صندوق النقد.. و«دولرة» لبنان!
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
صندوق النقد.. و«دولرة» لبنان
توجد فرصة لإصلاحات شاملة، تعزز حوكمة مصرف لبنان، وتداول العملات الأجنبية وفقاً لأفضل الممارسات الدولية، وتوحيد سعر الصرف.
«الدولرة» ستسحق أصحاب الرواتب المقوّمة بالليرة، وستكرّس فقدان سيادة الدولة على اقتصادها.. لكنّها الحل الأخير المتاح خارج إطار الإصلاحات الشاملة؟!
برزت «غيرة» خبراء الصندوق للحفاظ على ليرة لبنان رمز السيادة النقدية، علما أن «الدولرة» منتشرة جدا، وتشمل 80% من الحركة التجارية والاستهلاكية لاقتصاد لبنان.
تستمر خطورة غياب سياسة نقدية منتظمة، حيث تكون «الدولرة الشاملة» الهروب المنطقي الوحيد ويكون طبيعيا أن تستوفي الدولة رسومها وضرائبها بالدولار كما تحاول أن تفعل في موازنة 2024.
تبرز مسؤولية مصرف لبنان في تحديد آلية الدفع لحفظ توازن الاستقرار النقدي والحد من تأثير ضغوط التضخم، مما يضطره لدفع الرواتب بالدولار بدل الليرة لعدم زيادة الكتلة النقدية البالغة 60 تريليون ليرة.
* * *
لعل أهم نصيحة وجهها صندوق النقد الدولي إلى حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي هي «إسقاط الدولرة» من موازنة 2024 للدولة اللبنانية، والتي اعترفت بوثيقة رسمية لاستيفاء بعض الرسوم، ولقاء سلة من الخدمات، بالدولار الأميركي.
وبذلك برزت «غيرة» خبراء الصندوق للحفاظ على الليرة اللبنانية، وهي «رمز» السيادة النقدية، مع العلم أن «الدولرة» منتشرة بشكل واسع، وتشمل نحو 80% من الحركة التجارية والاستهلاكية للاقتصاد اللبناني.
لكن بسبب «افتقاد الإرادة السياسية لاتخاذ مجموعة قرارات صعبة»، انتقدت بعثة الصندوق التي اختتمت مباحثاتها في بيروت يوم 14 سبتمبر الجاري، في بيان «شديد اللهجة»، تأخيرَ لبنان بدءَ مسار التعافي المالي، بتنفيذ الإصلاحات المتفق عليها منذ أبريل 2022، رغم وجود فرصة لإصلاحات شاملة، تهدف إلى تعزيز حوكمة مصرف لبنان، وعمليات تداول العملات الأجنبية وفقاً لأفضل الممارسات الدولية، وتوحيد سعر الصرف.
وبسبب هذا التأخير، يُترك لبنان (وفق رأي الصندوق، ويؤيده في ذلك وزير المالية يوسف خليل) في وضع ضعيف للقطاع المصرفي والخدمات العامة، وبنية تحتية متدهورة، وتفاقم في ظروف الفقر والبطالة، وتوسيع أكبر لفجوة الدخل، وعدم المساواة.. على أمل أن تنجز الحكومة الإصلاحات قبل عودة البعثة إلى بيروت في صيف العام المقبل، لمناقشة التطورات الاقتصادية والمالية.
وفي سياق مسار «الدولرة» والضغوط السياسية التي يتعرض لها مصرف لبنان لتمويل نفقات الدولة، يشعر حاكم المصرف بالإنابة وسيم منصوري بقلق شديد نتيجة انسداد الأفق السياسي أمام انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات، تستطيع تعيين حاكم أصيل يتولى شؤون السياسة النقدية الجديدة قبل نهاية العام الحالي.
خاصة أنه يتمسك بموقفه لجهة «وقف تمويل الدولة» بعد تراجع احتياطي العملات الأجنبية إلى نحو 8.5 مليار دولار، وهي أموال المودعين لدى المصارف التجارية في «الاحتياطي الإلزامي»، وذلك حرصاً منه على توفير الاستقرار لسعر صرف الدولار، ليبقى على مستوى 90000 ليرة.
