الخليج الجديد:
2025-04-30@08:08:18 GMT

على أعتاب نظام دولي جديد

تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT

على أعتاب نظام دولي جديد

على أعتاب نظام دولي جديد

شهدت بداية الخمسينات، أثناء عهد الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور استراتيجية إزاحة الاستعمار التقليدي والحلول محله.

تفرد أمريكا بالهيمنة، كان حدثاً استثنائياً، وليس له سابقة في التاريخ. فمثل هذا التربع يلغي مبدأ صراع الإرادات، الذي هو قانون إنساني.

كان العصر الذهبي للحياد الإيجابي، قد أخذ مكانه في الفترة التي ترصنت فيها العلاقات الدولية، وقبل تضعضع قوة الاتحاد السوفييتي، وتغول الأحادية القطبية.

كيف سيكون مشهد الخريطة السياسية العربية القادمة؟ هل نتمكن من عبور نفق الأزمة؟ أسئلة صعبة ومحكومة عربياً بصراع الإرادات والوعي والقدرة على الفعل.

الوجود لا يقبل الفراغ. ففي ظل غياب ترصين العلاقات الدولية، وعدم اتفاق الكبار على القسمة، تنتشر الفوضى، وتستباح الأعراض، ويستهان بالكرامة الإنسانية.

بؤس مرحلة الفوضى الانتقالية، لا يدفع إلى التشاؤم، فهي حقبة قصيرة، والعالم بأسره ومن ضمنه العرب، يستعد لمرحلة قادمة، ستشهد ترصيناً ووضوحاً بالعلاقات الدولية.

يفترض أن تجد الأمة فرصتها في التحرر أثناء ضعف الامبراطوريات الكبرى لكن بسبب ضعف مقاومتها وهشاشة هياكلها الاجتماعية تعجز عن الاستفادة من صراعات الكبار فتقع ضحية القسمة بينهم.

* * *

ما كان لليقظة العربية، التي بدأت طلائعها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ضد المركزية العثمانية أن تأخذ مكانها، وتشغل حيزاً عميقاً بالتاريخ، لولا تراجع سطوة الأستانة وفقدانها لممتلكاتها في البلقان، وخروج أجزاء كبيرة من أوروبا الشرقية، من هيمنتها، وتكالب الدول الاستعمارية الفتية على ممتلكاتها.

رغبة الغرب في القضاء على الدولة العثمانية واقتسام ممتلكاتها، مكنت زعماء الحركة العربية، من التحالف مع البريطانيين والفرنسيين، والالتحاق بجيوشهما في الحرب العالمية الأولى، أملاً في تحقيق الاستقلال.

وقد وضعت هذه البداية حجر الأساس، في التطورات اللاحقة، وصولاً إلى انبثاق حركات التحرر الوطني ضد الاستعمار، وبشكل خاص في المرحلة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية.

الأمة العربية، كانت دائماً تجد فرصتها في الانعتاق، أثناء ضعف الامبراطوريات الكبرى. لكنها بسبب ضعف مقاومتها وهشاشة هياكلها الاجتماعية، تعجز عن الاستفادة من حسم الصراع، فتقع ضحية القسمة بين الكبار.

فعندما سقطت فرنسا بيد النازية، في نهاية الحرب العالمية الثانية، وتضعضعت قوة بريطانيا العظمى الاقتصادية، بفعل كُلَف حربين كونيتين، اندلعت حركات التحرر الوطني ضد الاستعمار، ليس في الوطن العربي وحده، بل وفي معظم بلدان العالم الثالث.

وكانت تلك الحركات من أهم معالم النصف الأول من القرن العشرين. ومن حسن طالع هذه الحركات، أن القطبين الجديدين الطالعين آنذاك: الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، لم يكونا في وارد تقديم الدعم لحلفائهم بالحرب. فقد كانا يطمحان لوراثتهما.

الولايات المتحدة، طرحت بعد الحرب مباشرة سياسة الباب المفتوح، الذي يتلخص في حق مستعمرات بريطانيا وفرنسا بتقرير المصير. وشهدت بداية الخمسينات، أثناء عهد الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور استراتيجية إزاحة الاستعمار التقليدي والحلول محله.

وجاء ذلك صريحاً، حين تحدث الرئيس الأمريكي، عما أسماه بملء الفراغ، في مطالع الخمسينات من القرن المنصرم، وعمل على إنشاء تكتلات سياسية لتحقيق ذلك.

