ارتدادات الصراع في ناغورنو كاراباخ
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
ارتدادات الصراع في ناغورنو كاراباخ
الأوروبيون يهمهم الاستقرار في منطقة القوقاز، لأنها ممر لأنابيب غاز ونفط مهمة تغذي أوروبا.
لم تتخذ أمريكا موقفاً حاسماً من الأحداث الجارية، ودعت لضبط النفس في التعامل مع مشكلات طويلة المدى، وليست وليدة اليوم.
أعلن أرمن الإقليم الانفصال عن أذربيجان دون أي اعتراف دولي إلا من حكومة أرمينيا في يريفان، التي تعتبره تابعاً لها وليس جمهورية مستقلة كما يدعي ناشطون بالإقليم.
تنازلت أرمينيا عن اعتبار الإقليم جزءاً من كيانها، والقوات الأذربيجانية لا تتدخل بتفاصيل حياة سكانه، لكن تشرف على الممر الترابي الوحيد الذي يربط الإقليم بأرمينيا.
العملية العسكرية الأذربيجانية في الإقليم انتهت سريعاً، بعد قرار المسلحين الأرمن تسليم أسلحتهم وبدء محادثات مع باكو حول دمج الإقليم في أذربيجان وقرر البعض اللجوء لأرمينيا.
* * *
إقليم ناغورنو كاراباخ الجبلي الذي يقع وسط دولة أذربيجان، واحد من ترِكات السوفيات التي تدور حولها الإشكاليات الاستراتيجية، وهو مكان تتولَّد منه مشكلة «طويلة المدى» يجب التعامل معها بهدوء، كما قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن.
والإقليم الذي تبلغ مساحته 4800 كلم مربع ويقطنه ما يقارب 150 ألف شخص غالبيتهم من الأرمن، أعلن الانفصال عن أذربيجان دون أن يلاقي أي اعتراف دولي، سوى من حكومة أرمينيا في يريفان، التي تعتبره تابعاً لها وليس جمهورية مستقلة كما يدعي ناشطون في الإقليم.
يشبه إقليم كاراباخ حالة جزيرة القرم التي كان الاتحاد السوفيتي منحها لأوكرانيا عام 1954، ثم عادت القوات الروسية ودخلتها وأعلنتها موسكو جزءاً من أراضيها عام 2014. ووضعية إقليم كالينينغراد الذي يقع أقصى شمال أوروبا بين ألمانيا وبولندا تشبه الحالة نفسها.
وقد أبقته القوات السوفياتية ضمن السيادة الروسية، رغم أنه غير متصل بأراضيها، وتصل إليه روسيا بممر أرضي ضيق (طريق) بطول 60 كلم، كما هو الوضع مع إقليم كاراباخ البعيد عن أراضي أرمينيا، ولا يتصل معها سوى بطريق واحد، هو ممر لاتشين.
والاتحاد السوفياتي كان قد أعطى الإقليم استقلالاً ذاتياً تشرف عليه أرمينيا، وأصبح من ضمن ترِكات السوفيات التي تنتج توترات دائمة، ولم تنجح كل الوساطات في إرساء سلام دائم فيه.
الحرب التي أعلنتها باكو على الإقليم في 19 أيلول/سبتمبر لاستعادته إلى السيادة الأذربيجانية الكاملة، لم تكُن الأولى، فسبق أن حصلت حروب في الإقليم بين باكو ويريفان عام 1992 وعام 2020، وقد أفضت الحرب الأولى إلى تكريس انفصال الإقليم عن السيادة الأذربيجانية، بعد أن وقفت موسكو إلى جانب أرمينيا، لكن حرب عام 2020 غيّرت المعادلة لصالح باكو، وعاد الإقليم محافظة أذربيجانية، تضمن سلامة سكانه الأرمن قوات سلام روسية.
