حلوى المولد النبوي في العصر الفاطمي
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
أيام قليلة ويهل علينا المولد النبوي الشريف، وكعادة المصريين منذ العصر الفاطمي، تنطلق احتفالات وطقوسا أساسية خاصة بهذه المناسبة، وتنتشر سرادقات بيع حلاوة المولد، الممثلة في عروسة أو حصان أو قطع الحلوى المختلفة بألوان مبهجة تغمرها المكسرات، وينتشر بيعها هذه الأيام من خلال شوادر الحلوى وبعض المحلات التجارية والمجمعات الاستهلاكية.
التاريخ حمل إلى مصر عادات جميلة تميز احتفالاتها الدينية والتاريخية، وترتبط غالبا بمأكولات وطقوس لا توجد إلا في مصر، إلى الحد الذي أجمع فيه المغتربون خارج أراضيها على أن الاحتفالات بمثل هذه المناسبات لا يشعرون بها إلا في مصر، لما تمتلكه من حفاوة بتلك الأيام المباركة وصبغة تاريخية أصيلة وبهجة في إحياء الذكرى.
وعن ارتباط الحلوى بالاحتفال بالمولد النبوي الشريف، يجمع خبراء التراث على أنها عادة ترجع في أصلها إلى الفاطميين أصحاب الريادة في إدخال كثير من المظاهر الاحتفالية في مصر.
يقول الباحث الأثري المتخصص في الآثار الإسلامية والقبطية، سامح الزهار، إن الفاطميين هم أول من صنعوا حلوى المولد، حيث كان لديهم مسألة الترويج السياسي لحكمهم وليس الترويج الديني، فهم يقومون بدارسة طبيعة وطبائع الشعوب التي يخرجون إليها، من وجهة نظر اجتماعية، وبمعرفتهم بطبيعة الشعب المصري، وحب المصريين للاحتفالات، وليست الأسلحة والحروب، ومن خلال آليات العصر الموجودة في هذا الوقت، استغلوا هذه النقطة كنوع من التودد والترويج لسياستهم.
تعرف على تفسير دعاء رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا*إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًاويوضح أن الفاطميين كانوا يقيمون احتفالات بجميع المناسبات الدينية، مثل الاحتفال بآل البيت والمولد النبوي، وقاموا بعمل مخازن لصناعة الحلوى، وقبل مولد النبوي بشهرين تجهز الحلوى وتوزع مجانا على الشعب، وعندما زادت الاحتياجات بدأ ظهور محلات لبيعها، وحلويات المولد كانت تسمى "العلاليق"، لأنها كانت تعلق على أبواب المحلات التجارية في سوق مخصص للحلويات كان يسمى سوق الحلوين، ومن ثم أصبحت عادة سنوية مستمرة حتى يومنا هذا.
انقسمت الآراء حول قصة حصان المولد إلى قسمين، الرأي الأول، أنه يمثل الخليفة صاحب الفتوحات والانتصارات، وهو يجلس فوق الحصان ويحمل السيف، أما الرأي الأخر، في وقت الحاكم بأمر الله، منع جميع الاحتفالات في مصر لمدة طويلة وأبقى الاحتفال بالمولد النبوي فقط، ومن أهم الاحتفالات التي ألغيت هو الاحتفال بالزواج، واستغل المصريون يوم احتفالات المولد النبوي لإقامة حفلات زفافهم، وهناك كانت رمزية الحصان تمثل العريس الذي استطاع أن يقتنص عروسه في هذا اليوم، فكانت تقام العديد من الزيجات في هذا اليوم.
أفضل دعاء يقال في ذكرى المولد النبوي حلويات المولدأما عن عروسة المولد، أرجع المؤرخين أنها كانت تمثل زوجة الخليفة، وكان هناك أكثر من 1000 شكل لحلويات المولد، ولكن العروسة والحصان هم الأشهر لما يمثلون من فرحة، حيث مرت الاحتفالات بالمولد النبوي بالكثير من المنعطفات التاريخية والسياسية والاجتماعية، وأصبحت شكلا من أشكال الصبغة الدينية، وفي مصر الخديوية انتقلت من الاحتفال الشعبي للاحتفال الرسمي، ومسئول عن تنظيميها وزارة الأوقاف.
عندما جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر بقيادة نابليون بونابرت، لم تحتفل مصر بالمولد النبوي في هذا الزمن بسبب المشاكل الاقتصادية التي كانت تعاني منها مصر، ومن ثم حاول نابليون التودد لكسب المصريين لاستمالتهم بالاهتمام بكل الاحتفالات الدينية وعلى رأسها المولد النبوي، وأرسل مبلغا ماليا للشيخ البكري نقيب الأشراف، مطالبا اياه بصناعة حلوى المولد بهذه الأموال، وأعطاهم الطبول لاستخدامها في المواكب والاحتفالات.
