الداخل المحتل - خاص صفا

من بين أرشيف تاريخ النكبة الفلسطينية، نصعت صفحة أحد المناضلين الفلسطينيين بطولة ووطنية، جعلته مناضلًا استثنائيًا، بالرغم من أنه لم يكن سوى فلاح بسيط، ندر نفسه لثورة فلسطين، فكان إلى جانب كفاحه المسلح، "محاربًا لسماسرة الأرض" المندسين.

"إبراهيم أبو دية"، فلاح فلسطيني بسيط، لكنه كان يتمتع كما وصفوه بـ"عقل ضابط رفيع"، خاض سلسلة طويلة من النضال، فاقت عمره الذي انتهى بربيع الثلاثين.

وضمن ملفات حول أحداث ومجازر مخفية منذ النكبة الفلسطينية عام 1948، أطلقت وكالة "صفا" ملفاً للكشف عنها، تسلط الضوء على أهم ثوار تلك الفترة.

وتستعين الوكالة بمحامين ونشطاء في الداخل، انبروا للكشف عن ملفات ومجازر، لإدانة "إسرائيل" بها، عبر منصات ومحاكم دولية.

إعداد العدة لعصابات النكبة

ويقول المحامي المختص بالملفات جهاد أبو ريا: إن إبراهيم أبو دية، لم يعش أكثر من 32 سنة، لكنه أمضى نصفها تقريباً في نضال مرير ضد الصهيونية، سبق النكبة بأعوام".

ويصفه بأنه "كان مثالًا فريدًا في الجهاد العسكري، كذلك الذي سار عليه قادات معروفة أمثال عز الدين القسام، خاصة وأنه كان مقاتلًا شديدًا بالرغم من عدم تلقيه تدريبات عسكرية".

وكان أبو دية يدير معاركه بعقلية ضابط محترف، فكان يستطلع ويحدد الأهداف ويخطط، ثم يقاتل، وفق أبو ريا.

وكتب عنه الكاتب يوسف صايغ: "إنه رجل ضئيل الحجم، شجاع جداً، ومحبوب جداً، ومقاتل شرس جدًا في قتال أعدائه، حانياً على أبناء شعبه، الأمر الذي منحه حب الناس من غير أي توسل".

وجاء "أنه في ثورة 1936 انخرط أبو دية في جهد متواصل لتعقب سماسرة الأراضي الذين كانوا يحاولون شراء أراضي فلسطين، بالتنسيق مع العصابات الصهيونية، فكان رادعًا لهم، رقيبًا وفطنًا لممارساتهم".

ولذلك، كان أبو دية "واحداً ممن اختارهم عبد القادر الحسيني لتمهيد السبل قبل إعلان الكفاح المسلح، فسافر إلى القاهرة في سنة 1946، والتقى عبد القادر، وشرعا في التخطيط لخوض القتال ضد القوات الصهيونية في فلسطين".

وحسب أبو ريا، فإن الحسيني كلف أبو دية، بشراء الأسلحة من بدو الصحراء المصرية الليبية، التي جمعوها من مخلفات معارك طبرق والعلمين، وتخزينها في مصر ثم إعادة إرسالها إلى فلسطين بعد إصلاح المعطوب منها.

ويكمل "كان التخزين يتم أولاً لدى الشيخ عبد الله أبو ستة من بئر السبع، ولدى الشيخ فريح أبو مدين من غزة، ثم يُنقل إلى مغاور بلدته صوريف".

ويشدد على أنه ووفق الأرشيف "فقد ساهم في هذه المهمة الشاقة والخطرة والسرية شقيقات أبو دية وهنّ: سارة وعائشة ومريم وعزيزة ونفيسة، فضلاً عن زوجته معزوزة أبو الريش".

"وفي 22/12/1947 وصل عبد القادر الحسيني إلى صوريف سراً، وحلّ في منزل إبراهيم أبو دية، وفي 25/12/1947 جرى تأليف أول مجموعة من جيش الجهاد المقدس، وتولى أبو دية قيادة سرايا العمليات الحربية".

ولم تقف مسيرة أبو دية، فقد "تردد اسمه بقوة في أوساط الحركة الوطنية الفلسطينية بعد معركة صوريف التي اندلعت في 17/1/1948، والتي سقط فيها 35 صهيونياً، وارتقى أربعة شهداء من الفلسطينيين، يقول أبو ريا.

ويشير إلى أنه ومنذ ذلك التاريخ عرفته ساحات القتال كلها، وجُرح خمس مرات، حتى أنه في معركة القسطل حمل "كامل عريقات" بعد إصابته، على ظهره إلى قرية صوبا، ثم قفل إلى ساحة المعركة، وتمكن من جمع المقاتلين بعدما دبت الفوضى في صفوفهم.

