الأسبوع:
2024-11-18@12:38:21 GMT

ما لا يقوله الرئيس

تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT

ما لا يقوله الرئيس

فتيات صغيرات.. نساء شابات عزباوات.. آخريات يصطحبن أطفالهن في أيديهن.. ومثلهن يحملن أطفال المستقبل في أحشائهن.. احتشدوا طوابير.. يحملن أحجار أنقاض زاد وزنها على وزن حاملاتها.. تمسكن بالأحجار أعلاها على قلوبهن.. إلى جوار بطونهن.. الحوامل منهن يحملن الأحجار إلى جوار أطفال المستقبل.

يشتركن جميعًا في أمرين.

. استشراف المستقبل.. وبناء ما تهدم وتحطم، وهو كثير كبير ثقيل.. 350 مليون منزل مهدم.. 400 مليون متر مكعب من الأنقاض ما يعادل 160 ضعف كتلة الهرم الأكبر على أقل تقدير وهو رقم غير دقيق محاولة من مخرجيه أن يقلل من حجم الكارثة وإظهارها عكس حقيقتها.

نساء فقدن معظم مدن بلادهن.. والأشد قسوة فقدن نحو 6 ملايين رجل و 5 ملايين آخرين بين رجال ونساء وأطفال.. جميعهم فقدوا أرواحهم.. بينما 11 مليون من رجالهن أرواح مأسورة رهينة خارج بلادهن.. بعيدين عن أمهاتهم وأخواتهم وزوجاتهم وبناتهم.. ولم يعودوا إلى بعد 10 سنوات من العذاب.

على سبيل المثال.. مدينة كاملة انمحت من الوجود في 22 دقيقة من القصف.. تساوت الأبنية بالأرض.. وأصبح التراب مخاضة من دماء من كثرة ما سال.

استبدل النساء مظاهر الألم بضحكات صافية جعلت من صور الشقاء لوحات دامية رغم الابتسامات الصافية تصيب متأملها بالرغبة في البكاء.. وكانت النتيجة.. نصب انتصار حققه شق شعب وضع في برلين صممه فرتز كريمر حمل اسم نساء الأنقاض.. أصبح رمزًا للألم الذي صنع أمل.. 27 مليون ألماني منهن 20 مليون امرأة وجدن أنفسن وبناتهن دون منازل.. لم ينتحبن ويلعن الدهر وضربه.. فشرعن في إعادة بناء منازلهن.. فأعادوا بناء ألمانيا وصنعن دولة مثالها العنقاء التي تعود للحياة بعد أن تحترق بالكامل.. فأصبح الرماد حيًا وصنعن دولة أسطورة تتغلب على أسطورة العنقاء وأسسن لدولة أصبحت القوى الخامسة على العالم اقتصاديا وصناعيًا لم يقتصر الأمر على نساء الأنقاض.. رجال الأعمال وظفوا عشرات أضعاف ما يستطيعون توظيفه.. عاد الأسرى الألمان تباعًا ليأخذوا دورهم البناء.. حكومة ترأسها رجل واحد كونراد هيرمان جوسف أديناور.. المستشار الألماني الذي قيل عنه إنه السياسي الأكبر عمرًا الذي يشغل منصبًا منتخبًا.. آمن بشعبه.. وآمن به شعبه.. فصنعا معًا أسطورة العنقاء الألمانية.

كان من صفته أنه ينطق البشر من وجهه.. وتفضح ملامحه علامات السعادة حينما كان يلتقي أو يتحدث مع أفراد شعبه.. وتأخذ ملامحه الجدية والمساءلة حينما يلتقي أحد من مسؤولي حكومته.. لا تقصيرًا منهم.. بل رغبة في المزيد.. رغبًا بأن يشتعلوا نشاطًا حتى يحترقوا من أجل بلادهم وشعبهم.

كونراد أديناور.. الذي امتزج بشعبه فصنع من الرماد عنقاء.. ومن الهزيمة نصر.. ومن القوة ضعف.. رجل عظيم.. يتشارك مع عظيم آخر.. -العظماء أخوة في الإنسانية والعظمة- في كل الصفات السابقة.

الرئيس.. الذي تتجلى ضحكات من القلب في أي حديث مع أي من إخوته أو أبنائه أو أخواته أو بناته من شعبه.. إن شئت فانظر لقاءات الرئيس في الشارع.. أثناء تفقده رعيته.. في مؤتمراته الجماهيرة.. وحتى مؤتمراته الشعبية.. ذلك التجلي الصافي من القلب يتحول لمساءلة ومحاسبة لأي مسؤول كبر شآنه أو صغر.

الإيمان بالشعب والمراهنة عليه صفة مشتركة بين الأخين أديناور والسيسي.. الذين فرق بينهم الزمن.. وجمعهما إيمانهما بشعبيهما.. ورغبتهما في صالح بلادهما.. وروح سامية تسمو للمستحيل وتجعله واقعًا.. وإنسانية عظيمة لا يضاهي عظمتها إلا بساطتها.. ورغبة عارمة في النجاح.