وحاول الكثير من الحكام بشتى الطرق القضاء على جميع مظاهر الاحتفالات التي أقامها الفاطميون، بدعوة أن هناك حروبا ولا يوجد وقت للرفاهية، ولكن كان في باطن الأمر هدف سياسي، للقضاء على كل الظواهر الاجتماعية بالعصر السابق لمحو فترة حكم الفاطميين من ذاكرة المصريين، ولكن الشعب المصري أبى أن يتخلى عن هذه الاحتفالات والعادات، وظلوا متمسكين بها حتى يومنا هذا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المولد النبوي الشريف النبوي الشريف العصر الفاطمي بالمولد النبوی المولد النبوی فی هذا
إقرأ أيضاً:
خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
المناطق_واس
أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي ، المسلمين بتقوى الله وعبادته، والتقرب إليه بطاعته بما يرضيه وتجنب مساخطه ومناهيه.
أخبار قد تهمك النائب العام ونظيره البحريني يوقعان اتفاقية تعاون مشترك في مجال مكافحة الجريمة الأصلية والإرهاب وتمويله وغسل الأموال 20 ديسمبر 2024 - 2:07 مساءً أمطار على مدينة جدة 20 ديسمبر 2024 - 1:59 مساءً
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام : “إن مهمة الرسل الدعوة إلى الله تعالى، وتوحيده وإفراده بالعبادة، وإبلاغ الرسالة، وتبيين الشريعة، فقد بعثوا دعاة إلى الخير، وهداة للبشر، مبشرين من أطاع الله بعظيم الجزاء، ووافر العطاء، ومنذرين من عصاه بشديد العقاب، وسوء المآب: ﴿ رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لئلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾، ونبينا صلى الله عليه وسلم، خاتم الرسل وسيد ولد آدم، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، حتى أتاه اليقين من ربه، فكان صلى الله عليه وسلم، يدعو أمته ليلًا ونهارًا، سرًا وجهارًا، لا يدع مناسبة، إلا ويغتنمها لإبلاغ الرسالة، فكان صلى الله عليه وسلم يذهب للمشركين في أسواقهم ومجامعهم، يدعوهم إلى ربهم، ويصبر على أذاهم وسفههم، وصدهم وإعراضهم “.
وأضاف أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كان يحدو أمله، وتحمله ورحمته وشفقته، ليحيا الناس حياة طيبة في الدنيا، ونعيمًا أبديًا في الأخرى، فحرصه على أمته أشد من حرصهم هم على أنفسهم، حتى كان يتحسر ويحزن لإعراضهم، حسرة تكاد تفتك به وتهلكه، فنهاه ربه عن ذلك، رأفة ورحمة به، فقال: ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾، أي: لعلك من شدة حرصك على هدايتهم، مُهْلِك نفسك يا محمد؛ وقال له ربه في آية أخرى: ﴿فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾، بل شبه سبحانه حزنه عليهم، برجل فارقه أحبته، فهو يسير على آثارهم، حتى كاد يهلك، وجدًا وتلهفًا على فراقهم، فقال سبحانه: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا﴾، وبين له سبحانه، أن التوفيق للهداية منه وحده، فقال: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾.
وأشار إمام وخطيب المسجد الحرام إلى أنه من عجيب أمر كثير من الناس، مع حرصه صلى الله عليه وسلم على هدايتهم، إلا أنهم يقابلون ذلك بإعراضهم وصدهم، كما قال جل وعلا: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾، بل إن حرصه صلى الله عليه وسلم كان على أناس ما علموا بوسيلة تدخل الأذى والشر إليه، إلا سعوا إليها بكل حرص، فهم حريصون أشد الحرص، على أذيته بل على قتله، وهو صلى الله عليه وسلم، حريص أشد الحرص، على هدايتهم ونفعهم.
وأكد الدكتور المعيقلي، أنه من كمال شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته، واهتمامه بأمرهم، كثرة دعائه لهم، وبكاءه لأجلهم؛ حرصًا عليهم، وخوفًا من عذابهم، ففي صحيح مسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم، رفع يديه يدعو لأمته، وقال: ((اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي، وَبَكَى، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَرَبُّكَ أَعْلَمُ، فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَالَ، وَهُوَ أَعْلَمُ، فَقَالَ اللَّهُ: يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلَا نَسُوءُكَ))، وإن من عظيم حرصه صلى الله عليه وسلم، تتبعه شؤون أصحابه وأتباعه، فهو يواسي المحزون، ويعين المحتاج، ويفرج عن المكروب، ويرحم الصغير، ويوقر الكبير، ويكون مع الناس في أفراحهم وأتراحهم، وشؤونهم وأحوالهم، ومن دقيق وحسن سيرته، حرصه على مراعاة نفسيات أصحابه.
