رغم مقاطعتها.. القوات لا تمانع دعوة بري لحوار بمن حضر؟!
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
على عكس "خصمها"، رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، الذي انتقل من ضفّة "التأييد المطلق" لمبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الحوارية، إلى ضفّة "الرفض المبطن" لها، من خلال "الشروط" التي يطلبها، لا تزال "القوات اللبنانية" ثابتة على موقفها الرافض للحوار بالمُطلَق، استنادًا إلى رؤيتها بأنّه يكرّس "عرفًا مخالفًا للدستور"، فضلاً عن كونه "تضييعًا للوقت"، يريد من خلاله "حزب الله" تحقيق أهدافه.
وعلى الرغم من الجدل الذي يثيره موقف "القوات" الرافض للحوار، معطوفًا على مقولة "تفضيل" استمرار الفراغ لأشهر وسنوات على الجلوس مع "حزب الله" على الطاولة، في حين أنّ الحوار والتفاهم قد يكون المَخرَج الوحيد للأزمة، يسجّل البعض لـ"القوات" انسجامها مع الذات، علمًا أنّ هناك من يعزو التغيّر المقابل في موقف باسيل، إلى "شعبوية" أثارتها الخشية من "مكاسب" قد تحقّقها "القوات" على حسابه في الشارع المسيحي.
لكن، إذا كان باسيل يحذّر من منطق "الحوار بمن حضر"، ويصرّ على "حجز" موقعه في أيّ تسوية يمكن أن تُبرَم، أو أيّ تشاور يمكن أن يحصل، مهما كان شكله، رُصِد بعض القياديين في "القوات" يدعون رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى إنجاز الحوار، ولو قاطعوه، والانتقال إلى الشقّ الثاني من المبادرة، أي الجلسات المتتالية، فهل تؤيد "القوات" فعلاً فكرة "الحوار بمن حضر"، وحتى لو قاطعه المسيحيّون بالمُطلَق، ما يُفقِده "الميثاقية"؟!
"حوار بمن حضر"؟
يقول العارفون إنّ "القوات" ليست مع "حوار بمن حضر" في المبدأ، لأنها ترفض "الحوار" في الأصل، بمعزَلٍ عمّن يرغب بالمشاركة فيه، ومن يحضره، وبغضّ النظر عن مدى "ميثاقيته"، مؤكدين أنّ هذا الموقف "المبدئي" لا يتغيّر إذا ما تأمّنت "الحيثية المسيحية" للحوار، سواء إذا حضره "التيار الوطني الحر" مثلاً، أو شاركت فيه قوى مسيحية وازنة بالحدّ الأدنى، لأنّ كلّ ذلك ليس سوى "تفصيل" في المشهد العام، على تعقيداته وحساسيّاته.
بالنسبة إلى "القوات"، فإنّ نقاش "الميثاقية" لا ينبغي أن يكون مطروحًا من الأصل، لأنّ الميثاقية تؤثّر في الاستحقاقات الدستورية المهمّة، فلا بدّ من تأمينها مثلاً في جلسات مجلس النواب، وجلسات الحكومة، وغيرها، التزامًا بمقتضيات الدستور، إلا أنّ النقطة الجوهرية هنا أنّ الحوار ليس استحقاقًا دستوريًا، بل إن الدستور لا ينصّ عليه أبدًا، ما يجعل انعقاده غير مؤثّر من الناحية الدستورية، تمامًا كما أن أيّ نتائج يمكن أن يفرزها تبقى غير ملزمة لأحد.
لكلّ ما سبق، يقول "القواتيون" إنّ الموقف واضح لا يحتمل اللبس، فـ"القوات" ليست مع الحوار "بمن حضر"، لكنّها ليست أيضًا مع "الحوار" بكلّ أشكاله، ولو حضره جميع الأفرقاء باستثنائها، لأنّها تعتبر أنّه يكرّس عرفًا يخالف الدستور، ويترك انطباعًا بأنه "ممرّ إلزامي" لانتخاب الرئيس، خصوصًا أنّ مبادرة الرئيس نبيه بري تربط بينه وبين الجلسات المتتالية، في حين أنّ هذه الجلسات يفترض أن تكون أمرًا بديهيًا وتحصيلاً حاصلاً، بموجب الدستور.
