المفتي سوسان في رسالة المولد النبوي الشريف: للإهتداء بسيرته وسنته في التصدي لما يعصف بمجتمعاتنا
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
لمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف وجه مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان رسالة المولد " وجاء فيها :"الْحَمْدُ لِلَّهِ الذِي اكمل لنا الدين و مَنَّ علَى المؤمنينَ بسيدِ الأولينَ والآخرينَ، فأخرجَ بهِ النَّاسَ مِنَ الظُّلماتِ إلَى نورِ الحقِّ المبينِ، وصلى الله على سيدنا محمد عبده ورسوله وخيرته من خلقه، وأمينه على وحيه نبي الرحمة وامام الهدى ، من رفع الله ذكره، وشرح صدره ، ووضع عنه وزره ، وقرن اسمه باسمه فإذا ذكر الله ذكر معه ،وضم الاله اسم النبي الى اسمه .
وأضاف " محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي، إنها الشخصية التي صاغتها يد الحكيم العليم بكل عنايتها واصطفائها وحبها ، لتكون صورة الكمال الإنساني الأمثل، ولتكون الرحمة العظمى للعالمين في واقع مشهود ، تُبصره العيون، وتسمعه الآذان، وتُقر له العقول،وتطمئن إليه القلوب .وإن اهتمام المسلمين بالنبي محمد ﷺ هو فرع عن الايمان به، وتصديق نبوته، فاءذا وجب الايمان به وتصديقه وجبت طاعته ومحبته وتوقيره ونصرته، والسير على نهجه واتباع سنته ﷺ. سيدنا رسول الله ﷺ هو الرحمة المهداة والنعمة المسداه أرسل رحمة لجميع العالمين أرسل للناس كافة على اختلاف أجناسهم وألوانهم وشعوبهم وقبائلهم . قال الله تعالى(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107) الأنبياء) فهو الرحمة المهداة للعالمين، والنعمة المسداة، والسراج المنير قال ابن عباس في تفسير الاية: كان محمد صلى الله عليه وسلم رحمة لجميع الناس، فمن تبعه كان له رحمة في الدنيا والاخرة ومن لم يتبعه عوفي مما كان يُبتلى به سائر الامم من الخسف والمسخ والقذف. فلم يكن صلى الله عليه وسلم رحمة للمسلمين او العرب فقط، بل كان رحمة الله للعالمين، فالرحمة خُلق عظيم، ووصف كريم، اوتيه السعداء وحرمه الاشقياء".
وقال:" ونحن مأمورون بالاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم باقواله والانصياع لاوامره وافعاله، ولو شاء الله تعالى لاكتفى بإنزال القرآن وحده، ولكن حكمة الله تعالى اقتضت ان ينزل كتابه على خير خلقه ليكون مثالا يُحتذى واسوة يُقتدى قال تعالى(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)) الأحزاب ".
وتابع " فالنبي ﷺ هو الأسوة والقدوة والنموذج للمؤمنين الخُلص لذلك لن تصلح تربية او دعوة الا اذا اعتمدت على الاسوة الحسنة والقدوة الصالحة التي تتجلى باسمى آياتها في الرسول ﷺ فمن المهم جدا ان نعيش في رحاب سيرته العطرة وسنته الشريفة واخلاقه السامية وخصاله الجليلة ونهتدى بهديها ونتخلق باخلاقها العظيمة فنجعلها اساسا للتربية ورسالة للاصلاح حتى نستطيع التصدي لمخاطر الانحلال الفكري والخُلقي والثقافي والسياسي و الإجتماعي الذي يعصف بمجتمعاتنا. فالمجتمع الإنساني لا نور له، ولا رحمة فيه اذا تجرد عن المبادئ والاخلاق والقيم التي تدعو الى الخير وتحث على الفضيلة واحترام كرامة الانسان وحريته وحقوقه وصيانة دمه وماله، وعرضه، وعقله، ونسله، بوصفه انسانا وعضوا في مجتمع متنوع الأطياف والمذاهب، يفتخر بانه يتمسك بالقيم الدينية والانسانية والروحية النبيلة".
