تقشف قسري يكبح جماح الأسعار في السودان
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
تشهد الأسواق في السودان حالة من الركود الحاد في حركة البيع والشراء، بينما تراجعت أسعار معظم السلع الاستهلاكية بمعدلات نسبية بعد أن ارتفعت لمستويات قياسية مع بداية الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع منتصف أبريل الماضي.
ويعود الكساد الحالي بشكل أساسي، وفق خبراء إلى شح السيولة النقدية لدى المواطنين بعد توقف مصادر دخلهم من الأعمال الحرة والرواتب التي لم يتسن صرفها لموظفي الخدمة العامة والمعاشيين طوال 5 أشهر ماضية وهو ما دفع السكان إلى الإحجام عن شراء كثير من السلع.
ويقول أحمد الهادي – أحد التجار في السوق المركزي بمدينة ود مدني لموقع “سكاي نيوز عربية” “تراجع البيع بشكل كبير خلال الشهرين الماضيين، وقد ظللنا نجلس أمام متاجرنا من الصباح إلى المساء في انتظار الزبائن لكنهم لا يأتوا”.
-Advertisement-
Ads by
ويضيف “السوق مكتظ بالناس ولكن غالبيتهم يكتفي بسؤالنا عن أسعار المنتجات ومن ثم يذهب دون أن يشتري شيئا، من الواضح أنهم لا يملكون الأموال بسبب توقف المرتبات علما أن شريحة الموظفين كانت الأكثر استهلاكاً من بين زبائننا”.
وانخفضت أسعار 4 سلع أساسية بنسبة 100 بالمئة في كل من العاصمة الخرطوم وولايتي الجزيرة وسنار وسط السودان وهي طحين القمح، وصابون الغسيل، والشعيرية، والخضر والفاكهة.
كما تراجعت أسعار العدس والأرز بمتوسط 25 بالمئة، بينما شهدت أسعار السكر وزيوت الطعام بشكل طفيف هذه الأيام، وذلك بحسب ما نقله أصحاب محال تجارية في تلك المناطق لموقع “سكاي نيوز عربية”.
ويشير حسين صالح – أحد التجار في مدينة سنار إلى أن التراجع في بعض السلع الاستهلاكية مثل طحين القمح والصابون يأتي نتيجة إلى وصول كميات كبيرة منها مستوردة من دول الجوار وعملت على إغراق كامل للأسواق في ظل انخفاض كبير في الشراء.
ويقول صالح في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية” “نتعرض إلى خسائر كبيرة حيث لدينا نفقات على إيجار المحال التجارية إلى جانب الرسوم والجبايات المفروضة من السلطات الحكومية، وفي المقابل هناك ضعف شديد في حركة الشراء”.
وينبه إلى أن بداية كل شهر كانت تشهد ارتفاعا كبيرا في حركة البيع ويعول عليها كل أصحاب المحال التجارية سواء السلع الغذائية أو الملابس لتحقيق أرباح واسعة، لكن هذا الشي توقف منذ اندلاع الحرب في أبريل الماضي.
ولم يتقاض نحو 4 ملايين سوداني يعملون في قطاع الخدمة العامة رواتبهم على مدار الـ5 أشهر الماضية، كواحد من بين أسوا تداعيات الحرب الضارية التي التهمت مركز الاقتصاد السوداني وعطلت الإنتاج والضرائب والجمارك التي تعتمد عليها الدولة في تغطية المصروفات العامة.
ومع توقف الأعمال والرواتب اضطر السودانيون للدخول في تقشف قسري والاعتماد على سلة غذائية محدودة وتقليص عدد الوجبات إلى أقل من اثنتين في اليوم لبعض العائلات.
ويقول صديق الطيب وهو موظف حكومي نزح من الخرطوم إلى مدينة ود مدني بولاية الجزيرة “أجبرتنا الظروف الاقتصادية على تغيير نمطنا الغذائي فصرنا نعتمد على الأطعمة البلدية التي تصنع من الذرة المحلية لأن أسعارها أقل من خبز طحين القمح الذي لا نستطيع شراءه كل يوم”.