وبين فضيلته أن حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أمته، بلغ الغاية في بيان شريعته، ممتثلًا أمر ربه: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾، فما من شيء يقرِّب الأمة من الجنة، ويزحزحهم عن النار؛ إلا وقد بيّنه صلى الله عليه وسلم، والله تبارك وتعالى يقول: ﴿فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ﴾، والنبي صلى الله عليه وسلم، يريد الفوز العظيم لأمته، في الدنيا والآخرة، فما ترك صلى الله عليه وسلم بلاغ أمته، حتى وهو يجود بنفسه، وروحه تخرج من جسده، كما في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَميصةٌ سَوْداءُ حينَ اشتَدَّ به وَجَعُه، قالَتْ: فهو يَضَعُها مرَّةً على وَجْهِه، ومرَّةً يَكشِفُها عنه، ويقولُ: ((قاتَلَ اللهُ قَومًا اتَّخَذوا قُبورَ أنْبيائِهم مَساجِدَ))، يُحَرِّمُ ذلك على أُمَّتِه.
وأفاد الشيخ المعيقلي أن حرص النبي صلى الله عليه وسلم على من اتّبعه من أمته، لا ينتهي بانتهاء الحياة الدنيا، فإذا انشغل الناس بأنفسهم يوم القيامة، حتى يقول الأنبياء عليهم السلام: نفسي نفسي، يقول صلى الله عليه وسلم: أمتي أمتي، ففي الصحيحين: قال ﷺ : (إذَا كانَ يَوْمُ القِيَامَةِ مَاجَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ في بَعْضٍ – ثم ذكر مجيئهم إلى الأنبياء – قال: ((فَيَأْتُونِي، فأقُولُ: أنَا لَهَا، فأسْتَأْذِنُ علَى رَبِّي، فيُؤْذَنُ لِي، ويُلْهِمُنِي مَحَامِدَ أحْمَدُهُ بهَا لا تَحْضُرُنِي الآنَ، فأحْمَدُهُ بتِلْكَ المَحَامِدِ، وأَخِرُّ له سَاجِدًا، فيَقولُ: يا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وسَلْ تُعْطَ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ، فأقُولُ: يا رَبِّ، أُمَّتي أُمَّتِي )، فسبحان الله! كم بين قول الرسل عليهم السلام: نفسي نفسي، وبين قول نبينا ﷺ : أمتي أمتي، من معانٍ عظيمة، ودلالات كريمة، تبين حرصه ﷺ على نجاة أمته، ويحضر عرصات يوم القيامة، ليكون شفيعًا لأمته؛ فتارة يقف عند الميزان، وتارة يقف على جنبات الصراط، يطلب لأمته السّلامة والنّجاة، فحري بنا أمة إسلام، أن نطيع أمره، ونقتفي أثره، ونذب عن ملته وشريعته، ونقابل حرصه علينا، باتباعنا لسنته، فأسعد الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، هم أشدهم اتباعًا له، وتمسكًا بسنته، وهم أهل محبته وولايته؛ لقوله تبارك اسمه: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾.
كما تحدث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالباري بن عواض الثبيتي عن بذل الخير والسعي في إسعاد الناس ونفعهم، والتيسير على العباد، ودفع الضرر عنهم، والسعي في إصلاح ذات البين، امتثالاً لما حثّ عليه دين الإسلام، وبما جاء في كتاب الله جل وعلا، وهدي نبينا محمد عليه الصلاة والسلام من القول والعمل.
وأوضح الشيخ الدكتور عبدالباري الثبيتي في خطبة الجمعة اليوم من المسجد النبوي أن من هدي النبوة، ومن نور الرسالة الذي يجعل للحياة قيمة وللمسلم قدرًا وهدفًا، ويربط المسلم مجتمعه، ويجعله فاعلاً بينهم، قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا) رواه الطبراني.
وبيّن أن هذا الحديث، يصحّح نظر المسلم للكون والخلق والحياة، ويقوّم المسار، ويوجه البوصلة، وهو جدير بأن نتأمل حروفه ونتبين مدلوله، ليتدفق في عروق الأفراد والمجتمعات طعم الإسلام، وحلاوة هذا الدين، خاصة حين تغلب روح الأنانية والفردية، ويتضخم حب الذات، وتجمد العواطف، وتذبل العلاقات، وينشغل المسلم عن واجبه تجاه أمته، وعن رسالته في حق وطنه، وعن دوره في مجتمعه.
