متى يقتنع اللبنانيون بـ لبننة الاستحقاق الرئاسي؟
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
من يراقب كيف تتعاطى المملكة العربية السعودية مع الأزمة اللبنانية، وبالتحديد الأزمة الرئاسية، منذ أن تولى ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان المسؤولية فيها، لا يمكنه أن يصدّق أن التطابق في المواقف التي أعلنها كل من وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، من على منبر الأمم المتحدة، أو تلك التي أطلقها السفير وليد البخاري أمام حشد من السياسيين والديبلوماسيين والشخصيات الحزبية والأمنية والإعلامية والفنية، الذين شاركوا في احتفال اليوم الوطني السعودي الثالث والتسعين، هو مجرد صدفة.
فسياسة المملكة تجاه لبنان واضحة ولا تحتاج إلى الكثير من التفسير والشرح. وهذا ما حاول اختصاره كل من الوزير بن فرحان والسفير البخاري في كلمتيهما. الأول أكد وقوف المملكة الى جانب الشعب اللبناني، داعياً الأطراف اللبنانية الى تنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية هيكلية شاملة، ومذكّرًا بموقف المملكة المطالب ببسط سلطة الدولة اللبنانية على مختلف الأراضي اللبنانية "بما يسهم في ضبط الأمن والتصدّي لعمليات تهريب المخدّرات والأنشطة الارهابية التي تهدّد أمن المنطقة والعالم". أمّا الثاني، وهو العائد توًّا من نيويورك، حيث شارك في اجتماع اللجنة الرئاسية الخماسية، فحذّر من تداعيات استمرار الفراغ الرئاسي، الذي اعتبر أنّه مثير للقلق ويحول دون تنفيذ الإصلاحات المطلوبة. وتحدّث عن تقاسم "مسؤولية دولية مشتركة من أجل الحفاظ على استقرار لبنان وحماية سيادته"، وجدّد التأكيد أنّ "الحلول المستدامة تأتي فقط من داخل لبنان، وأن الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني، ونحن على ثقة بأن اللبنانيين يمكنهم تحمّل مسؤولياتهم التاريخية والتلاقي من دون إبطاء لإنجاز الاستحقاق الرئاسي… لأنّنا نريد للبنان أن يكون كما كان، وأن يستعيد دوره الفاعل في المنطقة".
فمسألة "لبننة" الاستحقاق الرئاسي قد أصبحت قناعة راسخة لدى جميع الذين يتعاطون به من الخارج. يبقى أن يقتنع من هم في الداخل بهذه المعادلة، ويقرروا أن يستعيدوا بعضًا مما فقدوه بالممارسة الخاطئة على مدى سنوات، وذلك عملًا بالمثل القائل "ما حكّ جلدك مثل ظفرك". ولأن "أهل مكّة أدرى بشعابها"، فإن ما يلائم وضعية لبنان الحالية وبكل ما يحيط بها من التباسات يعرفها اللبنانيون أكثر من غيرهم، على رغم ما يبديه بعض هذا الخارج من غيرة غير مشكوك فيها تجاه لبنان، وقد لا تتوافق نظرة اللبنانيين إلى أوضاعهم مع نظرة البعض الآخر من هذا الخارج إلى أزماته الداخلية.
فكلام السفير البخاري لم يكن مجرد كلام عادي، بل هو نابع من عمق وجدانية النظرة السعودية إلى ما يحتاج إليه اللبنانيون، لكي "يعود لبنان كما كان". وفي ذلك الكثير من المعاني التي تختصر ما تتطلع إليه المملكة لكي "يستعيد لبنان دوره الفاعل في المنطقة". وحتى يستعيد لبنان هذا الدور ما على اللبنانيين سوى أن يعوا، وقبل غيرهم، أن مصلحتهم الأولى والأخيرة في هذه الظروف العصيبة تكمن في وضع حدّ للشغور الرئاسي، وأن يتفقوا على انتخاب رئيس لجمهوريتهم المتهالكة، بحيث يكون على مسافة واحدة من جميع الأطراف، وأن يكون جامعًا وموحِدًّا، في انتظار اكتمال حلقات التسوية الإقليمية، التي لا تزال تحتاج إلى مزيد من الوقت، سواء بالنسبة إلى تفصيل التفاصيل المتعلقة بالمفاوضات الجارية بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، أو بالنسبة إلى إنضاج ما تم التفاهم عليه من مشاريع بين الرياض وطهران، مع ما يستلزمه كل ذلك من تفاهمات على تقاسم النفوذ في المنطقة، بدءًا باليمن ومرورًا بالعراق وسوريا وصولًا إلى لبنان، وإن لم تكن الساحة الفلسطينية آخر عنقود التسويات.
