جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-16@10:22:35 GMT

"الشورى".. شوران

تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT

'الشورى'.. شوران

 

مسعود أحمد بيت سعيد

masoudahmed58@gmail.com

 

نهاية أكتوبر المقبل سيقف الناخبون بهمومهم وحساباتهم أمام ضمائرهم في اختيار أعضاء دورة برلمانية جديدة، وهو الاستحقاق الأول من نوعه في ظل العهد الجديد، وقفة جديدة يعبروا فيها عن إرادتهم الحرة لاختيار ممثليهم في مجلس الشورى دون إكراه، وإن كانت طرق الإكراه ووسائله لم تعد تقتصر على الإكراه المادي الذي يفهمه العامة بطريقتهم الخاصة؛ حيث تمارس التقاليد نوعًا من الإكراه المعنوي لجهة التأثير على القناعات، وبمقاييس قوانين التطور التاريخي فإنها تحد من تقدم التجربة وأدائها وفعاليتها الوطنية.

لذا تظل الحاجة إلى تأطير العمل الوطني على أسس حداثية بعيدًا عن التكوينات ما قبل الدولة الحديثة قضية جوهرية، بحيث تتمكن الأجيال القادمة التي يُناط بها بناء عُمان الجديدة المُزهِرة في عصر الثورة الرقمية الخامسة والذكاء الاصطناعي والإنتاج المادي والمعرفي الذي أصبح فيه العالم في متناول اليد، من امتلاك كل أدوات عصرها وتُنفَّذ بوسائل عصرية إلى المستقبل المشرق.

يُقال إن توفير المأكل والملبس والمسكن شرط لازم لممارسة النشاط السياسي، والعمل البرلماني عمل سياسي بامتياز، ولا يمكن تصور تقدم حقيقي دون حياة برلمانية سليمة حتى في ظل عدم اكتمال كافة مقوماتها، بحيث تتحول إلى رافد من روافد التقدم الاجتماعي، ودون ذلك يفقد كل منجز وطني قيمته وأهميته. ومعروف علميًا أن طريقة عيش الإنسان هي التي تحدد طريقة تفكيره وليس العكس، بهذا المعنى فإن استقلالية الآراء الفردية وتحديد خيارتها، يسبقه توفر شرط موضوعي حتى يستطيع ممارسه قناعته المستقلة، وبمعزلٍ عن هذا الشرط تُصبح الإرادة الفردية خاضعة للأهواء، ويمكن توظيفها لخدمة الأجندة الخاصة.

في المرحلة الإقطاعية، كان الفلاحون الأقنان يشكلون الأغلبية وكان الاقطاعيون يستخدمون أصواتهم للوصول إلى المجالس التشريعية، وسن التشريعات التي تحمي مصالحهم، والذي لا يستجيب لرغبتهم يُطرد ويتشرَّد هو وأسرته متحولًا إلى متسول، وهذه ظاهرة حقيقية في التاريخ البشري، ومنها تفشّى الانحطاط الخُلقي والفكري والسياسي.

فما الأسس والمعايير التي تحدد اختيار المُرشَّح لعضوية البرلمان؟ هل المعيار القبلي أم المناطقي أم المذهبي؟ أم المصالح الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها؟ وعلى أيهما يمكن تطوير تجربة ديمقراطية عصرية؟

إن رصد ظاهرة الشورى وتفاعلاتها موضوع يستحق المتابعة والمراقبة والاهتمام، ويعكس في جوهره درجة تطور الوعي الاجتماعي وتشكُّل مفاتيح أولية لفهم جزء مهم من تركيبته الاجتماعية الثقافية والنفسية، وما إذا كان الموروث الشعبي التقليدي هو موجه وحيد لمساراتها وسياقاتها العامة؟ أم أن حجم الحشد والتعبئة مسألة خاضعة لديناميكية داخلية؟ أم أن درجات الوعي المتفاوت قد فرضت طرقًا محددة للتعبير عن الخيارات الاجتماعية؟ أم أن الأمر بخلاف كل ذلك؟ وكيف يطفو الجانب السلبي من الإرث التاريخي ويأخذ كل هذا الحيِّز من الاصطفاف في بعض المحافظات؟ ويبقى السؤال الأكثر أهمية: هل فشلت المؤسسات العامة في تكوين شعور وطني متجانس بنظرته وأحلامه حيال معضلات واقعه؟

