توصل علماء أميركيون إلى اكتشاف مفاجئ يمكن أن يحدث ثورة في الطريقة التي نعالج بها السرطان، وذلك عبر استعمال عضية خلوية اسمها "الميتوكوندريا".

والميتوكوندريا (المتقدرات) هي أحد المكونات الداخلية الدقيقة للخلايا الحيوانية والنباتية المسؤولة عن توليد الطاقة بالخلية عبر إنزيمات لإتمام مختلف عمليات التنفس والتمثيل الغذائي من بناء وهدم.

وكشف الباحثون من معهد سالك في سان دييغو عن طريقة جديدة لتحسين قدرة الجسم على التعرف على الخلايا السرطانية ومكافحتها، واعدين بجعل العلاج المناعي في متناول نطاق أوسع من المرضى.

ونشرت الدراسة في مجلة ساينس، وكتبت عنها مجلة نيوزويك.

تقييد تدفق الطاقة

وفي الدراسة قام الباحثون بإحداث تغييرات في الميتوكوندريا لتقييد تدفق الطاقة، وأدى ذلك إلى تراكم مادة تسمى "السكسينات".

وللسكسينات عدد من الأدوار في جميع أنحاء الخلية، منها تنظيم التعبير الجيني، لذلك، من خلال زيادة تركيز السكسينات في الخلية تمكن الباحثون من زيادة التعبير عن جينات معينة تشارك في التواصل مع الجهاز المناعي، فيما تقوم الخلايا "الشرطية" في الجهاز المناعي بـ"دوريات" في أجسادنا تعرض خلايانا مجموعة من الجزيئات على أسطحها، والتي تعمل كنوع من الهوية الجزيئية للإشارة إلى أنها صحية، يتم أخذ عينات من هذه الجزيئات بشكل عشوائي من داخل الخلية، ويتم تثبيتها بواسطة هياكل خاصة على سطح الخلية تسمى البروتينات السكرية.

إن إعادة توصيل الميتوكوندريا لإنتاج مستويات أعلى من السكسينات تؤدي إلى زيادة عدد البروتينات السكرية على سطح الخلية، مما يعني إمكانية أخذ مزيد من المكونات من داخل الخلية، وهذا يعني أنه إذا كانت هناك أي طفرات مراوغة تطفو داخل الخلية فمن المرجح أن يلتقطها الجهاز المناعي، وبعبارة أخرى يصبح من الصعب على الخلايا السرطانية الهروب من أجهزتنا المناعية.

وقالت سوزان كيش المؤلفة الرئيسية المشاركة في الدراسة "هذه التغييرات تحول الورم بشكل أساسي إلى شيء يمكن للجهاز المناعي التعرف عليه، وقد يكون لذلك تأثير كبير جدا في مجال العلاج المناعي".

وقال توم ماكفيكار الخبير في إعادة برمجة الميتوكوندريا في السرطان بجامعة غلاسكو ومعهد بيتسون لأبحاث السرطان في المملكة المتحدة "تلعب الميتوكوندريا دورا متعدد الأوجه في السرطان".

وعلى سبيل المثال تقود الميتوكوندريا عملية التخليق الحيوي للجزيئات الكبيرة (مثل الدهون والعناصر الأساسية للحمض النووي) التي تعتبر ضرورية لنمو الخلايا السرطانية وانتشارها.

كما أن الميتوكوندريا مهمة لبقاء الخلايا السرطانية في البيئات الدقيقة القاسية وفي الاستجابة للعلاجات المضادة للسرطان، إنها تنظم التوازن الداخلي للخلايا ومسارات موت الخلايا والمسارات الالتهابية.

تحدٍ

لا تزال كيفية توجيه عملية إعادة توصيل الميتوكوندريا هذه لاستهداف الخلايا السرطانية تمثل تحديا.

وقالت كيش إن هذه المستقلبات المحددة يمكن توصيلها إلى الخلية بطرق مختلفة، مما يوفر طرقا عدة محتملة لتوصيل الدواء.

وأضافت "لقد أظهرنا أنه يمكننا توفير السكسينات للخلايا خارجيا والحصول على نفس التأثيرات، لذلك يمكن أن تأتي السكسينات من خارج الخلية أو داخلها".

وبينما يتعين القيام بمزيد من العمل لتحويل هذه النتائج إلى ممارسة سريرية يمكن تطبيقها على المرضى فإن هذا الاكتشاف يوفر وسيلة جديدة ومثيرة لحلول العلاج المستقبلية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الخلایا السرطانیة

إقرأ أيضاً:

التوصل للسبب الأكثر شيوعًا للسرطان.. دراسات تجيب

مازال السرطان من الأمراض المستعصية التي يحاول العلماء حتى الآن إيجاد سببه الأكيد والتوصل إلى علاج له ذو فاعلية أكبر من الكيماوي ، ولاطالما اعتقد أن عادات تدخين السجائر والإسراف في شرب الخمر وتناول الطعام بكثرة لسنوات، تُحدث ضررا بالحمض النووي وتضعف دفاعات الجسم ما يخلق بيئة مثالية لتشكل الأورام السرطانية.

