القدس المحتلة- قدمت 9 منظمات مجتمع مدني التماسا إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، طالبت فيه بإلغاء بنود القانون التي صادق عليها الكنيست مؤخرا، والتي تهدف إلى توسيع صلاحيات لجان القبول الإسرائيلية في "البلدات اليهودية الجماهيرية" -كما تسمّى- ووضع المزيد من العراقيل والشروط التي تمنع فلسطينيي 48 من السكن فيها.

مبادرات بعض العائلات العربية بالتسجيل للسكن في البلدات اليهودية فضحت السياسات التمييزية العنصرية في ملف الأرض والمسكن التي تعتمدها المؤسسة الإسرائيلية، وأضيف عليها الالتماس المقدم للمحكمة العليا لتسليط الضوء على معاناة العرب، وعدم قدرتهم على توفير قطعة أرض للبناء، حيث يعيشون ظروفا مزرية في قراهم وبلداتهم.

وأجمع حقوقيون وناشطون اجتماعيون على أن لجان القبول في البلدات اليهودية الجماهيرية ما هي إلا وسيلة لمنع العرب من السكن فيها والاندماج في حياة المجتمع الإسرائيلي، من أجل تعميق معاناة العربي وتهميشه وإقصائه.

وأشاروا إلى أنه منذ النكبة لم تتم إقامة أي بلدة عربية، كما لم يتم توسيع مسطحات النفوذ والبناء للبلدات العربية التي تُصادر أراضيها لصالح إقامة مشاريع البنى التحتية الكبرى، إذ صودر نحو 3 ملايين دونم (الدونم 1000 متر مربع) من فلسطينيي 48 بعد النكبة.

الاحتلال يوسع مشاريع البناء في البلدات اليهودية ويصادر أراضي البلدات العربية لإقامة مشاريع البنى التحتية (الجزيرة) صلاحيات من أجل التمييز

وقالت مديرة الوحدة القانونية لمركز عدالة المحامية سهاد بشارة إن التعديلات على قانون لجان القبول تمييزية وعنصرية؛ كونها تستهدف وتضر بشكل مباشر المواطنين الفلسطينيين، لكنها قد تمس أيضا مجموعات أخرى، مثل اليهود من أصول إثيوبية، أو ذوي الاحتياجات الخاصة.

وأوضحت بشارة -في حديثها للجزيرة نت- أن مضامين البنود التي تم تعديلها وتصريحات وزراء الحكومة الإسرائيلية تؤكد أن الهدف من توسيع صلاحيات لجان القبول هو الإقصاء والفصل على أساس قومي وعنصري وديني، وتعزيز الاستيطان اليهودي في الجليل والنقب، على حساب الوجود العربي.

وتعتقد أن نهج وممارسات لجان القبول التي تعمل في 475 بلدة يهودية مبنية على "أراضي دولة" ويقطنها أقل من 400 عائلة؛ سيؤدي إلى تهويد الحيز العام ووضع اليد والسيطرة على أكبر مساحة من الأرض، والإبقاء على الموارد والامتيازات تحت سيطرة مجموعة دون غيرها.

وأكدت المحامية أن التعديلات وسياسات الحكومة في الأرض -والمسكن على وجه الخصوص- تعد انتهاكا ومساسا بالحقوق الأساسية للمواطنين العرب الفلسطينيين في إسرائيل، وهو الأمر الذي يُلزم إبطال التعديلات القانونية على لجان القبول والحد من صلاحياتها التمييزية.

البلدة اليهودية "ريحان" أقيمت على أراضي "أم الريحان" الفلسطينية التي مُنع سكانها من التوسع والبناء (الجزيرة) تهميش وإقصاء

ويعتقد رئيس حركة "المواطن" في النقب عبد أبو كف أن لجان القبول الإسرائيلية بمثابة تمييز مضاعف تجاه العرب، خاصة سكان النقب، حيث تصادر أراضيهم وتهدم منازلهم، وتقام على أراضيهم بلدات يهودية يحرمون من حق السكن فيها.

