أزمنة الكرب وبعثرة الأوطان (11)
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
نقاط بعد البث
ستنقسم البلاد وتتفت لذرات
إن لم نعجل بإيقاف الحرب!.
* ندد حميدتي خلال ظهوره الأخير، بما قال أن البرهان يسعى لتشكيل حكومة بشرق البلاد وعاصمتها بورتسودان، مهدداً بأنه إذا ما تم ذلك فهو سيتجه لإنشاء سلطة عاصمتها الخرطوم، واعتبر إنهاء الحرب وتوحيد السودان أولوية بالنسبة له، بقوله: علينا عدم السماح بحكومة حرب في بورتسودان، وإن قيام هذه الحكومة يعني أن نتجه لسيناريوهات حدثت في دول أخرى، ووجود طرفين يسيطرون على مناطق مختلفة في بلد واحد، وقال: لا نرغب في هذا السيناريو، فهو سيناريو يبدد الأمن والسيادة والثروات، ويطيل أمد الحرب ومعاناة المدنيين.
* هذا التصريح لا بأس به (في الوقت الحالي) حول دعوته لكافة القوى السياسية للعمل من أجل وحدة البلاد من خلال جلوس كل الأطراف وضمنها فصيله العسكري للبحث حول كيفية عدم السماح بتشكيل حكومة بشرق السودان.
* ولكن كل ذلك سيظل بلا معنى ، إذا فضل يتحدث حديثاً (معسولاً) خلال هكذا تصريحات يعلن خلالها الآراء وضدها في آن!.
* ولكي لا نطلق الاتهامات ضده على عواهنا دعونا نفحص أهم تصريحاته المتعلقة بالرغبة في عدم تقسيم البلاد والرغبة في أيقاف الحرب وجلوس القوى السياسية التي قلبها على وحدة البلاد معه ومع آخرين للبحث حول أفضل السبل للوصول لذلك.
1ـ قال أنه يستطيع الوصول بقواته لبورتسودان إن رغب في ذلك،
وتشتيت كل جهود البرهان ومناصريه في إقامة سلطة هناك.
2ـ قال أنه في حالة تشكيل حكومة من قبل مناوئه في بورتسودان، فهو لن يتوانى في تشكيل سلطة عاصمتها الخرطوم.
* هذا خطاب معطوب، ولم تتم مراجعته بحصافة قبل الادلاء به ليتناقله الاعلام على أوسع نطاق للأسف. باعتباره (غير معتدل ولا موضوعي) إذ كيف يدعو القوى السياسية للبحث حول سبل انجاح العبور للبر الآمن،
وهو يستبطن مزيداً من التعقيدات على المشهد السياسي؟!.
* حيث تهديده باقتحام بورتسودان ومناطقها بقواته، ليس سوى مزيد من إشعار النيران المشتعلة أصلاً في ربوع الوطن، وربما ينقلها بذلك إلى أتون حرب أهلية، تستهدف مواطني تلك المناطق إضافة للنازحين إليها من مناطق العاصمة بحثاً عن أمن وأمان ومأوى!.
* وأما تهديده بتكوين سلطة بعاصمة في الخرطوم، فإنه بذلك يعمل على تكريس (سيناريو يبدد الأمن والسيادة والثروات، ويطيل أمد الحرب ومعاناة المدنيين ) التي حذر منها ومن التقسيم في تصريحاته هذه!.
* وعند ذلك فقط ستتوفر الامكانيات لأي اتجاه سوى من جانبه أو جانب البرهان لإقامة دولتين في مناطق نفوذهما!،
* فإن كان حميدتي بالفعل جاداً في دعوته هذه ويعني ما يقول، وأنه لا يرغب في سيناريو يعرض أمن البلاد للتقسيم حقيقة، ويزعزع الأمن والسيادة وتبديد الثروات، وإطالة أمد الحرب ومعاناة المدنيين، عليه أن يقرن القول بالفعل ويبادر.