وتنازلت أرمينيا عن اعتباره جزءاً من كيانها، والقوات الأذربيجانية لا تدخل بتفاصيل حياة سكان الإقليم، لكنها تشرف على الممر الترابي الوحيد الذي يربط الإقليم بأرمينيا.
وكانت حجة القوات الأذربيجانية التي بدأت بالهجوم على بلدات في الإقليم يوم الثلاثاء 19 أيلول/سبتمبر، قيام مجموعات إرهابية بزرع ألغام على بعض الممرات، أدت إلى قتل 4 من أفراد الشرطة الأذرية ومدنيين اثنين. وتطالب باكو هذه المرة بأن تسلِّم المجموعات الانفصالية سلاحها بالكامل للقوات الأذرية، وأن تكفّ يريفان عن دعم هذه المجموعات.
بينما يقول رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان: «إن باكو تقوم بأعمال تطهير عرقي في الإقليم»، وهو دعا روسيا التي كفلت تطبيق الاتفاقات السابقة إلى حماية المواطنين الأرمن، كما ناشد الأمم المتحدة التحرُّك السريع لوقف العدوان الأذربيجاني كما قال.
بدأت الارتدادات الإقليمية والدولية لأحداث ناغورنو كاراباخ تتصاعد، وهي تنذر بحصول اصطفافات جديدة في المنطقة، كما تؤشر إلى إمكانية اندلاع توترات واسعة في منطقة القوقاز.
ففرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي لا يخفون تضامنهم مع أرمينيا، ويطالبون بتدخل دولي لوقف العدوان الأذربيجاني، كما ورد في تصريحات صادرة عن مسؤولين في هذه الأطراف، بينما ترى تركيا أن ما يجري هو عبارة عن إجراءات سيادية أذربيجانية لحفظ الأمن الداخلي في البلاد، والقانون الدولي يعطي حكومة باكو الحق في القيام بهذه التدابير الأمنية، كون الإقليم يقع ضمن أراضيها. بينما ما زالت روسيا تراقب الوضع، وقواتها المنتشرة في بعض مناطق الإقليم لم تحرِّك ساكناً حتى الآن.
من المؤكد أن موسكو اليوم ليست كما كانت عام 2020 قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا، وفي هذه الحرب تقف الدول الأوروبية ضدها وتدعم أوكرانيا بقوة، وانطلاقاً من هذه المستجدات، قد تغير موسكو موقفها المتعاطف مع يريفان التي تحتضنها الدول الأوروبية، وهي لن تغامر بخسارة تعاونها مع أنقرة الذي تجدد في جزء كبير منه خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 2023/9/4 إلى مدينة سوتشي الروسية ولقائه مع الرئيس فلاديمير بوتين.
أما الولايات المتحدة، فلم تتخذ موقفاً حاسماً من الأحداث الجارية حتى الآن، ودعت إلى ضبط النفس في التعامل مع مشكلات طويلة المدى، وليست وليدة اليوم. ويبدو أن موقفها يتمايز بعض الشيء عن موقف حلفائها الأوروبيين، وهؤلاء يهمهم الاستقرار في منطقة القوقاز، لأنها ممر لأنابيب غاز ونفط مهمة تغذي أوروبا.
المهم أن العملية العسكرية الأذربيجانية في الإقليم انتهت سريعاً، بعدما قرر المسلحون الأرمن تسليم أسلحتهم وبدء محادثات مع باكو حول دمج الإقليم في أذربيجان، فيما قرر عدد كبير من أبناء الإقليم عدم البقاء في منازلهم واللجوء إلى أرمينيا باعتبارها وطنهم الأم، كما شهدت العاصمة يريفان تظاهرات ضد رئيس الوزراء باشينيان لأنه فرّط في الإقليم.
*د. ناصر زيدان أستاذ العلوم السياسية والشؤون الدولية في الجامعة اللبنانية.
