الخليج الجديد:
2024-07-06@07:30:47 GMT

ارتدادات الصراع في ناغورنو كاراباخ

تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT

ارتدادات الصراع في ناغورنو كاراباخ

ارتدادات الصراع في ناغورنو كاراباخ

الأوروبيون يهمهم الاستقرار في منطقة القوقاز، لأنها ممر لأنابيب غاز ونفط مهمة تغذي أوروبا.

لم تتخذ أمريكا موقفاً حاسماً من الأحداث الجارية، ودعت لضبط النفس في التعامل مع مشكلات طويلة المدى، وليست وليدة اليوم.

أعلن أرمن الإقليم الانفصال عن أذربيجان دون أي اعتراف دولي إلا من حكومة أرمينيا في يريفان، التي تعتبره تابعاً لها وليس جمهورية مستقلة كما يدعي ناشطون بالإقليم.

تنازلت أرمينيا عن اعتبار الإقليم جزءاً من كيانها، والقوات الأذربيجانية لا تتدخل بتفاصيل حياة سكانه، لكن تشرف على الممر الترابي الوحيد الذي يربط الإقليم بأرمينيا.

العملية العسكرية الأذربيجانية في الإقليم انتهت سريعاً، بعد قرار المسلحين الأرمن تسليم أسلحتهم وبدء محادثات مع باكو حول دمج الإقليم في أذربيجان وقرر البعض اللجوء لأرمينيا.

* * *

إقليم ناغورنو كاراباخ الجبلي الذي يقع وسط دولة أذربيجان، واحد من ترِكات السوفيات التي تدور حولها الإشكاليات الاستراتيجية، وهو مكان تتولَّد منه مشكلة «طويلة المدى» يجب التعامل معها بهدوء، كما قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن.

والإقليم الذي تبلغ مساحته 4800 كلم مربع ويقطنه ما يقارب 150 ألف شخص غالبيتهم من الأرمن، أعلن الانفصال عن أذربيجان دون أن يلاقي أي اعتراف دولي، سوى من حكومة أرمينيا في يريفان، التي تعتبره تابعاً لها وليس جمهورية مستقلة كما يدعي ناشطون في الإقليم.

يشبه إقليم كاراباخ حالة جزيرة القرم التي كان الاتحاد السوفيتي منحها لأوكرانيا عام 1954، ثم عادت القوات الروسية ودخلتها وأعلنتها موسكو جزءاً من أراضيها عام 2014. ووضعية إقليم كالينينغراد الذي يقع أقصى شمال أوروبا بين ألمانيا وبولندا تشبه الحالة نفسها.

وقد أبقته القوات السوفياتية ضمن السيادة الروسية، رغم أنه غير متصل بأراضيها، وتصل إليه روسيا بممر أرضي ضيق (طريق) بطول 60 كلم، كما هو الوضع مع إقليم كاراباخ البعيد عن أراضي أرمينيا، ولا يتصل معها سوى بطريق واحد، هو ممر لاتشين.

والاتحاد السوفياتي كان قد أعطى الإقليم استقلالاً ذاتياً تشرف عليه أرمينيا، وأصبح من ضمن ترِكات السوفيات التي تنتج توترات دائمة، ولم تنجح كل الوساطات في إرساء سلام دائم فيه.

الحرب التي أعلنتها باكو على الإقليم في 19 أيلول/سبتمبر لاستعادته إلى السيادة الأذربيجانية الكاملة، لم تكُن الأولى، فسبق أن حصلت حروب في الإقليم بين باكو ويريفان عام 1992 وعام 2020، وقد أفضت الحرب الأولى إلى تكريس انفصال الإقليم عن السيادة الأذربيجانية، بعد أن وقفت موسكو إلى جانب أرمينيا، لكن حرب عام 2020 غيّرت المعادلة لصالح باكو، وعاد الإقليم محافظة أذربيجانية، تضمن سلامة سكانه الأرمن قوات سلام روسية.

وتنازلت أرمينيا عن اعتباره جزءاً من كيانها، والقوات الأذربيجانية لا تدخل بتفاصيل حياة سكان الإقليم، لكنها تشرف على الممر الترابي الوحيد الذي يربط الإقليم بأرمينيا.

وكانت حجة القوات الأذربيجانية التي بدأت بالهجوم على بلدات في الإقليم يوم الثلاثاء 19 أيلول/سبتمبر، قيام مجموعات إرهابية بزرع ألغام على بعض الممرات، أدت إلى قتل 4 من أفراد الشرطة الأذرية ومدنيين اثنين. وتطالب باكو هذه المرة بأن تسلِّم المجموعات الانفصالية سلاحها بالكامل للقوات الأذرية، وأن تكفّ يريفان عن دعم هذه المجموعات.

بينما يقول رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان: «إن باكو تقوم بأعمال تطهير عرقي في الإقليم»، وهو دعا روسيا التي كفلت تطبيق الاتفاقات السابقة إلى حماية المواطنين الأرمن، كما ناشد الأمم المتحدة التحرُّك السريع لوقف العدوان الأذربيجاني كما قال.

بدأت الارتدادات الإقليمية والدولية لأحداث ناغورنو كاراباخ تتصاعد، وهي تنذر بحصول اصطفافات جديدة في المنطقة، كما تؤشر إلى إمكانية اندلاع توترات واسعة في منطقة القوقاز.

ففرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي لا يخفون تضامنهم مع أرمينيا، ويطالبون بتدخل دولي لوقف العدوان الأذربيجاني، كما ورد في تصريحات صادرة عن مسؤولين في هذه الأطراف، بينما ترى تركيا أن ما يجري هو عبارة عن إجراءات سيادية أذربيجانية لحفظ الأمن الداخلي في البلاد، والقانون الدولي يعطي حكومة باكو الحق في القيام بهذه التدابير الأمنية، كون الإقليم يقع ضمن أراضيها. بينما ما زالت روسيا تراقب الوضع، وقواتها المنتشرة في بعض مناطق الإقليم لم تحرِّك ساكناً حتى الآن.

من المؤكد أن موسكو اليوم ليست كما كانت عام 2020 قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا، وفي هذه الحرب تقف الدول الأوروبية ضدها وتدعم أوكرانيا بقوة، وانطلاقاً من هذه المستجدات، قد تغير موسكو موقفها المتعاطف مع يريفان التي تحتضنها الدول الأوروبية، وهي لن تغامر بخسارة تعاونها مع أنقرة الذي تجدد في جزء كبير منه خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 2023/9/4 إلى مدينة سوتشي الروسية ولقائه مع الرئيس فلاديمير بوتين.

أما الولايات المتحدة، فلم تتخذ موقفاً حاسماً من الأحداث الجارية حتى الآن، ودعت إلى ضبط النفس في التعامل مع مشكلات طويلة المدى، وليست وليدة اليوم. ويبدو أن موقفها يتمايز بعض الشيء عن موقف حلفائها الأوروبيين، وهؤلاء يهمهم الاستقرار في منطقة القوقاز، لأنها ممر لأنابيب غاز ونفط مهمة تغذي أوروبا.

المهم أن العملية العسكرية الأذربيجانية في الإقليم انتهت سريعاً، بعدما قرر المسلحون الأرمن تسليم أسلحتهم وبدء محادثات مع باكو حول دمج الإقليم في أذربيجان، فيما قرر عدد كبير من أبناء الإقليم عدم البقاء في منازلهم واللجوء إلى أرمينيا باعتبارها وطنهم الأم، كما شهدت العاصمة يريفان تظاهرات ضد رئيس الوزراء باشينيان لأنه فرّط في الإقليم.

*د. ناصر زيدان أستاذ العلوم السياسية والشؤون الدولية في الجامعة اللبنانية.

المصدر | الخليج

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السوفيات أرمينيا أذربيجان روسيا ناغورنو كاراباخ العملية العسكرية الأذربيجانية تطهير عرقي ناغورنو کاراباخ فی الإقلیم

إقرأ أيضاً:

مسعود البارزاني يصل بغداد

السومرية نيوز – سياسة

وصل رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، اليوم الأربعاء، الى العاصمة بغداد، في زيارة رسمية وسيلتقي خلالها كبار مسؤولي الحكومة والقادة السياسيين في البلاد. وقال مراسل السومرية نيوز إن "وزير الخارجية فؤاد حسين، ووزير التخطيط محمد تميم، ووزير الدفاع ثابت العباسي، ووزير العمل والشؤون الاجتماعية احمد الاسدي، ووزير الاعمار والبلديات العامة بنكين ريكاني وعدد من المسؤولين الحكوميين والقادة العسكريين كانوا في استقبال رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني والوفد المرافق له في مطار بغداد الدولي.  

وتعد هذه الزيارة هي الأولى منذ 6 سنوات لبارزاني الى بغداد، فيما يرى مراقبون ان هذه الزيارة تأتي تتويجًا للاتفاقات النهائية والمشاكل التي يبدو انها حُلّت بالكامل بين بغداد واربيل، ولاسيما مسألة توطين رواتب الموظفين، وكذلك اتخاذ إجراءات قانونية سمحت بإعادة الحزب الديمقراطي الى انتخابات كردستان.

وفي اطلاع على المواقف، يبدو الديمقراطي الكردستاني راضيًا عن المسار السياسي في بغداد حتى انه انخرط في الدفاع عن القضاء العراقي بمواجهة إساءة أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي، كما أبدت حكومة الإقليم رضاها عن موقف المحكمة الاتحادية يوم امس فيما يتعلق بتفسير الية توطين رواتب موظفي الإقليم وإعطاء الحرية للموظفين بالتوطين في أي مصرف.

ويرى مراقبون ان وجود الملف الاقتصادي والنفطي على اجندة الزيارة امر طبيعي، لكن الحديث عن الملف الأمني هو مايطرح التساؤلات، حيث من المتوقع ان يكون ملف التوغل التركي في كردستان هو الأكثر حضورًا في اجندة الزيارة، في محاولة لشرح موقف الإقليم وكذلك توضيح موقف الحكومة امام القوى السياسية، فيما يمكن وصفه بأنه "شاهد خارجي" يستطيع توضيح وجهة نظر الحكومة الاتحادية امام القوى السياسية، وسبب موافقة بغداد على العمليات العسكرية التركية ومدى أهميتها.

مقالات مشابهة

  • طريقة عمل الكريم كراميل بالبسكويت البارد.. حضريه بخطوات سريعة
  • وزير الكهرباء: نتطلع للاستفادة من الخبرات الأذربيجانية في تطوير القطاع
  • ثمنت اعتراف أرمينيا بدولة فلسطين… سورية: القرار يساهم في إعادة حقوق الشعب الفلسطيني
  • البرزاني في بغداد زيارة تؤسس لمستقبل أفضل
  • المحاور والعوائق في التفاوض السوداني
  • رئيس مجلس القضاء الاعلى يصل إلى باكو
  • موسم الهجرة الى كردستان
  • هل ينجح محافظ قنا الجديد فى إنهاء أزمات الإقليم؟
  • الخارجية الروسية: بيان البنتاجون الذي يسمح لأوكرانيا بضرب شبه جزيرة القرم بالأسلحة الأمريكية قد يوسع الصراع
  • مسعود البارزاني يصل بغداد