثالثة لا تشارك في القتال المباشر بشكل كبير، ما يتيح لها المنافسة على النفوذ والموارد باستخدام المساعدات العسكرية والتدريب والدعم الاقتصادي والعمليات العسكرية المحدودة من خلال وكلاء.
من الإمبراطورية البيزنطية إلى سوريايعود تاريخ الحروب بالوكالة إلى عصور قديمة، فقد استخدمت الإمبراطورية البيزنطية استراتيجيات لإشعال النزاعات بين الجماعات المتنافسة في الدول المجاورة، ودعمت الأقوى بينها.
وخلال الحرب العالمية الأولى، دعمت بريطانيا وفرنسا الثورة العربية ضد الدولة العثمانية بطريقة مشابهة. وكانت الحرب الأهلية الإسبانية ساحة صراع بالوكالة بين الجمهوريين المدعومين من الاتحاد السوفيتي والقوميين المدعومين من ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية.
وخلال الحرب الباردة، أصبحت الحروب بالوكالة وسيلة مقبولة للتنافس على النفوذ العالمي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، تجنبا لاحتمال نشوب حرب نووية كارثية.
ومن أبرز الأمثلة: الحرب الكورية، حرب فيتنام، الغزو السوفيتي لأفغانستان، والحرب الأهلية في أنغولا. استمرت هذه الحروب حتى القرن الحادي والعشرين. وتُعد الحرب في اليمن مثالا واضحا لحروب الوكالة، حيث تدعم إيران الحوثيين بينما تدعم السعودية وحلفاؤها الحكومة اليمنية.
وأظهر الصراع في سورية قبل سقوط نظام بشار الأسد مثالا صارخا لحروب الوكالة في عصرنا، من خلال تدخل روسيا والولايات المتحدة وإيران وتركيا دعما لفصائل مختلفة.
قضية السودان ضد الإمارات قد تدفع دولا أخرى إلى التفكير باللجوء إلى محكمة العدل الدولية في دعاوى مماثلة، ولكن!
الإبادة الجماعية؟لا تتعلق دعوى السودان بحروب الوكالة تحديدا، يؤكد الخبراء، بل تستند إلى اتفاقية “منع جريمة الإبادة الجماعية ومعاقبة المتورطين فيها”.
تدّعي الخرطوم أن ميليشيات الدعم السريع ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بينها القتل الجماعي، والاغتصاب، والتهجير القسري للسكان غير العرب، وتزعم أن تلك الجرائم ما كانت لتحدث لولا الدعم الإماراتي، بما في ذلك شحنات الأسلحة عبر مطار أمجاراس في تشاد.
“يحاول السودان أن يثبت دور دولة أخرى غير المباشر في ارتكاب قوات عسكرية أو ميلشيا تحارب في السودان إبادة جماعية”، يقول الخبيرة عبدالخالق الشايب.
“أساس القضية،” يضيف، “المادة التاسعة من اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها”.
رغم أن كلّا من الخرطوم وأبوظبي من الموقعين على الاتفاقية، تعتقد هاملتون أن من غير المحتمل أن يتم البت في هذه القضية، إذ إن “محكمة العدل الدولية تفتقر إلى الاختصاص القضائي للنظر فيها”.
“عند توقيعها على اتفاقية الإبادة الجماعية،” تتابع هاميلتون، “أكدت الإمارات أنها لم تمنح محكمة العدل الدولية السلطة للفصل في النزاعات التي قد تنشأ بينها وبين دول أخرى بشأن هذه الاتفاقية”.
ويلفت ناصر أمين، وهو محام مختص بالقضايا الدولية، إلى أن النزاع القائم في السودان يُعتبر وفقا لأحكام القانون الدولي الإنساني نزاعا مسلحا داخليا، إلى أن تثبت الخرطوم بأن هناك تدخلا من إحدى الدول لصالح أحد أطراف النزاع داخليا”.
“وهذا يحكمه بروتوكول ملحق باتفاقيات جنيف أو بالقانون الدولي الإنساني المذكور في المادة 3 من البروتوكول الثاني لاتفاقيات جنيف المنعقدة عام 1929،” يضيف.
تنص المادة الثالثة على أن أحكام هذه الاتفاقية لا تسمح لأي دولة أن تتدخل في الشأن الداخلي لأي دولة أخرى أو أن تمارس أي أعمال داعمة لأي فصيل متنازع أو متصارع.
“على السودان أن يثبت أمام محكمة العدل الدولية أن هناك خرقا حدث للمادة 3 من البروتوكول”، يوضح.
لم يرد المركز الإعلامي، لسفارة الإمارات في واشنطن، على طلب للتعليق بعثه موقع “الحرة” عبر البريد الإلكتروني.
نقاط القوة والضعفوتقول ربيكا هاملتون “من المؤسف” أنه من غير المحتمل أن تُرفع هذه القضية، حيث إن محكمة العدل الدولية تفتقر إلى الاختصاص القضائي للنظر فيها.
ويشير الباحث القانوني، عبدالخالق الشايب، إلى أن قضية السودان ضد الإمارات “يبقى التعامل معها متعلقا بوكالات الأمم المتحدة أو مجلس الأمن تحديدا”.
لكن هاملتون تقول إن هناك مجموعة من القوانين الدولية التي تحظر حروب الوكالة، لكن “التحدي الحقيقي يكمن في كيفية إنفاذ هذه القوانين”.
“سابقة”.. حتى لو تعثرت؟أن تتعثر قضية السودان ضد الإمارات ـ بسبب الاختصاص القضائي ـ أمر وارد، لكنها تبقى، وفق خبراء في القانون، “ذات دلالة رمزية كبيرة”.
“بغض النظر عن نتيجتها،” تقول أستاذة القانون الدولي ربيكا هاملتون، لموقع “الحرة”، “تمثل القضية محاولة جريئة من دولة ممزقة بالصراعات لتوسيع مفهوم المساءلة عن ممارسات الحرب الحديثة”.
وحتى إن رفضت محكمة العدل الدولية النظر في الدعوى، فإن القضية تضيّق الحيز الرمادي الفاصل بين المسؤولية المباشرة والمسؤولية غير المباشرة عن جرائم الحرب.
في تصريحات لموقع “JUST SECURITY”، يشير خبراء قانون إلى أن صدور حكم لصالح السودان ـ حتى وإن كان ذلك غير مرجح ـ قد يؤدي إلى إعادة تقييم شاملة للمعايير القانونية الدولية المتعلقة بتواطؤ الدول وتدخلها.
قبول الدعوى قد يدفع القانون الدولي إلى مواجهة التكلفة الحقيقية لحروب الوكالة الحديثة — سواء خيضت بجنود على الأرض، أو من خلال دعم مالي وعسكري عن بُعد.
الحرة – واشنطن
الوسومالإمارات الجيش السودان حرب الوكالة قوات الدعم السريع