المصدر | الخليجالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: السوفيات أرمينيا أذربيجان روسيا ناغورنو كاراباخ العملية العسكرية الأذربيجانية تطهير عرقي ناغورنو کاراباخ فی الإقلیم
إقرأ أيضاً:
اغتيال الجنرال الروسي ياروسلاف موسكاليك: ما علاقة الموساد؟
في مشهد يعكس تحوّلا دقيقا في طبيعة المواجهة مع روسيا، جاء مقتل الجنرال ياروسلاف موسكاليك، نائب مدير إدارة العمليات في هيئة الأركان العامة الروسية، إثر انفجار سيارة مفخخة في إحدى ضواحي كمعزز لفكرة أن للصراع الدولي جانب خفي وأدوات متعددة يجب تفكيكها لفهم مشهد الصراع العالمي بعد الحرب الباردة.
بعيدا عن الضجة الإعلامية المحيطة بالحادثة، فإن قراءة متأنية لطبيعتها وطريقة تنفيذها تشير بوضوح إلى أن الصراع مع موسكو قد دخل مرحلة أكثر تعقيدا، حيث لم تعد العمليات تقتصر على ميادين القتال التقليدية، بل أصبحت تلامس بنية الدولة الروسية في مستوياتها العليا.
يعد اغتيال موسكاليك، بالنظر إلى موقعه الوظيفي، أكثر من مجرد عمل انتقامي أو تكتيكي محدود. فالمسؤوليات التي كان يتولاها ترتبط مباشرة بإدارة العمليات العسكرية والتخطيط الاستراتيجي، مما يجعل استهدافه ضربة موجهة نحو القدرة العملياتية لهيئة الأركان العامة الروسية. هذا النوع من الضربات، التي تستهدف شخصيات مركزية في الهرم العسكري، لا يهدف إلى إحداث خسائر فورية فقط، بل يسعى إلى التأثير بعيد المدى عبر خلخلة منظومة اتخاذ القرار وإضعاف الكفاءة القيادية في الأوقات الحرجة.
قراءة هذا الحادث بمعزل عن التطورات الكبرى سيكون اجتزاء للواقع، فحرب الاستنزاف التي تُمارس ضد روسيا اليوم لم تعد تقتصر على الساحات الخارجية، بل امتدت لتضرب الرموز القيادية في محاولة لإحداث أثر استراتيجي بعيد المدى. هذا النهج، الذي يعتمد على ضربات دقيقة ضد الأفراد، يمثل في جوهره اعترافا بأن المعركة العسكرية المفتوحة باتت أقل أولوية من المعركة على المعنويات، وعلى قدرة الدولة على الحفاظ على تماسك أجهزتها العليا
ولعل من اللافت أن عملية الاغتيال هذه تأتي ضمن سلسلة من الاستهدافات النوعية التي طالت في الفترة الأخيرة مسؤولين روس رفيعي المستوى، بما في ذلك مقتل الفريق إيغور كيريلوف في حادث مشابه أواخر عام 2024. التكرار هنا لا يشي بعمليات منفردة أو معزولة، بل يشير إلى اعتماد نمط عملياتي محدد، يستند إلى مراقبة دقيقة للأهداف، واختيار توقيتات ومواقع مدروسة لتنفيذ الضربات دون ترك دلائل مباشرة.
من الناحية التقنية، يظهر أسلوب التنفيذ، عبر عبوة ناسفة زرعت في سيارة وتم تفجيرها عن بُعد، تشابها مع أساليب شهدتها مناطق أخرى من العالم، حيث تم توظيف هذا النمط لضرب شخصيات علمية أو أمنية في بيئات حضرية محصنة نسبيا. استخدام هذا الأسلوب في موسكو يكشف عن قدرة على تجاوز الإجراءات الأمنية المشددة، وعن امتلاك معلومات دقيقة عن تحركات الهدف اليومية. كما يشير إلى أن المواجهة باتت تدار بأدوات خفية تعتمد على إضعاف الخصم عبر عمليات محدودة الأثر ماديا، لكنها كبيرة التأثير سياسيا وعسكريا.