مع فارق الأزمنة.. اشترك البلدان في أمور منها مثالًا لا حصرًا.. الأول انهزام ألمانيا أمام حلفاء قللوا من حجم الخسارة تسفيهًا وتنصلًا من مسؤولية.. ومصر التي انهزمت أمام جماعة إرهابية.. سطت على مقاليد الحكم.. وضعت جماعتها فوق بلادها.. اختطفت عراقة وتاريخ 7 آلاف عام.. صنعوا من بلادنا مائدة ودعوا عليها عمالقة أقزام.. شرق وغرب وشمال.. دعوا إليها لالتهامها داني وقصي.. قريب وبعيد.

في البلدين انتفض الشعبان.. الألماني ضد هزيمة فحولو لها لنصر.. وانتفض المصريين واستعادوا بلادهم من يد الإهاب.

أراد الله أن يكون للبلدين ما احتاجتا بعد هزيمتهما.. في ألمانيا كان كونراد هيرمان جوسف أديناور.. وفي مصر عبد الفتاح السيسي.. ضرورة تاريخية.

وانتصرت ألمانيا.. وانتصرت مصر.. على يد الرجلين وشعبيهما.. فعادت ألمانيا.. وأُحييت مصر.

كان إديناور يجلس وحيدًا.. يلاحظه مرؤوسيه كأنه في حديث مع نفسه ولو سُئل لأجاب أنه يطلب من الله.. يحدثه.. لم يسأله أحد.. والسيسي يسأل الله علانية أمامنا.. يحدث ربه حديث البسطاء الجميل.. فالبساطة سر العظمة وروح الجمال.. لم يقل الرئيس أنه يطلب منا أن نناجي ربنا.. ندعوه بالعام كما ندعوه بالخاص.. لم يقل الرئيس ذلك لكننا عرفنا.. ومنه تعلمنا قوة سؤال الله.. وقوة مناجاته.

ندعو الله كل يوم ربما ألف مرة.. لكنها دعوات لا تتجاوز الحناجر.. ولا تتعدى اللسان.. ولكن حينما ندعوا الله متحدثين معه.. فإننا نستحضر عظمته وقربه إلينا من حبل الوريد.. علمنا السيسي.. لكن الرئيس لم يقل ذلك.

بكى الرئيس.. وهل يبكي رئيس.. نعم حينما يستحضر عظمة الله.. حينما يبتهل قلبه صامتًا.. يسأل الله لشعبه.. ويطلب منه الإعانة.

بكى الرئيس في حضرة الحبيب المصطفى.. شاكيًا إليه جثامة المهمة.. وثقلها.. واستجارة كتفيه من حجمها.

لكن الرئيس لم يقل ذلك.. لم يقل الرئيس أن بلادنا ومعظم مؤسساتنا طوائف أربعة:

الأولى.. تعمل من أجل بلادها.. تُعلي من مصلحة الشعب على مصلحتها.. تموت من أجل بلادها جودًا بكل عظيم من وقت ومال حتى أعظم ما تملك روحها.. وهما بين فئتين جمعهما "رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه".. وأولاهما "فمنهم من قضى نحبه".. وثانيهما: "ومنهم من ينتظر" والاثنان صدق فيهم أنهم "ما بدلوا تبديلًا".. فهي فئة لها ولا عليها.

الثانية.. منغلقة على نفسها.. لا يهمها إلا "سريان حالها".. لا يأذون أحد.. فقط يفعلون ما يصلح شأنهم دون مخالفة رب أو شرع أو معاداة قانون.. فهي فئة لا لها ولا عليها.

والثالثة.. تنشغل بنفسها دون غيرها.. لا يردعها رادع.. ولا يزعها وازع.. لا يخشون ربًا.. لا يحتكمون إلى شرع.. ولا يرتدعون بقانون.. لا يفعلون شيئا إلا لجلب مصلحة لهم.. ويتكاسلون عما لا يحقق لهم مصلحة.. حتى لو تسببوا في تعطل معاش أرملة سبعينية رحل رفيقها وغاب ولدها وحضر دائنوها.. فعطلوا مصلحتها على إمضاء وريقات.. كسلًا منهم "ربما" وربما لأسباب أخرى تعف النفس عن ذكرها.. .. وللأسف: كلما نزلت في الُسلم الوظيفي لوجدتهم كثر.. ولوليت منهم فرارًا وملئت منهم رعبًا.. فهي فئة عليها ولا لها.

والرابعة.. طابور خامس.. هدفه هدم البلاد.. ومعاقبة الناس.. حتى لو على حساب أرواح.. هم بيننا نشعر بهم ولا نراهم.. لكن الرئيس يرى.

استحضر فيهم الرئيس سنة حبيبه وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم حينما بكى.. ولعله استحضر الحديث الشريف حينما قال رجل من تميم للنبي عند توزيع غنائم بين الناس: أعدل يا محمد.. فقال الحبيب ومن يعدل إذا لم أعدل.. خبتُ وخسرتُ إن لم أعدل فقال الفاروق عمربن الخطاب في هذا الحديث وفي غيره: يا رسول الله ألا أقوم فأقتل هذا المنافق؟ قال: معاذ الله أن تتسامع الأمم أن محمداً يقتل أصحابه- وقال صلى الله عليه وسلم في واقعة أخرى دعه يا عمر حتى لا يقال إن محمدًا يقتل أصحابه.