وأوضح أبو كف للجزيرة نت أن هذه اللجان -التي هي عنصرية بامتياز- تأتي للالتفاف على أي ثغرات في القانون الإسرائيلي، وتضع العراقيل لمنع العرب من السكن في البلدات اليهودية، وبذلك تكرس سياسات التمييز العنصري تجاههم وتسلبهم الحق في الأرض والمسكن.

وفي ظل سياسة التهميش والإقصاء، أضحى الشبان في النقب "يعزفون عن الزواج لانعدام مسطحات الأرض للبناء، ويواجهون مسلسل الهدم والتشريد، ويصرون على مطلب الاعتراف بالبلدات مسلوبة الاعتراف، والسماح لهم البناء فوق أراضيهم"، حسب أبو كف.

واستعرض أبو كف تجربته مع لجان القبول في النقب، وقال إن الكثير من الأزواج الشباب سجلوا للسكن في البلدات اليهودية القائمة على أراضيهم، لكن طلباتهم قوبلت بالرفض.

لافتات تشير إلى أسماء "بلدات جماهيرية" على حدود الرابع من يونيو/حزيران بالجانب الإسرائيلي للسيطرة على أراضي اللاجئين (الجزيرة) أزمة البلدات العربية

الطرح نفسه تبناه الممرض عادل قعدان من بلدة باقة الغربية في الداخل الفلسطيني، الذي نجح بعد سنوات طويلة بإلزام المحكمة العليا الإسرائيلية بإصدار قرار يجبر الوكالة اليهودية ودائرة أراضي إسرائيل على تخصيص قطعة أرض له والسماح له بالسكن في البلدة اليهودية الجماهيرية "كتسير".

واستعرض قعدان للجزيرة نت تجربته في السكن ببلدة يهودية، وعزا دوافعه إلى انعدام مقومات الحياة في البلدات العربية التي أضحت مجرد "غيتوهات" (تجمعات) تعاني من الأزمات والاكتظاظ، وأشبه بقنبلة سكنية واجتماعية موقوتة.

وأشار إلى أن البلدات العربية تعاني -منذ النكبة- التهميش والتمييز، ورغم اعتراف حكومات إسرائيل بهذا الغبن فإن سياسات "التمييز المصحح" باتت مجرد حبر على ورق؛ وبالتالي تنعدم بها الأطر الحياتية والتربوية والتعليمية والاقتصادية والصناعية، وهي الأطر التي تتوفر بالبلدات اليهودية الجماهيرية وتعد بيئة حاضنة للعائلات.

بلدة "كتسير" أقيمت على أراضي اللاجئين في منطقة وادي حارة شمالي إسرائيل (الجزيرة) "لليهود فقط"

ورغم قرار المحكمة العليا، فإن قعدان اصطدم بلجنة القبول في بلدة "كتسير" التي حددت معايير وشروطا تعجيزية وعنصرية، وتضمنت بنود الخدمة العسكرية والاحتفال بالأعياد اليهودية والمناسبات الوطنية الإسرائيلية والتماهي مع الرموز الصهيونية والنشيد الوطني "هتيكفا".

بيد أن الممرض رفض هذا الشروط، وأصر على حقه في السكن وتحدى معايير اللجنة وفضح ممارساتها، وتمكن من شراء قطعة أرض وبناء منزل هناك، وهو الأمر الذي لم يرق لأعضاء لجنة القبول.

وقال قعدان -الذي يعمل ممرضا في المستشفيات الإسرائيلية- إن تجربته بالسكن في كتسير كانت "تجربة ذات تحديات؛ فالبلدة بيئة طاردة للعرب، إذ توضع شروط وتحدد معايير تتعارض ليس فقط مع العادات والتقاليد، بل الهوية والقومية العربية أيضا".

قعدان الذي كسر حاجز الخوف من قضية الانتقال من مسكن رأسه للسكن ببلدة يهودية، لم يكن يتخيل حجم التمييز والعنصرية المتأسس والمتجذر في الحقوق المدنية بالأرض والمسكن للعرب، مؤكدا أن المرحلة تقتضي ممارسة الضغوط على حكومات إسرائيل من أجل توسيع مسطحات النفوذ والأرض والبناء وإقامة بلدات عربية جديدة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: لجان القبول القبول فی على أراضی السکن فی

إقرأ أيضاً:

مصر تعزز شراكاتها التجارية مع أوروبا والمملكة المتحدة لتوسيع نطاق الاستثمار

أكد السفير بدر عبد العاطي، وزير الخارجية المصري، أن مصر تواصل جهودها لتعزيز شراكاتها الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، بهدف زيادة حجم التجارة والاستثمارات الأجنبية في البلاد.