وأيضًا، قاد أبو دية القتال مع "عبد الحليم الجيلاني"، وجرح أيضًا في أثناء هذه المعركة التي استشهد فيها قائد جيش الجهاد المقدس.

دوره بأحداث النكبة

ويكمل أبو ريا "وفي عام النكبة، وتحديدًا بتاريخ 13/5/1948 عقدت قيادة الجهاد المقدس اجتماعاً حاسماً للنظر في ما يمكن القيام به قبيل انسحاب القوات البريطانية من فلسطين، فتولى أبو دية مع 100 مقاتل مهمة الدفاع عن حي البقعة التحتا وحي الطالبية في القدس".

ويؤكد أن أبو دية "تولى قيادة حامية حي القطمون في القدس، بعد أن خاض ببسالة معركة الدهيشة في 28 آذار 1948، ولم يطل الأمر به حتى شرع في خوض معركة الدفاع عن القطمون في 29 نيسان 1948، في وجه الهاغاناه وقواتها الضاربة (البالماح).

ولم ينجو من معركة القطمون سوى 15 مقاتلًا، من بين 130، والباقون استشهدوا، وهو ما جعل أبو دية، يتحرك لجمع نحو 300 مقاتل "لاستعادة البلدة"، وفقأبوريا.

ويستدرك "لكن الجيش البريطاني اعتقله موقتاً، ومنع وصول الإمدادات والنجدات إلى مواقعه، الأمر الذي قضى على هذه الخطة، فتحول إلى بلدة صوريف وقرى الخليل وبيت لحم وجنوب القدس امتداداً حتى بيت صفافا، وبقي صامداً في الدفاع عن هذه القرى، إلى جانب رفيقه بهجت أبو غربية، حتى قبيل توقيع اتفاقية الهدنة".

نضال حتى الرمق الأخير

أما خاتمة أبو دية، فكان موعدها في 17/5/1948، حينما قاد الهجوم على مستوطنة "رامات راحيل"، وكان معه نحو 150 مقاتلاً.

ووفق رواية أبو ريا "فإن أبو دية تمكن من الاستيلاء على معظم المستوطنة، وبعد أيام وفي 20/5/1948 أصيب بسبع رصاصات استقر بعضها في ظهره، وسببت له شللاً. فنُقل إلى المستشفى الفرنسي في بيت لحم، وأمضى فيه شهراً كاملاً، ثم نُقل إلى القاهرة للعلاج في المستشفى العسكري، ثم في المستشفى الإيطالي".

وأنهى أبو دية عام النكبة في المشافي، حتى غادر للعلاج إلى بيروت سنة 1949، وحارب إصابته، التي لم تقيد روح القتال التي تجري بعروقه.

ونقل عنه الراوين أنه "كان يطوف مخيمات اللاجئين، وهو محمول على أيدي رفيقيه "محمد نمر عودة ومحمد أبو خليفة"، حاثاً اللاجئين على الصبر وعلى الاستعداد ليوم التحرير، حتى استشهد في 6/3/1952 متأثرًا بإصابته".

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: النكبة معارك

إقرأ أيضاً:

معارك ضارية في سنار ودارفور و600 ألف سوادني نزحوا لتشاد

تجددت المعارك بين قوات الجيش السوداني والدعم السريع في ولاية سنار (جنوب شرق) وشمال دارفور (غرب) السودان، بينما أجبر القتال أكثر من 600 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، على الفرار إلى تشاد.

وقال مصدر عسكري مطلع في الجيش السوداني للجزيرة إن قوات الجيش تحاصر جيوبا لقوات الدعم السريع حول جبل موية في ولاية سنار جنوب شرقي البلاد.

يأتي ذلك غداة إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها على منطقة جبل مُوية غربي ولاية سِنِار، واستيلائها على كميات كبيرة من المركبات والأسلحة والذخائر.

وأبلغت مصادر محلية الجزيرة بأن منطقة جبل موية تشهد حالات نزوح جماعية للسكان صوب مدينة سنار، وذلك بعد عمليات نهب واسعة لقرى المنطقة تقوم بها عناصر الدعم السريع.

معارك الفاشر

وفي إقليم دارفور، أفاد مراسل الجزيرة بمواصلة قوات الدعم السريع قصفها العنيف منذ الصباح، لمناطق غربي مدينة الفَاشِر عاصمة ولاية شمال دارفور.

وذكر مراسلنا أن القصف استهدف عددا من المواقع بينها "مستشفى اقرأ" الحكومي، ما أحدث تدميراً جزئياً بملحقاته.