* فهو لا بد يعلم أنه والبرهان من يتحملان مسؤولية تفجر الأوضاع بهذه الصورة المأساوية، كما يتحملان وزر أهوال الحرب اللعينة التي أفضت لتدمير البلاد وتشريد أهلها.
* اللهم هل بلغت ،، اللهم فاشهد.
ـــــــــــــــــ
* إيقاف الحرب ضرورة وطنية قصوى.
* لجنة إزالة التمكين كانت تمثلني وستمثلني لاحقاً أيضاً.
hassangizuli85@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: القوى السیاسیة
إقرأ أيضاً:
إبراهيم شقلاوي يكتب: بروميدييشن والغموض السياسي؟
مع اقتراب الحرب السودانية من نهاياتها وتعقّيدات المشهد السياسي، برزت دعوة منظمة “بروميدييشن” الأوروبية للإسلاميين السودانيين، بمختلف أطيافهم، للمشاركة في حوار سياسي بالدوحة من 11 إلى 13 أبريل الجاري. ورغم أن الدعوة يكتنفها الغموض، فإنها سرعان ما تحولت إلى ساحة لاختبار مواقف الإسلاميين الذين ما زالوا يعيشون حالة من الانقسام الداخلي منذ سقوط نظام البشير عام 2019. وبين موضوعية الدوافع وتباين الاستجابات داخل المؤتمر الوطني، تتبدى أسئلة جوهرية حول مغزى التوقيت ومآلات هذا المسار، وهي ما نحاول استكشافه في هذا المقال.
اللافت أن الدعوة تزامنت مع تصاعد الدور الميداني للجيش السوداني في التصدي للهجمات التي تشنها مليشيا الدعم السريع، وسط اتهامات مباشرة لدول مثل الإمارات بتوفير الدعم اللوجستي والسياسي لهذا العدوان، وهو ما جعل توقيت المبادرة موضع تساؤل. في هذا السياق بدأ أن تنظيم حوار سياسي في الخارج بينما البلاد تخوض معركة وجودية، يمكن تفسيره كتشتيت للجهود الوطنية، إن لم يكن محاولة لإعادة رسم المشهد على أسس خارجية.
في عمق هذه الديناميكية، جاء الرفض القاطع من قيادة حزب المؤتمر الوطني – التي يمثلها أحمد هارون – للمشاركة في مشاورات الدوحة. الرفض لم يكن انفعاليًا، بل استند إلى جملة من الاعتبارات السياسية والاستراتيجية، أبرزها أن الحوار وإن كان مطلوبًا، يجب أن يُبنى على أسس وطنية خالصة، وأن يُعقد داخل السودان، بعد إنهاء الحرب واستعادة السيادة الوطنية كاملة. الحزب يرى أن أي حوار قبل نهاية المعركة الحالية سيكون بمثابة اعتراف ضمني بشرعية أمر واقع تصنعه المليشيا وسندها الخارجي.
في المقابل، قبل تيار آخر من الإسلاميين – بقيادة إبراهيم محمود – الدعوة، وسمي ممثلين للمشاركة ما يعكس انقسامًا تكتيكيًا لا فكريًا بالضرورة، إذ أن الطرفين يتبنيان ذات المرجعية الإسلامية، لكنهما يختلفان في تقدير أولويات المرحلة. هذا الانقسام يعيد للأذهان التجربة السورية، حيث تم احتواء الإسلاميين تدريجيًا ضمن ترتيبات دولية، بعد أن جرى عزلهم في بداية الثورة، فهل تسعى القوى الدولية لتكرار هذا النموذج في السودان؟
لغة بيان المؤتمر الوطني نفسه جاءت متماسكة واحترافية، متوازنة بين الشكر لقطر كدولة استضافة، ورفض المشاركة لأسباب موضوعية تتعلق بالزمان والمكان والمضمون. وقد ركّز البيان على أن الدعوة، بصيغتها التي اختزلت الأطراف في “الإسلاميين”، تُساهم في تعميق الاستقطاب، وتطرح الدين كعامل فرز سياسي في بلد متنوع الأديان والثقافات، بينما الأصل – كما يقول الحزب – أن يكون الحوار وطنيًا شاملاً يقوم على المواطنة لا الأيديولوجيا.