المقاربة التي تعتمد على استهداف الأفراد في مواقع القيادة ليست جديدة في الحروب الحديثة، إلا أن تبنيها في مواجهة دولة بحجم روسيا يمثل تطورا ذا دلالات مهمة. فاستهداف عناصر مركزية مثل موسكاليك يعكس قناعة بأن إضعاف الحلقات القيادية قد يكون أكثر فاعلية وأقل كلفة من الدخول في صدامات واسعة النطاق. كما أن هذا النوع من العمليات يهدف إلى نشر شعور بانعدام الأمان داخل النخبة السياسية والعسكرية، مما يؤدي إلى آثار متراكمة من الارتياب وفقدان الثقة داخل البنية القيادية.
توقيت العملية يطرح بدوره تساؤلات حول مرحلة الصراع القادمة. فتنفيذ عملية بهذا الحجم في قلب موسكو لا يمكن فصله عن مسار التصعيد في الملفات الدولية المرتبطة بروسيا، خاصة مع استمرار المواجهة في أوكرانيا وتصاعد العقوبات الغربية وتوترات المشهد الأمني في مناطق أخرى. إرسال رسالة مباشرة إلى القيادة الروسية عبر استهداف جنرال من هذا الوزن السياسي والعسكري يعني أن الأدوات المستخدمة لم تعد مقيدة بالجبهات التقليدية، بل تتسع لتشمل الداخل الروسي نفسه كمساحة مفتوحة للصراع غير المباشر.
إن قراءة هذا الحادث بمعزل عن التطورات الكبرى سيكون اجتزاء للواقع، فحرب الاستنزاف التي تُمارس ضد روسيا اليوم لم تعد تقتصر على الساحات الخارجية، بل امتدت لتضرب الرموز القيادية في محاولة لإحداث أثر استراتيجي بعيد المدى. هذا النهج، الذي يعتمد على ضربات دقيقة ضد الأفراد، يمثل في جوهره اعترافا بأن المعركة العسكرية المفتوحة باتت أقل أولوية من المعركة على المعنويات، وعلى قدرة الدولة على الحفاظ على تماسك أجهزتها العليا.
إن القراءة الأعمق لعملية اغتيال الجنرال ياروسلاف موسكاليك تقتضي عدم عزلها عن التجارب التاريخية الحديثة في ميدان العمليات السرية. فهناك تشابه بنيوي واضح بين الأسلوب الذي استُخدم في هذه العملية، وبين سلسلة الاغتيالات التي استهدفت علماء البرنامج النووي الإيراني في العقدين الماضيين، والتي نفذها جهاز الموساد الإسرائيلي.
في كلتا الحالتين، يعتمد الفاعل المجهول على أدوات متشابهة وهي رصد دقيق للهدف لفترات طويلة، اختيار أماكن مكشوفة نسبيا رغم الإجراءات الأمنية، تنفيذ الضربة بأقل تدخل مباشر لتفادي الاشتباه السريع، وضرب شخصيات يعتبر حضورها حاسما في مشاريع استراتيجية بالغة الحساسية.
النتيجة في كلا السياقين ليست فقط تصفية شخصية مهمة، بل إحداث صدمة عضوية في بنية القرار سواء في البرنامج النووي الإيراني آنذاك، أو داخل المؤسسة العسكرية الروسية اليوم.
غير أن الفارق الأهم يكمن في البيئة التي تجري فيها هذه العمليات، فبينما كانت إيران تخوض آنذاك سباقا حساسا على المستوى النووي، فإن روسيا اليوم في مواجهة مفتوحة مع الغرب على أكثر من جبهة، عسكرية واقتصادية واستخباراتية. وبالتالي، فإن استهداف جنرالات بحجم موسكاليك لا يمثل فقط ضربا لشخصية تنفيذية، بل محاولة لكسر الروح المعنوية داخل مؤسسة تخوض صراعا وجوديا على عدة مستويات.