وأوضح عبد العاطي خلال مؤتمر الجمعية المصرية البريطانية اليوم الخميس أن مصر لديها اتفاقيات شراكة قوية مع الاتحاد الأوروبي تشمل جميع الدول الأعضاء الـ27، إلى جانب عضويتها في "النظام التراكمي لشهادة المنشأ" لدول البحر المتوسط، مما يتيح مزايا تنافسية للشركات الأجنبية التي تستثمر في مصر.

عبد العاطي: مصر لا تتدخل في شئون الدول وبوصلة السياسة الخارجية المصلحة الوطنيةعبد العاطي: على المجتمع الدولي تفعيل دوره لإعادة إعمار غزة

وأشار الوزير إلى نجاح نماذج التعاون مع شركات عالمية مثل "سامسونج مصر"، التي تعمل على مضاعفة إنتاجها المحلي لتصدير منتجاتها إلى الأسواق الأوروبية دون رسوم جمركية، مستفيدة من هذه الاتفاقيات.

وأضاف أن اتفاقية الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي، الموقعة منذ عام 2004، تشهد تطوراً ملحوظاً مع مساعٍ مستمرة لتحديثها، خاصة في ظل التحديات المرتبطة بنظام الحصص (الكوتا) الذي يحد من زيادة الصادرات المصرية، مثل الفواكه والخضروات.

وأكد عبد العاطي أهمية الاستثمار كعامل رئيسي لتعويض العجز التجاري، مشيراً إلى نجاح المؤتمر الأول للاستثمار بين مصر والاتحاد الأوروبي في تعزيز التعاون الاقتصادي.

وكشف عن خطط لتنظيم قمة مصرية-أوروبية خلال العام الجاري، بالتزامن مع المؤتمر الثاني للاستثمار، الذي سيوفر منصة جديدة لبحث الفرص الاستثمارية الواعدة.

وفيما يخص العلاقات مع المملكة المتحدة،دعا الوزير إلى ضرورة تسريع التعاون الاقتصادي البريطاني مع مصر، مؤكداً أن الشراكة بين البلدين ينبغي أن تستند إلى مبدأ المنفعة المتبادلة، بعيداً عن العلاقة التقليدية بين المانحين والمتلقين.

وأعرب عن تطلعه لمزيد من الاستثمارات البريطانية في القطاعات الحيوية مثل الطاقة النظيفة والتكنولوجيا والبنية التحتية.

وأكد على التزام الحكومة المصرية بتوفير بيئة استثمارية جاذبة من خلال تقديم حوافز ضريبية، ودعم التصنيع المحلي، وتعزيز الشراكات الدولية لتحقيق التنمية المستدامة.

مقالات مشابهة

  • استجواب مذيعة لبنانية بقناة العربية بتهمة انتهاك قانون مقاطعة إسرائيل
  • مصر تعزز شراكاتها التجارية مع أوروبا والمملكة المتحدة لتوسيع نطاق الاستثمار
  • توفيق عكاشة: سلام الشعوب العربية مع إسرائيل يمثل فرصة لإنقاذ الوضع
  • كاتب صحفي: إسرائيل تسعى لإطالة الصراع لتحقيق مكاسب سياسية
  • سياسي: إسرائيل تريد احتلال كل الأراضي المنسحبة منها في بداية التسعينيات
  • جامعة الأزهر: نبحث إمكانية دراسة العلوم الطبية باللغة العربية 
  • السوداني يقرر نقل صلاحيات 5 وزارات الى محافظة كركوك
  • بالفيديو .. الإعلام العبري يتساءل غاضباً: لقد توقفت الحرب على غزة لماذا لا تتوقف المظاهرات ضد إسرائيل؟
  • إحصائية بالخسائر التي خلفتها حرب الإبادة  الإسرائيلية على غزة .. تقرير
  • لماذا زادت إسرائيل من خروقاتها؟