انتهاء مهلة الاتفاق الأمني.. هل تقصف طهران المعارضة الكردية بالعراق؟
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
طهران – هواجس إيرانية عدة بشأن قدرة العراق على تفكيك الجماعات المعارضة لطهران داخل كردستان العراق، وهو ما يطرح سيناريوهات عودة القصف الإيراني لشمال العراق، ما يعني انهيار الاتفاق الأمني بين البلدين.
وفي مارس/آذار الماضي توصل البلدان لاتفاق أمني يقضي بنزع سلاح الجماعات الكردية ونقلها إلى أماكن أخرى وإغلاق مقارها العسكرية، مقابل إيقاف طهران عملياتها العسكرية داخل الأراضي العراقية، وذلك بعد سلسلة من القصف الصاروخي والمدفعي الإيراني على مقرات المعارضة الكردية الإيرانية التي تتخذ من منطقة كردستان العراق مقرا لها.
وحدد الجانبان 19 سبتمبر/أيلول الجاري موعدا لتنفيذ بنود الاتفاق، الذي تعهد بموجبه العراق "بعدم السماح للجماعات المسلحة باستخدام أراضيه في إقليم كردستان لشن أي هجمات عبر الحدود على جارته إيران".
وتوعدت الخارجية الإيرانية حينها أنه "إذا لم ينفذ الاتفاق في موعده، فسنقوم بمسؤولياتنا تجاه الجماعات الإرهابية في كردستان العراق"، على حد قولها.
ويتفق خبيران إيرانيان على أن صعوبة تفكيك الجماعات الكردية المعارضة لبلادهما في إقليم كردستان العراق، تعقد مهمة بغداد في تنفيذ اتفاق الأمني المبرم مع طهران، وأكدا احتمال تكرار القصف الإيراني لمقار تلك الجماعات مستقبلا.
فهل تنجح إيران في تكرار تجربة إخراج عناصر منظمة "مجاهدي خلق" (تعتبرها جماعة إرهابية) من العراق عام 2013، أم أن المستقبل يحمل سيناريوهات مختلفة؟
تعليق الجانبينتصنّف إيران أحزابا كردية معارضة لها تتمركز في شمال العراق -مثل حزب الحياة الحرة لكردستان، والحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، وحزب كوملة- بأنها "إرهابية مسلحة"، متهمة إياها بالعمل على تجزئة البلاد وانفصال المناطق الكردية عن الجمهورية الإسلامية.
وبحلول المهلة الزمنية المُحدّدة لتنفيذ الاتفاق الأمني، أعلنت اللجنة العراقية العليا المسؤولة عن تنفيذ الاتفاق الأمني مع طهران "إخلاء مكاتب تلك المجموعات المناهضة لإيران قرب حدود البلدين ونزع سلاحها ونقلها إلى أماكن بعيدة عن الحدود"، مشيرة إلى أن "أفراد هذه المجموعات سيُعتبرون لاجئين وفق ضوابط مفوضية اللاجئين".
في المقابل، قال رئيس الأركان الإيراني اللواء محمد باقري، إن "العراق لم ينفذ الاتفاق المبرم بين الجانبين"، مضيفا أن "نص الاتفاق الأمني يشير بصراحة إلى ضرورة نزع سلاح وطرد هذه التنظيمات الإرهابية الانفصالية من إقليم كردستان ومن كافة أرجاء العراق، لكن ما حصل هو إبعاد هذه التنظيمات قليلا عن حدودنا".
وفي تصريحات صحفية، أضاف المسؤول العسكري الإيراني أن "الرئيس إبراهيم رئيسي قد أوعز إلينا بالتريث بضعة أيام إضافية، قبل أن نوفد بعض اللجان للتأكد من نزع سلاح هذه الجماعات المسلحة بالكامل، وحينها سنتخذ القرار اللازم".
إنجاز نسبي
في هذا السياق، كشف القيادي السابق بالحرس الثوري الإيراني العميد المتقاعد حسين كنعاني مقدم، أن بلاده قد أوفدت فريقا من الخبراء إلى منطقة كردستان العراق لمعاينة ما تم إنجازه ميدانيا، مشيرا إلى نجاح نسبي للإرادة الإيرانية، تمثل في إبعاد المعارضة الكردية عن الحدود المشتركة، ونقلها إلى عمق الأراضي العراقية في إقليم كردستان العراق، ونزع أسلحتها الثقيلة وسيطرة الجيش العراقي على الشريط الحدودي.
وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح كنعاني مقدم أن التقارير التي أضحت بحوزة طهران تؤكد أحجام جزء من المعارضة الكردية عن الامتثال لبنود الاتفاق الأمني، وبالتالي فإن ما تم تنفيذه لا يلبي الطموح الإيراني المنصوص عليها في الاتفاق؛ وهي منع تسلل المليشيات الكردية الإيرانية المعارضة وإبعاد عناصرها عن الحدود المشتركة، وإزالة معسكراتهم ونزع السلاح، وتسليم المطلوبين الذين تؤكد طهران تورطهم في "أعمال إرهابية داخل أراضيها"، وفق وصفه.
وتحدث القيادي السابق بالحرس الثوري، عن تفاهم بين طهران وبغداد لتنفيذ الاتفاق على 3 مراحل، لا تشكل سيطرة القوات العراقية على الشريط الحدود وإبعاد المسلحين عن الحدود سوى المرحلة الأولى منه، مؤكدا أن إيران عازمة على نزع سلاح المليشيات بالكامل خلال المرحلة الثانية، وإخراج المسلحين نهائيا وتسليم المطلوبين في المرحلة الأخيرة.
مهمة معقدة
وكشف المدير العام لوكالة "نكاه نو" الإيرانية مهدي عزيزي، أن عددا من كبار القيادات العسكرية للمعارضة الكردية قد غادرت العراق إلى الدول الأوروبية، وأن عددا آخر من قياداتها الوسطى رفضت الانتقال إلى المعسكرات التابعة للأمم المتحدة.
وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح عزيزي أنه قد لمس جدية عراقية لتنفيذ الاتفاق الأمني خلال مرافقته لوفد إيراني التقى مؤخرا عددا من المسؤولين العراقيين في بغداد، مستدركا أن بعض عناصر المعارضة الكردية الإيرانية تحظى بدعم سياسي من قبل بعض القوى السياسية في إقليم كردستان العراق.
وأضاف أن بعض الجماعات الكردية المعارضة قد اندمجت في النسيج الكردي شمالي العراق على النقيض من إرادة بغداد، مؤكدا صعوبة تفكيك الجماعات المعارضة لبلاده في إقليم كردستان العراق؛ ما يعقد مهمة بغداد في تنفيذ الاتفاق الأمني بحذافيره.
وشاطر عزيزي العميد المتقاعد "حسين كنعاني مقدم" رأيه بشأن إمكانية تكرار القصف الإيراني لمقار بعض الجماعات الكردية في إقليم كردستان العراق مستقبلا، مؤكدا أن بلاده ستبقي الخيار العسكري لتحييد مخاطر المعارضة الكردية، "لأن الاتفاق الأمني يسمح لطهران بتدمير هؤلاء الإرهابيين إذا لم يفِ العراق بوعده"، وفق تعبيره.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی إقلیم کردستان العراق المعارضة الکردیة الجماعات الکردیة الاتفاق الأمنی عن الحدود
إقرأ أيضاً:
ما تداعيات استمرار حظر تصدير دواجن إقليم كردستان العراق؟
يعاني قطاع الدواجن في إقليم كردستان العراق من أزمة متكررة، تتمثل في حظر تصدير منتجاته إلى المحافظات الأخرى في البلاد، على الرغم من الجودة العالية للمنتجات الكردستانية والطلب المتزايد عليها.
وحسب مسؤولين بالإقليم، فقد تسببت هذه القرارات المتكررة في خسائر فادحة للمزارعين، أثرت سلبا على الاقتصاد المحلي.
ووفق إحصائيات مديرية الثروة الحيوانية بوزارة الزراعة في الإقليم، فإنه يوجد نحو 2000 مزرعة دواجن في كردستان العراق، منها 850 مزرعة في السليمانية.
وينتج الإقليم 250 ألف طن من الدواجن سنويا، ويستهلك 147 ألف طن، أما الباقي وهو 103 آلاف طن فيُعد للتصدير.
قطاع الدواجن بإقليم كردستان العراق يعاني من حظر تصدير منتجاته إلى المحافظات الأخرى (رويترز) حماية المنتج المحلييؤكد مستشار رئيس الوزراء لشؤون المحافظات محمد المسعودي أن حظر توريد الدواجن الحية من إقليم كردستان إلى باقي المحافظات يعود إلى 4 أعوام مضت، وذلك بسبب انتشار فيروس الطيور، مشيرا إلى أن هذا الحظر لا يزال ساري المفعول حتى الآن، على الرغم من رفعه بشكل مؤقت عدة مرات.
ويقول المسعودي، في حديث للجزيرة نت، إن هناك أسبابا أخرى لمنع دخول الدواجن الحية إلى محافظات بغداد والوسط والجنوب والمناطق الغربية، من أبرزها كثرة عمليات التهريب من الدول المجاورة، مما يؤدي إلى انخفاض الأسعار وتضرر المنتج المحلي، مضيفا أن الحكومة تسعى لحماية المنتج المحلي من خلال هذه الإجراءات.
