الداخلية البريطانية تبرر للجزيرة نت أزمة احتجاز أطفال لاجئين في سجون للبالغين
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
لندن- تنتظر الداخلية البريطانية هذا الأسبوع موافقة البرلمان على تشريع ثانوي -أقرت مسودته وزارة العدل- يسمح باستخدام الأشعة السينية لإجراء تقييمات دقيقة لعمر اللاجئين الذين يصلون المملكة المتحدة.
يأتي ذلك في وقت رصدت منظمات مدنية بريطانية خطأً متكررًا تمثل بتسجيل العديد من الأطفال اللاجئين على أنهم بالغون عند قدومهم البلاد، وسط ضبابية حول تفسير هذا الخطأ.
وأرجعت مصادر هذا الخطأ إلى إجراءات التقييم المتبعة، والتي تتم بناء على دراسة تجارية، أجرتها شركة "جيليت" للحلاقة، تعتمد فيها على شعر اللحية لإجراء التقييم.
وثيقة مسربة لخطاب عن عدم وجود أدلة لتقييم السن (مؤسسة كير فور كاليه) الإجراءات المتبعةفي هذا الإطار، كشفت وزارة الداخلية البريطانية الآلية التي تتبعها في تحديد عمر الشخص الذي يصل المملكة المتحدة، وقالت للجزيرة نت إنه يعتمد على الوثائق التي سافر بها، لكن المشكلة تكمن في من يدعون أنهم أطفال وهم لا يملكون وثائق قاطعة.
وبحسب الوزارة، فإنه يتم تقييم العمر في اللحظات الأولى التي تصل فيها القوارب الصغيرة إلى شواطئ المملكة المتحدة، حتى يتسنى للسلطات تصنيف طالبي اللجوء ومن ثم نقلهم لمواقع السكن أو الاحتجاز.
تعتمد هذه الآلية على تقييم اثنين من الضباط بشكل منفصل، يكون أحدهما على الأقل ذا رتبة كبيرة في وظائف الهجرة أو ما يعادلها، ويتم التقييم بناء على المظهر الجسدي للفرد وسلوكه، وفي حالة عدم التيقن من عمره تتم معاملته كطفل حتى يجري التقييم النهائي.
وأوضح المكتب الإعلامي للداخلية البريطانية للجزيرة نت أن "إزالة جميع المغريات التي تشجع البالغين على التظاهر كأطفال من أجل البقاء في المملكة المتحدة أصبح أمرًا جوهريًّا"، وأضاف أن نسبة البالغين بين مقدمي طلبات اللجوء المختلف في أعمارهم بلغت 49%، في الفترة ما بين يناير/كانون الثاني 2016 وحتى يونيو/حزيران 2023.
وأضاف "نحن نعمل على تعزيز عملية التحقق من العمر عبر المجلس الوطني لتقييم العمر (NAAB -National Age Assessment Board) الذي يساعد في تقديم تقييمات على أساس علمي، مثل استخدام الأشعة السينية وتقنيات طبية أخرى يسمح بها قانون الهجرة غير الشرعية، وهو ما يساعد على ضمان دقة تقييم العمر، وبالتالي يساعد في حماية الأطفال".
أطفال بين التصنيفاتوبحسب ما يعرف باسم "قانون القوارب الصغيرة" الصادر مؤخرا، فإن دخول المملكة المتحدة عبر الطرق الخطرة والقوارب يعتبر جريمة، لذلك يحتجز البالغون في السجون بتهمة الهجرة غير النظامية، كما يُحتجز معهم الأطفال الذي تم تصنيفهم كبالغين.
وأوضحت تقارير حكومية أنه خلال السنوات الخمس الماضية، تم تصنيف 809 أطفال من بين 1416 شخصا كبالغين، في 55 مجلسًا محليًّا في المملكة المتحدة، كما تبين أن 10 مجالس محلية أخرى صنفت جميع الأطفال كبالغين.
ورصدت منظمات لحقوق الإنسان في أغسطس/آب الماضي عددًا متزايدًا من الأطفال المحتجزين في سجون البالغين، والتي تضم مرتكبي جرائم جنسية، فبحسب صحيفة الغارديان البريطانية فإن شبكة حقوقية تلقت شكاوى من ألف طفل تم تصنيفهم كبالغين.
