ضمن تحول عميق بأيدي شبابها، تسعى السعودية إلى الحفاظ على تراثها الثقافي في إطار عمليات تطوير تستهدف جذب السياحة، وهو ما يتم تنفذه في مدينة جدة الساحلية على البحر الأحمر، انطلاقا من المنطقة التاريخية المعروفة باسم "بوابة مكة"، بحسب سينم جنكيز، وهي باحثة تركية في "مركز دراسات الخليج" بجامعة قطر.

سينم قالت، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، إنه منطقة "جدة البلد" هي أقدم حي في قلب المدينة، وأحد مواقع التراث العالمي على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) منذ 2014.

وتابعت: "لقرون عديدة، كانت البلد، البلدة القديمة التاريخية، بمثابة نقطة الدخول الرئيسية عن طريق البحر للحجاج في طريقهم إلى رحلة الحج السنوية إلى مدينة مكة المكرمة، التي تقع على بعد 40 ميلا، فضلا عن كونها طريقا تجاريا حيويا للبضائع".

وأضافت أنه "داخل المدينة، يحتفظ طريق الحج القديم، المعروف أيضا باسم "شارع الذهب"، بخصائصه المميزة، ويقدم لمحة عما كانت عليه رحلة الحج منذ قرون مضت".

ومضت قائلة إنه "بشوارعها الضيقة ومبانيها الحجرية ذات النوافذ الخشبية والكثير من المحلات التجارية الصغيرة، تبدأ الحياة في البلد بعد غروب الشمس (في ظل حر الصيف الشديد)".

وفي البلدة القديمة يوجد "بيت نصيف"، المعروف أيضا باسم "البيت ذو الشجرة"، وهو أحد أهم المواقع المعمارية، وتم بناء هذا المبنى عام 1881، وكان بمثابة مقر إقامة الملك عبد العزيز، مؤسس المملكة، خلال وجوده لمدة ثلاث سنوات في جدة، التي دخلها في ديسمبر/ كانون الأول 1925، بحسب سينم.

وأردفت أن المبنى، وهو أحد أفضل المباني المحفوظة في المدينة، تم تجديده وأصبح بمثابة متحف منذ 2009، مع الحفاظ على هندسته المعمارية على الطراز العثماني.

اقرأ أيضاً

طفرة السياحة في السعودية.. تداعيات اقتصادية وتأثيرات اجتماعية وتحديات متزايدة

مشروع تنشيط

وفي مطلع 2020، أنشأت وزارة الثقافة السعودية 11 لجنة مستقلة، إحداها هيئة التراث، وفقا لسنيم، التي أضافت أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان كشف في العالم التالي عن مشروع "تنشيط جدة التاريخية"، كجزء من مبادرة أكبر لتحويل المنطقة إلى مركز للأعمال والمساعي الثقافية ووجهة لرواد الأعمال.

وزادت بأن جدة التاريخية، التي غالبا ما يُشار إليها بـاسم "بوابة مكة"، تشهد عملية ترميم واسعة النطاق، وتعيد ترسيخ نفسها كمركز ثقافي، إذ "تحاول القيادة تحويل المدينة من مكان تُرك لينهار إلى منطقة ثقافية سياحية".

ولفت إلى أنه في 2021، استضافت جدة مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، وهي "خطوة مهمة من حيث (تشكيل) العلامة التجارية الوطنية، وضمن جهود لا تهدف إلى تعزيز السياحة فحسب، بل أيضا إلى إحياء التاريخ والثقافة".

 اقرأ أيضاً

من السياحة والترفيه إلى الحليب والقهوة.. صندوق السعودية السيادي يراهن على الاستثمار المحلي

مشاركة شبابية

وتشرع المملكة، كما تابعت سينم، في "رحلة تحويلية لتحقيق أهداف رؤية 2030، وهي مبادرة حكومية شاملة تهدف إلى إعادة تشكيل البلاد، ويتوقف هذا التحول على المشاركة الفعالة لشباب الوطن، الذين يشكلون 63% من سكان المملكة".

وتضخ المملكة، أكبر دولة مصدّرة للنفط، استثمارات ضخمة في قطاعات متنوعة، بينها السياحة والثقافة والفنون والتكنولوجيا، لتنويع وتوسيع الاقتصاد بعيدا عن الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيردات في ظل تقلبات أسعاره وتحول العالم نحو الطاقة المتجددة غير المسببة للتغير المناخي.

سينم أضافت أن "الاستثمار في الحفاظ على التراث أدى إلى خلق فرص عمل وإدماج المئات من المهن الثقافية".

