مهمة فضائية تستهدف كويكباً يحمل اسم إله الفوضى
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
شفق نيوز/ تنطلق مركبة الفضاء "أوزيريس ريكس" (OSIRIS-REx)، التي أُعيد تسميتها لتصبح "أوزيريس أبيكس" (OSIRIS-APEX)، في رحلة جديدة لدراسة كويكب سيقترب بشدة من الأرض في غضون سنوات قليلة؛ وذلك بعد نجاحها في توصيل أول عينة جمعتها الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء الأميركية (ناسا) من كويكب في الفضاء، بحسب شبكة "CNN".
وقالت الشبكة الأميركية إنه في غضون نحو 5 سنوات ونصف ستصل صخرة فضائية تحمل اسم "أبوفيس" (Apophis)، يبلغ عرضها نحو 1200 قدم (366 متراً)، إلى مسافة 20 ألف ميل (32,187 كيلومتراً) من الأرض، لتكون أقرب من الأقمار الاصطناعية التي تدور حول كوكبنا، وأقرب 10 مرات من القمر.
وسمي الكويكب على اسم إله الفوضى والظلام عند المصريين القدماء "أبوفيس"، ويُعتقد أنه (الكويكب) على شكل حبة فول سوداني.
وبعد ساعة واحدة من اقتراب "أبوفيس" من الأرض، في 13 أبريل 2029، ستستخدم "أوزيريس أبيكس"، وهي اختصار الأحرف الأولى لكلماتOrigins, Spectral Interpretation, Resource Identification and Security-APophis Explorer وتعني (أصول التفسير الطيفي تحديد الموارد، ومستكشف أبوفيس الأمني)، جاذبية الأرض لدخول مدار حول الكويكب ودراسته عن كثب لمدة 18 شهراً.
ووصفت "CNN" هذه الخطوة بأنها "فصل جديد شامل" لمركبة فضاء كانت في رحلة بالفعل، إذ أمضت مركبة الفضاء "أوزيريس ريكس" 7 سنوات في رحلة ذهاباً وإياباً إلى كويكب "بينو" (Bennu) القريب من الأرض، بما في ذلك الوقت الذي أمضته في المعاينة والهبوط وجمع عينة من الصخرة الفضائية.
والآن تقبع العينة في موطنها الجديد في "مركز جونسون للفضاء"، التابع لوكالة ناسا في هيوستن، حيث يمكن أن يكشف تحليل الصخور والتربة التي جمعت من كويكب بينو القريب من الأرض عن معلومات بشأن أصل نظامنا الشمسي وتكوين الكويكبات التي يمكن أن تصطدم بالأرض في المستقبل".
وأشارت "CNN" إلى أن مركبة الفضاء "أوزيريس أبيكس" لن تتمكن من جمع عينة من "أبوفيس"، لأن رأس جمع العينات كانت متضمَنة في الكبسولة مع عينة بينو التي نُقلت إلى الأرض.
ولكن "أوزيريس أبيكس" ستستخدم مضخات الغاز الخاصة بها في محاولة لدفع الغبار والصخور الصغيرة المتناثرة فوق وأسفل سطح "أبوفيس" لدراستهما بعد نحو 15 شهراً من الدوران حول الكويكب.
ما الذي يمكن أن يكشفه "أبوفيس"؟
يحظى "أبوفيس" باهتمام بالغ لأنه كويكب صخري "S-type" بخلاف "بينو"، الذي يُعد كويكباً كربونياً "C-type".
وتتكون الكويكبات الكربونية من الطين وصخور السيليكات، فيما تتكون نظيراتها الصخرية من مواد السيليكات والنيكل والحديد.
والسيليكات مركبات كيميائية تدخل في تركيبها أيونات عنصري الأوكسجين والسيليكون، وهي أكبر أصناف المعادن وأكثرها تعقيداً وغنى في قشرة الأرض على الإطلاق، وتشمل على سبيل المثال الكوارتز والتوباز والعقيق الأحمر.
ويمكن أن تكشف قدرة المركبة الفضائية على الدوران عن كثب حول الكويكب عن قوة سطح الكويكبات الصخرية، وقدرة الكويكب على تحمل العوامل الجوية في البيئة الفضائية.
مع ذلك، قالت "CNN" إن التخطيط للدفاع عن الأرض سيمثل دافعاً رئيسياً آخر للمهمة الممتدة، لافتة إلى أن الكويكبات الصخرية "جزء من الفئة الأكثر شيوعاً من الكويكبات محتملة الخطورة التي تشكل تهديدا لكوكبنا"، ومن ثم فإن فهم تكوينها والتفاصيل الأخرى التي لا يمكن الحصول عليها إلا من مدار قريب، سيمكن وكالات من قبيل "ناسا"، وشركائها على تحديد أفضل طريقة لتفادي هذه الكويكبات حال توقع وجودها في مسار تصادمي مع الأرض.
