"أشرقت شمس الهداية، وانجلى ليل الغواية، إذ أتى طه نبيًا، رافعًا للحق راية،  يا رسول الله أهلًا، نورك الهادي تجلى، ولك الأكوان غنت، مرحبا أهلًا وسهلا"، هكذا يهيم المسلمون حول العالم عشقًا، محتفلين ومهللين بفرح وترحاب بموعد قدوم النبي محمد خير الأنام، فهو القدوة والمثل الأعلى لهم، فيتم إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول كل عام، والذي يوافق يوم الثلاثاء 26 سبتمبر 2023، ويجدر بالذكر أنه بالرغم من أن هذه الاحتفالات مشتركة في كثير من البلدان العربية والإسلامية، إلا أن هناك اختلافًا في طبيعة تلك الاحتفالات، ولكن المناسبة الدينية واحدة والمحبة متأصلة في أعماق كل المسلمين نحو هذا اليوم المبارك، لذلك تعتبر هذا فرصة لتعزيز  الروحانية والوحدة والمحبة والانفتاح على الآخرين.

هنا وهناك ترى الشوارع تضج  بالابتهالات والأناشيد الدينية احتفالاً بالمولد النبوي الشريف، فترى الرجال قد خرجوا مصطفين مهللين يقومون بالضرب على الدفوف وتوزيع الأطعمة والحلويات المعروفة بكل منطقة في وسط الشوادرالمغطاة المملوءة بالزينة والإضاءة الصاخبة والابتهالات، وفي بعض البلدان يتم تنظيم مواكب تضم قارعي الطبول والأغاني الدينية الصوفية، كما يتم تنظيم مراسم وحلقات ذكر يجريها المسلمون للتعرف على صفات النبي محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم ويطلبون شفاعته ويعبرون عن شوقهم لرؤيته.

"الطمينة والزردة".. تباين مظاهر الاحتفال بالمولد في الدول العربية

تتعدد مظاهر البهجة في الشارع المصري، فمنذ قديم الأصل وقد ربط هذا الشعب الكريم المناسبات سواء الدينية أو الاجتماعية بالاحتفالات وتجهيز الشوادر وإطعام الطعام وتبادل المباركات، فترى هنا في مصر أن معظم المناسبات مرتبطة بأكلات معينة، فكل البلدان العربية تقريبًا تعظم المولد النبوي الشريف وتحتفل بقدوم خير الأنام ولكن في مصر يضاف إلى هذا التكريم بيع وشراء “حلاوة المولد” فترى الشوادر في الأرجاء ممتلئة بكافة أنواع الحلوى وترى “عرائس المولد” و"الأحصنة" تملأ السرادق المختلفة مع الإضاءة الصاخبة والابتهالات تطرب مسامع المارين في الطرقات.

ولكن للدول العربية الشقيقة طقوس ومراسم أخرى، فيحتفل الشعب التونسي بتحضير الحلوى التونسية الشهيرة المعروفة باسم “عصيدة الزقوقو”، تتكون هذه الحلوى من الصنوبر المطحون والمزين بطبقة من الفواكه المجففة والكريمة والحلويات المميزة، ويقوم الشعب الجزائري بإعداد حلوى تعرف باسم “الطمينة"، وهي واحدة من الحلويات التقليدية التي تشتهر بها المنطقة والتي تتكون من مزيج من السميد والعسل والزبدة، أما الشعب العرقي فيحتفلون  بإعداد حلوى تعرف باسم “الزردة”، وهي حلوى مصنوعة من السكر وماء الورد والهيل والأرز وتزين بالقرفة على الوجه، وفي السودان تعتمد حلوى المولد بشكل رئيسي على بذور السمسم والفول السوداني المكرمل والفستق والمكسرات الأخرى، وفي الأردن وفلسطين يتم الاحتفال بذكرى المولد النبوي من خلال إعداد الحلويات المشهورة في المنطقة والمتمثلة بالكنافة والنمورة وحلوى المشبك وغيرها من الحلويات المعروفة في المنطقة، وأخيرًا في مصر يحتفل المصريون  من خلال تقديم حلوى خاصة تعرف باسم حلوى المولد، تأتي هذه الحلوى بأشكال وأنواع مختلفة ولكن تبقى عروسة المولد وحصان المولد أكثرهما شهرة، وحلوى المولد تكون عبارة عن تماثيل مزخرفة مصنوعة من بشكل أساسي من السكر.