ويشدد على أن أسعار الدواجن لن ترتفع، وذلك بسبب توفر كميات كبيرة من الإنتاج المحلي، خاصة من شركة الصحارى وغيرها من المربين المحليين، مبينا أن هذه الكميات كافية لتغطية احتياجات السوق المحلية كافة، بما في ذلك محافظات بغداد والوسط والجنوب والمناطق الغربية.
ويشير المسعودي إلى أن مربي الدواجن في إقليم كردستان العراق رفعوا دعوى أمام المحكمة الاتحادية قبل عدة أشهر، معتبرين أن هذا الحظر مخالف للدستور والقانون، مؤكدا أن المحكمة الاتحادية ستنظر في هذه الدعوى.
إعلانوقرر اتحاد مربي الدواجن بإقليم كردستان العراق، في 30 أغسطس/آب العام الماضي، تقديم شكوى إلى المحكمة الاتحادية في بغداد، مطالبين برفع الحظر عن تسويق منتجاتهم في محافظات الوسط والجنوب، معللين الأسباب بأن الجهات المعنية قد فشلت في حل الأزمة التي ألحقت خسائر كبيرة بهذا القطاع الحيوي.
حلول مؤقتةمن جانبه، أكد مدير عام زراعة أربيل هيمن سيد مراد أن جميع الأسباب التي أعلنتها الحكومة الاتحادية لحظر تصدير منتجات الدواجن من إقليم كردستان لا أساس لها من الصحة، مشيرا إلى أن المنتجات تخضع لإشراف ومتابعة صارمة لضمان مطابقتها للمواصفات العالمية، وأنها لا تعاني من أي مشاكل.
وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف مراد أنه لا يوجد أي مبرر منطقي لقرار حكومة بغداد بمنع تصدير الدواجن والبيض إلى محافظات وسط وجنوب العراق، موضحا أن منتجات الإقليم تتمتع بشعبية كبيرة بسبب جودتها العالية، وبالتالي فإن هذا الحظر يعتبر قرارا تعسفيا يتكرر بشكل مستمر، وفق وصفه.
إنتاج إقليم كردستان من الدواجن والبيض يفوق الحاجة المحلية (رويترز)وأشار مراد إلى أن وفود الزراعة من الإقليم تتوجه إلى بغداد بشكل دوري لمناقشة هذا الملف والبحث عن حلول جذرية، ولكن الحلول التي يتم التوصل إليها غالبا ما تكون مؤقتة، لافتا إلى أن ممثلي الإقليم في البرلمان الاتحادي يبذلون كذلك جهودا كبيرة لفتح هذا الملف.
وأكد مراد أن دائرتي الزراعة والثروة الحيوانية في أربيل تقومان بمراقبة مستمرة لكافة مزارع الدواجن، وتشمل هذه المراقبة العلف والتغذية والعلاج والنظافة، وذلك لضمان أعلى معايير الجودة.
وأضاف أن إنتاج الإقليم من الدواجن والبيض يفوق الحاجة المحلية، فهنالك 570 حقل دواجن، إضافة إلى 17 مشروعا لإنتاج البيض في محافظة أربيل فقط، مما يتطلب تصدير الفائض إلى المحافظات الأخرى.
إعلانوطالب مراد الحكومة الاتحادية برفع الحظر وتسهيل عملية التصدير، مشيرا إلى أن هذه الخطوة ستدعم اقتصاد الإقليم، وستكون رسالة إيجابية.
وأعرب عن استغرابه من استمرار الحكومة الاتحادية في استخدام القوانين بطريقة غير صحيحة للتشكيك بجودة منتجات الإقليم، رغم تقديم كافة الضمانات بشأن جودتها.
خسائر فادحةوكشف رئيس جمعية مربي الدواجن في الإقليم ناظم عبد الله عن تكبد المزارعين في كردستان خسائر فادحة جراء الحظر المفروض على تصدير الدجاج إلى المحافظات العراقية منذ 8 أشهر.
وأشار عبد الله إلى أن إقليم كردستان يضم حاليا نحو 50 مليون دجاجة بيّاضة، وأن العديد من التجار استثمروا في هذا القطاع الحيوي، لكن الحظر المفاجئ قضى على آمالهم وألحق بهم خسائر كبيرة بسبب بيع المنتج بسعر أقل من التكلفة.
وأضاف عبد الله أن الجمعية تعمل جاهدة لإيجاد حلول لهذه الأزمة، محذرا من فقدان 500 ألف فرصة عمل في حال استمرار الحظر.
وأكد أن استمرار الحظر والتحديات الأخرى، مثل انتشار الأمراض، أدى إلى ارتفاع كبير في تكاليف الإنتاج وانخفاض في الأسعار، مما أجبر المزارعين على بيع منتجاتهم بخسارة.