ونقلت الشبكة الإخبارية عن داني ديلاجوستينا، كبيرة الباحثين في مهمة "أوزيريس أبيكس"، قولها إن "أبوفيس" يُعد "أحد الكويكبات الأكثر شهرة، وعندما اكتشف لأول مرة في عام 2004، كانت هناك مخاوف من أنه سيصطدم بالأرض في عام 2029 أثناء اقترابه الشديد".
وأضافت ديلاجوستينا أنه "رغم استبعاد هذا الخطر بعد عمليات رصد لاحقة، سيظل "أبوفيس" أقرب كويكب بهذا الحجم خلال الخمسين عاماً أو نحوها التي رصدت خلالها الكويكبات عن كثب، أو على مدى المائة عام المقبلة في الكويكبات التي اكتشفناها حتى الآن".
وأضافت الأستاذة المساعدة في علوم الكواكب في جامعة أريزونا أن "أبوفيس سيصل إلى عُشر المسافة بين الأرض والقمر خلال صدام عام 2029".
وأشارت نائبة كبير الباحثين لتحليل عينة "بينو" إلى أن "الناس في أوروبا وإفريقيا سيتمكنون من رؤيته بالعين المجردة لقربه"، مضيفة: "لقد شعرنا بحماسة غامرة عندما اكتشفنا تمديد المهمة".
كما استبعدت عمليات رصد مدار "أبوفيس" حول الشمس في عام 2021 خطر اصطدام الصخرة الفضائية بالأرض في عام 2068، وفقاً لمركز دراسات الأجسام القريبة من الأرض لتابع لوكالة "ناسا".
ويحتفظ المركز بقائمة المخاطر، إذ يرصد الكويكبات ذات المدارات التي تجعلها قريبة من الأرض بما يكفي لإثارة القلق من اصطدام محتمل. ويستخدم علماء المركز أجهزة الردار والتلسكوب لدراسة الأجسام القريبة من الأرض، وفهم المخاطر التي قد تفرضها على الكوكب.
وستمكن مراقبة "أبوفيس" أثناء وبعد اقترابه الوثيق من الأرض العلماء من معرفة ما إذا كان من الممكن أن تطرأ أي تحوّلات في مداره، ومدى تأثير ذلك على احتمالية اصطدامه بالأرض في المستقبل، وكذلك أي تغييرات في سطح أو معدل دوران الكويكب.
المصدر: شفق نيوز
كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير عاشوراء شهر تموز مندلي أخبار الفضاء بالأرض فی من الأرض الأرض فی یمکن أن فی عام
إقرأ أيضاً:
الفوضى وأثرها على الأمم
لعل السؤال الأبرز اليوم في هذا الكوكب هو: ما الذي يجري؟ لماذا كل هذا الانهيار في القيم؟ وفي النظم الأخلاقية؟ لماذا ينحدر العالم إلى الحضيض؟ لماذا تعلن روسيا استراتيجية الأمن الثقافي القومي؟ ولماذا المسلمون يتقبلون الواقع على مذهب ذلك الأعرابي الذي قال: أخذوا الأبل فأوسعتهم سبا؟.
نحن اليوم نعيش واقعا متموجا ومضطربا وقلقا، اليسار العالمي تصدع وبانت شروخه في جدار الزمن، والنظم الديمقراطية أخفقت في تقديم النموذج الأخلاقي الشريف الذي ينتصر للإنسان، والمسلمون في غفلة الوقت فكهون يكتفون ببيانات التنديد والشجب وبالتظاهرات، في حين تقوم التطبيقات الاجتماعية في تفكيك نظمهم الأخلاقية، وجرهم إلى عالم التفاهة، وليس من مشروع حضاري قادر على البقاء والصراع في هذا الواقع المتموج والمنحدر إلى الأسفل.
قبل سقوط بغداد عام 2003م كان هناك مصطلح الفوضى الخلاقة، وبعد سقوطها شاعت هذه الفوضى حتى رأينا البناءات الاجتماعية والنظام العام والطبيعي يتداعى إلى درجة السقوط في الكثير من البلدان، ثم شاعت فكرة الفوضى في الفنون والآداب، وحاول الكثير من أرباب الفنون عن طريق الفوضى الخلاقة إيصال رسالة التشظي والانكسار والانهيار إلى الناس خاصة المجتمع العراقي كمجتمع مستهدف مطلع الألفية الثالثة، وبعد اجتياح فوضى الربيع العربي وانهيار النظم العامة والطبيعية في الكثير من البلدان العربية، ها هي فكرة الفوضى الجديدة تبرز من جديد كقوة تحارب جنبا إلى جنب مع النظام الرأسمالي في مواجهة روسيا التي سارعت إلى الإعلان عن استراتيجية الأمن القومي الثقافي، كجزء من استراتيجية الصراع مع الغرب الذي يفرض النظم الأخلاقية الجديدة التي تستهدف الإنسان في قيمته المادية والمعنوية وتحويله إلى كيان فوضى ومسخ .