صاحبة "شادر حلوى": الاحتفال بشراء حلاوة المولد شيء أساسي عند الناس  

وسط سرادق ضخم يعج بالأضواء الصاخبة والابتهالات الدينية التي تطرب مسامعك من بعد شارعين وأكثر، وكراتين حلوى ملونة ومزخرفة موضوعة فوق بعضها البعض بشكل هرمي، وهنا عروسة مولد تجذب الفتيات وهنا حصان يتحسسه أنامل طفل صغير، وبين مارٍ وسائل وبائع ومشتري، ترى مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف والفرحة بقدومه قد أصبحت عادة متأصلة في نفوس المحبين.

تقول السيدة "أمل محمود" صاحبة الشادر، إنه برغم غلاء الأسعار ترى المقبلين المحبين يترددون على المكان، مؤكدة أنه قد تقل الكمية التي يقومون بشرائها لكن ليس هناك بيت مصري لا يشتري “حلاوة المولد”، مهللة بصوتها: “ده مولد سيدنا النبي يا ولاد إزاي منحتفلش"، وأشارت أنه قد ازداد سعر السكر عشرة جنيهات بخلاف المواد الأخرى التي تضاف للحلوى ولكن في مصر قد أصبحت حلاوة المولد طقس ديني واجتماعي لا يمكن الاستغناء عنه، فقد ترى كسادًا في شراء الحلويات الأخرى أو الملابس ولكن لحلوى المولد شأن آخر.

وقالت إحدى السيدات، إنها قد رتبت أولوياتها هذا العام واستغنت عن شراء بعض المستلزمات حتى تستطيع توفير نقودًا لشراء حلاوة المولد، وأن أبناءها يطالبوها بشرائها منذ أكثر من عشرة أيام، مؤكدة أنهم يفرحون بها كثيرًا كما تستغل هي تلك الأجواء لتحكي لهم عن صفات النبي محمد وبداية ظهور الإسلام وتسرد لهم بعض مواقفه السامية وتبرز لهم بعض صفاته الحميدة.

وأضافت "أمل" أنه على الرغم من وجود أماكن متخصصة لبيع حلاوة المولد في مصر، إلا أن هناك العديد من الأهالي يشعرون بصعوبة التنقل إلى هناك ويبتاعون من أقرب الأماكن إليهم مصطحبين أبنائهم ليدخلوا الفرحة إلى قلوبهم ويقومون بالاختيار بين الأنواع المختلفة، ومن أبرز الأماكن في مصر التي تقيم لاحتفالات المولد النبوي مظاهر ومباهج لا مثيل لها هي شارع بين الحارات، فيمتلئ الشارع على جانبيه بقطع الحلوى بمختلف أنواعها، وعرائس المولد بأسعار بسيطة في متناول الجميع، ويبعد عدة أمتار عن ميدان رمسيس، وهناك شارع باب البحر المتفرع من ميدان رمسيس، ويمتد حتى باب الشعرية، وهو من أهم المناطق التي تهتم حيث تتوفر تصنيع الحلوى التي توفرها بسعر الجملة للمواطنين، والتجار بأسعار تنافس المحلات الكبرى، وبجودة عالية، حيث يضاء الشارع بأكمله بالأنوار، ويزين بالزينة الخاصة بمثل تلك المناسبة، أما منطقة السيدة زينب فيتم إنشاء الشوادر لبيع الحلوى بمختلف أشكالها وأنواعها جملة وقطاعي، إذ تعد منطقة السيدة زينب من أكثر المناطق الحيوية في القاهرة، التي يتوجه إليها الكثير من المواطنين بشكل خاص في المناسبات الدينية، وكذلك منطقة الحسين التي تستقبل المناسبات الدينية بشكل خاص كما أنها تعد من أرخص الأماكن بيعاً لحلوى المولد من الشوادر التي يتم تجهيزها لهذا الغرض، بأسعار مناسبة في متناول المواطن البسيط.

"الجبة" و"البشت".. أبرز الملابس العربية التقليدية للاحتفال بالمولد النبوي

تضج الشوارع العربية بالموسيقى احتفالًا بالمولد النبوي الشريف، فترى الرجال قد خرجوا مصطفين مهللين  يقومون بالضرب على الدفوف وتوزيع الأطعمة والحلويات المعروفة بكل منطقة في وسط الشوادرالمغطاة المملوءة بالزينة والإضاءة الصاخبة والابتهالات الدينية، وفي بعض البلدان يتم تنظيم مواكب تضم قارعي الطبول والأغاني الدينية الصوفية، كما يتم تنظيم مراسم وحلقات ذكر يجريها المسلمون للتعرف على صفات النبي محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم ويطلبون شفاعته ويعبرون عن شوقهم لرؤيته.

