ستواصل دول مجلس التعاون الخليجي العربية تنافسها في مجالات متنوعة لجذب الاستثمار والسياحة والأعمال، فيما ستطرح مصر مزيدا من الشركات للخصخصة، بما قد يؤدي إلى صرف شريحة جديدة من قرض صندوق النقد الدولي، وهو أمر مستعيد في تونس لرفض رئيسها إجراء إصلاحات يطلبها الصندوق.

تلك هي توقعات جيوسياسية لموقع "ستراتفور" (Strator) الأمريكي بشأن الربع الرابع من عام 2023 ترجمها "الخليج الجديد"، إذ يرى الموقع أن "دول الخليج الغنية ستعتمد على الإنفاق الحكومي لتعزيز نماذجها التنموية المتداخلة بشكل متزايد، بينما تقيد دول الخليج المتوسطة الدخل إنفاقها للحفاظ على الاستدامة المالية في العام الجديد".

وتابع: "وبما أن نماذج التنمية في دول مجلس التعاون الخليجي تسعى إلى تحقيق مزايا نسبية ضد بعضها البعض، ستستضيف الإمارات مؤتمر (الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ- كوب 28) COP28 (بين 30 نوفمبر/تشرين الثاني و12 ديسمبر/ كانون الأول المقبلين)، كجزء من استراتيجيتها لوضع نفسها كدولة رائدة في مجال التقنيات الخضراء، وبالتالي وجهة للبحوث المتعلقة بالمناخ والاستثمار والأعمال".

ولفت إلى أن "مؤتمر المناخ يأتي بعد بطولة كأس العالم (لكرة القدم) في قطر عام 2022 وسعي السعودية لمزيد من الأحداث الترفيهية والرياضية، وكلها مصممة لزيادة جاذبية السياحة والأعمال والاستثمار ضد منافسيها الخليجيين".

وتتنافس دول في مجلس التعاون على جذب استثمارات أجنبية وضخ أموال في مشروعات بقطاعات متنوعة، بينها التكنولوجيا والطاقة المتجددة والسياحة والرياضة، لتنويع وتوسيع اقتصاداتها بعيدا عن الاعتماد على النفط والغاز الطبيعي كمصدرين رئيسيين للإيرادات، في ظل تقلبات أسعارهما وتحول العالم نحو الطاقة النظيفة غير المسببه للتغير المناخي.

اقرأ أيضاً

سياسيا واقتصاديا ورياضيا.. الخليج يشهد حقبة جديدة في الاستثمار الاستراتيجي

ميزانيات 2024

و"ستكتب دول الخليج الكبرى أيضا ميزانياتها الوطنية لعام 2024 خلال هذا الربع، والتي ستعتمد جميعها بشكل كبير على أسعار النفط والغاز الطبيعي"، بحسب الموقع.

وأردف: "وسوف تفعل ذلك على خلفية تباطؤ الاقتصاد العالمي الذي يعيق الشهية للاستثمار في دول مجلس التعاون الخليجي ويقلل أسعار الطاقة، وهي عوامل تؤثر على توقعاتها للنمو الاقتصادي لعام 2024".

وأضاف أنه "بالنسبة للدول الأكثر ثراء، مثل السعودية وقطر والإمارات، قد تكون الميزانيات الوطنية لعام 2024 أكثر توسعية في محاولة لتعزيز التنمية من خلال الإنفاق الحكومي، ومن المرجح أن يكون من الممكن التحكم في الديون المترتبة على ذلك".

أما "بالنسبة للدول ذات الموارد الأقل، مثل عمان والبحرين، فمن المرجح أن يتم تقييد الإنفاق الحكومي أثناء محاولتها الحفاظ على مسارات الإنفاق الإيجابية التي عززت التصنيف الائتماني لعمان وأوقفت انخفاض التصنيف الائتماني للبحرين"، كما تابع الموقع.

وزاد بأنه "في الوقت نفسه، سيكون البرلمان الكويتي المنقسم غارقا في الجدل حول مدى اعتماد الإمارة على المدينين الدوليين لدعم خطتها التنموية، مع تأجيل ميزانيتها حتى نهاية سنتها المالية في الربع الثاني من 2024".

