لجريدة عمان:
2024-11-27@12:27:44 GMT

الأيقونة

تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT

الأيقونة

تأتي من الريف حافية القدمين مثل الفلاحين

وقد علقت أنداء العشب بكعبها العاجي

وعلى كتفيها النحيلين

ينسدل الشعر المائج كسنابل الذرة

تأتي هكذا وهي تسوق خلفها قطيعا من الماعز القديم

مثل جدتها (عشتار)

المصابة بالوله الرعوي

يكفي أن تمد أصابعها التي تشبه أفواف الزهر

لينسكب المطر

توقد الذكرى بلهب الحب الصادق

منذ سنين

حين انسكب شلال الذهب على شالها الأحمر

على ضفاف بحيرة الحزن الساجي

كان يكفي أن تهز مهد طفلها

لتهتز أغصان الثورة الطرية

على جدائلها

مكثت غير بعيد

وحبكت كل هذه الذكرى المؤلمة لنشيد رعاة حفاة

وأهازيج جيش التحرير

كغمامة مغموسة بالندى كانت تهذي

هذه السهول لي

هذه الوديان ناصعة الخضرة لي

وهذا الجبل نشيج حنيني لي

ولي من جدائل الحقول وردة حمراء

تذكرني بوجعي

عشرون عاما وأنا أقاتل في الميدان

دفاعا عن متاريس الرفاق

الذين رحلوا تاركين أناشيدهم في دمي

تتحجر وتجمد في حناجر الرعاة

القاطنين في سواحل أرض (سأكلهن)

موطئ أقدام الآلهة.

سليلة الآلهة الحنونة

لم يجد إليها الإغريق والرومان سبيلا

لأنها محصنة بزبد البحر الذي يزأر تحت أوتاد الجبال

من قصة حبها الشهيرة لراعي الإبل الجبلي

استلهم الأولون أساطيرهم

قالت لها جدتها عند الموقد

لا تحلي ضفائرك أمام أي غريب

تتدلى النشوة من ذهب الأصابع

حين تداعب غصن تينة مسنة

كلما وقعت عيناها على عشب أخضر

نابت على حواف الدروب

تنهدت وتلمست أثر القيد على معصميها

وطفرت دمعة من مقلتيها

وتعلقت بين الأهداب

وعلى بلور الدمعة الحائرة

ترتسم كلمات بين أوسان اليأس المضيء

الذي لا ينطفئ:

عشرون نشيدا ثوريا يعصف بالذاكرة

كما تفعل الأعاصير تماما

ثم تهدأ

وتلملم ندى الليل المثقل

من أهداب العشب المبلل بأقدام الثوار

تحاول مجاراة الواقع والسكون

مع الألم والتعود عليه قطرة قطرة

فينسكب الحزن الجارف من المخيلة النازفة

وينفجر ينبوع الشجن والحنين

ولم يرف لها جفن

بعد عشر سنين

وهي تسلم أبناءها المحاربين

واحدا تلو الآخر

إلى مقصلة الطغاة.

حفيدة (عشتار)

سليلة الآلهة المخضبة بحناء الحب والخصب

تمد أصابعها العشر

الشبيهة بدوالي العنب

فيساقط المطر فوق التلال

ومع اهتزازات صدرها الناهد

ومخابئ أنوثتها العميقة

يستلهم الشعراء ألحانهم

حين تنهمر بكل جلال

على حواف المنحدرات المنسكبة.

من على (تلة الزيتون)

في بدايات (قيصص أديين)

على القوس المنحني أمام الأفق الدامي

حيث تلمست عقد اللازورد

الذي يزين عنقها الفاخر

كتمثال سماوي

وهناك أيضا

تتدلى حروف اسمها

كمشكاة قناديل مضيئة

تبعث على الزهو والاخضرار الأبدي

سلسلة فنارات تهدي السفائن في ليل حالك

مشطا من الرصاص المعلق على كتف مناضل:

الطاء؛

طير يحلق في السماوات

ولا يرتطم ريشه على أسوار القلاع

الفاء؛

فجر يستنطق الكائنات

أفيقي وانثري عبق الحب في الأغنية

الواو؛

وهج المسيرات على حافة الجمر

حيث الطريق إلى الخلود

اللام؛

لبان طهور مصفى

تساقطت حبات دمعه من الغصن

فملأ الأرجاء بالذكرى والقداسة.