ويخصص الرجال والنساء أزياء تقليدية توارثتها الأجيال للاحتفال بهذه المناسبة، وأبرزها "الثوب الشرقي" هو ملابس تقليدية شائعة في العديد من البلدان العربية، يمكن أن يكون الثوب مزينًا بالزخارف ويعكس التراث والثقافة المحلية للمنطقة، وتأتي في المرتبة الثانية "الجلابية" وهي قطعة قماش طويلة تلبس فوق الثوب، وهي شائعة في بعض الدول العربية مثل السعودية واليمن، وتأتي الجلابية بألوان وتصاميم مختلفة من أبرزها اللون الأبيض، كما يرتدي رتدي كل من الرجال والنساء في بعض المناطق العربية الزي التقليدي الذي يتميز بألوانه الزاهية وتطريزاته الفنية، فعلى سبيل المثال، “الجبة” في المغرب أو “البشت” في الإمارات، وهناك "الزي البسيط" ففي العديد من البلدان يختار البعض ارتداء ملابسهم اليومية البسيطة دون تزيين خاص، مع التركيز على الحضور إلى المساجد والاحتشام والتأمل.

وفي بعض البلدان لا يشمل الاحتفال ملابس معينة، فترى الأهالي يحتفلون بالمناسبة بملابس الأعياد، فتحرص الأسر المصرية على تحضير أشهى المأكولات الشعبية مع شراء الحلوى التقليدية من سمسمية وحمصية وملبن وغيرها من أنواع الحلوى، وشراء عروس المولد والحصان للأطفال، كما تحرص العائلات على زيارة بعضها وتقديم التهانى مع إقامة حلقات الذكر بالمساجد، وتضاء الشموع وتوزع الحلوى وتقرأ الأناشيد فى مدح النبى بالعراق، كما تحرص الأسر على الذهاب إلى المساجد، وفي المغرب يتم الاحتفال بإقامة دروس دينية عن السيرة النبوية الشريفة، مع الإنشاد، كما تحرص بعض الأسر المتصوفة على التجمع لقراءة القرآن ومدح النبى، وتحرص الأسر المغربية أيضاً على شراء الملابس الجديدة وتحضير الأكلات الشعبية مثل الكسكسى مع الدجاج.

وفي سوريا تحرص الأسر على الذهاب للمساجد وتزيين الشوارع بالأضواء والأعلام وإقامة حلقات الذكر ومدح النبى وقراءة القرآن وتوزيع الحلوى وشراء الملابس الجديدة للأطفال، وتحتفل السعودية بإضاءة 16 حزمة ضوئية ببرج الساعة بالحرم المكى مع إقامة الخطب الدينية وتحرص الأسر على زيارة بعضها البعض وتحضير أشهى المأكولات. 

“كانت تسمى العلاليق”.. بداية ظهور حلوى المولد في مصر حتى أصبحت عادة متأصلة

ترتبط "حلوى المولد" بالحقبة التي أقام بها الفاطميون في مصر، فهم أول من من صنعوا حلوى المولد، حيث كانوا يستخدمونها للترويج السياسي لحكمهم وليس الترويج الديني، ويأتي ذلك من دراسة الدولة الفاطمية لطبيعة وطبائع الشعوب وعاداتهم الاجتماعية، ولأن المصريون شعب حب وسلام واحتفالات، فقد اشتغل الفاطميون هذه النقطة كنوع من التودد والتغلغل داخل الشعب المصري.

وكان الفاطميون يقيمون احتفالات بجميع المناسبات الدينية، مثل الاحتفال بآل البيت و المولد النبوي، كما قاموا بعمل مخازن لصناعة الحلوى، وقبل مولد النبوي بشهرين تجهز الحلوى وتوزع مجانًا على الشعب، وعندما زاد الطلب عليها بدأ ظهور محلات لبيعها، وحلويات المولد كانت تسمى «العلاليق»، لأنها كانت تعلق على أبواب المحلات التجارية في سوق مخصص للحلويات كان يسمى «سوق الحلوين»، وبعد ذلك أصبحت عادة سنوية استمرت حتى اليوم.