اقرأ أيضاً

استثمارات الخليج الضخمة تجتذب شركات فضاء عالمية

مصر وتونس

وستطلق مصر، وفقا للموقع، "برنامج خصخصة متواضع، كجزء من اتفاقها مع صندوق النقد الدولي، في حين أن التقدم غير الكافي الذي حققته تونس في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية يجعل من غير المرجح صرف أموال الصندوق التي تشتد الحاجة إليها".

ولفت إلى أن "مصر وتونس توصلتا إلى اتفاقين على مستوى الخبراء مع الصندوق في 2022، لكنها لم تحققا أي نتيجة منذ ذلك الحين، إذ رفضتا تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية التي لا تحظى بشعبية والتي طالب بها الصندوق".

واستدرك: "مع ذلك، ستحقق مصر بعض التقدم في علاقتها مع الصندوق خلال هذا الربع، إذ ستبدأ حملة خصخصة جديدة في أكتوبر (تشرين الأول المقبل)، بهدف جمع استثمارات بقيمة 5 مليارات دولار في حصص بـ35 شركة للمساعدة في جذب الاستثمار الأجنبي".

الموقع زاد بأن "دول الخليج العربية، وخاصة الإمارات والسعودية، هي الأكثر احتمالا للاستثمار في الشركات الاستراتيجية، مثل محطات تحلية المياه وطاقة الرياح، والتي تأمل القاهرة أن تجلب العملات الأجنبية دون تطبيق الإصلاحات".

وتوقع أن "برنامج الخصخصة المتواضع في مصر سيساعد على توليد حسن النية مع الصندوق؛ مما قد يؤدي إلى إحراز تقدم نحو صرف الشريحة الثانية من برنامج التمويل في القاهرة (قرض بقيمة 3 مليارات دولار)".

"لكن في تونس، فإن رفض الرئيس قيس سعيد إدخال أي إصلاح على المؤسسات المملوكة للدولة وإصلاح الدعم يعني أن صرف أموال الصندوق (قرض بقيمة 1.9 مليار دولار) غير مرجح في هذا الربع؛ الأمر الذي سيساهم في أزمة تكاليف المعيشة الحادة في البلاد ويزيد من مخاطر الديون السيادية"، كما استدرك الموقع.

اقرأ أيضاً

كارنيغي يطرح سبل خروج مصر وتونس ولبنان من أزماتهم الاقتصادية.. ماذا قال؟

المصدر | ستراتفور- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الربع الأخير الخليج مصر تونس اقتصاد مجلس التعاون دول الخلیج

إقرأ أيضاً:

انخفاض الدولار واقتصاديات الخليج

 

 

 

علي الرئيسي **

 

ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن فرض الرسوم الجمركية كان من المفترض أن يُقوِّي من سعر صرف الدولار الأمريكي، ولكن ما حصل هو العكس تمامًا؛ فمُنذُ منتصف يناير الماضي وحتى الآن فقدت العملة الأمريكية حوالي 9% من قيمتها، مقابل سلة من أهم العملات.

وقد حدث خُمسا هذا الانخفاض منذ الأول من أبريل، حتى مع ارتفاع عائد سندات الخزانة الأمريكية لعشر سنوات تدريجيًا بمقدار 0.2 نقطة مئوية. هذا المزيج من ارتفاع العائدات وانخفاض قيمة العملة يُنذر بالخطر؛ إذ إن المستثمرين يهربون رغم ارتفاع العوائد، ولا بُد أن ذلك عائد إلى اعتقادهم بأنَّ أمريكا أصبحت أكثر خطورة. وتنتشر شائعات بأنَّ كبار مديري الأصول الأجنبية يتخلصون من الدولار الأمريكي.