ومع استمرار الوضع المالي المتدهور، تواجه الحكومةُ أول كل شهر مشكلةَ تمويل الدولة بمبلغ 100 مليون دولار، لدفع رواتب موظفي القطاع العام البالغة نحو 80 مليون دولار، إضافة لتغطية نفقات أخرى منها دعم الأدوية.
ومن هنا تبرز مسؤولية مصرف لبنان في تحديد آلية الدفع بشكل يحافظ على توازن الاستقرار النقدي والحد من تأثير الضغوط التضخمية، مما يضطره أحياناً إلى دفع الرواتب بالدولار بدلا من الليرة، لتجنب زيادة الكتلة النقدية البالغة حالياً نحو 60 تريليون ليرة.
ويمكن التحذير من استمرار خطورة هذا الوضع في غياب سياسة نقدية منتظمة، حيث تكون «الدولرة الشاملة» الهروب المنطقي الوحيد. وعلى هذا الأساس، يكون طبيعياً أن تحاول الدولة استيفاء رسومها وضرائبها بالدولار، كما تحاول أن تفعل أساساً في موازنة العام 2024.
وسيكون طبيعياً أن تشرّع وزارة الاقتصاد تسعير السلع بالدولار، أو أن يمتنع المصرف المركزي عن بيع الدولارات للدولة بحجّة «رفض تمويلها»، طالباً منها تأمين دولاراتها بنفسها.
هذا مع العلم بأن «الدولرة» ستسحق جزءاً من المقيمين من أصحاب الرواتب المقوّمة بالليرة، وستكرّس فقدان سيادة الدولة على اقتصادها.. لكنّها الحل الأخير المتاح خارج إطار الإصلاحات الشاملة.
*عدنان كريمة كاتب لبناني متخصص في القضايا الاقتصادية
المصدر | الاتحادالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: لبنان الدولار دولرة موازنة 2024 الليرة اللبنانية صندوق النقد الدولي مصرف لبنان مصرف لبنان
إقرأ أيضاً:
مدير صندوق مكافحة الإدمان يتوجه إلى فيينا للمشاركة في اجتماعات الأمم المتحدة
يتوجه الدكتور عمرو عثمان مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي اليوم الأحد إلى مدينة فيينا بدولة النمسا، للمشاركة في اجتماعات الدورة 68 الشق رفيع المستوى للجنة الدولية للرقابة على المخدرات المنعقدة بمقر مكتب الأمم المتحدة بمشاركة ممثلي غالبية دول العالم.
وترأس وفد الصندوق، ومن المقرر أن تفتتح الدكتورة غادة والى وكيل السكرتير العام للأمم المتحدة ورئيس منظمة الأمم المتحدة للجريمة والمخدرات بفيينا فعاليات الدورة لاجتماعات لجنة مكافحة المخدرات بالأمم المتحدة.
جدير بالذكر انه مدار السنوات الماضية حقق صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي ،نجاحا كبيرا في ملف مراكز علاج وتأهيل مرضى الإدمان وفقا للمعايير الدولية وكذلك البرامج الوقائية حتى أصبحت تجربة مصر من التجارب الرائدة على مستوى الإقليمي، وبدأت العديد من الدول تطلب مساعدة الصندوق في إعداد الخطط والاستراتيجيات لخفض الطلب على المخدرات على غرار التجربة المصرية، وعلى مدار الفترة الماضية زار صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي العديد من الوفود من دول الإمارات والسعودية والعراق والسودان وسلطنة عمان وغيرها من الدول للاطلاع على تجربة الصندوق انشاء مراكز العزيمة لعلاج وتأهيل مرضى الإدمان مجانا وفى سرية تامة وبرامج الدعم النفسي والتأهيل الاجتماعي والتمكين الاقتصادي للمتعافين من الإدمان في اطار تقديم خدمات ما بعد العلاج للحد من الانتكاسة وإعادة دمج المتعافين في المجتمع مره أخرى ،وكذلك في الوقاية المبكرة وتنفيذ الأنشطة التوعوية لحماية الشباب من الوقوع في براثن الإدمان