مع تعثر الاقتصاد.. ملايين النازحين في السودان يكافحون من أجل البقاء
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
بعد نحو شهرين من مغادرة شريف عبد المنعم منزله في العاصمة السودانية الخرطوم، بسبب الاشتباكات العنيفة التي كانت تدور حوله، اضطر الشاب البالغ من العمر 36 عاماً وأسرته المكونة من 6 أفراد للعودة إلى المدينة التي لا يزال القتال محتدماً فيها، بسبب ارتفاع الإيجارات وأسعار الطعام.
ولم يعد معظم من غادروا الخرطوم بعد اندلاع الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في منتصف أبريل (نيسان) الماضي إلى ديارهم، ويواجهون مخاطر سوء التغذية والفيضانات ولدغات العقارب، ويعتمدون على الصدقات ومساعدات الإغاثة الهزيلة للبقاء على قيد الحياة، مع تقلص مساعدات المجتمعات التي تستضيفهم بشكل متزايد.
وتشير أرقام الأمم المتحدة إلى نزوح أكثر من 5.25 مليون نسمة من سكان السودان البالغ عددهم 49 مليوناً منذ اندلاع القتال، وقد انتقل أكثر من مليون منهم إلى البلدان المجاورة، ولكن بقي أكثر من 4.1 مليون في السودان حيث يتعرضون لضغوط مالية متزايدة.
They face malnutrition, floods and scorpions as they depend for survival on handouts and meagre aid relief, the generosity of host communities stretched increasingly thin.https://t.co/pu7Fgysnt9
— The Star (@staronline) September 26, 2023واستأجر عبد المنعم منزلاً في منطقة بمدينة أم درمان المجاورة للخرطوم، وعلى الرغم من أن المنطقة لم تعد تدور بها اشتباكات لكن أصوات المدفعية لا تزال تتردد في جنباتها، وقال عبر الهاتف: "الولايات (خارج الخرطوم) آمنة لكن الأسعار والإيجارات مرتفعة ولا يمكننا الاستمرار في ذلك".
وأدى الصراع إلى ركود اقتصادي كبير في السودان، إذ تسبب في تعطيل معظم خدمات التجارة والنقل وإعاقة الزراعة ووقف صرف مرتبات عدد كبير من الموظفين، وإلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية.
وتعتمد البلاد الآن على ما تبقى من موارد ضئيلة لدعم السكان النازحين داخلياً الذين يصل عددهم إلى ما يقرب من 7.1 مليون شخص، إذا أضفنا إليهم المشردين بسبب الصراعات السابقة، وهو ما يتجاوز عدد النازحين في أي دولة أخرى حول العالم.
ويتوقع عمال الإغاثة أن ينتهي الأمر بمزيد من هؤلاء المستأجرين أو الذين يسكنون مجاناً بعد فرارهم من العاصمة، في ملاجئ جماعية مع نفاد أموالهم.
وقال عمر عثمان، المسؤول الحكومي في كسلا، "نحن شعب مضياف لكن الناس يتعاملون مع ما يفوق طاقتهم.. إذا استمرت الحرب، فإن هؤلاء الناس قدموا ومعهم مدخرات صغيرة، لذا سيحتاجون إلى مأوى"، وأضاف أن أسعار الإيجارات ارتفعت بشكل حاد في الولاية.
سوق العمل مشلولةوتعاني المجتمعات المستضيفة من تداعيات الصراع على الرغم من وقوعها في مناطق لم تتأثر كثيراً بالقتال.. وفي مدينة ربك، على بعد نحو 275 كيلومتراً جنوبي الخرطوم، كان عدد كبير من الشباب يحاولون كسب لقمة العيش من خلال عملهم في المصانع أو كعمال مياومين في العاصمة قبل اندلاع الصراع.
وقال أحد السكان ويدعى فضيل عمر: "سوق العمل مشلولة بالنسبة للسكان المحليين.. الخرطوم هي المحرك بالنسبة لبقية البلاد"، وأضاف أن النازحين في المدينة ممن لا يمكنهم دفع الإيجارات يسكنون في ملاجئ ذات جدران متداعية وتكثر بها العقارب، وأن العديد من الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية يموتون يومياً في مستشفى المدينة.. وعادت مجموعات كبيرة إلى الخرطوم.
وقالت ازدهار جمعة، وهي محامية ومتطوعة محلية، إن "في مروي التي تبعد 340 كيلومتراً شمالي الخرطوم، شهد العمال والمزارعون نضوب مصادر دخلهم، بينما يكابد المتطوعون المحليون لتوفير وجبات أساسية للنازحين الذين ينام بعضهم على أرائك أو طاولات".
وقال إبراهيم البدوي، وهو وزير مالية سوداني سابق وباحث اقتصادي، إن الضرر في البنية التحتية في المناطق الثلاث الأكثر تضرراً من الحرب، وهي الخرطوم ودارفور وكردفان، قد تبلغ قيمته 60 مليار دولار أو 10% من قيمة البنية التحتية الإجمالية. ووفقاً لتقديراته فقد ينخفض الناتج المحلي الإجمالي هذا العام 20%.
وذكر "إذا توقفت الحرب فسيكون السودان في حاجة لدعم اقتصادي عاجل بين 5 و10 مليارات دولار لإنعاش الاقتصاد"، وأضاف "استمرار الحرب سيؤدي إلى تدمير الاقتصاد والدولة السودانية".
نقص في جهود الإغاثةوارتفعت أسعار الكثير من المنتجات منذ بدء الحرب.. وانخفضت العملة إلى 900 جنيه سوداني مقابل الدولار في السوق السوداء في مدينة بورتسودان المطلة على البحر الأحمر، وهي مقر لمسؤولي الحكومة وموظفي الإغاثة، مقارنة مع نحو 560 جنيهاً في أبريل (نيسان) الماضي.
