رسالة يمني إلى يوم 26 سبتمبر
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
هذه الليلة الرقم الذهبي في جميع مواقع التواصل اليمنية هو الرقم ( 26) . انت الحاضر في نفوس ابناء اليمن في الداخل والخارج . صنعاء تغازلك ،وتعز تهتف لك ، ومارب توقد الشعلة من اجلك وعدن تعشقك وقد حُيل بينها وبين احتضانك .
إيه يا يوم 26 سبتمبر ما اجملك بين ايام الشهر . إيه يا شهر سبتمبر ما ابهاك بين اشهر العام .
هذه الليلة اينما حل اليمني على وجه الارض كنت انت جليسه وكنت من سُمّاره فالاحتفالات بك في كل مكان . اي عظمة تحملها انت يا 26 سبتمبر ؟ كلما قال البعض انك قد مت تظهر لهم في مثل هذه الليلة لتقول لهم : انا باق ما بقيت اليمن ، يسرع اليك اليمنيون في مثل هذه الليلة من كل عام ليشتموا منك عبق العزة والكرامة . رائحتك يا سبتمبر بالنسبة لليمنيين كرائحة الأم لأطفالها تشعرهم بالامان والحنان والدفئ .
اعذرني يا يوم 26 سبتمبر ان اسهبت في ذكرك ومدحك فانت بالنسبة لليمنيين كماء زمزم ما ان يرتوي منه الشارب حتى يشتاق اليه مرة اخرى.
اقرأ أيضاً ليلة تاريخية للشعب وجهنمية على الحوثي.. احتفالات عارمة بثورة 26 سبتمبر وأعلام الجمهورية وهتافات ”بالروح بالدم نفديك يا يمن” تقض مضاجع الكهنوت ميليشيا الحوثي تعتقل نجل الثائر السبتمبري عبد الله اللقيه في صنعاء عشية ذكرى ثورة 26 سبتمبر الحوثيون يعتدون على امرأة ويصادرون العلم الجمهوري من سيارتها بسبب احتفالها بثورة 26 سبتمبر ”فيديو” رفاق المكحل يخرجون في مظاهرة سبتمبرية بالمدينة القديمة بإب والمليشيات تطلق عليهم النار ”فيديو” ”غدًا موعدنا ننتف والد والديهم”.. مواطن بصنعاء يوثق فيديو جديد للحوثيين يهينون ويصادرون العلم الجمهوري ثاني فيديو لعناصر مليشيا الحوثي تصادر أعلام الجمهورية من سيارات المواطنين المحتفلين بثورة 26 سبتمبر شاهد لحظة اعتقال ناشط بصنعاء أثناء قيامه ببث مباشر من ميدان التحرير للاحتفال بعيد 26 سبتمبر الخالد شهود عيان للمشهد اليمني: عناصر الحوثي تطلق النار لتفريق مواطنين يحتفلون بعيد 26 سبتمبر بصنعاء جماعة الحوثي تعترف بإهانة العلم الجمهوري ومصادرته من المواطنين المحتفلين بثورة 26 سبتمبر بصنعاء عاجل: مليشيا الكهنوت تداهم المنازل في ميدان التحرير بصنعاء وتعتقل مواطنين هتفوا: بالروح بالدم نفديك يا يمن عاجل: إطلاق نار وحملة إعتقالات حوثية على المحتفلين بثورة 26 سبتمبر في مدينة إب ”فيديو” عاجل: مليشيات الحوثي تهين العلم الجمهوري في شوارع صنعاء وتحتجز السيارات التي ترفع أغاني ثورة 26 سبتمبر ”فيديو”المصدر: المشهد اليمني
كلمات دلالية: العلم الجمهوری بثورة 26 سبتمبر هذه اللیلة
إقرأ أيضاً:
«الدياسبورا» في مطعم يمني
يدهشني أن تبدأ قصة هذا المقال من مطعم يمني متواضع يقع في قلب سوق الخوير. أعرف أن الكتابة لا تختار أماكنها ولا تحدد مواعيدها بوعي كامل ومسبق من كاتبها، لكنني لم أتخيل طيلة فترة ترددي على هذا المكان الهامشي أن يتحول إلى مدخل للكتابة عن صورة من صور الشتات العربي في مدينة كمسقط! وهذا بحد ذاته سبب كافٍ لدهشتي من مفاجآت الكتابة، الكتابة التي تحدث قبل أن تبدأ، فتدَّخر المشاهدات والتأملات اليومية في الذاكرة قبل أن تحين اللغة فتحول المألوف والعادي إلى حدثٍ ومادةٍ لحبر الكلام.
