البوابة نيوز:
2025-04-22@21:34:28 GMT

هكذا عرفت النبي صلى الله عليه وسلم

تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT

قرأت كتبًا كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروايات من شخص لشخص، وصحائح وحكايات عن السير، وعرفت من الروايات ما دُسَّ في بعضها وعرف بالإسرائيليات، لم يمس ذلك التضارب، ولم يجرؤ على أن يتعاظم في قلبي مع ما عرفته عن النبي من حديث أمي؛ لذا أقول بملء الفم والقلب: إنني عرفت النبي صلى الله عليه وسلم وأحببته من تلك الحكايات التي كانت ترويها لنا أمي وهي تهدهدنا حتى ننام.


لا أعرف حتى الآن عن مَن نَقَلت أمي تلك الحكايات، أو إلى أي صحيح استندت غير صحيح قلبها، فلا شيخ جامع، ولا عالِمًا عرفته، وقرأت له؛ فهي لا تجيد الكتابة والقراءة ولكنها ماهرة في الحمد والتسبيح والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم منذ وعيتها.
كانت حكايات أمي تبدأ بعد صلاة العشاء حين كانت تصمت الشوارع، وتغلق البيوت أبوابها، وتتجمع الأسر حول رواكي النار، ونلتف نحن حول أمي التي تبدأ حديثها بالصلاة على النبي بديباجة خاصة بها تكررها في كل ليلة ثم تنشد:
اتمنى عبد المطلب ربه عطاه
اتمنى عشرة من الولاد
حقق مناه
كان أجمل العشرة الغلام عبد الإله
ثم تحكي كيف أجرى عبد المطلب القرعة ليقدم أحد أبنائه فداءً، فتقع القرعة على عبد الله، فيُعيدها جد النبي فتقع عليه، حتى فداه بالإبل.
كنا ننتقل بأذهاننا وقلوبنا مع تفاصيل الحكاية وكأننا نرى مشاهد حية تتحرك.. شرحت لنا تفاصيل زواج عبد الله من آمنة.. وبُشرى حملها بالنبي، وكأن أمي حفظت الكلمات قبل أن تكتب:
يا آمنة بشراكِ.. سبحان من أعطاكِ
لحملك بمحمد.. رب السما هناكِ
بالمصطفى سعدك غلب.. لما حملتِ في رجب
ولم تر منه تعب.. هذا نبي زاكي
شعبان شهر ثاني.. والنور منه باني
بذا النبي العدناني.. فالسعد قد والاكِ
رمضان ثالث شهرك.. يا آمنة يا سعدك
الله يجمع شملك.. بسيد الأملاكي
شوال شهر رابع.. والنور منه ساطع
ولد الحبيب راكع.. ساجد إلى مولاكي
ذو القعدة أتاك بالوفا.. وشرّفك بالمصطفى
وربّك عنك عفا.. وخصّك وحماك
ذو الحجَّة سادس شهرك.. لما حملت بالزّاكي
يا آمنة يا بختك.. وربك علاّك
جاء المحرّم بالهناء.. والقرب منه قد دنا
وما ترين منه عنا.. هذا نبي زاكي
وفي صفر شاع الخبر.. بذي النبي المفتخر
لأجله انشق القمر.. أضاءت لك دنياكي
وفي ربيع الأول.. ولد الحبيب المرسل
يا آمنة تأملي فضل الذي أعطاكي
ولد الحبيب مختونا 
مكحلا ومدهونا وحاجباه مقرونا ونوره كساكي
هذا نبي الأمة.. قد جاءنا بالرّحمة
نسكن بفضله الجنّة رغما على أعداك
يا رب يا غفّار.. اغفر لذي الحضّار بالسّادة الأبرار
والهاشمي الزّاكي صلى عليه الباري
وآله الأخيار ما سار ركب الساري.. وداره الأملاكي


رأينا جيش أبرهة وهو يتساقط ونحن نحفظ "ألم تر كيف فعل ربك لأصحاب الفيل"، عقدنا مقارنة في أذهاننا بين أبرهة والنجاشي نتساءل عن اختلاف الطرح مع أن الأرض واحدة وعرفنا بعدما كبرنا أنه لا معنى لارتباط دون فكرة وإيمان، فأبو جهل كان عم النبي فلا أواصر سوى المحبة، رأينا الملائكة وهي تشق صدر النبي "ص" وتفتح قلبه وتغسله، ونتبع أطيط نعله بين دروب قريش، وشاهدنا دهشة حليمة السعدية من فيض بركاته، وتلك السحابة التي أظلته في القيظ، وكيف أتاه الوحي وفزعه وكيف دثرته خديجة، وحديث ورقة بن نوفل عنه، وقبضة يده على صدر عمر بن الخطاب في دار ابن الأرقم، وخروجه بين حمزة وعمر وهما يؤمان أول صفين في الإسلام، عشنا معه تفاصيل عام الحزن وخرجنا بأرواحنا معه إلى الطائف وبكينا لما أصابه ورددنا خلفه:
"اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس.. أنت أرحم الراحمين، إلى من تكلني، إلى عدو يتجهمني، أو إلى قريب ملكته أمري؟، إن لم تكن غضبانًا علي فلا أبالي، غير أن عافيتك أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن تنزل بي غضبك، أو تحل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك".
كنا معلقين في وضين الناقة في الهجرة وسمعنا حديثه لصاحبه "إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا"، سبقته أفئدتنا إلى يثرب وكنا ضمن وفود المستقبلين حتى أننا أعدنا المشهد على مسرح المدرسة كل عام وأنشدنا جميعًا مع أهل يثرب:
طلع الـبدر عليـنا مـن ثنيات الوداع
وجب الشكـر عليـنا مـا دعا لله داع
أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطـاع
جئت شرفت المديـنة مرحبًا يـا خير داع
قد لبثنا ثوبَ عزّ بعد تمزيق الرِّقاع
ربَّنا صلِّ علي من حلَّ في خير البقاعِ
***
حملنا الطوب اللبن لبناء مسجد قباء، وشهدنا تآلف قلوب الأوس والخزرج، عشنا الغزوات بكل تفاصيلها من بدر حتى فتح مكة حفظنا قصص استشهاد عبيدة وعمير وذو الشمالين ورافع وحمزة وخنيس وشماس وغيرهم.. حفظنا عن ظهر قلب حكايات كل الشهداء وأحاديث النبي عنهم، وحفظنا كل آية مع سبب نزولها.. عشنا حالات القلق والتثبت ولحظات الفرح والنصر وتنفيذ الوعد، عشنا السراء والضراء وليال الأمل والصبر وشعور الرضا والجبر.
كانت أمي تضفر الحكايات وتلضمها بخيط من الشوق كمسبحة في يدها لا تمل من عدها، كنا ننعس نسافر في الحلم إلى حيث حكت، بكينا كثير في ليلة حادث الإفك ورأينا وجه ابن سلول السئ، وابتهجنا بنزول الوحي لتبرأة عائشة، أحببنا الحب من حب النبي لها، عرفنا صفائه ونقائه وطهارته وجلاله في القلوب، وذقنا مرارة الفقد مع كل حبيب يودعه النبي لكننا أدركنا ان هذه سنة الحياة وان الطيبين لهم لقاء هناك فحرصنا أن تظل قلوبنا على فطرتها كما هي فأي شائبة قد تحرمنا لقاء النبي وأصحابه،
كل شئ طبع في أذهاننا حواره لفاطمة ورده عقد خديجة لزينب وحنانه مع رقية وأم كلثوم وحزنه على إبراهيم، وفرحه بالحسن والحسين.. ابتسامه وحلمه ورحمته وعظمته وتواضعه.. عشنا حياته إنسانا عظيما ونبيا، بكيناه وما ودعناه حينما اختار لقاء ربه.. عشنا كل هذا قبل أن نقرأه في الكتب، عشناه بكل تفاصيله فبات مكتوبًا في قلوبنا وأرواحنا دون تحريف ودون التباس فعشنا بفطرة سليمة ولم نقع فريسة لأي فكر مغلوط لأننا عرفنا النبي ورأيناه بقلوب أمهاتنا لا بقلوب غيرهن.. صلاة وسلاما عليك يا سيدي يا رسول الله.
 

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: النبى امى النبی صلى الله علیه وسلم

إقرأ أيضاً:

أسامة فخري: التصوف ليس مجرد موائد بل منهج تربوي

قال الدكتور أسامة فخري الجندي، من علماء وزارة الأوقاف، إن الحديث الذي رواه سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، حول زيارة جبريل عليه السلام للنبي، يعد من أهم الأحاديث التي تشرح مراتب الدين الإسلامي بشكل واضح، حيث ذكر أن هذا الحديث يلخص جوهر الإسلام ويقسمه إلى ثلاث مراتب: الإسلام، الإيمان، والإحسان.

وقال الجندي، فى تصريح له: "أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه روى لنا تفاصيل زيارة جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم، عندما جاء وسأل عن الإسلام والإيمان والإحسان، وفي نهاية الحوار، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بأن هذا كان جبريل الذي جاء ليعلم المسلمين دينهم".

وزير الأوقاف ينعى بابا الفاتيكان: رمز الإنسانية والسلامهل تعليق التمائم أو الخرزة الزرقاء يقى من الحسد والعين؟.. عالم بالأوقاف يجيبالأوقاف: "الأرض المباركة" موضوع خطبة الجمعة القادمةالأوقاف تصدر العدد الجديد من مجلة «الفردوس» للأطفال

ونص الحديث: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قال : بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر ، لا يرى عليه أثر السفر ، ولا يعرفه منا أحد ، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ، ووضع كفيه على فخذيه ، وقال يا محمد ، أخبرني عن الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الإسلام : أن تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا " . قال : صدقت ، قال : فعجبنا له يسأله ويصدقه . قال : فأخبرني عن الإيمان . قال : " أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره " . قال : صدقت . قال : فأخبرني عن الإحسان ، قال : " أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه ، فإنه يراك " . قال : فأخبرني عن الساعة ؟ . قال : " ما المسئول عنها بأعلم من السائل " . قال : فأخبرني عن أمارتها ؟ . قال : " أن تلد الأمة ربتها ، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان " . ثم انطلق ، فلبثت مليا ، ثم قال لي : “ يا عمر ، أتدري من السائل ؟ . قلت : الله ورسوله أعلم . قال : هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم ”.

واوضح الجندي أن أول مرتبة هي الإسلام، والتي تتضمن الشهادتين، الصلاة، الزكاة، الصيام، والحج، و هنطائفة من العلماء قد اهتمت بحفظ هذه المرتبة عبر فقه الأحكام والتشريع، أي من خلال علم الفقه الذي يوضح كيفية تطبيق هذه العبادات، وأما المرتبة الثانية فهي الإيمان، التي تشمل الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وقد قام علماء العقيدة بتوضيح هذه المفاهيم من خلال علم العقيدة وعلم التوحيد، حيث يتم تعليم الناس كيفية الإيمان بكل هذه الأركان.

أما المرتبة الثالثة فهي الإحسان، حيث قال الله تعالى في القرآن الكريم: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك"، وبالتالي التصوف المعتدل هو الذي يختص بحفظ هذه المرتبة، حيث يهدف إلى تهذيب النفس ورفعها عن الرذائل مثل الكبر والغرور، أن الصوفية المعتدلين هم من قاموا بشرح كيفية الوصول إلى هذه المرتبة، من خلال علم التصوف، الذي يوجه المسلم إلى تحسين علاقته بالله..

وأكد أن التصوف في عصرنا الحالي يعاني من مشكلات، حيث أصبح بين الأعداء الذين ينكرون التصوف والادعياء الذين يزعمون تمسكهم بالتعاليم الصوفية وهم في الحقيقة يبتدعون ممارسات بعيدة عن التصوف الحقيقي.

وبين: "التصوف ليس مجرد موائد أو طقوس خرافية، بل هو منهج تربوي يهدف إلى تهذيب النفس والتقرب إلى الله وفقًا للكتاب والسنة".

ودعا العودة إلى التصوف المعتدل الذي يتسم بالاعتدال والضبط وفقًا لتعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية، بعيدًا عن أي انحرافات أو بدع.

مقالات مشابهة

  • هل النبي محمد ولد في 22 أبريل؟.. اعرف القول الراجح عند العلماء
  • محمود مهنا: دعوة الرئيس السيسي لتحويل المساجد لمراكز علمية تجسد سنة النبي محمد
  • دعاء السيدة عائشة.. واظب عليه كل يوم ييسر أمرك ويفرج همك
  • كيف يفتح الاستغفار والصلاة على النبي أبواب البركة والرزق؟.. الإفتاء توضح
  • كيف تحصن نفسك قبل النوم كما فعل النبي؟.. آيات وأذكار تحميك من الأذى
  • أسامة فخري: التصوف ليس مجرد موائد بل منهج تربوي
  • صيام العشر الأوائل من ذي الحجة فضل وثواب عظيم
  • تحذير للرجال.. هذا الفعل يجعلكم أبغض الناس عند الله
  • خمس أعمال قبل النوم أوصى بها رسول الله.. كم تعرف منها؟
  • آداب زيارة المريض في الإسلام .. تعرّف عليها