الربط مع أساليب الموساد هنا ليس بقصد التشبيه الأخلاقي أو السياسي، بل هو رصد للتطور العملياتي، نموذج العمليات الانتقائية ضد الأفراد المتنفذين أصبح جزءا من الصراعات الكبرى المعاصرة التي تخوضها إسرائيل، بما في ذلك الصراع مع روسيا.
العالم قد دخل فعليا حقبة جديدة من الصراع؛ حقبة تُستبدل فيها الجيوش بالعملاء، وتُستبدل فيها المعارك المفتوحة بالضربات الانتقائية الدقيقة، وتُستهدف فيها مراكز القوة لا عبر الحصار ولا عبر القصف، بل عبر تفكيك منظومات التفكير والتخطيط نفسها. وما موسكو اليوم إلا إحدى الساحات الجديدة لهذا الصراع الطويل، الصامت أحيانا، والمدوّي في نتائجه دائما
من زاوية استراتيجية أوسع، ما يحدث اليوم في موسكو يؤشر إلى أن الصراع الاستخباراتي لم يعد يُدار في الأطراف أو عبر العملاء الميدانيين فحسب، بل بات يستهدف النخبة في عواصم القرار ذاتها. الانتقال من تفجيرات هامشية أو عمليات تجسس إلى اغتيالات دقيقة في قلب المدن الكبرى يدل على أن الخصوم يسعون إلى زعزعة قدرة الدول على حماية كوادرها في الداخل، وليس فقط استنزافها في الخارج.
بهذا المعنى، فإن الاغتيالات التي تطال شخصيات قيادية روسية ليست سوى مظهر واحد من ملامح تحول أوسع:
1) صراع باتت أدواته الأساسية هي المعلومات، الضربات الانتقائية، وإنتاج شعور دائم بالخطر داخل مؤسسات الحكم.
2) يظهر النمط التاريخي لعمليات الاغتيال الإسرائيلية سواء بالنسبة للعلماء النووين الإيرانيين أو القادة في حماس، على سبيل المثال لا الحصر، أنها ليست فاعلة على المدى المتوسط أو الطويل، لكن تكرار المشهد داخل روسيا يشير إلى تحولات في أسلوب إدارة الصراع الروسي الغربي ذاته والتي أصبحت إسرائيل جزءا لا يتجزأ منه.
3) على المدى الطويل، تعتمد فعالية هذه الاستراتيجية على مدى قدرة روسيا على تحصين مؤسساتها الداخلية، وتعزيز منظومة الحماية حول شخصياتها الحساسة، ورفع كفاءة أجهزتها الاستخباراتية في التعامل مع أساليب حرب الظل الجديدة. فنجاح خصومها في تكرار هذه الضربات سيعني بالضرورة انتقال الضغوط من ميادين القتال إلى داخل غرف صناعة القرار، مما قد يُضعف تدريجيا الموقف الاستراتيجي الروسي في مواجهة التحديات الكبرى.
ختاما، فإن اغتيال الجنرال موسكاليك، بما يحمله من دلالات عملياتية وسياسية وأصابع اتهام موجهة إلى الموساد بحسب الطبيعة التاريخية لهذا النوع من عمليات الاغتيال المنهجية، يؤكد أن العالم قد دخل فعليا حقبة جديدة من الصراع؛ حقبة تُستبدل فيها الجيوش بالعملاء، وتُستبدل فيها المعارك المفتوحة بالضربات الانتقائية الدقيقة، وتُستهدف فيها مراكز القوة لا عبر الحصار ولا عبر القصف، بل عبر تفكيك منظومات التفكير والتخطيط نفسها. وما موسكو اليوم إلا إحدى الساحات الجديدة لهذا الصراع الطويل، الصامت أحيانا، والمدوّي في نتائجه دائما.