لكن بعض الأبحاث توضح أن حدثا صادما واحدا قد يكون مرتبطا بتطور المرض القاتل بعد سنوات.

ويمكن أن يترك الطلاق المرير أو وفاة أحد أفراد الأسرة أو الإصابة الشديدة، أثرا شديدا عليك، ما يضعف كيفية استجابتك للتوتر لبقية حياتك، وربما يزيد من خطر الإصابة بالسرطان.

أوضحت نتائج دراسة حديثة أجريت عام 2019، شملت أكثر من 54 ألف امرأة، أن النساء اللاتي تعرضن لحدث صادم، مثل حادث سيارة أو اعتداء، ولديهن أعراض اضطراب ما بعد الصدمة، ارتفع لديهن خطر الإصابة بسرطان المبيض بمقدار الضعف مقارنة بالنساء اللاتي لم يتعرضن لصدمات نفسية.

ووجدت دراسة أجريت عام 2022 على 278 مريضا، أن غالبية المرضى الذين تم تشخيص إصابتهم بسرطان الرأس والرقبة والبنكرياس، تعرضوا لحدث مرهق قبل 5 سنوات من اكتشاف السرطان.

ومع ذلك، وجدت دراسات أخرى روابط أقل حسما بين السرطان والإجهاد. فلم تجد دراسة أجريت عام 2016 على أكثر من 100 ألف امرأة في المملكة المتحدة، أي صلة بين أحداث الحياة المرهقة نفسيا وخطر الإصابة بسرطان الثدي.

وقادت مثل هذه الدراسات، الدكتورة أندريا لين روبرتس، إلى القول إن العلاقة بين السرطان والإجهاد ليست قوية جدا من الناحية العلمية.

وقالت موضحة: "صحيح أن الأحداث المتعبة التي تؤدي إلى اضطراب ما بعد الصدمة أو مشاكل عاطفية مدى الحياة، يمكن أن تؤثر على صحتك وتزيد من احتمالية الإصابة بمجموعة من الحالات الطبية. إن العلاقة بين التوتر وأمراض القلب، على سبيل المثال، أقوى بكثير من الارتباط بالسرطان. أعتقد أنه إذا كان لديك مستويات عالية من التوتر، فإن السرطان ليس هو الشيء الذي يجب أن تقلق بشأنه".

ولعقود من الزمن، قام العلماء بالتحقق من العلاقة بين السرطان والتوتر.

وبهذا الصدد، قال الدكتور لورينزو كوهين، مدير برنامج الطب التكاملي في MD Anderson، إنه يمكن أن يسبب "تأثيرا عميقا في كيفية عمل أنظمة الجسم. إن أفضل تخمين لدينا هو أن الإجهاد يجعل جسمك أكثر استعدادا للإصابة بالسرطان، ما يعني أنه يثبط دفاعات الجسم الطبيعية ضد السرطان والأمراض الأخرى".

ويمكن لحدث صادم (لمرة واحدة) أن يؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب أو القلق أو اضطراب ما بعد الصدمة، وكل ذلك يمكن أن يؤدي إلى مشاكل مدى الحياة، وفقا للخبراء.

ويعتقد الأطباء أن الإجهاد المزمن يسبب التغيرات الخلوية في جسمك، والتي قد تؤدي في النهاية إلى الإصابة بالسرطان، وفقا للدكتور كوهين.

وفي ظروف التوتر الشديدة، ينتج الجسم هرمونات مثل الكورتيزول والأدرينالين باستمرار، ما يؤدي إلى تشغيل "نظام الإنذار الطبيعي" في الجسم.

وإذا لم تتمكن من تهدئة نفسك على مدى فترة زمنية طويلة، فقد يؤثر ذلك على جسمك، ويضعف جهاز المناعة لديك، ويسبب مشاكل في الجهاز الهضمي، ما قد يسهل نمو السرطان، كما يقول الدكتور أنيل سود، أستاذ طب الأورام النسائية والطب التناسلي في MD Anderson.

كما يمكن لأي شخص يشعر بتوتر ما، أن يتصرف بطرق تزيد من خطر الإصابة بالسرطان، مثل التدخين أو شرب الخمر أو الامتناع عن ممارسة التمارين الرياضية، وفقا للمعهد الوطني للسرطان (NCI).

مقالات مشابهة

  • حل لغز تحويل الخلايا المخزِّنة للدهون إلى خلايا حارقة لها
  • روبوتات نانوية جديدة تظهر فعالية في قتل الخلايا السرطانية
  • التوصل للسبب الأكثر شيوعًا للسرطان.. دراسات تجيب
  • السبب الأكثر شيوعا للسرطان
  • باحثون يُطوّرون روبوتات تحتوي على أدمغة من خلايا حية
  • محمد رمضان يختتم الدورة 19 لمهرجان موازين
  • علماء يبتكرون روبوتات تحتوي على أدمغة بشرية.. هل يتفوق الإنسان الآلي؟
  • تطوير روبوتات نانوية تقتل الخلايا السرطانية بـ”سلاح مخفي”
  • أعراض السرطان عند النساء.. 5 علامات غير عادية يجب الحذر منها
  • تطوير روبوتات نانوية تقتل الخلايا السرطانية بـ"سلاح مخفي"