ما تريده "القوات"
انطلاقًا ممّا تقدّم، فإنّ ما تريده "القوات" هو الانتهاء من النقاش "البيزنطي" حول الحوار، الذي لا يغيّر في "عدم دستوريته"، من وجهة نظره، إن كان "تقليديًا" كما يريده الرئيس نبيه بري، أو "غير تقليدي" كما يريده الوزير السابق جبران باسيل، ولا يؤثر على ذلك أيضًا إن عقد "برئيس ومرؤوس"، أو من دونهما سويًا، فالمطلوب برأيها الذهاب فورًا إلى تطبيق الدستور، عبر جلسات برلمانية متتالية لا تنتهي إلا بانتخاب رئيس للجمهورية كما ينصّ الدستور.
بهذا المعنى، فإنّ ما تدعو إليه "القوات" عمليًا هو الفصل "غير المنطقي" برأيها، بين إنجاز الحوار، والجلسات الانتخابية المتتالية، لأنّ الحوار في أحسن الأحوال هو "ترف"، فيما الإصرار عليه "بدعة"، فكيف بالحريّ إذا ما تحوّل إلى "شرط" لتطبيق الدستور، في حين أنّ ما يجدر العمل عليه، برأي أوساط "القوات" والدائرين في فلكها،هو الاحتكام إلى صندوق الاقتراع، وانتخاب رئيس وفق ما ينصّ عليه الدستور بكلّ شفافية.
وبهذا المعنى أيضًا، يفسّر "القواتيون" دعوة البعض منهم الرئيس بري إلى إنجاز "الحوار بمن حضر"، على أنّه دعوة للأخير للمضيّ بمبادرته وعدم تضييع المزيد من الوقت، من أجل الانتقال إلى الشقّ الثاني منها، فـ"القوات" وإن قاطعت الحوار، لن تتأخّر في القيام بواجبها الدستوري والمشاركة في جلسات الانتخاب، بمعزل عن نتائج الحوار، وما يمكن أن يترتّب عليه، لأنّ أيّ اتفاق، إن حصل، وهو غير مرجَّح، لا يمكن أن يكون ملزمًا لها.
يقوم منطق "القوات" باختصار، على أنّ الجلسات الانتخابية المتتالية هي الأساس، لا الحوار، وبالتالي فإنّها تريد من رئيس مجلس النواب تنفيذ "وعده" بالذهاب إلى هذه الجلسات، مع أو من دون الحوار. لكن، مرّة أخرى، يصطدم هذا المنطق بواقع قد يكون من الصعب "التطبيع" معه، واقع يقضي بأنّ الجلسات المتتالية ليست حلاً، من دون تفاهم، من شأنه تأمين "نصاب الجلسات" بالحدّ الأدنى، وهنا بيت القصيد! المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: مجلس النواب نبیه بری یمکن أن بمن حضر
إقرأ أيضاً:
المعارضة تتحسب لتعذُّر تعديل الدستور لانتخاب قائد الجيش رئيساً
يدخل انتخاب رئيس للجمهورية في مرحلة غربلة أسماء المرشحين مع دعوة "اللقاء الديمقراطي" الذي يرأسه النائب تيمور جنبلاط لانتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون في الجلسة المقررة في التاسع من كانون الثاني المقبل، ومضي رئيس تيار "المردة" النائب السابق سليمان فرنجية في ترشحه، وتفاهم قوى المعارضة على وضع الخطوط العريضة لخريطة الطريق في تعاملها مع الاستحقاق الرئاسي، استعداداً منها لمواجهة كل الاحتمالات في حال امتناع الثنائي الشيعي عن تعديل الدستور لانتخاب عون رئيساً بوصفه أحد أبرز خياراتها الرئاسية.وكتبت" الشرق الاوسط": المعارضة في اجتماعها توصلت إلى ما يشبه التفاهم التام بوضع خريطة الطريق في مقاربتها لانتخاب الرئيس على قاعدة أن العماد عون يبقى على رأس خياراتها الرئاسية، لكن من حقها التحسب لكل الاحتمالات في حال تعذّر تأمين أكثرية ثلثي أعضاء البرلمان (86 نائباً) لتعديل الدستور لإيصاله إلى الرئاسة، وإلا فلا بد من إجراء مشاورات من باب الاحتياط المسبق مع الكتل النيابية، لقطع الطريق على الفريق الآخر لتمرير رئيس من طرف واحد، رغم أن هذا الفريق سيواجه صعوبة في تأمين نصف عدد النواب زائداً واحداً أي 65 نائباً لتأمين انتخابه، ما يضطره للتواضع والتسليم بميزان القوى بداخل البرلمان للتوافق على رئيس يلتزم بتطبيق الدستور، ويتمتع بالمواصفات التي حددتها اللجنة "الخماسية"، والتي من دونها لا يمكن للعبور بلبنان لمرحلة الإنقاذ.