ولئلا يبقى لبنان منتظرًا الفرج، الذي لن يأتي، على ما يبدو، من الخارج، فإنه لا بدّ في نهاية المطاف من أن "تتلببن" الرئاسة الأولى، إلاّ إذا كانت مصلحة البعض تقضي بأن يبقى الشغور الرئاسي إلى ما لا نهاية. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الاستحقاق الرئاسی
إقرأ أيضاً:
لبنان يطالب دول مجلس الامن بالضغط على إسرائيل لوقف مسارها التدميري للقطاعات اللبنانية
دخلت المنطقة مرحلة حبس الانفاس مع الاستحقاقات السياسية والعسكرية الداهمة التي يفترض ان توضح طبيعة المرحلة المقبلة، وفي مقدمها نتائج الانتخابات الرئاسية الاميركية.
أما في لبنان فتحرك ديبلوماسي ناشط لرئيس الحكومة لوقف العدوان الاسرائيلي على مختلف المناطق اللبنانية والذي يستهدف البشر والحجر.
وقالت مصادر سياسية إن ما بعد الخامس من تشرين الثاني تتظهر ملامح جديدة في ما خص الحرب الأسرائيلية ضد لبنان على أن تستكمل مسيرة الاتصالات الهادفة لوقف إطلاق النار، مؤكدة أن الإقرار بإطالة امد الحرب بدأ يتكرر وكذلك الحديث عن انعدام الأفق، ما يؤشر إلى أن سيناريو التعايش مع الواقع الراهن هو السائد.
ورأت المصادر أن لبنان دخل فعليا في فلك انعكاسات الانتخابات الأميركية، اما الملفات الأخرى ولاسيما التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون فينتظر تحديد الجلسة النيابية له.
ومجمل هذه الاوضاع، ستكون على جدول اعمال جلسة مجلس الوزراء المقررة عند الحادية عشرة من قبل ظهر يوم غد الاربعاء وعلى جدول اعمالها 24 بنداً.
وسط هذه الأجواء الغامضة خارجيا، طرق لبنان الرسمي مجدداً أبواب الدول الخمس الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي سعياً إلى تحفيزها لممارسة الضغوط على إسرائيل لوقف مسارها التدميري للقطاعات اللبنانية.
وعقد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي سلسلة لقاءات مع سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن وسفيرة الاتحاد الأوروبي، في حضور وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب.
وأكد ميقاتي خلال هذه اللقاءات "أنّ تمادي العدو الإسرائيلي في عدوانه على لبنان والجرائم التي يرتكبها قتلاً وتدميرا، هي برسم المجتمع الدولي الساكت عما يجري، في الوقت الذي ينبغي أن تمارس الدول التي تحمل لواء الإنسانية وحقوق الإنسان أقصى الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها".
ولفت إلى أن "الحكومة اللبنانية أعلنت صراحة التزامها بالقرار 1701، وعزمها على تعزيز الجيش في الجنوب، ورحبت بكل المواقف التي تدعو إلى وقف اطلاق النار، إلا أن العدو الإسرائيلي انقلب على كل الحلول المقترحة ومضى في جرائم الحرب بحق مختلف المناطق اللبنانية وصولاً إلى استهداف المواقع الأثرية، وهذا في ذاته جريمة إضافية ضد الإنسانية ينبغي التصدي لها ووقفها".
وجدّد المطالبة "بالضغط لوقف العدوان تمهيداً للبحث في السبل الكفيلة بتطبيق القرار 1701 بحرفيته، وكما أُقر، من دون أي إضافات أو تفسيرات".
وأشار ميقاتي إلى أنه سلّم السفراء التقرير الصادر عن وزارة الصحة بالأضرار التي لحقت بالقطاع الصحي نتيجة الغارات الإسرائيلية، كما سلّم السفراء رسالة أكد فيها أن "العدوان الإسرائيلي المستمر، وخاصة الهجمات على مدن مثل بعلبك وصور، أدت إلى نزوح قرى باكملها وتهديد مواقع تراثية وثقافية لا تقدر بثمن، ونحن ندعو إلى وقف فوري لإطلاق النار لوقف العنف العبثي وحماية التراث الثقافي لبلادنا، بما في ذلك المواقع الأثرية القديمة في بعلبك وصور". وطالب "مجلس الأمن باتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة لحماية هذه الكنوز التاريخية". وطلب رئيس الحكومة من وزارة الخارجية تعميم نص الرسالة أيضاً على الأعضاء غير الدائمين في مجلس الامن.
وفي اطار مواجهة تحديات الوضعين العسكري والأمني خصوصاً ملابسات عملية الانزال الإسرائيلية في البترون وخطف عماد أمهز، زار قائد الجيش العماد جوزف عون رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي وأطلعهما على التحقيق الداخلي الذي تقوم به قيادة الجيش في شأن عملية الانزال والخطف.
تربويا، حضر الملف خلال اجتماع لجنة التربية النيابية ووزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي، الذي اكد انه مع انطلاق العام الدراسي، وكشف ان العودة ستكون تدريجية، طالباً بانهاض الملف التربوي وان التوجهات يمكن تعديلها على الارض لاخذها بالاعتبار، والبحث يستمر عن ابنية والاستعانة بالمدارس الخاصة.
المصدر: لبنان 24