د. خالد بن حمد بن سالم الغيلاني
khalid.algailni@gmail.com
@khaledalgailani
التعامل مع الناس بالحسنى، ولين الجانب، من الأمور التي أكد عليها ديننا الحنيف، والسعي لقضاء حوائج الناس ومساعدتهم وتسهيل أمورهم، من فضائل التصرفات، وأنبل الأعمال، التي ترضي المولى تبارك وتعالى، وتسعد الناس.
والمسؤولية الحقة لمن تولى أمرًا من أمور الناس تكمن في الرفق بهم، وتيسير أمورهم، وتبسيط الإجراءات؛ باعتبار هذا التصرف نهجًا إداريًا قويمًا، وتصرفًا مدنيًا راقيًا، وتحقيقًا لمبادئ الشريعة السمحة، والقانون بروحه المنصفة، والوصول إلى درجات عالية من رضا المستفيدين، وتحقيق متطلبات الحوكمة على نحو من الالتزام الأخلاقي من ناحية، والمهني من ناحية أخرى.
والأصل في تولِّي الوظائف العامة، والمسؤوليات المجتمعية؛ تحقيق مصالح العباد، الذين من خلالهم تتحقق مصالح البلاد، وهو مبدأ راسخ يؤكد عليه سلطاننا المعظم الذي يسدي توجيهاته بضرورة قيام كل المسؤولين بواجب تقديم الخدمة لأبناء هذا الوطن كل من موقعه ومسؤولياته.
وبعد هذه الحقائق، فإنه من المستغرب ما يحدث في بعض القطاعات من تصرفات تثير المجتمع، وتدفع به نحو طرق مسدودة من الصعب فهمها، وإدراك أسبابها. وهنا أود الحديث عن الارتفاع الذي لا يخفى على حد في كلفة استهلاك الكهرباء والمياه؛ وخاصة الكهرباء التي قضت مراقد الناس، وأثرت في وتيرة حياة الكثيرين الذين بالكاد يستطيعون تحمل تكلفة المعيشة أو بدقة أكثر تحمل أدنى تكلفة ممكنة للمعيشة.
ثم تأتي تصريحات المسؤولين فترمي الأعذار يمينًا وشمالًا دون حقيقة واضحة، ومبررات مقنعة، مع لوم المواطن على عدم تحديث بياناته، رغم أن هذا المواطن ما أنفك يحدِّث بياناته على كل شاردة وواردة.
وهنا لا بُد أن يُدرك كل مسؤول عن ملف الكهرباء والمياه أن الحديث إلى المجتمع ما لم يكن حديثًا واضحًا صريحًا شفافًا، فهو أشبه بمن يسكب البنزين على الجمر؛ فيثير المجتمع، ويستفز هدوءه.
فكيف نرمي ارتفاع الكلفة على أسباب غير مُقنعة، ولماذا ارتفعت الكلفة هذا العام؟! وفي كل السنوات الماضية كانت طبيعية وفي حدود الاستهلاك المتعارف عليه.
أما من ينسب ارتفاع الكلفة العالية إلى عدم تحديث البيانات؛ فهذا الأمر أكثر استغرابًا، ذلك أن الأصل أن صاحب العقار عُماني وهو ما عليه أكثر الناس، وبالتالي تكون الشريحة هي الشريحة الخاصة بالمواطن، وهنا الأمر لا يتطلب تحديثًا للبيانات التي يمكن الحصول عليها من جهات الاختصاص في إطار تبادل البيانات المتعارف عليه بين مؤسسات الدولة المختلفة، وبحسب الحاجة، ثم إن أهمل صاحب العقار في تفعيل الشرائح الأخرى لتعرفة الاستهلاك في حال تأجيره لغير العماني، أو امتلاكه لعقارات متعددة، فالقانون حدد الإجراء المناسب الذي يلزم اتخاذه وتحصيل الفارق وتطبيق الغرامات.
كما إنَّ التصريحات والبيانات الصحفية غير الواضحة، والمُبهة يجب الابتعاد عنها، ومخاطبة المجتمع بالحقيقة ليفهم ويدرك ويعلم ما له وما عليه، فيكون الأمر في موضعه ونصابه. ويبتعد الجميع عن التأويلات، إنها أمانة وهي عظيمة، ومولانا السلطان كلفكم بها، فعليكم الرفق كل الرفق بهذا المواطن خاصة صاحب الحاجة والفاقة وهم كثر.
أما الأمر الثاني فإنه لا يقل إشكالية عن الأمر الأول؛ فمع صباح يوم ما من أسبوع قد انصرم، ومن خلال أسطر معدودة، طريق الجبل سيُغلق في اتجاه العامرات بوشر، ولمدة أربعة أشهر، واستدرك الخبر المقتضب سيُفتح مسار فيه في ساعة الذروة الصباحية، وكأنَّ الأمر لا ضرر منه والحل موجود.