القادمة من أطراف الغيم

على أجنحة النسور

حتى تطأ التربة المحناة بالصلصال والآلم والأمل

وأنا في غربتي أراقبها عن بعد

ولي كل هذا الهجير والضحى والأغصان اليابسة في السفوح

من لي بمنديل بحجم القمم السابحة فوق الأفق

لأمسح هذه الدموع التي تهطل على خديك

سوف آوي إلى ركن شديد

لأتمكن من العبور

إلى مرافئ حزنك النبيل

في منتصف الليل

حين ينعس القمر الساهر

تجوب الطرقات والمسالك

بين الأتربة وحواف الطين الأزرق

بلون القلق المتماسك

بين أنياب الذكرى والحنين

وكما تفعل الراعيات القديمات

وقد تمنطقت بالأتعاب حول خصرها

وعقصت شعرها بالخمار

في الهزيع الأخير من الليل

حين تلتف البِتلات وأكمام الزهر

بقطر الندى

ويترك القمر ما تبقى من وهن شعاعه

الباهت مختلطا بأزيز أحلام الذئاب

وكلبؤة جريحة تأرز إلى عرينها

بكل كبرياء الصلف المتبقي

ورعونة الصدأ الجاف على صدغيها

تتفقد صغارها في طرف الكهف

تقطر حزنها العتيق في جرار الفخار

وعلى أطراف أصابعها تخطو بحذر

في أحراش الملكوت

وتغني مع السوسن والحبق المبيض في أكناف السهل

حزني يدب في وديان الذكرى

ويحلق بعيدا مع الغيم الساجي .

العيون الشهلاء تحبس الدمع مع البسمة الطافية

وينسكب الغروب مع الشعر السبط الهائج في البرية

كأنه قطيع ظباء

كأعراف خيول الفرسان

وأصابع الكف البريء تلتم لتشكل حبرا غامضا

قصيدة ملوحة لشروق قادم

وعلى الكتف النحيل تنتصب البندقية

كقوس مشحون

تطل من زمن عملاق

حين يقف الحفاة الضامرون

في وجه الطغيان

وعلى حناجرهم يشدو الجرح القديم

بنشيد الممرات الصعبة

وسط الأشواك

حين وضعت يدها على صدرها

وأقسمت بكل الليالي الحالكة

بكل العيون التي أطفأ بريقها الظلم

بالشرف الرفيع

بالغربة

والحنين الجارف

بالشجن المنساب بعذوبة الهدأة الأولى

بكل قطرة دمع اختلطت بالصلصال

بالنشيج الحي الهادر من حناجر الثوار

بالدرجات الست فوق قبور الشهداء

أمام القلعة والسارية.

علي بن سعيد العامري شاعر وكاتب عُماني

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

قواعد الحب

 

 

جابر حسين العماني

jaber.alomani14@gmail.com

 

تواجه الحياة الزوجية العديد من التحديات المختلفة، ومنها المشاكل التي قد تؤثر على استقرارها وسعادتها، وهو أمر طبيعي قد يحصل لكل أسرة في المجتمع، إذ لا يوجد أحد في عالم الإنسان معصوم عن الخطأ، وللتغلب على تلك التحديات والمشاكل ينبغي على الزوجين التسلح بنور العلم والحكمة والمعرفة؛ فالأزواج المتعلمون هم الوحيدون القادرون على إحداث التغيير الإيجابي في حياتهم الزوجية.

هناك مبادئ أساسية لا بد من الإيمان بها والعمل على توفيرها وذلك لتسير الحياة الزوجية بأحسن حالاتها نحو حياة أفضل وأجمل، بعيدًا عن مساوئ الجهل والأفكار المدمرة، التي قد تضعف الحياة الزوجية وتخرجها عن السيطرة، وتسمى تلك المبادئ بـ"قواعد الحب" وهي قواعد راقية وجميلة تجعل من الحياة الزوجية آمنة ومستقرة، فيها الكثير من درجات الحب والعطف والحنان بين الأزواج، وهنا نذكر أهم خمسة قواعد زوجية ينبغي التعامل بها من أجل تحقيق حياة زوجية أفضل وأكمل وأجمل وهي كالاتي:

