لماذا يترك الراهب كل أمواله ولا يأخذ معه بعضها للدير؟
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
يقول الراحل الأنبا غريغوريوس أسقف العام للدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي في كتاب " الرهبنة القبطية وأشهر رجالها".
لماذا يترك الراهب كل امواله ولا يأخذ معه بعضها للدير؟! لأن الرهبنة تشترط أن يدخل الراهب الدير بلا شيء، وهذا الكلام مبنى على حكمة أولاً كونه يختار الفقر هي فضيلة التجرد، لأنه يحتاج إلى هذه الفضيلة نفسياً وروحياً، ماذا يعني التجرد؟ التجرد معناه التخلص من الإرتباط بالمادة .
ولماذا لا يعطى للدير وقد يكون الدير في حاجة إلى هذا المال؟ حتى لا يدخل ويكون له فضل على الذين في الدير، أو يكون هذا نوع من أنواع التأثير على رئيس الدير، وحتى لا يكون له دالة في الدير، ويستطيع أن يحكم ، مثل الإنسان الذي يتبرع للكنيسة ويعلن اسمه، المتبرع فلان الفلاني فطبعاً من حقه أن يعطى مكان محترم في الكنيسة، ومن حقه أن يبقى اللي له كلمة عند الكاهن، فبهذه الطريقة الحقيقة يسبي الكنيسة، فالرهبنة منعت ان راهب مهما كان عنده( وحتى لو كان الدير في حاجة إلى هذا) أنه يأتي بشيء مما يملكه ويعطيه للدير لئلا تصبح له دالة بسبب هذا المال، ويطمع في مركز ممتاز أو يطمع في معاملة خاصة نتيجة ما قدمه للدير أو يصبح في يوم من الأيام صاحب فضل على الدير.
في القديم أيضاً كان عندما يبنوا كنيسة يرفضوا رفضاً باتاً أن الكنيسة يبنيها رجل واحد، مهما كان هذا الرجل غنى، لماذا ؟ حتى لا تصبح الكنيسة ملكه، وهو الذي بناها مثل الكنائس التي يبنيها بعض الأغنياء لكي تكون مقبرة له. فتصبح هذه كنيستهم يقدروا يفتحوها ويقفلوها مثلما يريدون ويقدروا أن يتحكموا فيها ويحضروا الكاهن الذين يريدوه ويعطوه المرتب للذين يريدوه، والقسيس يكون خاضع لهم.
مرفوض هذا المبدأ فى الكنيسة : إن رجل واحد أو سيدة تبنى كنيسة، حتى لو كان قادراً على هذا لازم كل الشعب يساهم.. كل إنسان يساهم لأن ده بيت ربنا.
وفي نفس الوقت هذا أساس للمبدأ الذي اتخذته الرهبنة أن الراهب يأكل من تعبه، فجميع الرهبان لابد أن يعملوا حتى لا يأكل الراهب خبز الكسل، وهو المبدأ الذي قاله الرسول بولس في تسالونيكي الثانية أصحاح ٣ عدد ۱۰ «من لا يريد أن يعمل فينبغي أن لا يأكل" فهو مبدأ رسولي، فطالب الرهبنة لابد أن يدخل الدير متجرداً لكي يخضع لناموس الدير، ويشتغل ويعمل والعائد من عمله يعيش منه، وأيضاً الفائض من هذا يعود للدير كله، مثله مثل باقي اخوته الرهبان.
المصدر: البوابة نيوز
إقرأ أيضاً:
بهذه الطريقة وحدها يكون لبنان قويًا
سؤال وفرضية كان مؤسس حزب "الكتائب اللبنانية" الشيخ بيار الجميل يردّدهما في استمرار من دون أن يلقى جوابًا شافيًا عن سؤاله "أي لبنان نريد"، وبقيت فرضية أن "قوة لبنان بضعفه" تتفاعل حتى أدخل "حزب الله" لبنان واللبنانيين في حرب لا هوادة فيها، وهي مستمرّة لليوم الخامس والخمسين كأنها بدأت بالأمس القريب. ومع كل يوم يمرّ تكثر الخسائر البشرية والمادية، حتى أن بعض الذين يتوقعون أن تطول الحرب إلى ما بعد 20 كانون الثاني المقبل يقولون بأن إسرائيل مصمّمة على ألا يبقى في لبنان حجر على حجر على رغم الضربات الموجعة التي توجّهها "المقاومة الإسلامية" في العمق الإسرائيلي. وفي ضوء هذه السردية في عمليات الردّ والردّ المضاد يخسر لبنان كل يوم كامل مقومات صموده في وجه الأزمات، التي أصبحت أكبر من قدرته على التحمّل، خصوصًا أنه بات على شفا انهيار تام نتيجة ما يعانيه من تدمير ممنهج لقرى بأكملها ستكون عملية إعادة بنائها مكلفة جدًّا، فضلًا عمّا تراكمه هذه الحرب من خسائر اقتصادية تنذر بالوصول إلى ما هو أسوأ مما يعانيه جميع اللبنانيين في حياتهم اليومية.