وتقول مجلة "ذي إيكونيميست" البريطانية، إنه لعقودٍ من الزمن، اعتمد المستثمرون على استقرار الأصول الأمريكية، جاعلين منها ركائز للتمويل العالمي. ويساهم عُمق سوقٍ بقيمة 27 تريليون دولار في جعل سندات الخزانة الأمريكية ملاذًا آمنًا؛ إذ يُهيمن الدولار على تداول كل شيء، من السلع والبضائع إلى المشتقات المالية. ويدعم هذا النظامَ، بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، الذي أطلق وعودًا بالوصول إلى مستويات مُنخفضة من التضخم، وبالحوكمة الأمريكية المتينة، التي تُرحّب بالأجانب وأموالهم وتُؤمِّن لهم الأمان. وفي غضون أسابيع قليلة، استبدل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذه الافتراضات الراسخة بشكوكٍ مُقلقة.

وبات دخول الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود- حسب معظم المراقبين- أمرًا واردًا؛ نتيجةً لفرض الرسوم الجمركية؛ مما سيدفع ببنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة (مع العلم أن ترامب هدَّد رئيس الفيدرالي بإعفائه من منصبه). وخفض أسعار الفائدة سيكون أمرًا ضروريًا، خاصةً إذا ساءت إحصائيات سوق العمل؛ مما سيؤدي إلى زيادة في انخفاض الدولار أمام العملات الأخرى.

وفي سياق متصل، أعلن صندوق النقد الدولي خلال اجتماعات الربيع المُنعقدة في واشنطن حاليًا، خفض توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي من 3% إلى 2.8%، كما حذر من المخاطر المتزايدة والمحتملة على النظام المالي والمصرفي العالمي.

ولا شك أن انخفاض الدولار الأمريكي سيكون له تداعيات مهمة على اقتصادات دول الخليج، التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالأسواق المالية العالمية، كما إن عملاتها مربوطة بسعر صرف الدولار.

وفيما يلي أبرز القنوات التي سيتجلَّى فيها تأثير هذا الانخفاض:

الإيرادات النفطية: إذ إن الدول الخليجية تعتمد بشكل كبير على الإيرادات النفطية، وبما أن النفط مُسعَّر بالدولار، فإن تراجع الدولار قد يُخفِّض إيرادات هذه الدول مقابل العملات الأخرى. ورغم احتمال ارتفاع سعر النفط، نتيجة لانخفاض الدولار، إلّا أن ما شهدناه خلال الأسابيع الماضية هو انخفاض كبير في أسعار النفط. لذلك؛ هناك انخفاض في قيمة الدولار، كما إن الأسعار انخفضت نتيجة للزيادة في الإنتاج التي قررتها مجموعة "أوبك بلس". وانخفاض أسعار النفط إضافة إلى هبوط سعر الدولار وبالتالي تراجع أسعار صرف عملات دول الخليج مقابل العملات الأخرى، كل ذلك من شأنه أن يُعقِّد من وضع الموازنات العامة في دول الخليج، وقد يتسبب في تسجيل عجوزات مالية في هذه الموازنات.

وانخفاض قيمة الدولار سيجعل من الصعب الحصول على قروض مُقوَّمة بالدولار، وخاصة بأسعار تنافسية؛ مما سيؤثر على خدمة الدين العام. ورغم أن معظم دول الخليج لا تزال تتمتع بملاءة جيدة للاقتراض، غير أن ذلك لن يستمر طويلًا إذا واصل الدولار نزوله.

المسألة الأخرى، هي موضوع إدارة الاحتياطيات الأجنبية؛ حيث إن دول الخليج تحتفظ بجزء كبير من احتياطاتها بالدولار الأمريكي، وسيؤدي انخفاض سعر صرف الدولار إلى تراجع قيمة هذه الاحتياطيات؛ مما سيؤثر على الاستقرار المالي في هذه الدول، وستضطر هذه الدول إلى البحث عن استراتيجيات جديدة في مجال الصرف الأجنبي. وتحتفظ معظم الصناديق السيادية بأصول بالدولار، وقد يُسبِّب لها هذا الانخفاض، هبوطًا في أرباحها، وربما خسائر في حالة إعادة تقييمها.