وكانت تلك مقدمة لنشوء أحلاف وتكتلات عسكرية، على مستوى العالم، بمسميات مختلفة كحلف الناتو وحلف بغداد وحلف المعاهدة المركزية «السنتو» والحلف الإسلامي.

أما الاتحاد السوفييتي، فخاض كفاحاً أيديولوجياً، من أجل نشر عقيدته السياسية، واعتبر ذلك سبيلاً لتعزيز حضوره على الساحة الدولية. ومن هذا المنطلق، اتخذ موقفاً مسانداً لحركات التحرر الوطني بالعالم الثالث.

وأمام هذا الانقسام الحاد بين المعسكرين الشرقي والغربي، أتيح للعرب إنجاز استقلالهم السياسي، وكان لهم بعض الخيارات، في أن يكونوا مع هذا الفريق أو ذاك، وقد تعددت خياراتهم بشكل أو بآخر، تجاه المعسكرين.

وكان العصر الذهبي للحياد الإيجابي، قد أخذ مكانه في الفترة التي ترصنت فيها العلاقات الدولية، وقبل تضعضع قوة الاتحاد السوفييتي، وتغول الأحادية القطبية. تلازمت هزيمة يونيو 1967، بتغير في المعادلة الدولية.

وقد بدأ هذا التغيير بما عرف بالتعايش السلمي بين المعسكرين الشرقي والغربي، وتوقيع معاهدات حظر السلاح النووي، بين السوفييت والأمريكيين وصولاً إلى شيخوخة النظام في الاتحاد السوفييتي. وكان تدخله عسكرياً، في أفغانستان، بمثابة المسمار الأخير في نعشه، تمهيداً لسقوطه الدرامي في مطالع التسعينات من القرن المنصرم.

تربع اليانكي الأمريكي على عرش الهيمنة، كان حدثاً استثنائياً، وليس له سابقة في التاريخ. فمثل هذا التربع يلغي مبدأ صراع الإرادات، الذي هو قانون إنساني.

لذلك لم يكن له أن يمتد طويلاً. لم تتجاوز حقبته أكثر من عقد من الزمن، عادت بعدها روسيا مجدداً إلى المسرح الدولي، وأطلت بالعلن برأسها بعد «الربيع العربي»، لتتشكل محاور سياسية وعالمية جديدة في السنوات الأخيرة. لكن نظاماً دولياً جديداً، يستعد للانبثاق لم يتشكل بعد.

هذه القراءة، تعيدنا إلى مقولة إن الوجود لا يقبل الفراغ. ففي ظل غياب ترصين للعلاقات الدولية، وعدم اتفاق الكبار على القسمة، تنتشر الفوضى، وتستباح الأعراض، ويستهان بالكرامة الإنسانية.

لكن بؤس هذه المرحلة، لا يدفع إلى التشاؤم، فهي حقبة قصيرة، لن تطول أبداً، والعالم بأسره ومن ضمنه وطننا العربي، يستعد لمرحلة قادمة، ربما لا تكون بنفس الخرائط والأعراف السابقة، ولكنها ستشهد ترصيناً ووضوحاً بالعلاقات الدولية.

كيف سيكون مشهد الخريطة السياسية العربية القادمة؟ وهل سنتمكن من عبور نفق الأزمة؟ أسئلة من الصعب الإجابة عليها، لأنها محكومة عربياً بصراع الإرادات بالوعي والقدرة على الفعل. وهذا ما ينبغي أن نهيئ مستلزماته منذ الآن.

*د. يوسف مكي كاتب وأكاديمي سعودي

المصدر | الخليج

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: العرب الاستعمار أمريكا الاتحاد السوفييتي نظام دولي جديد ملء الفراغ العالم الثالث من القرن

إقرأ أيضاً:

محمد الصاوي يكشف حقيقة خلافه مع عادل إمام بسبب «اللعب مع الكبار».. فيديو

تحدث الفنان القدير محمد الصاوي عن كواليس عمله مع الزعيم عادل إمام، كاشفًا العديد من الأسرار والمواقف الإنسانية التي جمعته بالزعيم على مدار سنوات طويلة.