وقالت إنه "من المقرر أن يتم تحويل المباني التاريخية المحيطة ببيت نصيف إلى فنادق ومطاعم للزوار، وإدارة هذه المشاريع منوطة بالشباب السعودي".

وزادت بأنه "من الشخصيات البارزة أحمد عنقاوي، وهو فنان سعودي شاب، والده سامي عنقاوي، مهندس معماري مشهور وناشط اجتماعي، إذ يشرف أحمد على هذه المشاريع جنبا إلى جنب مع فنانين ومهندسين معماريين سعوديين شباب آخرين".

و"حتى قبل عقد من الزمن، لم يكن القيام برحلة لاستكشاف المواقع التاريخية والثقافة في السعودية أمرا يمكن تصوره بالنسبة للكثيرين، لكن بينما تفتح المملكة أبوابها أمام الزوار، فإنها تحيي تاريخها بأيدي الشباب من خلال رؤية 2030، التي تهدف إلى رعاية المشهد الثقافي في البلاد"، كما ختمت سنمم.

اقرأ أيضاً

السعودية تنجح في تسجيل "حداء الإبل" بتراث اليونسكو

 

المصدر | سينم جنكيز/ مركز دراسات الخليج- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السعودية جدة تراث ثقافة سياحة

إقرأ أيضاً:

في صحراء المملكة.. 618 إعلاميًا ينقلون أحداث رالي داكار السعودية 2025

البلاد- جدة في المملكةِ العربية السعودية، يتوافد الزوار من كل حدبٍ وصوبٍ، وكلٌّ له هدفٌ يسعى للوصول إليه.. وفي رالي داكار السعودية، يعيشُ الإعلاميون قصةً مختلفةً ومليئةً بالإثارة، من خلالِ التنقل بين المدن والمحافظات، واستكشاف التضاريس المتنوعة، ونقل تلك المشاهد إلى العالم.

 

128 وسيلةً إعلاميةً سخَّرت إمكاناتها لنقل أحداث وتفاصيل رالي داكار السعودية بنسختهِ السادسة، مثبتينَ بذلك أنَّ الرالي يعدُّ وجهةً مثاليةً لعشاق رياضة المحركات، حيثُ يقوم بتغطية هذا الحدث العالمي 618 شخصًا، ينتمون إلى 48 جنسية.

 

الأدوار الإعلامية التي يقوم بها أولئك الأشخاص؛ لإبقاء العالم على اطلاعٍ مستمرٍ بكل ما يحدث من تفاصيل، تعدُّ متنوعة؛ إذ يتواجد 228 صحفيًا ومصورًا، و160 مذيعًا تلفزيونيًا معتمدًا، إضافةً إلى 150 عضوًا يعملون ضمنَ طواقم الإنتاج التلفزيوني، و87 ممثلًا من الصحافة والراديو والمنصات الرقمية ووكالات التصوير، بالإضافة إلى 41 وسيلةً إعلاميةً تلفزيونيةً تقوم بتغطية الحدث بصورةٍ مباشرة، ساهمت جهودهم في إيصال المعاني السامية في المجتمع السعودي، والمبنية على الترحاب، وكرم الضيافة، والمساعدة، والروح الإنسانية؛ إضافةً إلى المثابرة والمغامرة، والتي تُميّز الرالي، وتعطيه مساحةً كبرى ليصبحَ حديث العالم.

مقالات مشابهة

  • نجم أتلتيك بيلباو عن اقامة السوبر الاسباني في المملكة العربية السعودية "عار"
  • هيئة تطوير محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد الملكية تبرز السياحة البيئية بملتقى السياحة
  • البيئة: "الشمندورات" هي خط الدفاع الأول لحماية الشعاب المرجانية ودعم السياحة المستدامة بجنوب سيناء
  • محافظ جنوب سيناء: حريصون على استمرار رياضة الهجن لتنشيط السياحة
  • عامٌ من الإنجازات الثقافية لحماية الهوية الفلسطينية وإبرازها عربيًا وعالميًا
  • إطلاق حملة "غير جو" لتنشيط السياحة في جنوب الباطنة
  • “هيئة تطوير منطقة المدينة المنورة” تشارك في النسخة الثالثة من ملتقى السياحة السعودي
  • تطوير برنامج شامل للحفاظ على المواقع والمعالم التاريخية
  • السيسي: القمة «المصرية القبرصية اليونانية» تجسد العلاقات التاريخية التي تجمع شعوبنا
  • في صحراء المملكة.. 618 إعلاميًا ينقلون أحداث رالي داكار السعودية 2025