قصة النبي المزيف في البرازيل.. الأتباع 50 ألف شخص وتشكيل من 200 قسّ
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
رغم انتشار عمليات الاحتيال باستخدام الخطاب الديني في جنوب القارة الأميركية، فإنه لا أحد كان يتوقع أن يصل حصاد أرباح العملية الأخيرة إلى 30 مليون دولار، عبر خداع نحو 50 ألف شخص، على مدى 5 سنوات الماضية، إذ تمكنت فيها شبكة قساوسة إنجيليين من "تخدير" مُريديهم بشكل فائق الحِنكة. وأثار هذا الخبر دهشة واسعة، لكنه طرح بشكل جدّي مسألة القدرة على تطويع العاطفة لدى البشر وسلبهم مدّخراتهم في الدنيا، في عصر ضربت فيه الأزمات المالية جميع الطبقات الاجتماعية، وأصبح فيه الناس أحرص من أي وقت مضى على الحفاظ على مكتسباتهم المادية.
عملية "النبي المزيف" -كما سمّتها الشرطة البرازيلية- تصدّرت نشرات الأخبار وشبكات التواصل الاجتماع في القارة الأميركية، منتصف الأسبوع الماضي، وذكّرت بعمليات مشابهة، لكنها صُنّفت على أنها الأكبر حجما في المنطقة.
الغريب في الحادثة أن كشفها لم يتمّ نتيجة شكاوى رسمية من الضحايا، وإنما تمّ إثر انتباه السلطات الرسمية لوجود 800 حساب بنكي يتبع 40 شركة مشبوهة النشاط، بأسماء مجموعة مكونة من 200 قس إنجيلي، تجمعهم أنشطة رقمية على شبكات التواصل الاجتماعي.
وحسب ما نشرته الشرطة البرازيلية، فإن هذه المجموعة تقوم باستقطاب متابعيها من المتدينين بعد دراسة دقيقة لما ينشرونه، وانتقاء الأكثر ضعفا أو "سذاجة"، ويبشرونهم بأن الرب "اصطفاهم" لتلقي البركات الإلهية؛ وعليه فإنهم مُطالبون بدفع مبالغ مالية معينة، قد تعود لهم في الدنيا على شكل أرباح طائلة، أو تكون جزاءً أكبر في الآخرة.
القساوسة "المستريحون"تميّز عمل هؤلاء القساوسة بحِنكة كبيرة، حيث كانوا يؤسسون بعض المشاريع الخيرية الاجتماعية، وأخرى ربحية، ويعتمدون الإشادة بنجاحها عبر شبكات التواصل الاجتماعي التي تجمعهم بالضحايا. بمعنى أن منطق جلب أكثر عدد من "الفرائس" هو المنطق نفسه الذي يعتمده "المستريّحون"، كما يُطلق عليهم في اللهجة المصرية، لكن الفرق الوحيد يتمثل في الخطاب الديني الذي يتمّ توظيفه من قِبل القساوسة.
و"المستريّح" -لمن يجهل اللفظ- هو الشخص الذي يتلقّى مبالغ مالية من أشخاص يطمعون في مراكمة الفوائد من دون عناء، ويعدهم بتسلمها بعد مدة وجيزة، بحجّة توظيفها في مشاريع ربحية، ويتمّ الوفاء بالوعد في البداية، ومع انضمام عدد أكبر من الأشخاص، تتراكم الأموال ثم يهرب "المستريّح" بأموال الجميع.
وإلى حدّ الآن تمكنت الشرطة البرازيلية من إيقاف ما يقارب 20 شخصا فقط، من الشبكة المتورطة في تلقّي نحو 30 مليون دولار، وقامت بمصادرة ممتلكاتهم ووضعهم تحت الإقامة الجبرية.