وتابع إمام وخطيب المسجد النبوي بقوله، إن أعظم وسام يناله المسلم؛ أن يكون أحبّ الناس إلى الله، وأعظم تحفيز للمسارعين إلى الله وطالبي رضاه، زرع البسمة على الشفاه، وكشفُ الكربة عن المكروبين، وبذل العون للمحتاج، مبينًا أنه بمثل هذه التوجيهات الربانية والنبوية يربّي الإسلام أفراده على العطاء، ويجعل كل واحد منهم نبعًا يفيض بالخير والعطاء، فمن سلك هذا المسلك فإن حياته تتّسع، وصدره ينشرح، وتحلّ عليه البركة.
وأشار إلى أن أبواب النفع ليست محدودة في نطاق محصور، ولا في مجال ضيق، مشيرًا إلى وظيفة النبوة التي جُعلت لنفع الخلق وإخراجهم من ظلمات الشرك إلى نور الإسلام، فترك لنا الأنبياء والصالحون أمثلة عظيمة على المشاريع الحياتية التي كرّسوا حياتهم من أجلها، فقام كل نبيٍ بدعوة قومه لتوحيد الله، وأرسى معالم ومنارات اهتدى بها الناس من بعدهم.
وتابع قائلاً: فنبي الله نوح عليه السلام يبني سفينة النجاة لأمته، ونبي الله إبراهيم عليه السلام يلبّي نداء ربه ويمتثل أمره ببناء الكعبة لتكون قبله للتوحيد وللعبادة للأجيال القادمة، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم يترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، ويرسي فيها مكارم الأخلاق وقيم التربية ومحاسن الأمور، ولما رجع صلوات ربي وسلامه عليه من غار حراء قد عرته الدهشة للملك الذي جاءه في الغار، يقول لخديجة رضي الله عنها: “قد خشيت على نفسي” فقالت له: “كلا، أبشر، والله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكلّ وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق” متفق عليه.
وأوضح أن هذه الأحوال كلها مشتملة على نفع متعدٍّ للآخرين، فكانت عاصمة له بإذن الله من أن يصيبه خزيٌ أو حزن أو أذى، كما تعلم الصحابة من نبيهم هذا الدرس ووعوه جيدًا وضربوا أروع النماذج في النفع، واستثمر كل واحد منهم ما وهبه الله من قدرات ومواهب في مشاريع حياتية تركت آثارًا خالدة على الأمة الإسلامية.
وبين الشيخ الثبيتي أن نفع الأمة له أشكال عديدة، فتارة بنشر الإسلام وبناء قيمه السامية، وتارة بإغاثة الملهوفين، ودعم الفقراء والمساكين، ومرة ببناء المساجد ودعم حلقات تحفيظ القرآن الكريم والمؤسسات الخيرية، ثم بنفع الوطن الذي عاش على ترابه واستنشق هواءه ونهل من معينه بالإسهام في بناء مؤسساته، والعمل على ازدهاره ورفع شأنه، والانخراط في تنميته والعمل على استقراره وتعزيز لحمته.
وأفاد أن من بين الناس من يجعل حياته مشروعًا يحمل الخير للناس، يضع نصب عينيه تجاوز حدود الوقت والمكان، فيكون سببًا في نفع أجيال متعاقبة حتى بعد أن يودع هذه الدنيا، مبينًا أن هؤلاء هم أصحاب الهمم العالية والطموحات الكبيرة، الذين يبذلون حياتهم لمشروع واحد عظيم، وهدف سامٍ كبير يملأ حياتهم، ويملأ حياة الناس من بعدهم، فينتفع به الناس أيّما انتفاع، ويسعى دومًا بالارتقاء بشأن المجتمع بخدمة يقدمها في مجال العلم أو الاقتصاد أو الصحة أو أي مجال من مجالات الخير والتطوع والتطوير والبناء.
وقال الشيخ عبدالباري الثبيتي : إن مشروع الحياة حتى لو كان صغيرًا فإنه كبير بالنية الصادقة، وهي رسالة يحملها صاحبها طيلة حياته، يعمل من أجلها في كل لحظة من لحظات عمره، يبذل في سبيلها من جهده ووقته وماله؛ ليكون أثره ممتدًا بعد وفاته، ونفعه وأجره مدرارًا في ميزان حسناته، ومن أخلص النية وكان هدفه إرضاء ربه؛ نال مراده وبارك الله في جهده.