ويضيف الطيب في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية” “توقف راتبي وعملي الإضافي في حين أتحمل تكاليف عالية نظير إيجار المنزل الذي نسكنه في ود مدني فكان لزاما علينا التنازل عن كثير من السلع خاصة الفواكه واللحوم التي أصبحت بمثابة سلع رفاهية بالنسبة لنا، فلم يكن أمامنا أي خيار غير ترشيد الإنفاق الأسري”.
ووصلت شحنات مساعدات إنسانية من الخارج، ولكن لم يتسن وصولها إلى متضرري الحرب وذلك نتيجة لعدم وجود ممرات آمنة في ظل استمرار الاشتباكات العسكرية بين الجيش وقوات الدعم السريع.
يقول الخبير الاقتصادي إبراهيم أونور لموقع “سكاي نيوز عربية” إن “الركود وتراجع الإنتاج تأتي كنتاج طبيعي لعدم وجود قوة شرائية نتيجة توقف الرواتب وأنشطة الدخل الجانبية للمواطنين”.
ويشير إلى أن السكان يعيشون حاليا على الحد الأدنى من الاستهلاك، مما أدى إلى الركود الذي نشهده في الوقت الراهن فهي أمور مترابطة تعتبر أحد تداعيات الحرب.
ويوضح أن تراجع أسعار بعض السلع نتاج طبيعي أيضاً لتوسع العرض السلعي في المقابل هناك قلة في الطلب وعمليات الشراء.
سكاي نيوز عربية
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: سکای نیوز عربیة
إقرأ أيضاً:
هل تُصنع السلع الغربية الفاخرة في الصين حقا؟ أم يستغل تجار التقليد الحرب الاقتصادية؟
تنتشر مقاطع فيديو على تيك توك تتهم دور أزياء عريقة بتصنيع منتجاتها سرا في الصين وبيعها بأسعار تفوق تكلفتها بأضعاف مضاعفة… لكن وراء هذه الفضائح المفترضة، ثمة عملية مدروسة يسعى مدبروها لبيع منتجات مقلدة، مستغلين حالة الغموض المحيطة بالرسوم الجمركية.
ويدّعي صنّاع محتوى صينيون يُقدمون أنفسهم على أنهم عمال أو مُقاولون من الباطن في مجال السلع الفاخرة، أن سلطات بكين رفعت شروط السرية الملزمة للمقاولين من الباطن المحليين ردا على الزيادة الحادة في الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الصين.
هذا القرار الصيني المفترض -الذي لم تعثر وكالة "فرانس برس" على أي أثر له- يتيح بحسب المروجين له، الكشف عن الآليات الخفية لتصنيع السلع الفاخرة في الصين. كما من شأنه تشجيع المستهلكين الغربيين على الشراء مباشرةً من مواقع إلكترونية تبيعها من دون أي شعار تجاري ولكن بالجودة والتصميم المُفترضين نفسيهما، بأسعار مُنخفضة للغاية، على سبيل المثال، بـ1400 دولار لحقيبة تحمل توقيع مصممين مشهورين بدلا من سعرها الأصلي البالغ 38 ألف دولار.
ورفضت علامات تجارية مستهدفة بهذه الفيديوهات -بينها الماركات الفرنسية "إيرميس" و"شانيل" و"لوي فويتون" التي تصنع منتجاتها في أوروبا أو الولايات المتحدة وفقا لمواقعها الإلكترونية- الرد على أسئلة حول الادعاءات الواردة في هذه المقاطع المصورة المنتشرة على نطاق واسع.
إعلانلكن الرئيس المؤسس لـ"مركز الفخامة والإبداع" جاك كارلس يرى أن فكرة تصنيع دور الموضة الكبرى منتجاتها في الصين "سخيفة". ويوضح، "سيكون ذلك بمثابة انتحار. لو وُجد دليل -وهو غير موجود- لكان ذلك ضربة قاضية. العلامات التجارية ليست مجنونة".
بينما يُشدد مستخدمو تيك توك على خبرات العمال الصينيين الذين يُصوَّرون على أنهم أصحاب مهارات تستعين بهم العلامات التجارية الفاخرة الكبرى في الخفاء، يوضح كارلس أن "ورش التزوير هذه لا تحترم مطلقا مختلف مراحل التصنيع"، مستشهدا بمثال حقيبة "بيركين" الشهيرة من "إيرميس" التي تتطلب "مئات الساعات من العمل".