فئة تأذي الناس قدر ما استطاعوا.. يسخطونهم على بلدهم وعلى أهلهم وعلى رئيسهم.. فئة تستشعر وجودهًا ولا ترها.. فهي فئة لا لها وعليها لعنة الله.

في محطة مصر.. تأخر قطار قادم من أسوان إلى الإسكندرية ساعة ونصف.. أعلن المذياع مرارًا وتكرارًا عن وصوله في رصيف معين.. فاجتمع الناس بعد ساعة ونصف انتظار.. ودون أن يأتي القطار.. صدع المذياع أن القطار على رصيف آخر بينه وبين هذا الرصيف نفق ومسافات.. لم ينهي المتحدث في المذياع كلامه حتى وصل القطار.. مئات الركاب من الناس تهارجوا وتمارجوا فيما بينهم.. كبار سن سندهم أبنائهم.. ومن لم يقدر حلمه الأبناء.. عجائز ونساء لم يتحركوا اسبتدلو الحركة بالبكاء.. وقف القطار أقل من دقيقة.. ركاب كان عليهم النزول فما نزلوا.. وآخرين كان عليهم الصعود فما صعدوا.

تحاور ثلاثة كان أولهم من الفئة الثانية التي لا لها ولا عليها.. قال متحسبنًا: حسبنا الله ونعمل الوكيل.. هدى الله صاحب المذياع وهدى الله السائق.

قال ثانيهم وكان من الفئة التي عليها ولا لها: لا يوجد نظام.. لا دولة.. لا شيء ينفع.. واستمر في صب لعناته على الكبير قبل الصغير.

وقال ثالثهم وكان من الفئة التي لها ولا عليها: لو عمل كل شخص ما عليه لما حدث ذلك.. الكبير لا ينام.. بينما الصغير وهم كُثر نائمون يغطون أو صاحون متجاهلون.. واستطرد آسفًا.. لو فعل الصغير ما يفعله الكبير.. لكنا في مصاف الأمم.

أما الفئة الرابعة فكانت حاضرة دون حضور.. ظاهرة دون ظهور.. ابتسمت حينما سمعت لعنات الفئة الثالثة.. وتجهمت حينما سمعت توكل الفئة الثانية.. وامتعضت غيظًا حينما تحدثت الفئة الأولى.

هم موجودن لا نراهم.. لكن الرئيس يراهم.. لكن ذلك ضمن ما لا يقوله الرئيس.. فقط إذا سمعت بأُذنك.. وإذا أردت السمع.. اصغ بقلبك.. ساعتها ستسمع ما لا يقوله الرئيس.

اقرأ أيضاًالصحف تبرز تأكيد الرئيس السيسي حرص الدولة على قيادة القطاع الخاص للتنمية بمصر

انطلاق قطار حماة الوطن في تحرير توكيلات ترشيح الرئيس السيسي

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: ألمانيا إديناور الدولة المصرية الرئيس السيسي لکن الرئیس لا لها

إقرأ أيضاً:

وضع إكليل من الزهور على ضريح الرئيس الشهيد صالح الصماد

ووضع عضو المجلس السياسي الأعلى ورئيس مجلس الوزراء و معهم نائب رئيس مجلس الشورى ضيف الله رسام ووزراء النفط الدكتور عبدالله الأمير و الثقافة و السياحة الدكتور علي اليافعي و الإعلام هاشم شرف الدين و أمين العاصمة الدكتور حمود عباد و مساعد مدير مكتب رئاسة الوزراء طه السفياني وكيل أول أمانة العاصمة خالد المداني، اكليل من الزهور على ضريح الرئيس الشهيد صالح الصماد و رفاقه .

و قرأ الجميع الفاتحة ترحما على روح الشهيد الرئيس الصماد و رفاقه و كافة شهداء الوطن الأبرار ومحور المقاومة.. سائلين الله العلي القدير أن يجزيهم عن وطنهم وأمتهم خير الجزاء وأن يسكنهم الفردوس الأعلى.

مقالات مشابهة

  • أدعية مستجابة بعد قراءة سورة يس .. احرص عليها في هذه الأوقات
  • هل يمكن أن تؤدي الإصابة بالإنفلونزا أثناء الحمل إلى إصابة الأطفال بالتوحد؟ إليك ما يقوله الخبراء
  • منحة كاملة للدراسة في أمريكا لهذه الفئة
  • وهران: إجراء قرعة حج خاصة لهذه الفئة
  • آيات السعي في طلب الرزق والأحاديث النبوية عنه .. تعرف عليها
  • ملتقى التصوير | حينما تلتقي الثقافات على أرض مصر برعاية وزارة الثقافة
  • كيفية استخراج بطاقة الرقم القومي «أون لاين»
  • أدرى.. تكسب حينما لا تخسر
  • وضع إكليل من الزهور على ضريح الرئيس الشهيد صالح الصماد
  • خطيب الجامع الأزهر: الوقت نعمة وسنحاسب عليها ما لم نستثمره جيدا