الأهم من ذلك، أن الحزب قد طرح في وقت سابق رؤيته لمستقبل السودان عبر “أجندة المستقبل”، التي تدعو لحوار سوداني-سوداني بعد انتهاء الحرب، بما يعكس موقفًا مبدئيًا وليس ظرفيًا من مسألة الحوار. من هنا يمكن فهم موقفه الرافض للدعوة على أنه استمرار في منهجية رافضة لأي تدخل خارجي في صياغة ترتيبات ما بعد الحرب.
في المجمل فإن دعوة “بروميدييشن” تمثل محاولة لاختبار قابلية التيار الإسلامي للانخراط في هندسة سياسية جديدة في السودان، وهي خطوة، وإن قُرأت في ظاهرها كتحرك نحو السلام، إلا أنها في باطنها تعكس سعيًا لإعادة تموضع القوى الدولية في السودان تحت غطاء الحوار.
من جهة أخرى، فإن منظمة “بروميدييشن” التي تنشط في القارة الإفريقية منذ سنوات، تبدو في نظر بعض المحللين السودانيين أنها تعمل على إتاحة موطئ قدم للقوى الأوروبية – وعلى رأسها فرنسا – في ملفات ما بعد الحرب، عبر بوابة الحوار السياسي. وهذا ما يجعل بعض الأصوات تعتبر المنظمة كتابًا مفتوحًا الأهداف، لا يجهل السودانيون خلفياته.
تُعد منظمة بروميدييشن (Promediation) الفرنسية من الجهات النشطة في مجال الوساطة والحوار المدني في مناطق النزاع، وسبق أن أبدت اهتمامًا ملحوظًا بالشأن السوداني، خاصة بعد اندلاع الحرب في أبريل 2023. وقد تبنّت المنظمة في مناسبات عدة دعوات لورش عمل ومنتديات سياسية هدفت إلى جمع الأطراف السودانية المتنازعة على طاولة الحوار.
ففي أبريل 2024، رعت المنظمة بالتعاون مع الخارجية السويسرية ورشة في جنيف ناقشت سبل تحقيق وقف إطلاق النار والإنتقال للحكم المدني . كما نظّمت في يناير من نفس العام ورشة بالقاهرة جمعت حركات دارفور برعاية فرنسية-مصرية، لبحث فرص التهدئة في الإقليم. هذا النشاط المتواصل يعكس سعي المنظمة للعب دور الوسيط المحايد أو ربما المنحاز لمجموعة تنسيقية القوى المدنية “تقدم” ، بالنظر لتعقيدات المشهد السوداني السياسي.
دعوة بروميدييشن للإسلاميين السودانيين إلى حوار الدوحة، في هذا التوقيت الحرج، بحسب ما نراه من #وجه_الحقيقة لا تبدو بريئة ولا معزولة عن السياق الدولي لإعادة تشكيل الخرائط السياسية في دول ما بعد الحرب. وحين تكون الجهة الداعية “ذراعًا ناعمة” للنفوذ الغربي، فإن استدعاء الإسلاميين إلى الطاولة لا يُقرأ باعتباره انفتاحًا عفويًا، بل خطوة محسوبة لاختبار الاستجابات وتشكيل البدائل. فهل هي مجرد صالونات استماع؟ أم بداية إدماج مشروط على الطريقة السورية؟ السؤال الأهم لا يزال معلقًا: لماذا الآن ؟ ولمصلحة من يُعاد ترتيب الأوراق؟
دمتم بخير وعافية.
الأحد 6 أبريل 2025 م Shglawi55@gmail.com
الوان
إنضم لقناة النيلين على واتساب