وقال : "ونحن في هذه المناسبة الإيمانية نجدد العهد مع النبي ﷺ انه القدوة والأسوة الحسنة لنا في كل مرافق حياتنا مصداقا لقول الله تعالى ({ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)) الأحزاب.فهذه الأسوة الحسنة إنما يسلكها ويوفق لها من كان يرجو الله واليوم الآخر، فاءن ما يتلبس به من الإيمان وخوف الله ، ورجاء ثوابه، وخوف عقابه، يحثه على التأسي بالرسول الأعظم ﷺ ، وهذا الاقتداء برسول اللّه ﷺ وإتباعه دليل على محبة العبد ربه، وسينال العبد محبة اللّه له، وفي هذا يقول اللّه تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ (آل عمران/ 31).فالآية الكريمة قد بينت أن أول علامات محبة العبد لربه ، هى إتباع رسوله ﷺ وأن هذا الإتباع يؤدى إلى محبة الله - تعالى - لهذا العبد وإلى مغفرة ذنوبه .ومحبة الله لعبده هي منتهى الأماني ، وغاية الآمال ، ولذا قال بعضهم:ومحبة الله إنما تتأتى بإخلاص العبادة والوقوف عند حدوده والاستجابة لتعاليم رسوله محمد ﷺ وكل من يدعى أنه محب لله وهو مُعرض عن أوامره ونواهيه فهو كاذب في دعواه ".
وأضاف:" ذكرى مولد رسول الله عليه الصلاة و السلام محفورة في القلوب، احتفلنا بها أم لم نحتفل، نتطلع إليها فنتذكر سيدنا وإمامنا وقائدنا وقدوتنا، الذي أمرنا الله بمحبته، وأوجب علينا طاعته، تذرف الدموع لذكراه، وتخشع القلوب لسيرته، تتطلع النفوس للقياه، وتتذكره في هديه و سنته.اللهمَّ اجعلْنَا علَى منهجِهِ وطريقتِهِ وأكرمْنَا بشفاعتِهِ صلى الله عليه وسلم إنَّك أنتَ السَّميعُ العليمُ ".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
حكم قول زمزم بعد الوضوء.. الإفتاء توضح
قالت دار الإفتاء المصرية إن دعاء المسلم لأخيه بعد الوضوء بقوله "زمزم" هو من العادات المستحسنة؛ لأنه دعاء بالوضوء أو الشرب أو الاغتسال من ماء زمزم المبارك، ومراد الداعي بذلك هو الدعاء بأداء الحج أو العمرة اللذين يشتملان على الشرب من زمزم.
حكم قول زمزم بعد الوضوءوأوضحت الإفتاء أن الدعاء عقب الوضوء مستحب، والقول بأن ذلك بدعةٌ فهو قول باطل؛ لمخالفته لعموم أدلة الشرع، وتضييقه على الناس من غير حجة.
بيان فضل ماء زمزم وخصائصه
أضافت الإفتاء أن زمزم اسمٌ للبئر المعروفة بمكة المُكرَّمة عند بيت الله الحرام، وماؤه خيرُ ماءٍ على وجه الأرض، وأفضل أنواع المياه بعد الماء النابع من أصابع النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم، ويكفي هذا الماءَ شرفًا أن الله تعالى اختاره لتَغسل به الملائكة الكرام صدر النبي المصطفى عليه وعلى آله الصلاة والسلام، في حادثة "شقِّ الصدر الشريف" المشهورة.
وقد جُمِع لماء زمزم من الفضل والشرف ما لم يُعرف لغيره؛ ففيها معنى الطعام، والشراب، والشفاء:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «خَيْرُ مَاءٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مَاءُ زَمْزَمَ فِيهِ طَعَامٌ مِنَ الطُّعْمِ وَشِفَاءٌ مِنَ السُّقْمِ» أخرجه الطبراني في معجميه "الأوسط" و"الكبير" من حديث ابن عبَّاس رضي الله عنهما.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَأَبْرِدُوهَا بِمَاءِ زَمْزَمَ» أخرجه البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
وعن ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: "كُنَّا نُسَمِّي زَمْزَمَ شَبَّاعَةَ، وَنَزْعُمُ أَنَّهَا نِعْمَ الْعَوْنُ عَلَى الْعِيَالِ" أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة في "مصنفيهما"، والطبراني في "المعجم الكبير".