العامرات هذه الولاية التي تحرسها جبالها الشم من كل مكان، فتخيل الكثيرون أنهم يتحملون كل الصعاب، ويتأقلمون مع كل الشدايد، فكثرت الإشكالات حتى غدت جزءًا من حياتهم.
طريق الجبل أو العقبة، التي هي بالفعل عقبة كؤود، كثيرا ما تسبب قلقا لسالكيها نتيجة ما يحدث فيها من حوادث متكررة، وتساقط للصخور من وقت لآخر، ناهيكم عن غلقها عند كل سحابة ممطرة، ولا غرو في ذلك فالغاية محمودة، وهي حفظ الناس، وسلامة الأرواح.
عمومًا بدأ الغلق للطريق للصيانة، وبدأت المعاناة، ليست معاناة فحسب؛ بل مشكلة كبيرة، والأكبر منها عدم إيصال الخبر للناس بطريقة مناسبة تتسق مع أهمية الحدث وحجم الطارئ الذي سيستمر أربعة أشهر كاملة.
العامرات ولاية تنمو وكثافتها السكانية تزيد، ويقطنها عشرات الآلاف ففيها ما يزيد على 120 ألف نسمة، منهم ما يزيد على 90 ألف عماني، هذه الكثافة تظهر وقت الصباح في شكل موجات بشرية عبر السيارات في توقيت متقارب كل متجه إلى عمله ومدرسته وجامعته وكليته، أو إلى عمله الخاص، أو لأي غرض كان، ولكم أن تتخيلوا حجم تراص السيارات في الطريق، فلا مجال إلى داخل مسقط إلا عبر طريقين، أو سلوك طريق وعرة تتخلها الأودية، ثم يأتي إغلاق واحد من هذين الطريقين في وقت الذروة من الصباح ووقت الذروة من العام في أشهر سبتمر إلى ديسمبر وربما يناير وهي أوقات العمل والدراسة، لكم أن تتخيلوا حجم الضرر والمشكلة وتعطل المصالح، وصرف الأموال، وخلل السيارات، كل ذلك والحلول المتخذة دون الطموح، ودون مستوى الحدث.
ففي هذه الظروف إما أن تخرج عند الخامسة فجرًا في هذه الأيام ثم قبل الفجر في قادم الوقت، أو تتأخر خمس دقائق لمواجهة ازدحام رهيب ومزعج لا يقل عن ساعة، ويزداد كلما تأخرت في الخروج.
فأيُ ضرر هذا؟ وأي وضع يعشيه سكان ولاية كاملة ويتأثر به كل قادم عبر طريق الشرقية صور قريات؟ وحتى مُرتادي طرق الداخل في روي ووادي عدي والوطية وبوشر والغبرة والأنصب والعذيبة.. إنها مشكلة تنم عن عدم الاستفادة من علم السياسات العامة في هكذا إشكالات، وفردية القرار لدى بعض المؤسسات، وعدم دراسة المتوقع من أحداث، وإيجاد حلول ناجعة لها، للوصول للحد الأدنى من الضرر.
مثل هذه القرارات وإن كانت ضرورة حفاظًا لأرواح العباد، فكذلك مراعاة الوضع ووضع الحل ضرورة أخرى، والسؤال قبل اتخاذ قرار كهذا ما هي الجهات التي شاركت في اتخاذه؟ وأين مؤسسات المجتمع منه؟ وما الحلول التي من الممكن تفعيلها؟ ثم ألا يستحق الناس من يتحدث إليهم؟ ألا يوجد متحدث رسمي يظهر ويبين للناس الوضع؟ والمسار المرسوم لعلاج كل تبعاته؟
إنَّ الرفق بأبناء المجتمع، والتعامل مع مثل هذه التطورات، وعلاج الأزمات، وتخفيف الأضرار، كل ذلك مهارات في العمل يجب أن يتحلى بها المسؤولون، خاصة الذين ترتبط أعمالهم بمصالح العباد، وعلينا الاستفادة من مختلف التجارب في مثل هكذا حالات ليكون الأداء بشكل مرضي لجميع أصحاب المصلحة والعلاقة، فالرفق ثم الرفق، وأهمس في أذن كل مسؤول: إن من تقدم له الخدمة أكثر الناس حكمًا على جودة عملك وإنجازك.
حفظ الله تعالى هذا الوطن الغالي، وسلطانه المعظم وأبناءه الكرام.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
خالد الجندي يكشف حكم الوصية: دار الإفتاء حسمت الأمر (فيديو)
كتبت - داليا الظنيني:
أكد الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أهمية فهم الفتاوى الدينية المتعلقة بتصرفات المورثين في أموالهم أثناء حياتهم، لافتًا إلى أنه من الفتاوى المهمة التي يجب أن نتنبه إليها هي حكم تصرف الأب أو الأم في أموالهم أثناء حياتهم، سواء كان ذلك بإعطاء أموال لبناتهم أو أبنائهم أو غيرهم.