وأضافت "إن لدى الشبكة ملف لـ14 طفلا احتجزوا في سجن "إلملي" (Elmley) الواقع في كنت (Kent) جنوب شرق لندن، من بينهم طفل لم يكمل 14 عاما، تم احتجازه لمدة 7 أشهر"، وقالت الشبكة "إن غالبية الأطفال من السودان، وإن معظمهم تعرض للاستغلال".
ووفق استطلاع أجراه سجن "إلملي" مؤخرا فإن واحدا من كل 4 سجناء لا يشعر بالأمان في مقر الاحتجاز، ورغم أنه غير مخصص لاحتجاز مرتكبي الجرائم الجنسية (بحسب إدارة السجن)، فإن هناك 70 نزيلا مدانا بجرائم جنسية، من بينهم مدان بارتكاب 14 جريمة جنسية بينها جرائم للأطفال.
حلول مؤجلة
في يناير/كانون الثاني الماضي، رفضت لجنة علمية مكلفة بمتابعة القضية، طلب وزارة الداخلية البريطانية استخدام الأشعة السينية والحمض النووي للتحقق من العمر، وأوصت اللجنة بعدم تعريض طالبي اللجوء لخطر التعرض للأشعة دون ضرورة طبية، وانضم إلى اللجنة الحكومية حينها عدد من النشطاء والمهنيين الطبيين.
واختتمت التوصية بوجوب تقبل عدم وجود طريقة "معصومة من الخطأ" يمكنها تقييم العمر البيولوجي وتوفير تطابق مثالي مع العمر الزمني، وهو ما أكده الرئيس التنفيذي لمجلس اللاجئين أنور سولومان في تعليقه للجزيرة نت قائلاً إن "الحقيقة أنه لا توجد طريقة موحدة ودقيقة لتقييم عمر الأشخاص، ويبدو أن التقييمات العلمية المعلن عنها تحمل مخاطر طبية وأخلاقية، وهو ما قاله المستشارون العلميون للحكومة، ولذلك يجب استخدام تلك الطرق بحذر شديد بجانب الطرق الأخرى".
ويُعتبر اختبار "عمر العظم الزمني" فحصا طبيا يستخدم لتحديد العمر البيولوجي، وذلك من خلال دراسة أماكن التئام عظام محددة في أجزاء مختلفة من جسم الإنسان، مع الأخذ بعين الاعتبار الاختلافات الإثنية والعرقية، أو الفروق المتعلقة بطفرات النمو في فترة البلوغ، فعلى سبيل المثال، قد يكون هناك خطأ في التعداد يزيد على 5 سنوات، إذا تم التقييم أثناء طفرة البلوغ.
ومع ذلك تعد هذه الطريقة العلمية هي الأكثر انتشارا لمعرفة عمر الإنسان خاصة الأشعة السينية لكف الإنسان والفك لدراسة شاملة للأسنان، وهي طريقة يتبعها الطب الشرعي لتقييم أعمار المهاجرين أو الجناة في الجرائم، بدول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الداخلیة البریطانیة المملکة المتحدة الأشعة السینیة للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
حماس: بين تحديات الإدارة الداخلية وضغوط الصراع الخارجي
في الآونة الأخيرة، تصدرت مقاطع فيديو مسربة، قيل إنها تُظهر مشاهد لانتهاكات داخل مراكز الاحتجاز في قطاع غزة، عناوين الأخبار وأثارت جدلًا واسعًا على المستويين المحلي والدولي. الفيديوهات، التي ذكر الجيش الإسرائيلي أنه حصل عليها خلال عمليته العسكرية في مخيم جباليا للاجئين، قدمت مشاهد تُظهر معتقلين يُزعم أنهم تعرضوا لمعاملة قاسية تضمنت الضرب المبرح، التقييد في أوضاع مؤلمة، وحتى الصعق الكهربائي.
هذه المشاهد تسلط الضوء على تحديات كبيرة تواجه الإدارة الداخلية في القطاع وتثير تساؤلات حول احترام حقوق الإنسان في بيئة تعاني أصلًا من أزمات متعددة.