ويأتي تحسب المعارضة لكل الاحتمالات في محله، بحسب مصادرها لـ"الشرق الأوسط"، وهي تتريث في حسم موقفها من الرئاسة ريثما تتمكن من اختبار مدى تجاوب الثنائي الشيعي مع تعديل الدستور، أو أن البديل هو التوصل إلى تسوية وازنة تكون بمثابة خريطة طريق لانتخاب رئيس يحظى بأوسع تأييد مسيحي ويرضى عنه الثنائي وحلفاؤه، آخذاً بعين الاعتبار بأن لا خيار أمامه سوى مد اليد للتعاون مع المعارضة والكتل النيابية الوسطية التي أخذ بعضها يتفلت من التحاقه بمحور الممانعة الذي أصبح من الماضي.
ولفتت المصادر إلى أن الخطة الوقائية التي تعدها المعارضة تحسباً لمواجهة كل الاحتمالات تلحظ ضرورة الانفتاح على "اللقاء الديمقراطي" والكتل النيابية التي تتموضع في الوسط، ويستعد معظمها للخروج من المنطقة الرمادية للإعلان بوضوح عن خياره الرئاسي، علماً بأن معظمها، كما يقول مصدر سياسي مواكب للحراك النيابي، بات يميل إلى حسم موقفه في ظل تزايد الحديث عن تحول لدى الغالبية من النواب السنّة على نحو يمكنهم بأن يكونوا في عداد الناخبين الكبار، لا أن يقتصر دورهم على الاقتراع للمرشحين من دون التأثير في النتائج.
وأكدت أنها ترفض الربط بين انتخاب الرئيس وتسمية من سيكلَّف بتشكيل الحكومة؛ لأنه لا مكان، لأي مقايضة من هذا القبيل، لأن تكليفه يبقى حصراً بيد النواب، ولا يمكن القفز فوق صلاحياتهم الدستورية.
وبالمناسبة، حذرت المعارضة من أي محاولة لقيادة "حزب الله" للالتفاف على ما نص عليه اتفاق وقف النار تطبيقاً للقرار 1701، وقالت إنه لا مجال للعب بمندرجاته والاجتهاد بتطبيقها، ما يترتب عليه من ردود فعل جامعة على كل المستويات، وبالتالي فإن إبقاء "حزب الله" على ازدواجية السلاح سيلحق الضرر بصدقية لبنان أمام المجتمع الدولي، ويشكل إحراجاً للحكومة التي كانت تبنّت الاتفاق بحذافيره بلا أي تعديل، ولم يعد أمامه سوى الخروج من حالة الإكبار والإنكار والإقرار بالتحولات التي امتدت من لبنان إلى سقوط الرئيس بشار الأسد في سوريا، وصولاً إلى انكفاء إيران في الداخل وتشتت محور الممانعة وتفكيك أذرعه في المنطقة، ولم يعد له من تأثير بالعودة بلبنان إلى الوراء.