على كل حالٍ.. فإنَّ للمجلس صلاحيات تشريعية ورقابية جيدة، وما تبقى منها يُمكن استكمالها في مجرى التطور، وهي مهمة الأعضاء أنفسهم. وتبقى مسألة أخرى مهمة لا بُدّ من الإشارة لها؛ وهي ضرورة تعميق ثقافة التعاون الخلّاق والحوار الديمقراطي بين جناحي السلطة التشريعية المتمثلة في مجلسي الشورى والدولة؛ بصرف النظر عن آليه اختياره والذي يبدو أكثر فاعلية وأقل مزايدة وخضوعًا لضغط الرأي العام وربما للخبرة كذلك دورها، وهذا يُمكِّنُهُ من رؤية المشهد بهدوء وبنظره شمولية أوسع.

ومن هذا المنطلق، فإنَّ تكاملهما يصب في المصلحة العامة ويحفظ التوازن ويُجنِّب الانزلاق في الموافقة أو الرفض لأي مقترح قبل أخذ الوقت الكافي من الدراسة العلمية المستفيضة، ومن الناحية العملية فإنَّ الانسجام المطلوب يُغطّي جوانب النقص الذي يجد تعويضه في الآخر؛ طالما تجسّد ذلك- بحسب النظام الأساسي للدولة- في كيان واحد هو مجلس عُمان، ونأمل أن تكون المرحلة المُقبلة مرحلة عطاء وإنتاج تشريعي واقتصادي يُلبي تطلعات المواطنين نحو مستقبل أفضل.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

فوكس: ما الذي يعنيه فعلا حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها؟

تبرر إسرائيل وحلفاؤها كل ما قامت وتقوم به من تدمير في الأراضي الفلسطينية بحقها في الدفاع عن نفسها، ولكن بعض الخبراء القانونيين يجادلون بأنها لا تستطيع التذرع بهذا الحق تلقائيا، كما يُفهم في السياق القانوني.

وذكرت نشرة فوكس بأن إسرائيل، منذ دخول الاتفاق بينها وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) حيز التنفيذ، صعّدت غاراتها في الضفة الغربية، مما أدى إلى نزوح أكثر من 40 ألف فلسطيني، وبعد انتهاء المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار الهش أصلا، قطعت الكهرباء ومنعت دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، بعد أكثر من عام من الحرب قتلت فيه أكثر من 61 ألف فلسطيني، ودمرت البنية التحتية للرعاية الصحية في القطاع، وشردت حوالي 90% من السكان.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إيكونوميست: هذه أوراق بيد أوروبا حال تعمق خلافها مع أميركاlist 2 of 2تايمز: ما قصة الثورة التي يريد ستارمر إطلاق شرارتها في بريطانيا؟end of list

ومع أن لكل دولة حسب القانون الدولي الحق في الدفاع عن النفس -كما تقول النشرة في تقرير بقلم مراسلها عبد الله فياض- فإن لهذا الحق الذي أصبح يتكرر منذ عقود، حدودا تربطه بهجوم مسلح من دولة أخرى، وهو ما ليس متوفرا في حالة إسرائيل التي هاجمتها حماس من أراضٍ تسيطر عليها.

وإذا كان البعض يجادل بأنه لم يكن أمام إسرائيل، من الناحية الأخلاقية، خيار سوى استخدام القوة لمحاسبة حماس على أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، فإن هذه الحجج الأخلاقية لا تكفي، لأنه في النهاية لا شيء يمكن أن يُبرر أخلاقيا قتل عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال الأبرياء.

إعلان حجج قانونية مبهمة

ولأن القوانين هي التي تحكم العالم، يمكن لإسرائيل الرد بقوة متناسبة لاستعادة النظام، لكن شن حرب والادعاء القاطع بأنها دفاع عن النفس لا يستند إلى أساس قانوني ظاهريا، وادعاؤها لا يغير جوهريا كيفية تصرفها في قطاع غزة والضفة الغربية، ولن يضفي شرعية على جميع أفعالها خلال هذه الحرب، حسب النشرة.

وأشارت النشرة إلى أن الفهم العميق لمعنى حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها سيساعد في توضيح ما إذا كانت حربها دفاعا عن النفس أو عدوانا، وإذا تبين أنها عدوان، فإن ذلك يجب أن يدفع حلفاءها إلى إعادة النظر في نوع الدعم السياسي الذي يقدمونه لها في مثل هذه الأوقات.