لقد ارتبطت ظاهرة الاحتيال في المجتمعات المسيحية ببعض الفضائح التاريخية التي أساءت بشكل كبير لصورة رجال الدين والتشكيك في ثقة المتدينين فيهم، ويعتقد البعض أن أغلبها تحدث في البلدان الفقيرة، التي يكون فيها المؤمنون الفقراء فريسة سهلة لمَكر المحتالين من "رجال الدين" المزيفين، وفي الوقت نفسه تعجز أنظمة الدولة على كشف شبكات الاحتيال مُحكمة الغلق. لكن البرازيل -مثلا- ليست البلد الضعيف استخباراتيّا، ورغم ذلك لم يفلح جهازها الأمني في كشف شبكة بالحجم الذي ذكرناه طوال نشاط دام 5 سنوات. والأدهى والأمرّ أن الولايات المتحدة الأميركية بقدرات نظامها الأمني والاستخباراتي الضخمة شهدت حادثة مشابهة، طرحت نقاط استفهام عديدة حول قدرة ظاهرة الاحتيال باسم الدين على الإطاحة بضحاياها وتجريدهم من أموالهم وممتلكاتهم، والنجاة من أعين الجهاز الأمني والقضائي لسنوات طويلة.
حدث في أميركاالحادثة التي شهدها المجتمع الأميركي يمكن عدّها أكثر خطورة من حادثة البرازيل، نظرا لهوية بطلها، وتفاصيل تطورها، وأيضا قيمة حصاد العملية الذي بلغ 28 مليون دولار، حسب ما نشره الادعاء العام الأميركي.
ففي أواخر سنة 2021، أسدل الستار على سلسلة حِيلٍ امتدت 10 سنوات، نجح خلالها المُذيع الأميركي الثمانيني ويليام غالاغار -عبر برنامج أسبوعي في راديو مسيحي ذائع الصيت بولاية تكساس- في خداع فئة معينة من مُتابعيه وسلبهم أموالهم وممتلكاتهم تحت شعار "من أجل تقاعد مُبكّر ومُريح"، باعتماد نظام "المستريّحين" الذي ذكرناه سابقا. وبلغت شُهرة الرجل حدود تلقيبه "بطبيب المال"، بناء على إتقانه دور الخبير في استثمار أموال متابعيه وفضله عليهم في تلقي فوائدها، و"كله بما يرضي الربّ"، حسب تعبيره.
بعض الدراسات الاجتماعية "لحالة غالاغار" ترى أن نجاحه في خداع متابعيه والقضاء الأميركي لا يعود فقط إلى موهبته الخطابية في المجال الديني والمالي معًا، بل إلى ذكائه المفرط في تلميع صورة الشخصية المالية الناجحة من خلال تأسيس 3 شركات، وتأليف كتاب بعنوان "يسوع المسيح، سيّد المال"، الذي انتشر بشكل واسع جدا في أوساط المسيحيين.
هناك تفاصيل أخرى أسهمت في نجاعة خطة الاحتيال التي نفذها غالاغار، ومن أبرزها أن عدد ضحاياه على مدى 10 سنوات بلغوا 190 فقط، وكلهم من فئة المتقاعدين الميسورين الذين تتراوح أعمارهم بين 62 و91 سنة.
صحيح أن القضاء الأميركي حكم على غالاغار بـ25 سنة سجنا نافذة، وعقوبة مالية قدرها 10 ملايين دولار، وما زال القضاء البرازيلي في أولى مراحل ملاحقة المسؤولين عن فضيحة احتيال القساوسة الإنجيليين الأخيرة؛ إلّا أن كلتا الحادثتين تؤكدان -بما لا يدعو مجالا للشك- أن خداع السّذج مستمرّ باستمرار المكر البشري، سواء باستخدام الخطاب الديني أو من دونه.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
نيمار يغادر البرازيل ليحتفل بعيد ميلاد ابنته
نواف السالم
غادر البرازيلي نيمار دا سيلفا لاعب الهلال من السعودية إلى البرازيل وذلك للاحتفال بعيد ميلاد ابنته ماڤي ، برفقة زوجته برونا بيانكاردي .
وكان الهلال قد أعلن بيان رسمي عبر حسابه على منصة التواصل الاجتماعي إكس “لقد أظهرت الأشعة إصابة نيمار جونيور بتمزق في العضلة الخلفية، وسيخضع لبرنامج علاجي وتأهيل يمتد من أربعة إلى ستة أسابيع”.
وتعرض نيمار ، لإصابة جديدة خلال مواجهة استقلال طهران الإيراني في دوري أبطال آسيا للنخبة لكرة القدم.
والجدير بالذكر أنه ، ترددت أنباء عن رحيل نيمار من الهلال ، ليعود مره اخري لنادي لنادي سانتوس .