والواضح جدًا أن انخفاض سعر الدولار وبالتالي تراجع أسعار صرف عملات دول الخليج، سيرفع من قيمة الواردات، وخاصة أن هذه الدول تستورد تقريبًا معظم السلع والخدمات من الخارج، ونتيجة لذلك سترتفع أسعار هذه السلع وخاصة السلع الغذائية. وارتفاع أسعار السلع وبالذات السلع الغذائية، سيكون له تأثير كبير على الفئات الفقيرة والمتوسطة. وهذا الارتفاع في أسعار السلع والخدمات سيرفع من معدلات التضخم في هذه الدول.

صحيحٌ أن انخفاض الدولار سيؤدِّي إلى ان تكون صادرات دول الخليج أكثر تنافسية في السوق العالمية، وبالتالي ستستفيد هذه الصادرات من هذا الانخفاض، لكن معظم الصناعات الخليجية تعتمد على المُدخلات المُستورَدة، وقيمة هذه المدخلات سترتفع أسعارها نتيجة لانخفاض سعر الدولار.

في المقابل، ستستفيد السياحة من انخفاض الدولار ومن انخفاض قيمة العملة المحلية مقابل العملات الأخرى، وقد يؤدي ذلك إلى زيادة في عدد السُيَّاح؛ نظرًا لانخفاض قيمة العملة. لكن انخفاض قيمة العملة أيضًا سيؤثر سلبًا على السياح الخليجيين؛ حيث إن الأسعار ستكون مرتفعة بالنسبة لهم في البلدان التي سيقومون بزيارتها.

أما بالنسبة للعمالة الوافدة، فإن عددًا كبيرًا من العمالة الوافدة تقوم بتحويل جزء كبير من دخلها إلى بلدانها، والانخفاض في قيمة العملة سيؤدي إلى انخفاض في قيمة الأموال المُحوَّلة، مما سيرفع من رواتب العمالة الأجنبية لتعويض هذا الانخفاض.

ارتباط العملات بالدولار: عملات دول الخليج مرتبطة بالدولار الأمريكي (عدا الكويت إلى حد ما، تربط عملتها بسلة من العملات يُهيمن عليها الدولار)، وانخفاض الدولار يُمكن أن يؤدي إلى تغيير في السياسات؛ بما في ذلك تغيير في أسعار الفائدة أو إعادة تقييم لربط العملة.

وأخيرًا.. إنَّ ارتباط سياسة سعر صرف عملات دول الخليج بالعملة الأمريكية، وإن كان لفترة طويلة كان مناسبًا واستفادت دول الخليج من استقرار الدولار، إلا أن دخول الاقتصاد الأمريكي في مرحلة عدم اليقين- وخاصة إذا أدركنا أن الدين العام وصل إلى مرحلة خطرة، بما يُهدد استقرار هذ العملة- فقد يكون من المناسب أن تبحث دول الخليج عن خيارات ربط عملاتها بسلة من العملات أو تعويم عملاتها أو البحث في خيارات أخرى، لا سيما بعد أن توقف قطار توحيد وتقريب عملات دول المجلس.

** باحث في قضايا الاقتصاد والتنمية

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • 2.44 مليار درهم أرباح «أبوظبي التجاري» بنمو 14.4%
  • أرباح "الدار العقارية" الإماراتية ترتفع 24.6% في الربع الأول
  • جامعة المنيا: 45 مليون جنيه أرباح صندوق التأمين على أعضاء التدريس والعاملين
  • برلماني تونسي: تصريحات ترامب حول قناة السويس “جنون سياسي” والشعب المصري سيرفضها
  • أرباح سابك تقفز إلى 985 مليون ريال في الربع الأول من 2025
  • صندوق الضمان: 16.7 مليار دينار موجودات وأداء إيجابي بالربع الأول
  • تضاعف أصول صندوق الاستثمارات العامة السعودي إلى قرابة 5 أضعاف منذ إطلاق رؤية 2030
  • البنك السعودي الأول يحقق 2.1 مليار ريال سعودي صافي دخل بعد الزكاة وضريبة الدخل للربع الأول من عام 2025
  • خليجي يطالب والديه بـ 59.5 مليون درهم.. والمحكمة تقضي لهما بـ 7 ملايين
  • انخفاض الدولار واقتصاديات الخليج