وأشار إلى أن مشروع الحياة قد يستغرق سنوات حتى يؤتي ثماره، لكن أصحاب الهمم العالية لا تثنيهم العقبات، ولا يحبطهم الفشل، بل يتعلمون ويمضون قدمًا بالصبر ومداومة العمل والعطاء وبذل الخير،مذكرًا بمن ساهموا في نفع الناس وتطوير المجتمعات بتأسيس المدارس والجامعات والمستشفيات، وتطوير العلوم والمعارف، ونشر العلم، وغرس القيم والدعوة إلى الله، فخلّد التاريخ أسماءهم، وحفظ الرب أجرهم، لا لأنهم بحثوا عن المجد الشخصي، ولكن لأنهم اختاروا نفع الناس، والارتقاء بأمتهم ووطنهم، ولاينقطع أجرهم بوفاتهم.
واختتم فضيلته الخطبة داعيًا إلى استشعار هذه المفاهيم العظيمة في تطوير المجتمع، وتأسيس المبادرات التي تنهض بالوطن، وتعزز من قوة الأمة، مشيرًا إلى حاجة الأمة اليوم إلى كل جهد نافع، ولكل مشروع يحمل الخير للأجيال القادمة.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط 20 ديسمبر 2024 - 2:15 مساءً شاركها فيسبوك X لينكدإن ماسنجر ماسنجر أقرأ التالي أبرز المواد20 ديسمبر 2024 - 1:59 مساءًالصين تطلق مجموعة جديدة من الأقمار الاصطناعية أبرز المواد20 ديسمبر 2024 - 1:56 مساءً“مدن” تعلن موعد إعلان أسماء الفائزين بجائزة “مدن للتميز” أبرز المواد20 ديسمبر 2024 - 1:42 مساءًمكافحة المخدرات تواصل استقبال زوار “واحة الأمن” بمهرجان الملك عبدالعزيز للإبل بالصياهد أبرز المواد20 ديسمبر 2024 - 1:18 مساءًمنظمة الصحة العالمية تدعو إلى تمويل إعادة بناء النظام الصحي في لبنان أبرز المواد20 ديسمبر 2024 - 1:09 مساءًخفر السواحل في اليونان يعلن وفاة 8 وإنقاذ 18 إثر غرق قارب يقل مهاجرين قبالة جزيرة رودس20 ديسمبر 2024 - 1:59 مساءًالصين تطلق مجموعة جديدة من الأقمار الاصطناعية20 ديسمبر 2024 - 1:56 مساءً“مدن” تعلن موعد إعلان أسماء الفائزين بجائزة “مدن للتميز”20 ديسمبر 2024 - 1:42 مساءًمكافحة المخدرات تواصل استقبال زوار “واحة الأمن” بمهرجان الملك عبدالعزيز للإبل بالصياهد20 ديسمبر 2024 - 1:18 مساءًمنظمة الصحة العالمية تدعو إلى تمويل إعادة بناء النظام الصحي في لبنان20 ديسمبر 2024 - 1:09 مساءًخفر السواحل في اليونان يعلن وفاة 8 وإنقاذ 18 إثر غرق قارب يقل مهاجرين قبالة جزيرة رودس النائب العام ونظيره البحريني يوقعان اتفاقية تعاون مشترك في مجال مكافحة الجريمة الأصلية والإرهاب وتمويله وغسل الأموال النائب العام ونظيره البحريني يوقعان اتفاقية تعاون مشترك في مجال مكافحة الجريمة الأصلية والإرهاب وتمويله وغسل الأموال تابعنا على تويتـــــرTweets by AlMnatiq تابعنا على فيسبوك تابعنا على فيسبوكالأكثر مشاهدة الفوائد الاجتماعية للإسكان التعاوني 4 أغسطس 2022 - 11:10 مساءً بث مباشر مباراة الهلال وريال مدريد بكأس العالم للأندية 11 فبراير 2023 - 1:45 مساءً اليوم.. “حساب المواطن” يبدأ في صرف مستحقات المستفيدين من الدعم لدفعة يناير الجاري 10 يناير 2023 - 8:12 صباحًا جميع الحقوق محفوظة لجوال وصحيفة المناطق © حقوق النشر 2024 | تطوير سيكيور هوست | مُستضاف بفخر لدى سيكيورهوستفيسبوكXYouTubeانستقرامواتساب فيسبوك X ماسنجر ماسنجر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق البحث عن: فيسبوكXYouTubeانستقرامواتساب إغلاق بحث عن إغلاق بحث عن