حسين خوجلي: لطائف من سودان 56
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
رغم كل الأحزان التي تعيشها بلادنا فأنا مُّصر أن يحارب هذا الشعب المناضل مأساته بالصبر والصلاة والدعابة، وأن يكون صف العرسان مماثلاً لصف الشهداء، وأن يتعانق هتاف الجلالات مع اغاريد العديل والزين. ومن بين اصطخاب الأحزان مرت بخاطري هذه اللطائف التي أصر على إرسالها مضاداً حيوياً ضد الغادرين الذين يحاولون ليل نهار زرع
الدموع والكآبة، ولكن هيهات.
١/ حكى لي أحد ظرفاء شندي بأن عمدة مشهور في إحدى قرى الجعليين أسلم الروح بعد نضالٍ طويل مع المرض، وكان الرجل كريماً شجاعاً (وصباح خير). قام إخوته بإعداد الجثمان الطاهر بكامل مقتضيات السنة من غسيل وحنوط وتكفين. وحين استعدوا لحمله على الأكتاف الواجفة نحو مثواه الأخير وسط تكبير الرجال وعويل النساء، همس ابنه الصغير بجذع في أذن عمه بأن والده حي لأنه رأى اصبع ابهامه يتحرك مراراً. فرد عليه عمه بحسم: ( شوف يا ولد بلا خيابة معاك؟ علي الطلاق أبوك دة كان قام هز بضراعاته برضه ندفنه، انت داير القبايل تشمت فينا وتقول الجعليين آخر الزمن بقوا ما بعرفوا الموت؟ وحكايات الجعليين في معاندة الحياة الرخوة تملأ اسفاراً ومكتبات.
٢/ حكى لي صديقٌ من الرفاق بأن الراحل محمد ابراهيم نقد سكرتير الحزب الشيوعي حين زار العراق ظل يتلقى دعوات من القيادات السودانية هناك بولائم علقت فيها عشرات الخرفان التي تربت ما بين الرصافة والجسر، وأصبحت المرارة وأم فتفت والسلات عند الرجل مثل الماء والهواء. وعندما هم بالمغادرة وتوسط مطار بغداد متوجهاً صوب الخرطوم الحبيبة همس في أذنه مرافقه قائلاً: يا أستاذ نقد الطيارة دي حتتأخر شويه، وبجوار المطار هنالك مطعم شهير بالمشويات فما رأيك في وجبة غداء؟ هنا ثار أستاذ نقد وعلى طريقة الدعابة التي اشتهر بها صاح في وجه الشاب بصوتٍ انتبه له جميع الحاضرين: حكايتكم شنو أيها النشامى، انتو بعثيين ولا جعليين؟
٣/ أما الحكاية الثالثة بعد حركة ديسمبر ٢٠١٨ يومها تنحى البشير حين أخطره الضباط الكبار بأنهم قد استولوا على السلطة، فقال الرجل في اعتداد: على بركة الله .. وابقوا على السودان عشرة، وأتم ركعاته في خشوع (وحدث ما حدث) وما زال العرضُ مستمراً.
قابلت بعد اعتقال الرئيس شاب على علمٍ واستقامة وكان إماماً لمسجد القيادة، سألته بفضول الصحفيين المطبوع عن ذكرياته مع البشير، فقال لي وقد كست وجهه سحابة حزن فسيح، الحديث يا أستاذ يطول، ولكن سأعترف لك بأمرين حتى نلتقي في متسع. (طيلة فترة واجبي إماماً بالمسجد ما أتيت صلاة الفجر قط إلا وجدت الرجل أمامي بالصف الأول، ولم يمر علينا اثنين أو خميس إلا كان الرجل صائماً).
وقد حرضتني هذه الشهادة الصادقة من قلب المأساة التي تعيشها بلادنا أن أرسل هذه البرقية للرجل في عليائه:
أخي الرئيس نحن سألناك أن تدعو حصرياً على القحاطة، ولكننا لم نسألك أن تدعو على الشعب السوداني.
حسين خوجلي
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
قبل قمة الـ20.. تفجيران في البرازيل ومقتل شخص
قال مسؤولون إن شخصاً قتل بعد محاولته تفجير قنبلة قرب المحكمة العليا في البرازيل حيث حاول دخول المبنى أمس الأربعاء، وهو ما يثير مخاوف أمنية قبل استضافة البلاد لقادة مجموعة العشرين.
ووقع انفجاران قبل خمسة أيام من اجتماع دول المجموعة في ريو دي جانيرو، والذي ستعقبه زيارة دولة سيقوم بها الرئيس الصيني شي جين بينغ للعاصمة برازيليا.
ووقع الانفجار الأول مساء أمس الأربعاء في موقف سيارات مجاور لمبنى المحكمة، فيما وقع الثاني بعد ثوان أمام المحكمة حيث عثر على جثة الرجل.
وقالت المسؤولة المحلية سيلينا ليو إن المعلومات الأولية تشير إلى أن الرجل انتحر باستخدام متفجرات بعد محاولته دخول المحكمة العليا.
وأضافت أنه كان مالك سيارة كانت متوقفة في مكان قريب وأدى انفجار آخر فيها إلى فتح صندوقها الخلفي.
وعبرت ليو عن أملها أن تكون الجريمة من تنفيذ "ذئب منفرد"، لكنه لم يتنس لها تأكيد ذلك.
ووقع الانفجاران قرب ساحة السلطات الثلاث، وهي ساحة شهيرة في برازيليا تربط بين المباني الرئيسية للأذرع الثلاث للحكومة الاتحادية في البرازيل.
وكانت الساحة مسرحاً لأعمال شغب في الثاني من يناير كانون الثاني من العام الماضي عندما نهب أنصار الرئيس السابق جايير بولسونارو المباني احتجاجاً على هزيمته الانتخابية.
Brazil’s Supreme Court evacuated after deadly explosion kills man https://t.co/96x4OacFcq
— Independent US (@IndyUSA) November 14, 2024وقالت المحكمة العليا في بيان إن قضاة المحكمة كانوا قد أنهوا للتو جلسة عامة عندما وقع الانفجاران وإنه تم إجلاؤهم بسرعة.
وكان الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا قد غادر القصر التنفيذي قبل وقت قصير من وقوع الانفجارين.