فما قصة هذا المطعم اليمني؟ وكيف تحوَّل حيزه الصغير مع الوقت إلى مرآتي الواقعية والمباشرة التي أتأمل فيها صورة موجزة لمعنى الكلمة اليونانية القديمة «دياسبورا» أي الشتات؟ لست متأكدا في الواقع إن كانت قصتي هذه قصة بالمعنى الحقيقي. وربما كان من الأصحِ القولُ بأنه ليس في الأمر قصة من الأساس. كل ما في الأمر أنني أذهب بين صبح آخر لأتناول فطوري البسيط مع الشاي في مطعم يمني، فأرى مصريين وسوريين وسودانيين ولبنانيين وتونسيين، وربما آخرين، معظمهم إن لم يكن كلهم ممن يعملون في المطاعم ومحلات الحلاقة أو في مهن بسيطة مشابهة. تتسلل المأساوية للمشهد حين تدرك بأن كل هؤلاء لم يتركوا أهاليهم ولم يغادروا أوطانهم في ظروف طبيعية. كلهم جاؤوا إلى هنا هربا من ويلات الحروب أو من تردي الأوضاع الاقتصادية في أحسن الأحوال. من بينهم يمكنني رؤية بعض سائقي سيارات الأجرة العمانيين في المطعم وهم ينتظرون صباحهم مع أشقائهم العرب. هكذا يتحول هذا المطعم الصغير إلى منفى مصغَّر تتقاطع فيه أكثر من ست لهجات وهويات عربية. إذن فالقصة التي أزعمها لا تحدث إلا في عقلي، فأنا لا أكتب قصة بل مشهدا يتكرر أمامي في كل مرةٍ آتي إلى هنا. مع علمي بأن هذا المشهد بحرفيته تلك لا جديد فيه، مألوف بلا غرابة في كل مكان تقريبا. الفرق الوحيد في هذا المشهد أنني قررت كتابته بعد أن تأملته في سري لأكثر من عام.
إنه مطعم الزُّهاد كما أحب أن أسميه، أو مطعم «الطبقة الكادحة» بلغة الماركسيين. اكتشفتُ هذا المطعم حين استقر بي المُقام في شارع قريب وبدأت بسبر المكان وتفاصيله مشيا كعادتي. من بين مطاعم مسقط التي من نفس المستوى ميّزتُ هذا المطعم بطعم خبز الطاوة اليمني وبشاي الحليب الممزوج بالبهارات، وفيه عرفتُ لأول مرة مذاق الشكشوكة المعدة بالطريقة العدنية.
يعمل في هذا المطعم شباب يمنيون. يبدأ يومهم بعد صلاة الفجر مباشرة، ثم يستمرون بالتناوب حتى قرابة الثالثة صباحا من اليوم التالي. جاء هؤلاء الفتية من بلاد جريحة ينعق فيها غُراب الخراب والجوع ويتفشى فيها الموت بجميع أصنافه. جاؤوا إلى مسقط باحثين عن لقمة عيش بريئة وسليمة من الذل، ليسدوا بها الحاجة ويحفظوا الكرامة. ومن مراقبتي لنشاط المطعم أستطيع أن أرى كيف يبلون حسنا من هذه الناحية، من الناحية التجارية أعني، فالإقبال عليهم كبير قياسا على حجم المطعم.
رغم كوني زبونا دائما لديهم، ورغم الألفة البسيطة التي تخلقها الحوارات الجانبية بين الغرباء، لم أجرؤ في يوم من الأيام على سؤال الفتية اليمنيين عن حكاية كل واحد منهم. لكن فكرة صناعة فلِم تسجيلي عن حياة الوافدين العرب في مسقط لم تتوقف عن التشكل في ذهني. تمنيتُ لو أن مخرجا أو صحفيا يحمل الكاميرا ليسجل تفاصيل حياة هؤلاء الناس الذي يعيشون بيننا ويتكلمون معنا نفس اللغة لكن أغشية ما تحول بيننا وبينهم فلا نعرف عن حياتهم معنا إلا دورهم الوظيفي في المطعم أو في السوق. أتمنى لو أستطيع أن أعرف أكثر عن خلفياتهم، عن مستوى تعليمهم، وكيف تفاعلت مآسيهم الشخصية الصغرى مع المأساة الكبرى لبلادهم، وكيف قادتهم الخطى إلى افتتاح هذا المطعم والعمل فيه. غير أن هذه الأسئلة تجرُّ حديثا طويلا ذا شجون لن يتفرَّغ له اليمني المنهمك بالطبخ وتقديم الطعام على مدار الساعة. قلتُ سأترك لمخيلتي أن تكمل فراغ حكاياتهم الناقصة كما يفعل الروائيون. يكفيني أن أقرأ الشقاء والأرق في عيونهم. شقاء ممزوج بـ«خضرة القات» التي عبَّر عنها البردُّوني في قصيدته «غريبان وكانا هما البلد»:
عرفته يمينا في تلفُّته
خوفٌ، وعيناه تاريخٌ من الرمدِ
من خضرةِ القات في عينيه أسئلةٌ
صفر تبوح كعود نصف متّقدِ
لا أحد في هذا المطعم يعرف متى ستنتهي ليلة الكابوس العربي الطويلة، وعلى أي حال سيستقر المشهد في هذه البلدان المعذبة بالحروب والاستبداد والإفقار. لا أحد يتحدث عن الوحدة العربية في هذا المطعم. لا توحدهم هنا إلا حروف هذه اللغة التي تفرَّقت بينهم لهجاتٍ عدة. مع ذلك، يمكن لهؤلاء العرب المنفيين أن يتقاسموا الضحك على نكتة تقال بالعامية المصرية، أو أن يطربوا لأغنية فيروز حين يرن بها هاتف أحدهم. فضلا عن اللغة، تجمعهم هنا مصيبة الوطن وغربة «المنفى العربي الشقيق». مثلا، يمكن للسوري أن يحكي لليمني القادم من عدن أو صنعاء قصة خروجه من قريته في ريف دمشق أو حلب، ليجد الغريبان حينها لحظة التقاطع بين قصتيهما على طريقة تستعيد بيت امرئ القيس:
«وكل غريبٍ للغريبِ نسيبُ».