الغرب اليوم يقر بحقوق التحول الجنسي، ويقر المثلية، ويقر الممارسة الجنسية مع الحيوانات، ويستهدف الإنسان حتى يصبح كيانا خاليا وعاطلا من أي محتوى قيمي، أو إنساني من خلال نظم الفوضى الخلاقة، وقد نشأ في الغرب نفسه تيارات فكرية مناهضة لهذا التوجه السياسي للنظام الدولي، وصدرت عدد من الكتب، هذه الكتب تناقش فكرة النظام الأخلاقي الجديد، كيف تبدأ الأفكار؟ وكيف تصبح في مخيلة المجتمع؟ وكيف يتخيل المجتمع وجوده الاجتماعي في العلاقات والتعامل البيني؟
فالمتخيل الاجتماعي فهم عام مشترك يجعل الممارسات الاجتماعية ممكنة كما تذهب إلى ذلك الكثير من النظريات الاجتماعية الحديثة.
اليوم نحن نعيش في زمن ما بعد الحداثة العالم يطرح رؤى فلسفية، ومتخيلات لنظم أخلاقية، ويعمل على فلسفة القيم ويعيد بناءها بعد القيام بنظم التفكيك وبما يتسق مع المستوى الحضاري المعاصر.
نحن كعرب وكمسلمين ما الذي نقوم به؟
هذا السؤال هو السؤال الأهم في سياق ما يحدث حولنا من انهيارات وهزائم للنظم الأخلاقية والقيم النبيلة التي كانت تنتصر للإنسان في سالف الزمان والعقود.
السؤال المطروح سؤال وجودي في عالم يسيطر على الموجهات الكلية والعامة، ضرورة الإجابة عليه لا تعني بالمطلق بيانات الإدانة والشجب ولا التظاهرات والحملات الإعلامية التي تنتهي في ظرف زمني وجيز لا يتجاوز الساعات وربما الثواني المعدودة.
نحن أمام حرب ثقافية وهذه الحرب تواجه بمثلها، فالصاروخ والدبابة والبندقية لا تحسم فيها معركة، ولذلك فخوض المعركة – وهو أمر حتمي – يتطلب وعيا متقدما وفهما للواقع واستراتيجيات، وخطط واضحة المعالم والأهداف، ويمكننا العودة إلى زمن الحرب الباردة بين الشرق والغرب للاستفادة من طرق وأساليب إدارة المعركة مع هذا الغول المتوحش الرأسمالي الذي بدأ يشيع في حياة البشرية نظريات الفوضى وتمتين علاقتها مع نظريات أخرى مثل نظرية الاحتمالات، ونظرية الكارثة، ونظرية التعقيد.
التفكير العلمي والمنطقي الذي يستمد مقوماته من تغيرات الواقع، ويحوّل ذلك إلى تصورات في محاولة لتفسير هذا الواقع هو الطريق القادر على الوقوف أمام هذا التوحش.
فالفكر العلمي المعاصر تتخلله رؤى جديدة إلى الواقع في مختلف مستويات الوجود، تعبر إلى حد ما عن انفصال وقطيعة مع ما تحقق في الماضي ولا بد لنا من معالجة الظواهر بما يتسق وضرورات المرحلة الحضارية والثقافية.
يقول الكاتب خليفة داوود: ” لقد قدم الفكر العلمي الجديد نماذج معرفية صنعتها عدة نظريات، لاسيما في ميدان الفيزياء، وكان من أهمها: ميكانيكا الكم ونظرية النسبية… وما صاحب ذلك من تغير بعض المفاهيم العلمية الأساسية كالانتظام والاطراد والتنبؤ والاتصال..، وبرزت إلى الوجود أبحاث تسعى إلى الكشف عن تفاصيل الظواهر الطبيعية؛ فتوصل بعض العلماء إلى أن ظواهر الطبيعة لا هي بمطردة وغير منتظمة ولا يمكن التنبؤ بها، ومن ثمّ فإن إمكان فهم الطبيعة باستعمال المنهج الرياضي لا يصمد – في كل الأحوال – أمام ما تزخر به ظواهر الطبيعة من تفاعلات غير متوقعة”.
نحن في معركة كبرى اليوم ولا بد لنا من استخدام النظم المعرفية والنظريات حتى ننتصر، فالمعركة التي أعلنت عن نفسها اليوم هي معركة كبرى البقاء فيها للأكثر معرفة بقوانين الطبيعة وبنظم المعرفة وبالمستويات الحضارية التي تحتاج إلى الانتظام والأخلاق بما يتسق مع التطورات، فالفوضى لن تكون إلا دمارا شاملا للأمم والشعوب.