فأضرار هذه الحرب الطويلة كثيرة، زمنًا ونتائجَ ومضاعفاتٍ واستنزافًا، وهي ترهق كاهل الدولة بكل مؤسساتها، التي تحصر همّها في كيفية البقاء واقفة على رجليها وتأخير انهيارها بالكامل. فالتطورات الميدانية لا توحي بأن التسوية الشاملة قد نضجت، خصوصًا أن من يراقب عنف الضربات الإسرائيلية لمواقع تدّعي تل أبيب بأنها مستودعات ذخيرة أو معامل تصنيع المسيّرات يستنتج تلقائيًا أن الحرب لا تزال في بداياتها، وذلك قياسًا إلى السقف العالي للأهداف الإسرائيلية، وهي أهداف يتبيّن للقاصي والداني أنها تتخطّى حدود ضرب ترسانة "حزب الله". والدليل على أن هذه الأهداف لا تقتصر على ضرب عصب "المقاومة الإسلامية"، هو أنها تطال كل لبنان، الذي أصبح كما يصف وضعه مراقبون دوليون بلدًا منكوبًا بكل ما يتضمّنه هذا التوصيف من واقع يصعب تجاوزه حتى ولو توقفّت الحرب اليوم قبل الغد.
وعلى رغم الضربات الموجعة التي توجهها "المقاومة الإسلامية" للعمق الإسرائيلي فإن انعكاسات الحرب هي أضعافٌ مضاعفة على لبنان، الذي كان يعاني في الأساس من أزمات سياسية واقتصادية وأمنية لا عدّ لها ولا حصر، خصوصًا أنه متروك من دون رئيس للجمهورية منذ ما قبل عملية "طوفان الأقصى"، وما قبل "حرب الاسناد والمشاغلة"، وما قبل الحرب التدميرية الشاملة.
من هنا، يستنتج هؤلاء المراقبون من فرضية بيار الجميل الجدّ بأن "قوة لبنان بضعفه" ما يمكن تسميته اليوم "الحياد الإيجابي". فلو أن لبنان كان بلدًا محايدًا، بتوافق جميع أبنائه وبغطاء دولي، لما انجّر إلى حرب غير متكافئة الإمكانات والنتائج السلبية بغياب أي أفق للعودة إلى ما قبل 7 تشرين الأول 2023. أمّا وقد وجد اللبنانيون أنفسهم في قلب جحيم المعركة غصبًا عنهم فليس أمامهم سوى حلّ من أثنين: إمّا التأقلم مع وضعيتهم الاستنزافية حتى آخر الرمق الاقتصادي الأخير، وإمّا التسليم بالأمر الواقع ووقف الحرب، التي يسقط فيها كل يوم مئات الشهداء والجرحى، وتُزال قرى عن "بكرة أبيها" بلحظات جنونية.
وفي رأي هؤلاء المراقبين أن مقولة أن الحديد لا يفّله سوى الحديد، وأن الإسرائيليين لا يفهمون سوى لغة النار والبارود، لم تعد صالحة بالقدر الذي يمكن تصوّره في ضوء ما تتعرّض له معظم المناطق الجنوبية والبقاعية وأحياء وشوارع الضاحية الجنوبية لبيروت من دمار وتهجير يزداد يومًا بعد يوم. ويعترف هؤلاء بأن ليس لدى "حزب الله" ما يخسره، وهو الذي لا يخاف من الموت، كما يعلن ويصرّح المسؤولون فيه، ولكن مجرد إعطاء الإسرائيليين المزيد من الحجج والذرائع لتنفيذ ما يحلو لهم من مخطّطات باتت مكشوفة هو كمن يصارع الدب بيديه العاريتين.
ويخلص هؤلاء إلى التأكيد على أن قوة لبنان بعلاقاته الديبلوماسية مع مختلف دول العالم، ولكن هذه العلاقات تحتاج إلى محفزّات تحاكي مصالح هذه الدول، وذلك انطلاقًا من كون لبنان قيمة مضافة لكل هذه الدول مجتمعة، سواء أكانت تُعتبر شقيقة أو تلك التي تُعتبر صديقة، خصوصًا أن مؤتمر باريس 1 والقمة العربية الإسلامية أظهرا مدى تعّلق دول العالم بأسره بهذه الظاهرة الفريدة التي أسمها لبنان، ولكن شرط أن يثبت اللبنانيون أنفسهم أنهم أهل لهذه الثقة الدولية.
المصدر: خاص "لبنان 24"