وأفاد ناشطون سودانيون، الثلاثاء، بسقوط 4 قتلى و16 مصابا، جراء القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع بمدينة الفاشر غرب البلاد.

وقالت تنسيقية مقاومة الفاشر (ناشطون) في بيان "سقط 4 شهداء في معسكر أبو شوك، و16 جريحا تم نلقهم إلى المستشفى السعودي والبعض منهم حالتهم حرجة"، جراء تجدد القتال بين الجيش والدعم السريع بالفاشر.

ومنذ 10 مايو/ أيار الماضي تشهد الفاشر اشتباكات بين الجيش والدعم السريع، رغم تحذيرات دولية من المعارك في المدينة، التي تعد مركز العمليات الإنسانية لكل ولايات دارفور (غرب).

600 ألف لاجئ

في غضون ذلك، قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الثلاثاء، إن الصراع في السودان أجبر أكثر من 600 ألف لاجئ سوداني و180 ألف تشادي كانوا يقيمون بالسودان، غالبيتهم من النساء والأطفال، على الفرار إلى تشاد.

وذكرت المفوضية، في بيان، أن الأزمة الإنسانية في شرق تشاد بلغت "نقطة حرجة"،ودعت إلى تقديم دعم دولي "عاجل" للاجئين السودانيين على الحدود مع تشاد، وفق وما ذكره موقع "أخبار الأمم المتحدة".

وأوضحت المفوضية أن "تدفق اللاجئين لا يظهر أي علامات على التراجع، حيث عبر يوميا خلال مايو/ أيار الماضي نحو 630 شخصا معبر أدري" الحدودي بين تشاد والسودان.

وقالت المفوضية إنها وسعت مع شركائها مخيمات اللاجئين وبنت قريتين للعائدين التشاديين، مشيرة إلى أن تلك الجهود "غير كافية لتلبية الاحتياجات الهائلة" للاجئين في تشاد.

وذكرت أن "ثلث الوافدين الجدد (إلى تشاد) يعيشون حاليا في ظروف مزرية في مواقع عشوائية على طول الحدود".

نقص التمويل

وحذرت المفوضية الأممية من "تدهور الوضع بسرعة" على حدود تشاد، حيث لا تزال احتمالات حدوث المزيد من النزوح مرتفعة مع استمرار القتال في مدينة الفاشر السودانية والمناطق الريفية المحيطة بها في شمال دارفور.

وأوضحت مفوضية اللاجئين أن نداءها لعام 2024 من أجل الاستجابة الإنسانية في شرق تشاد "يعاني من نقص التمويل حيث تم الحصول حتى اليوم على 10% فقط من المبلغ المطلوب وقدره 214.8 مليون دولار".

ونبهت إلى أنها "تحتاج بشكل عاجل إلى 80 مليون دولار لتغطية الاحتياجات الفورية (للاجئين) والمتمثلة في بناء 3 مواقع إضافية مزودة بالخدمات الأساسية والبنية التحتية لنقل 150 ألف من الوافدين الجدد".

من جانبها، أعلنت منظمة الهجرة الدولية، الثلاثاء، أن أكثر من 10 ملايين شخص نزحوا داخل وخارج السودان منذ 15 أبريل/ نيسان 2023.

ومنذ منتصف أبريل 2023، يخوض الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، و"الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) حربا أسفرت عن أكثر من 15 ألف قتيل، وملايين النازحين واللاجئين، وفق الأمم المتحدة.

وتزايدت دعوات أممية ودولية لتجنيب السودان كارثة إنسانية قد تدفع الملايين إلى المجاعة والموت، جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 12 ولاية من أصل 18 في البلاد.

مقالات مشابهة

  • لواء البراء بن مالك يعلن استشهاد قائده بولاية سنار في معارك جبل موية
  • أكثر من نصف مليون مستوطن غادروا فلسطين
  • فزغلياد: معارك المسيّرات تحفز الفكر العسكري الروسي الحديث
  • إجراءات حكومية جديدة لمواجهة سماسرة الحج غير المشروع
  • الاحتلال يهدم 17 منزلاً ومنشآت عدة بالضفة ومنزلاً بالأراضي المحتلة عام 1948
  • معارك بين الجيش السوداني والدعم السريع على أبواب سنار
  • منسق عملية السلام في الشرق الأوسط: الاحتلال يستخدم أسلحةً متفجرة في مناطق مكتظة
  • معارك ضارية في سنار ودارفور و600 ألف سوادني نزحوا لتشاد
  • سماسرة الترجمة في الهند.. نصب واحتيال يفاقم معاناة المرضى اليمنيين
  • السودان.. موجة نزوح جديدة بعد معارك جبل موية