ويعتمد ادعاء إسرائيل بالدفاع عن النفس على حجج قانونية مبهمة، مع أن هناك إطارين قانونيين رئيسيين للنظر في حق الدفاع عن النفس، أولهما ميثاق الأمم المتحدة، وهو معاهدة ملزمة قانونا للدول الأعضاء، وثانيهما، القانون الإنساني الدولي الذي يُرسي قواعد السلوك المتعلقة بالنزاعات المسلحة.

وقالت فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إن حالة إسرائيل لا ينطبق عليها الحق في الدفاع عن النفس، لأنها لم تتعرض لهجوم من دولة أخرى، بل إن الهجوم شنته جماعة مسلحة داخل منطقة تسيطر عليها إسرائيل وتحتلها بشكل غير قانوني، لا يمكنها ادعاء الحق في الدفاع عن النفس.

وفي عام 2004، أصدرت محكمة العدل الدولية رأيا استشاريا بشأن الجدار الذي كانت إسرائيل تبنيه حول الضفة الغربية، واعتبرت أن الحاجز غير قانوني، لأنه سيحمي من التهديدات القادمة من منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالفعل، مما يعني أنها لم تكن تتصرف كما زعمت، دفاعا عن النفس. وكتبت محكمة العدل الدولية "لا يمكن لإسرائيل بأي حال من الأحوال الاستناد إلى تلك القرارات لدعم ادعائها بممارسة حق الدفاع عن النفس".

إعلان

وفي سياق هذا الرأي الاستشاري، يُمكن اعتبار أي إجراء يُتخذ لتعزيز أو إدامة قبضة إسرائيل العسكرية على الفلسطينيين امتدادا للاحتلال، وليس دفاعا عن النفس، وقال محامو جنوب أفريقيا إن "ما تفعله إسرائيل في غزة، تفعله في أراض خاضعة لسيطرتها"، واستنتجوا أن أفعالها تُعزز احتلالها، وبالتالي لا ينطبق عليها قانون الدفاع عن النفس بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة".

وقد كتب رئيس محكمة العدل الدولية عند إصداره رأي المحكمة الاستشاري، الذي قضى بعدم قانونية الاحتلال، أن "دولة إسرائيل ملزمة بإنهاء وجودها غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة بأسرع وقت ممكن"، ولكن إسرائيل استمرت في بناء المستوطنات غير القانونية على الأراضي المحتلة، وحصار غزة، وفرض حكم عسكري على الفلسطينيين ينتهك حقوقهم الإنسانية.

وهذا -حسب النشرة- ما يجعل إسرائيل معتدية بموجب القانون الدولي، قبل وبعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وما دامت كذلك فلا يحق لها ادعاء حق الدفاع عن النفس، وتقول ألبانيز إن "استمرار احتلال ينتهك بشكل عميق لا رجعة فيه حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، يعد شكلا دائما ومستمرا من أشكال العدوان".

حجة إسرائيل

ورغم ذلك يجادل بعض الخبراء بأن مبرر إسرائيل للحرب يندرج ضمن الإطار القانوني الدولي، وذلك لأن السابع من أكتوبر/تشرين الأول يرقى إلى مستوى "هجوم مسلح"، وهو ما تنص عليه المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، ومن شأنه أن يُفعّل حق الدولة في الدفاع عن نفسها.

وقد أوضح إريك هاينز، أستاذ الدراسات الدولية بجامعة أوكلاهوما، أسباب لجوء إسرائيل إلى الدفاع عن النفس في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، بحجة أن حجم الهجوم وعدد الضحايا المدنيين، يُشكل "هجوما مسلحا" ويجعل الرد العسكري مبررا.

بيد أن المسألة لا تقف عند كون السابع من أكتوبر/تشرين الأول كان هجوما مسلحا، إذ يرى أردي إمسيس، أستاذ القانون الدولي بجامعة كوينز، أن ذلك لا يبرر حق الدفاع عن النفس لأن ذلك الحق لا ينطبق داخل الأراضي الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية.

إعلان

وهذا يقود إلى الجزء الثاني من الأساس وراء حجة إسرائيل -كما تقول النشرة- وهي المقولة بأن غزة لم تكن تحت الاحتلال منذ أن سحبت إسرائيل مستوطناتها وجيشها من القطاع عام 2005، ومع ذلك، فإن هذا الوصف مرفوض على نطاق واسع من قبل جماعات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي، وحتى وزارة الخارجية الأميركية تُدرج قطاع غزة في تعريفها للأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى جانب الضفة الغربية والقدس الشرقية، كما أكدت محكمة العدل الدولية مجددا أن غزة، من وجهة نظر قانونية، تحت الاحتلال.