في الواقع، يسعى مستخدمو الإنترنت الذين ينشرون هذا المحتوى إلى "إثارة الشكوك" بهدف "استنفاد مخزوناتهم" من المنتجات غير القانونية، وفق كارلس الذي يتحدث عن "حملة واسعة الانتشار تعززت عبر وسائل التواصل الاجتماعي" و"يصعب التصدي لها". أما العلامات التجارية، من جانبها، فتلزم الصمت و"تتعامل مع الأمر بازدراء"، وهو خطأ وفق كارلس.
ويرى أستاذ تسويق المنتجات الفاخرة في كلية إمليون الفرنسية للأعمال ميشال فان أن اتهام الصين بإنتاج منتجات فاخرة سرية يتم الترويج لها على أنها مصنوعة في أوروبا "لا أساس له من الصحة".
كذلك الأمر بالنسبة للرواية التي طُرحت على تيك توك وتُفيد بأن ذلك يشكل ردا صينيا على الإجراءات الجمركية الأميركية. ويقول فان "هذا غير منطقي، لأن مهاجمة العلامات التجارية الأوروبية لا تضر الحكومة الأميركية بأي شكل من الأشكال".
وأثارت مقاطع الفيديو هذه استياء لدى مستخدمي الإنترنت، إذ عّبر البعض ممّن اطلعوا على هذه الفضائح المفترضة عن "الغضب" لشرائهم منتجات فاخرة بأسعار باهظة.
إعلانوسأل آخرون في التعليقات عن أسماء "موردي العلامات التجارية الفاخرة الكبرى" في الصين الذين يمكنهم شراء المنتجات منهم بأسعار مخفضة.
في الوقت نفسه، يُنظّم تجار صينيون عمليات بيع مباشرة على تيك توك، عبر ربطها بمواقع إلكترونية.
وتحصد فترات البث الحي أو الرسائل المباشرة مئات المشاهدات لكل منها. وتُعرض فيها نماذج للمنتجات الفاخرة وتُرقّم وتُرتّب على الرفوف. وفي إحدى هذه الرسائل، يقول صوت مولد بواسطة الذكاء الاصطناعي بالفرنسية "توصيل سريع "دي إتش إل". منتجات مطابقة لتلك الموجودة في المتاجر. الفرق الوحيد: السعر".
ويُدعى مستخدمو الإنترنت إلى مسح رمز الاستجابة السريعة أو النقر على رابط لإتمام عملية الشراء عبر "واتساب" أو "باي بال".
ورصدت وكالة فرانس برس حوالي 20 بثا مباشرا مشابها تُبثّ في آنٍ واحد باللغتين الإنكليزية والفرنسية، ما يُشير إلى أن مستخدمي الإنترنت في أوروبا وأميركا الشمالية هم المستهدفون الرئيسيون.
وحذّرت وزارة التجارة الصينية في بيان من أنه "سيتم إبلاغ السلطات فورا عن أي حالة لإعلان مُضلّل، أو انتهاك، أو إنتاج سلع مُقلّدة من مُقدمي الخدمات الذين يُقدّمون أنفسهم على أنهم مقاولون من الباطن لعلامات تجارية كبرى"؛ للتحقيق فيها ومعاقبة المسؤولين عنها.
وتُعرف الصين بانتظام بأنها أكبر بؤرة لتقليد المنتجات في العالم. وبحسب بعض التقديرات، تُصنّع 70 إلى 80% من المنتجات المقلدة في البلد الآسيوي العملاق.
ويشكل شراء المنتجات المقلدة مخالفة قانونية في دول الاتحاد الأوروبي، وكذلك في العديد من الدول الأجنبية الأخرى. وفي فرنسا، يُعاقَب على هذه الجريمة بالسجن لمدة 3 سنوات وغرامة قدرها 300 ألف يورو. كما يُمكن للجمارك مصادرة المنتجات وفرض غرامة تعادل قيمتها.
وبحسب مكتب "الاتحاد الأوروبي للملكية الفكرية" (EUIPO)، يُكلّف التزوير الصناعة الأوروبية 16 مليار يورو سنويا. وأكثر القطاعات تضررا هي الملابس ومستحضرات التجميل وألعاب الأطفال.