وكان سيدنا العباس رضي الله عنه يقول: "ما أُحِبُّ أنَّ لي بها جميعَ أموالِ أهلِ مكةَ" أخرجه ابن سعد في "الطبقات".
وتابعت الإفتاء قائلة: لذلك كان أهل مكة يُغسِّلون بها موتاهم؛ لبركتها وفضلها؛ فعن ابن أبي مليكة قال: "كنتُ أول من بشَّر أسماء رضي الله عنها بالإذن في إنزال عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، قال: فانطلقنا إليه، فما تَناوَلْنا منه شيئًا إلا جاء معنا، قال: وقد كانت أسماءُ رضي الله عنها وُضِعَ لها مِرْكَنٌ فيه ماءُ زمزم، وشَبٌّ يماني، فجعلنا نناولها عضوًا عضوًا فتغسله، ثم نأخذه منها فنضعه في الذي يليه، فلما فرغت منه أدرجناه في أكفانه، ثم قامت فصلت عليه، وكانت تدعو: "اللهم لا تُمِتْني حتى تُوليني جُثَّته"، فما أتت عليها جمعة حتى ماتت" أخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"، وقال عقبه: "وأهل مكة على هذا إلى يومنا يغسلون موتاهم بماء زمزم، إذا فرغوا من غسل الميت وتنظيفه جعلوا آخر غسله بماء زمزم تبركًا به".
فضل دعاء المسلم لأخيه وبيان ثوابه
ورغَّب الشرع الشريف في دعاء المسلم لأخيه، وجعل ذلك من وجوه الخير ومظاهر البرِّ؛ تأليفًا للقلوب، وتوثيقًا لعُرى المحبة، وجعله أكثر الدعاء قبولًا وأسرعه إجابةً؛ حتى قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: "إن دعاء الأخ لأخيه في الله عز وجل يستجاب" أخرجه ابن المبارك في "الجهاد"، والإمام البخاري في "الأدب المفرد"، والإمام أحمد في "الزهد"، والدولابي في "الكنى والأسماء"، والبيهقي في "شعب الإيمان".
استحباب الدعاء بعد الانتهاء من العبادات
قد بيَّن الشرع أنَّ هناك هيئاتٍ وأحوالًا وأمكنة وأزمنة يكون فيها الدعاء أقرب للقبول وأرجَى للإجابة، وأنها من نفحات الله تعالى على عباده؛ كهيئة السجود، ورفع اليدين، وكحال التلبس بالعبادات المختلفة، وعقب الانتهاء منها؛ من تطهر ووضوء، وصلاة وصوم، وزكاة وحج، ومن الأمكنة: كالبيت الحرام، والمسجد النبوي، والروضة الشريفة، والمسجد الأقصى، وطور سيناء، ومن الأزمنة: كشهر رمضان، والعشر الأُوَل من ذي الحجة، وليلة القدر، وثلث الليل الأخير، ونحو ذلك.
وقد جمع العلماء هذه الفضائل، وبينوا مالها من الميزات والفواضل، وخصوها بالشروح والتآليف، وأفردوها بالأجزاء والتصانيف؛ كـ "فضائل مكة" للإمام الحسن البصري، و"فضائل رمضان" لابن أبي الدنيا، و"الجمعة وفضلها" لأحمد بن علي المروزي، و"فضائل المدينة" لأبي سعيدٍ الجندي، و"فضل عشر ذي الحجة" للطبراني، ونحوها.
فمن ذلك: دعاء سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام عقب فراغه من بناء الكعبة؛ في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [البقرة: 127].
ودعاء امرأة عمران عليها السلام عقب نذرها ما في بطنها لله تعالى؛ في قوله تعالى: ﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [آل عمران: 50].