وتساءلت النشرة كيف يمكن لإسرائيل الرد قانونيا ما دام الاحتلال لا نهاية له في الأفق؟ لترد بأن هناك العديد من السبل القانونية التي يمكن لإسرائيل اتباعها مع ضرورة الالتزام بقانون الاحتلال، وهو فرع من القانون الإنساني الدولي، يحدد كيفية التعامل مع الهجمات الصادرة من الأراضي المحتلة.

والرد في هذه الحالة -كما تشير النشرة- يكون من خلال إنفاذ القانون، وذلك بالقمع المتناسب الذي تشنه الشرطة على مرتكبي العنف إذا لم ينتهك حقوق الناس، وكقوة احتلال، كان بإمكان إسرائيل استخدام "القوة الضرورية والمتناسبة لصد الهجوم، كما قال إمسيس، موضحا أنه لكي يكون أي استخدام للقوة قانونيا، "يجب أن يكون ضروريا ومتناسبا مقارنة بالقوة المستخدمة ضدها".

نهج انتقائي

ووصلت النشرة إلى أن إسرائيل يصعب عليها الادعاء بأن حربها على غزة كانت دفاعا عن النفس، أو حربا ضد حماس فقط، ناهيك عن كونها ردا مُتناسبا مع أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لأنها خلال عام، استخدمت التجويع الجماعي كسلاح في الحرب، ودفعت البنية التحتية للرعاية الصحية في غزة إلى الانهيار، وخلقت ظروفا مواتية لانتشار أمراض تمكن الوقاية منها، كما قتلت أكثر من 150 صحفيا.

كل هذا يعني أن إسرائيل، حتى لو استطاعت الادعاء بأنها بدأت الحرب دفاعا عن النفس، فإن أفعالها في الحرب نفسها لا يمكن اعتبارها قانونية، وقال كلايف بالدوين، كبير المستشارين القانونيين في المكتب القانوني والسياسي لمنظمة هيومن رايتس ووتش، "مهما كانت المبررات القانونية المحتملة لاستخدام القوة، يجب على جميع الأطراف دائما الامتثال لقانون النزاع المسلح ومعرفة أن جرائم الحرب لا يمكن تبريرها أبدا".

إعلان

هناك أيضا حقيقة مزعجة لإسرائيل وحلفائها عندما يجادلون بأن مبادئ الدفاع عن النفس تمنح إسرائيل ترخيصا لشن هذا النوع من الحرب في غزة، وهي أن للفلسطينيين، كشعب خاضع للاحتلال، الحق في المقاومة بموجب القانون الدولي، وذلك يشمل المقاومة المسلحة.

وخلصت النشرة إلى أن قبول كون إسرائيل تتصرف دفاعا عن النفس بدلا من كونها قوة احتلال تُوسّع سيطرتها العسكرية، يعني أن حلفاءها على استعداد لانتهاك القانون الدولي كلما كان ذلك مناسبا، وهذا النوع من النفاق نهج انتقائي في تحديد القوانين التي ينبغي تطبيقها على إسرائيل وتلك التي ينبغي تجاهلها، ولا بد أن تكون له عواقب عالمية، لأنه يقوض شرعية النظام القانوني الدولي، ويشجع إسرائيل ودولا أخرى على الاستمرار في انتهاك القوانين دون عقاب.

مقالات مشابهة

  • كشف تفاصيل الرتل الأمريكي الذي انتقل من بغداد إلى الانبار
  • ???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
  • السؤال الذي يعرف الغرب الإجابة عنه مسبقا
  • بمواصفات خيالية.. هل يكون «OnePlus» الحاسب الذي ننتظره؟
  • أين تنشأ عملات البيتكوين؟ السر الذي لم يُكشف بعد
  • ما جيش تحرير بلوشستان الذي خطف القطار الدامي بباكستان؟
  • فوكس: ما الذي يعنيه فعلا حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها؟
  • وفاة وزير التربية والتعليم الأسبق الدكتور "فضل أبو غانم"
  • السوداني يعلن قتل الإرهابي عبد الله مكي الذي يشغل منصب والي العراق وسوريا
  • المديرية العامة للموانئ تعلن عن إجراءات عاجلة لمعالجة المشكلات التي ‏تواجه ‏البحارة ‏