وأوضح عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، خلال حلقة برنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على قناة "dmc"، اليوم الثلاثاء، أن دار الإفتاء المصرية قد انحازت إلى الرأي الذي يؤكد جواز هذا التصرف، مشيرًا إلى أن هذا التصرف ليس وصية بل هو هبة أو عطية، وهو عمل مشروع في الشريعة الإسلامية.
الفارق بين الوصية والهبة
وأضاف: "الوصية تكون لغير الورثة فقط، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: 'لا وصية لوارث'، أما التصرف في المال أثناء الحياة فيعد هبة أو عطية وليست وصية، وهي مشروعة تمامًا".
كما تحدث الجندي عن بعض ما فعله الصحابة رضي الله عنهم في هذا الأمر، مشيرًا إلى أن الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه أعطى هدية لابنته عائشة رضي الله عنها، وكان ذلك أثناء حياته وليس بعد وفاته.
وذكر الجندي أن هذه العطايا كانت أمرًا شائعًا بين الصحابة، مثلما فعل عبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن عوف، حيث فضلوا بعض أبنائهم في حياتهم دون أن ينكر عليهم أحد من الصحابة.
وأضاف: "فكرة تخصيص الأب أو الأم لأحد الأبناء في العطية ليست جديدة، بل هي موجودة في السنة النبوية الشريفة وسيرة الصحابة الكرام، وقد كان الصحابة يفضلون بعض أبنائهم في الهدايا أو العطايا دون أن يتعرضوا لانتقاد أو اعتراض من أحد".
وتابع: "المهم هنا هو أن هذه العطايا لا علاقة لها بالميراث، بل هي تصرفات حرة من الأب أو الأم، ولم يكن هناك أي تدخل ديني أو قانوني في مثل هذه القرارات طالما كانت تُمثل مصلحة الأبناء وتُسعدهم في حياتهم".
اقرأ أيضا:
ننشر الخريطة التفاعلية للتغيرات المناخية في مصر: نموذجان وقفزة في الحرارة
حالة الطقس.. الأرصاد: أمطار وبرودة ومنخفض جوي لمدة 48 ساعة
"القاهرة والناس" تصدر بيانًا بشأن "البلوجر" المتهمة بحيازة مخدر الاغتصاب
رسالة إلى محمد صلاح من الإعلامية منى عبد الغني: يا رب كلامي يوصل لك -فيديو
الشيخ خالد الجندي حكم الوصية المجلس الأعلى للشئون الإسلامية برنامج لعلهم يفقهون دار الإفتاء المصرية الفرق بين الوصية والهبة الشريعة الإسلامية
تابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الخبر التالى: الرئيس السيسي يلتقي نظيره النيجيري على هامش قمة العشرين الأخبار المتعلقة فيديو.. أمين الفتوى يوضح حكم العمل في مكان يبيع خمور أخبار هل أخرجت حواء آدم من الجنة؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح أخبار "جنينة في الأرض".. خالد الجندي: آدم لم يخلق في جنة السماء وكان في أخبار خالد الجندي: فوضى الخطاب الديني أحد أسباب انتشار الإلحاد أخبار أخبار مصر وزير الأوقاف: مصر قدمت نحو 85% من إجمالي المساعدات العالمية إلى غزة منذ 33 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر وزير العمل: حريصون على التواصل مع نواب الشعب والتعاون لخدمة المواطن منذ 48 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر وزيرة التنمية المحلية: نسعى لإنهاء ملف التصالح عبر آليات قانونية عادلة منذ 1 ساعة قراءة المزيد أخبار مصر "القاهرة والناس" تصدر بيانًا بشأن "البلوجر" المتهمة بحيازة مخدر الاغتصاب منذ 1 ساعة قراءة المزيد أخبار مصر وزير التموين يلتقي عددًا من النواب.. ويوجه بسرعة تلبية طلباتهم منذ ساعتين قراءة المزيد أخبار مصر رئيس الوزراء يتابع تطبيق المرحلة الثانية من التأمين الصحي الشامل بـ5 منذ ساعتين قراءة المزيدإعلان
إعلان
أخبارخالد الجندي يكشف حكم الوصية: دار الإفتاء حسمت الأمر (فيديو)
أخبار رياضة لايف ستايل فنون وثقافة سيارات إسلاميات© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى
إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك ننشر الخريطة التفاعلية للتغيرات المناخية في مصر: نموذجان وقفزة في الحرارة بعد الموافقة المبدئية.. ما موقف زيادة أسعار خدمات الاتصالات؟ 28القاهرة - مصر
28 19 الرطوبة: 37% الرياح: شمال المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك