جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-05@04:27:01 GMT

لنحفظ بعض أسرارنا بمنأى عن الآخرين

تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT

لنحفظ بعض أسرارنا بمنأى عن الآخرين

 

د. قاسم بن محمد الصالحي

 حين تنوي الكتابة في قضايا تهمك أو تخص مجتمعك تؤمن بأنها ستضيف لك شيئاً من الطمانينة والاستقرار، خاصة إن كنت تستشعر أن كتابتك رسالة تعكس حقيقة لا مجرد خوض مع الخائضين، وكانت تساؤلاتك ومشاركتك دعوة لمن يعيش في الوطن لرفع الهمة وزيادة النشاط والاجتهاد، وليست للتثبط والتخاذل او كشف لعورات الناس لان لهذه الاخيرة خطورة، ولخطورتها فان الله لم يتركها دون اي تحذير ووعيد لمن تسول له نفسه أن يأتيها! قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾ [الحجرات: 12]، ولنا ان نتخيل حال مجتمع، كل فرد فيه مشغول بكل شيء، إلا ما ينبغي أن يقوم به اين يكون؟ وكيف يصبح أبناؤه.

لقد تعلمت من الحياة أن المثقف يقوم بطرح ومناقشة فكرة معينة من وجهة نظره الشخصية، لذا فإن كتابته لقضية ما تكون خاضعة للأحكام الشخصية، فمقاله لا يتعاطى الخيال، بل يطرح أفكارا تلمس صلب الحياة، ولكثرة ما قرأت في مثل ذلك، كدتُ أتخذ على نفسي عهدًا ألّا أقرأ مهما كان إلا ما يكون اصيلًا ورصينًا، لكني سرعان ما بدأت أفكر في أمر آخر، وهو ماذا عن باقي الكتابات الأخرى، هل يعني هذا أني إذا ما أردت القراءة يجب علي إتقان التنبوء بالمضمون قبل قراءة المقال، حينها أدركت أن عملية القراءة لا بد منها، لكن لا يعني ذلك قبولها مهما كان مستواها، ثم لم لا نجد موضوعات ترقى إلى المستوى المطلوب؟

وعندما كنت أعتقد أني لن اقرأ أي عمل إلا بحقائقه الأصلية، لم يكن يخطر ببالي وقتها سوى ما يُكتب في الشأن المحلي من قضايا وردود أفعال حولها، ولم أكن أجانب الصواب في اعتقادي ذاك؛ لأن الأساس في تلك الكتابات هو الفعل ورد الفعل، وذلك واضح، لعوامل كثيرة، أهما مسألة ملامسة حوائج شرائح المجتمع ومتطلبات اخرى؛ إذ إن لغة الحاجة دومًا يبقى لها ارتباط وثيق بالمجتمع، كما إنها ستظل على صلة به وتفرض عليه ثقافه متسرعة في الحكم او متعجلة في التنفيذ، وهذا دافع أساسي تدعم عملية الكتابة، علاوة على أن معظم المثقفين والمتعلمين يكون لهم ارتباط بمتطلبات مجتمعية واحتياجات الساكنة فيه، وهذا عامل أيضا تكثر الكتابات فيه وتتعدد.

لذا فان ما نكتبه ليس هو مطلق الحقيقة، ولكن مصداقيته تتحقق حينما ينطوي على عناصر الهدوء والسكينة والتفاؤل وتقصي الكاتب للحقيقة والاستطراد فيها، بحيث يقوم على توظيف الحقائق الدامغة دون إسفاف ولا تسويف كإطار لموضوعات يجري تناولها بعمق وباستشهادات وإحالات واستعراضات، يكرس ما كتبه لخدمة الرأي وليس تنفيره، في سياق تحليلي نافع ينحو منحى السرد الابداعي الرصين؛ لكون ان الكتابة في الشؤون المجتمعية وأحوال الناس، والنقْد في قضاياهم، هي وسيلة لإدراك غاية، ليس الخوض في أعراضهم؛ لذا يتوجب الالتزام بالاعتدال في بيان الأحوال، والوزن بالقسط في إصدار الأحكام، لان بعض المسائل لا تُلزم التطرُّق لها على عواهنها، وبعضها يُجب عدم الخوض فيها او الكلام عنها.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الاستسلام لبوتين لن يكون تنازلًا عن أوكرانيا فقط

ترجمة: أحمد شافعي

أهم ما في فضيحة الفساد التي شهدتها أوكرانيا مؤخرا هو أن لها ما لها. فهي فضيحة، بمعنى أنها ليست جزءًا طبيعيًا من الحياة هناك.

ففي الشهر الماضي، أفضى تحقيق أجراه المكتب الوطني لمكافحة الفساد في أوكرانيا، وهو جهة مستقلة، إلى توجيه الاتهام لحلفاء للرئيس فولوديمير زيلينسكي من بينهم وزيران بالاحتيال والكسب غير المشروع لما يصل إلى مائة مليون دولار.

وقد استقال الوزيران، وكذلك رئيس ديوان الرئيس، في حين يبدو أن شريكًا تجاريًا سابقًا للرئيس قد فر من البلد. وفي حين أنه لم يتم توجيه اتهام للرئيس نفسه بارتكاب مخالفات فقد لحق به ضرر سياسي. ولطالما كان الفساد هو الخطأ في أوكرانيا. أما التحقيق، والمساءلة القانونية والسياسية التي صاحبته، فهو الصواب. فالبلد الذي يستطيع التحقيق مع قادته حتى وهو يخوض حربًا من أجل وجوده بلد يستحق الدفاع عنه.

وهذه هي الفكرة التي يجب أن تحرك أي شخص لا ينتمي إلى فريق (السلام مهما يكن الثمن) في إدارة ترامب. ولقد كان اثنان من أقطاب هذا الفريق ـ هما ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر ـ في موسكو يوم الثلاثاء من أجل إجراء محادثات شخصية مع فلاديمير بوتين. كما كان هذان المقاولان العقاريان هما اللذان وضعا سابقا ـ وبالتعاون مع كيرير ديميترييف ممثل بوتين في المفاوضات ـ خطة من ثمان وعشرين نقطة تم التوصل إليها في ميامي وتعدل وثيقة استسلام من أوكرانيا وإن كان التفكير الذي قامت عليه ـ كما كتبت صحيفة وول ستريت جورنال الأسبوع الماضي ـ أشد إثارة للفزع. قالت الصحيفة: إن «محادثات ميامي، بالنسبة للكريملين، كانت بمنزلة ذروة لاستراتيجية حيكت قبل تنصيب ترامب لتجاوز جهاز الأمن الوطني التقليدي في الولايات المتحدة وإقناع الإدارة بالنظر إلى روسيا، لا باعتبارها تهديدا عسكريا، وإنما باعتبارها أرضا خصبة للفرص الوفيرة». ومضت الصحيفة تقول: إنه «من خلال التلويح بصفقات المعادن النادرة التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، يتسنى لموسكو أن تعيد صياغة خريطة أوروبا الاقتصادية مع بث أسباب العداوة والفرقة بين أمريكا وحلفائها التقليديين».

ما الخطأ في هذا التفكير؟ لو عدلنا مقولة تشيرشل عن روسيا ـ «هي لغز مغلف في غموض وموضوع في إبهام» ـ يمكننا القول عن فكرة السلام من خلال التجارة إنه مصالح ذاتية مغلفة في أوهام عن الذات وموضوعة بداخل إضرار بالذات.

والتاريخ يفندها: فلقد كانت بريطانيا وألمانيا شريكين تجاريين أساسيين في عشية الحرب العالمية الأولى، وكانت الروابط الاقتصادية بين الصين والغرب قد تنامت حينما أصبحت الصين أشد ضراوة. والتجربة مع روسيا في عهد بوتين تدحض هي الأخرى هذه الفكرة: فقد تعرضت الشركة الغربية تلو الأخرى للاحتراق ـ أو ما هو أنكى منه ـ في أثناء العمل مع روسيا في الحقبة التي كان يفترض فيها أن الكريملين يرحب بالاستثمار الأجنبي.

والعقل السليم أيضا يدحض هذه الفكرة. فلو أن بوتين مهتم بالسلام والرخاء بين روسيا والغرب، لكان قد سعى إليهما على مدار خمسة وعشرين عاما له في السلطة.

لكن بوتين لا يريد التعايش، إنما يريد الهيمنة حتى ولو جاءت على حساب مليون ضحية تكبدتها قواته حتى الآن بحسب ما تفيد التقارير. فالمثل العليا لديه ليست أمثال بيل جيتس أو كونراد أديناور، وإنما هي أمثال بطرس الأكبر وإيفان الرهيب.

وهذا ما لن يتغير. فبوتين الآن في الثالثة والسبعين من العمر، ويرى نفسه شخصية تاريخية عالمية وقد نجح حتى الآن في تحقيق أهدافه ضد خصومه الذين يحتقرهم ويراهم ضعفاء أو مغرورين أو قابلين للفساد. وبإرسال اثنين من المقاولين العقاريين إليه من أجل التفاوض، لم يزد الرئيس ترامب على إقرار موقف بوتين. والخطر الكبير الآن يتمثل في أن بوتين سوف يوافق، بشروط، على صورة ما من «خطة السلام» التي أقرها ترامب، فيضع ضغطا دبلوماسيا لا يحتمل على كييف للقبول بها. ويندرج ضمن الآثار الأخرى أن هذا سوف يؤدي إلى تصدع السياسات الأوكرانية، وتصدع حلف الناتو، وإنقاذ الاقتصاد الروسي، وتقوية الأصوات المناصرة لروسيا في الوسط السياسي الأوروبي، ويمهل روسيا وقتا لاستعادة قوتها العسكرية. وفي المقابل، سوف تحصل أوكرانيا على نوع من الوعود الورقية التي سبق لها الحصول عليها سنة 1994 حينما تخلت عن أسلحتها النووية في مقابل ضمانات أمنية غير ملزمة ـ وهذه تذكرة أخرى بأن نزع السلاح غالبا ما يكون طريقا للحرب لا للسلام.

وهذا سؤال موجه لماركو روبيو: إلى أي مدى ستكون الضمانات الأمنية الأمريكية جيدة بالنسبة لكييف في عام 2029، حينما يكون روبيو مواطنا عاديا، ويكون جيه دي فانس رئيسا، ويكون بوتين جائعا إلى قطعة أخرى من أوكرانيا؟

هناك دائما فرصة سانحة لأن يغالي بوتين في تقدير قيمة ما لديه من أوراق، فيعطي ترامب مرة أخرى الإحساس بأن روسيا «تستغلنا» على حد قوله في مايو الماضي، ويحيي شهية الإدارة إلى الدفاع عن أوكرانيا. وفضلا عن كون ذلك هو الصواب الواحب، فإنه سوف يشير للصين بأن الإدارة لن تتنازل عن استقلال تايوان في مقابل فرص تجارية مربحة لعائلة ترامب وأصدقائه. لكن لا يجب أن يعول على ذلك زيلينسكي ومن تبقى له من أنصار في أوروبا. فقد يكون لزاما عليهم عما قريب أن يختاروا اختيارا صعبا بين التشبث بسلام مؤقت أو مواصلة المعاناة في حرب مرهقة. وما لكاتب يكتب مقاله من أمان نيويورك أن يسدي النصائح، ولكن لتشرشل مقولة أخرى جديرة بالذكر، وهي أن «الدول التي انهارت وهي تقاتل نهضت من جديد، أما التي استسلمت في خضوع فقد انتهى أمرها».

والتحذير الأكبر ها هنا هو تحذير للأمم الحرة أينما هي، وبخاصة في أوروبا. قد يكون عصر السلام الأمريكي موشكا على الانتهاء. ومن الآن فصاعدا، ستكون كل منطقة، أو بلد، وحدها في مواجهة خصوم مجترئين وجشعين. ومن يريد أن يعرف كيف يكون القتال، فيكفيه أن ينظر إلى الأوكرانيين الذين نتخلى عنهم، ونحن راضون بالمخاطرة وبالعار أيضا.

بريت ستيفنز من كتاب الرأي في نيويورك تايمز

مقالات مشابهة

  • حماس: ياسر أبو شباب رضي أن يكون أداة بيد إسرائيل
  • الأونروا تؤكد أن التضامن مع اللاجئين الفلسطينيين يجب أن يكون بالأفعال
  • بوتين: لا أقدم أبدًا تقييمات للقادة الآخرين
  • ترامب يطالب بـنوبل لإنهائه 8 حروب.. لكنه لا يريد أن يكون جشعًا
  • الاستسلام لبوتين لن يكون تنازلًا عن أوكرانيا فقط
  • مفتي الجمهورية: الدين يمثل الركيزة الصلبة والأساس المتين الذي يقوم عليه تكوين الإنسان
  • بعد رواج فيديو لشخص يقوم بفعل مُخل بالحياء أمام جامعة الحقوق بالعاصمة.. الشرطة توقف الفاعل
  • مصر تواصل دفع المساعدات الإنسانية إلى غزة.. والاحتلال الإسرائيلي يقوم بخروقات يومية
  • اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي يقوم بخروقات يومية
  • التحرير الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي يقوم بخروقات يومية وأعداد الشهداء في تزايد