وفقًا للتقارير المصاحبة لهذه التسجيلات، التي يُعتقد أنها تعود إلى الفترة بين عامي 2018 و2020، تشير المزاعم إلى استخدام الحركة لأساليب قسرية للتعامل مع أفراد متهمين بالمعارضة أو ارتكاب جرائم اجتماعية وقانونية.
من بين المعتقلين الذين شملتهم التسجيلات، أفراد من مجتمع المثليين، وآخرون اُتهموا بالتعاون مع إسرائيل أو ارتكاب جرائم.
تظهر الفيديوهات معتقلين معصوبي الأعين ومقيدين في أوضاع مهينة، بينما يتعرضون للضرب المبرح على أيدي الحراس، الذين يظهرون في المشاهد دون إبداء أي تعاطف مع معاناة المعتقلين.
شهادة حمزة الهويدي، وهو أحد الناجين من الاحتجاز لدى حماس، تقدم صورة قاسية عن واقع هذه الممارسات، ويروي الهويدي أن فترة الاحتجاز تركت آثارًا عميقة على حياته النفسية والاجتماعية، وأن بعض المعتقلين الآخرين الذين عايشوا ظروفًا مماثلة لم يتمكنوا من التعافي منها حتى اليوم.
هذه المزاعم تأتي في ظل وضع معقد يعيشه قطاع غزة، حيث تتداخل التحديات الداخلية مع تبعات الصراعات العسكرية المستمرة. الحرب الأخيرة، التي شهدها القطاع، خلفت دمارًا واسعًا طال البنية التحتية، وأثقل كاهل المواطنين الذين يعانون أصلًا من أزمة اقتصادية وإنسانية خانقة. الأوضاع المتردية تجعل الحياة اليومية لأغلب سكان القطاع أشبه بصراع مستمر من أجل البقاء، في ظل محدودية الموارد وغياب الأفق السياسي لحل يخفف من هذه المعاناة.
ما يزيد الوضع تعقيدًا هو الانقسام السياسي الفلسطيني المستمر، الذي يضعف من قدرة المؤسسات الوطنية على تقديم حلول فعّالة لمعاناة السكان. في ظل غياب قيادة موحدة، يجد سكان غزة أنفسهم محاصرين بين قمع داخلي وضغوط خارجية متزايدة، ما يتركهم عرضة للمزيد من الأزمات دون أفق واضح للخروج منها.
في الوقت الذي تثير فيه هذه التقارير انتقادات واسعة لحركة حماس، يظل المجتمع الدولي عاجزًا عن اتخاذ خطوات ملموسة لحماية المدنيين في القطاع. الدعوات إلى تحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات تواجه عقبات سياسية وإقليمية، حيث تتشابك المصالح الدولية مع واقع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. مع ذلك، فإن تعزيز حقوق الإنسان داخل غزة يتطلب جهودًا مضاعفة من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الأطراف الفلسطينية نفسها، لتجاوز الخلافات السياسية وتقديم مصلحة السكان كأولوية قصوى.
تحقيق التوازن بين متطلبات الأمن الداخلي وضمان الحريات الأساسية لسكان القطاع يشكل تحديًا حقيقيًا أمام حركة حماس كجهة مسيطرة على القطاع. مع استمرار توثيق هذه الانتهاكات، تبرز الحاجة الملحة إلى إصلاحات جذرية في أسلوب إدارة القطاع، بما يضمن احترام حقوق الإنسان وتخفيف المعاناة عن السكان.
على الصعيد الدولي، يجب أن تتضافر الجهود لضمان حماية المدنيين الفلسطينيين وتعزيز سيادة القانون في غزة، بعيدًا عن النزاعات السياسية والعسكرية. توفير دعم إنساني وتنموي مباشر للسكان يمكن أن يخفف من معاناتهم ويمنحهم فرصة لبناء حياة أفضل في بيئة أكثر استقرارًا.
هذا الواقع المعقد يتطلب من الجميع إعادة التفكير في الأولويات ووضع مصلحة الشعب الفلسطيني فوق كل اعتبار. فالقطاع الذي يعاني من أزمات متراكمة يحتاج إلى قيادة حكيمة وسياسات تضع الإنسان في المقام الأول، بعيدًا عن حسابات القوة والسيطرة التي أثبتت فشلها في تحقيق الاستقرار أو التخفيف من معاناة الناس.