القاعدة الأولى: حفظ الميثاق الزوجي: وهو مراعاة الحياة الزوجية والحفاظ عليها بحيث يكون كل من الزوجين وفيًا ومخلصًا للآخر، وذلك بتحمل كل منهما مسؤولياته الزوجية، والتي من أهمها ضبط المشاعر والانفعالات وتقديم مصلحة الأسرة على المصالح الشخصية، والاهتمام بالحوار الهادئ وتجنب الصدامات التي قد تطرأ على الحياة الزوجية بين الحين والآخر، وجعل الدين وتعاليمه المرجع الأساس لحل المشكلات، بحيث يكون الزوجان مرتبطين معًا في السراء والضراء، مؤمنان بأهمية إرساء ثقافة الاعتذار بينهما، وعدم السماح لأي كان بالتدخل في حياتهما الزوجية إلا عند الضرورة القصوى، والعمل على السير بصدق واجتناب الكذب، وعدم إظهار الخلافات أمام أفراد الأسرة، وذلك هو ميثاق لا بد من العمل على تحقيقه من أجل حياة زوجية خالية من المنغصات الحياتية التي قد تعصف بالحياة الزوجية. القاعدة الثانية: المحبة والمودة: وهي من أهم القواعد الإيجابية التي تزرع السكينة في نفس الزوجين وتقربهما من بعضهما البعض، والتي ينبغي تفعيلها بمفاتيح النجاح، وهي: التقدير والاحترام والاخلاص والتعاون والتشجيع والتفاهم والإعجاب والطاعة والسكن، فتلك هي احتياجات ضرورية يحتاجها كل من المرأة والرجل في حياتهما الزوجية لبناء أسرة قوية ومتماسكة. القاعدة الثالثة: حق العلاقة الحميمة: وهي من القواعد الرئيسية في الحياة الزوجية، والتي تتطلب من الزوجين الاهتمام بالنظافة الجسدية، والظهور بالمظهر الأنيق، والمحادثة الهادئة، وأداء الحق بأفضل ما يكون، واستغلال تلك اللحظات بخلق الأجواء المريحة، والإعداد لتلك الأجواء، وتجنب كل ما يُسيء للعلاقة الحميمة بين الزوجين، وقد ورد أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: "يا رسول الله؛ ما حق الزوج على المرأة؟ فقال لها: (أَنْ تُطِيعَهُ وَلاَ تَعْصِيَهُ، وَلاَ تَتَصَدَّقَ مِنْ بَيْتِهَا بِشَيْءٍ إِلاَّ بِإِذْنِهِ، وَلاَ تَصُومَ تَطَوُّعًا إِلاَّ بِإِذْنِهِ، وَلاَ تَمْنَعَهُ نَفْسَهَا...". القاعدة الرابعة: الإيمان المطلق بأهمية الحوار البناء بين الزوجين؛ فالحوار له دور كبير في خلق الأجواء المريحة في الحياة الزوجية، ولكن بشرط أن يكون مبنيًا على الحديث بلغة واضحة، وصوت معتدل، وتحديد الأهداف، والتي من أهمها: الإيمان بالاحترام والأدب، وتقبل الاختلاف في الرأي والتفكير فيما يُطرح، وتقبل المداخلات، وتجنب الكلمات التي فيها أذية للآخر، والابتعاد عن الصراخ والانفعال والغضب والعناد والتعصب للرأي ونبش الماضي، فتلك موارد يجب الابتعاد عنها، فهي لا تعود على الحياة الزوجية إلا بمزيد من التأزيم والتعقيد والفرقة. القاعدة الخامسة: الاعتراف بالخطأ: وكما قيل الاعتراف بالخطأ فضيلة، والإنسان المتزوج هو الآخر ليس بمعصوم عن الوقوع في فخ الأخطاء الزوجية، ولكن يجب عليه الاعتراف بذلك والتنازل عن الكبرياء قليلًا، والتواضع للآخر، فلا بد للإنسان أن يسامح ويعتذر وأن يتجنب الكذب والعناد والتكبر في حياته الزوجية، وذلك لينال ثقة الآخر واحترامه وإجلاله، فثقافة الاعتراف بالخطأ هي ثقافة راقية يجب تفعيلها في الحياة الزوجية للحصول على حياة سعيدة وهانئة.

إنَّ الحياة الزوجية ليست هي بالحياة الوردية كما يعتقد البعض، بل هي بحاجة ماسة إلى فن إدارة الحياة بالحكمة والعطاء بلا حدود، والتركيز على تطبيق قواعد الحب، ولا يتحقق ذلك إلا بالتفاهم بين الزوجين، وتقديم التنازلات، والعمل على الأولويات، والسير بخطى ثابته وفق التعاليم الدينية والأخلاقية التي أرادها الله تعالى، وليس ما يبثه الغرب من تعاليم بعيدة عن القيم والمبادئ الدينية والإسلامية.

** عضو الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • إدارة النصرية تُحيي الذكرى الـ42 لمأساة ملعب 20 أوت
  • الأنثى السِّيجْمَا
  • هل انتهت قصة الحب بين صلاح وليفربول؟
  • ‏«خيالك ما فارقنيش».. نجل طارق عبد العزيز يحيى ‏الذكرى الأولى لوفاة والده (صورة)‏
  • في الذكرى الرابعة لرحيله: الإمام الصادق قائد معركة الديمقراطية ومناهضة الإستبداد 
  • رئيس الجمهورية يشرف على مراسم إحياء الذكرى الـ 50 لتأسيس الإتحاد الوطني للفلاحين
  • قواعد الحب
  • شاهد.. نابولي يكرم مارادونا في الذكرى الرابعة لرحيله
  • ليل يعزز «الرابع» في «الذكرى 80»!
  • إدارة أمن المحويت تُحيي الذكرى السنوية للشهيد