وقال عمر خليل، الذي فر من أم درمان إلى بورتسودان في يونيو (حزيران) الماضي مع زوجته وأطفاله الثلاثة: "الداعم الأساسي للشعب السوداني هم العاملون في الخارج.. شايلين المسألة على كاهلهم وهي مسألة ما سهلة، لكن ده الحاصل حالياً، ودي مسألة إذا استمرت ما يمكن أن تستمر على طول".
وكان خليل وزوجته معلمين، لكنهما الآن يصنعان المثلجات في المنزل لبيعها إلى المتاجر، وهناك نقص شديد في تمويل جهود الإغاثة الدولية للسودان، إذ تقول الأمم المتحدة إنه لم يُقدم سوى أقل من 25% من 2.6 مليار دولار مطلوبة هذا العام حتى منتصف أغسطس (آب) الماضي، ويقول موظفو الإغاثة إن عمليات تقديم المساعدات واجهت عراقيل أيضاً بسبب الروتين الحكومي وانهيار الخدمات والأمور اللوجستية التي تتمركز في العاصمة.
وتشعر السلطات بالقلق بشأن عمليات الإغاثة التي يقوم بها متطوعون محليون وتريد إيواء النازحين في مخيمات، لكن ويل كارتر من المجلس النرويجي للاجئين قال إنه لا توجد أموال لإدارة تلك المخيمات على النطاق المطلوب، وأضاف أنه في أنحاء السودان تم إجلاء بعض النازحين المستأجرين، بينما لا يزال معظمهم يقيم مع العائلات أو غرباء.
وقال: "سوف نصل إلى طريق مسدود.. الناس الذين يستوطنون تلك المدن سيعيشون معوزين فيها".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني أحداث السودان النازحین فی
إقرأ أيضاً:
جنوب السودان يحقق في إطلاق نار بمنزل رئيس المخابرات المقال
الخرطوم - تحقق قوات الأمن في جنوب السودان، الجمعة22نوفمبر2024، في إطلاق نار في منزل رئيس المخابرات السابق أكول كور، الذي أقيل من منصبه قبل شهرين تقريبا وسط شائعات عن مؤامرة انقلابية.
اندلع إطلاق نار، مساء الخميس، في جوبا، عاصمة أحدث دولة في العالم والتي تعاني من صراعات على السلطة، وصراعات عرقية، وأزمة اقتصادية عميقة.
واستمر إطلاق النار حول منزل كور، الذي أقاله الرئيس سلفا كير في أوائل أكتوبر/تشرين الأول ثم وضعه تحت الإقامة الجبرية، نحو ساعة، بحسب صحافي في وكالة فرانس برس.
وقال مراسل وكالة فرانس برس إن قوات عسكرية انتشرت بكثافة حول منزله في منطقة ثونغبيني الجمعة، لكن حركة المرور استؤنفت وعاد الناس إلى ممارسة أعمالهم اليومية.
ونقلت صحيفة سودانس بوست عن مصدر عسكري قوله إن كور اعتقل بعد قتال عنيف أسفر، حسبما ورد، عن مقتل وإصابة العشرات من جنوده.
وقال المتحدث باسم قوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان لول رواي كوانغ لوكالة فرانس برس إن كور "لا يزال في منزله"، نافيا مزاعم متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي بأن كور فر إلى مجمع الأمم المتحدة في جوبا.
- سوء فهم -
وقال المتحدث باسم الشرطة جون كاسارا إن الوضع هادئ الآن لكن ثونجبيني لا تزال مغلقة ويجب على السكان "أن يظلوا يقظين".
وفي تنبيه لموظفيها على الأرض يوم الخميس، قالت الأمم المتحدة في جنوب السودان إن إطلاق النار مرتبط باعتقال رئيس التجسس السابق ونصحت الناس بالاحتماء.
أصبح كور رئيسا لجهاز الأمن الوطني بعد استقلال جنوب السودان في عام 2011، ولكن تم إقالته في أكتوبر/تشرين الأول، مما أثار تكهنات واسعة النطاق بأنه كان يخطط للإطاحة بكير.
وقال كوانج يوم الخميس إن إطلاق النار كان بسبب "قواتنا الأمنية التي تم نشرها هناك لتوفير الأمن الإضافي".
وقال إن هناك "سوء تفاهم" بين مستويين من الأمن الذين يوفرون الحماية لمنزل كور.
وقال كوانغ "لا نعرف ما حدث وأن سوء التفاهم تحول إلى إطلاق نار"، مضيفا أن جنديين أصيبا بالرصاص في القتال قبل احتواء الموقف.
وجاءت إقالة كور بعد أسبوعين فقط من تأجيل الحكومة مرة أخرى لمدة عامين، حتى ديسمبر/كانون الأول 2026، وهي الانتخابات الأولى في تاريخ البلاد.
وأدى التأخير إلى إثارة غضب المجتمع الدولي، الذي ظل يضغط على قادة البلاد لاستكمال العملية الانتقالية، بما في ذلك توحيد القوات المسلحة المتنافسة ووضع دستور.
ويكافح جنوب السودان للتعافي من آثار الحرب الأهلية الوحشية التي اندلعت بين القوات الموالية لكير ونائبه الحالي ريك مشار من عام 2013 إلى عام 2018 وأسفرت عن مقتل نحو 400 ألف شخص ونزوح الملايين من ديارهم.
إنها تظل واحدة من أفقر البلدان وأكثرها فسادًا على هذا الكوكب، وتستمر في المعاناة من عدم الاستقرار المزمن والكوارث المناخية.
Your browser does not support the video tag.