سيب العلم في حاله| نهال طايل تهاجم محمد رمضان: تصرفاتك لا تمثلنا والاعتذار «واجب»

أوضح محمد الصاوي، في لقاء خاص مع الإعلامية نهال طايل ببرنامج تفاصيل، المذاع على قناة صدى البد 2، قائلاً: "عادل إمام من الشخصيات الجميلة جدًا، لما تقرب منه تحس إنك تعرفه من سنين، أول تعامل بينا كان في فيلم (اللعب مع الكبار) مع المخرج شريف عرفة، كنت قلقان وخايف جدًا، لكن شريف عرفة طمني وقال لي: هتشوف اللي هيحصل، ادخل العب واستمتع".

وتابع محمد الصاوي، حديثه قائلاً: "بمجرد ما دخلت اللوكيشن، لقيت الأستاذ عادل بيناديني: صاوي تعالى تعرف تلعب طاولة؟! لعبنا وضحكنا قبل تصوير المشهد، حسّيت كأننا اشتغلنا مع بعض قبل كده. لما سألته ليه عمل معايا كده، قال لي بمنتهى البساطة: (بص يا صاوي، أنت وحش أبقى أنا وحش، أنت حلو أبقى أنا حلو). حوار إنساني بحت، فيه صدق غير عادي".


ونفى محمد الصاوي الشائعات التي تداولت عن وجود خلافات بينه وبين الزعيم، قائلًا: "مستحيل يكون في بيني وبينه خلاف، علاقتي بيه قديمة جدًا، من أيام ما كنت أدرس مع أخوه عصام إمام في مدرسة السعدية. كنا بنروح نذاكر في بيتهم. لدرجة إن الزعيم مرة دخل علينا وإحنا بندخن سجاير وقال لي: (أنت اللي معلم أخويا التدخين؟) ثم ضحك وأعطانا آخر علبة وقال مفيش تدخين بعد كده كان دايمًا بيضحك معانا وبيهزر".

وعن طابع الزعيم عادل إمام، في أماكن التصوير، أوضح الصاوي أن ما يتردد عن عصبية عادل إمام غير صحيح، مؤكدًا أن الزعيم حريص على جودة العمل فقط، مضيفًا: “هو مش عصبي مع الناس، لكن عايز الشغل يتعمل بأعلى مستوى، لو حس إن حد مش مظبوط، بيشد شوية علشان نطلع أفضل ما عندنا، إنما عمره ما اتعصب بشكل شخصي على حد".

كما تطرق محمد الصاوي للحديث عن قيم الفن والعمل بين الفنانين قائلاً: “أقرب طريق لقلوب الناس هو التواضع. أنا بطبعي بحب الناس ومبعرفش أزعل حد ولا أختلف مع حد، حتى لو حد عمل حاجة تزعجني، بنساها ومابتقفش معايا، بحب أتعامل مع الكل بحسن نية وبساطة.”

وفي ختام حديثه، أشار الفنان محمد الصاوي إلى أنه تخرّج من كلية التجارة ثم إلتحق بمعهد الفنون المسرحية بسبب عشقه الكبير للتمثيل.


 

طباعة شارك تدخين الشائعات اللوكيشن نهال طايل

مقالات مشابهة

  • تعرف على المواجهات .. الكوفة تحتضن منافسات دوري الاربعة الكبار لدوري الطائرة
  • الأردن يرافع اليوم شفويا أمام “العدل الدولية” عبر فريق قانوني دولي
  • اتحاد الجوجيتسو: مشاركة 100 لاعب أجنبي ببطولة الجمهورية منحتها طابعًا دوليًا
  • رئيس حزب الاتحاد: مرافعة مصر أمام محكمة العدل الدولية كشفت انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي
  • أستاذ قانون دولي: قرارات “العدل الدولية” لا يمكن تجاهلها
  • نجم الأهلي على أعتاب الانتقال إلى كبرى الأندية السعودية
  • محمد الصاوي يكشف حقيقة خلافه مع عادل إمام بسبب «اللعب مع الكبار».. فيديو
  • سوريا تشارك في بطولة العالم للناشئين للتايكوندو في الإمارات العربية المتحدة الشهر القادم
  • المفوضية الأوراسية: مصر شريك استراتيجي لنا في المنطقة العربية والإفريقية
  • الجولف يعلن قائمة منتخب الناشئين والسيدات المشارك فى البطولة العربية بالقاهرة