وعلى الرغم من محاولة الحكام فيما بعد القضاء على جميع مظاهر الاحتفالات التي أقامها الفاطميون بشتى الطرق، بحجة أن هناك حروبًا ولا يوجد وقت للرفاهية، حيث كانت لهم أهداف سياسية، للقضاء على كل الظواهر الاجتماعية بالعصر الفاطمي، لكن فشلت جميع محاولتهم ولم يتخلى الشعب المصري عن هذه الاحتفالات والعادات التي اكتسبوها من الفاطميين، وظلوا متمسكين بها حتى يومنا هذا.

وهناك عدة نصائح يجب اتباعها عند شراء حلاوة المولد، فيجب أن تكون ذات رائحة مميزة تعبر عن صلاحيتها للاستهلاك الآدمي، ويعد تغير الألوان بـ «حلاوة المولد النبوي» أحد أبرز العلامات على انتهاء صلاحيتها، خاصًة في حالة تواجد اللون الأخضر، وفي حالة فسادها أو سوء تغليفها ستجد تجمعات من النمل عليها، والخطوة الأهم هي التأكد من تاريخ الإنتاج وتاريخ انتهاء الصلاحية المدون على الغلاف. 

سيدة: شراء عروسة المولد لخطيبة ابني بيكون عربون ود ومحبة

تعددت أشكال العرائس وتقدمت صناعتها على نحو متزايد في الآونة الأخيرة، ولكن عروسة المولد التقليدية تتربع على عرش القائمة ولا غنى عنها في البيوت المصرية، فتراها تقريبًا في كل بيت رغم تطور عالم صناعة العرائس إلا أن تلك العروسة بشكلها التقليدي مطلب كل الفتيات، وقد اختلفت صناعة العرائس فى الوقت الحالى  عن الفترة الماضية، فقديما كانت تصنع من الكرتون والورد فقط ولكن فى الوقت الحالى تصنع من التل الذى يستخدم فى فساتين العرائس مع استخدام حامل حديد حتى تظهر بمظهر مقارب من فستان العروسة، وكذلك توضع على الرأس طرحة، وتتباين أسعارها  بحسب حجمها لتصل إلى 200 جنيهًا، ويقبل على شرائها الفتيات وكذلك العرائس وتعتبر بمثابة هدية أساسية بالتزامن مع المولد النبوي أثناء فترة الخطوبة.

قالت السيدة “منى فتحي” أنها قد أتت مع ابنتها لاختيار “عروسة مولد” لتهديها إلى خطيبة ابنها، قائلة “العريس يجيب الحلاوة وأنا عليا العروسة، مؤكدة أن هذه الهدية تعبر عن الود والمحبة وانتظار قدوم فرد جديد للعائلة، مضيفة أنها وقت خطوبتها قد أهدتها أمها واحدة وكذلك حماتها، وأنه تقليد متبع لا يمكن تجاوزه والتنكر له، وأشارت أنها قد وضعت هديتها في ”النيش" والأخرى أهدتها لشقيقتها الصغرى وأنها هدايا رمزية لا يمكن الاستفادة منها بشكل أو آخر لكنها تعبر عن التقدير والود والمحبة، مضيفة “كنت هزعل لو محدش جابهالي وأنا عروسة”.

وقد اقترن ظهور "عروسة المولد" بعهد الحاكم بأمر الله الفاطمي، الذي كان يصطحب إحدى زوجاته للخروج في مولد النبي "صلى الله عليه وسلم" وهي ترتدي أجمل الثياب ومتزينة، كانت ترتدي فستانًا ناصع البياض، وتاجا من الياسمين فوق رأسها، حتى لمعت الفكرة عند صناع الحلوى، بصناعة عروسة من الحلوى على شكل زوجة الحاكم وتزينها.

ولم تكن عروسة المولد فقط، إنما ظهر أيضا الحصان، حتى يكون للفتيان، والعروسة للفتيات، فكانت صناعة الحصان الذي يمتطيه فارس شاهرا سيفه وخلفه علم يتغير بتغير الدولة الإسلامية، مصنوعًا من الحلوى أيضًا، وهو كان يعبر عن شخص الحاكم بأمر الله، فالحصان يعد على مر العصور رمز الفروسية والرجولة والشجاعة، حيث كانت هذه القيم تزرع داخل الأطفال منذ الصغر

ويذكر أن الحاكم "بأمر الله" أمر بمنع الزواج إلا في المولد النبوى، لذا كان يعتبر موسم الزواج والمناسبات السعيدة، ولذلك أبدع صناع الحلوى في صناعة العرائس وتغطيتها بأجمل الثياب والفساتين البيضاء، وأصبحت العروسة الحلاوة ليس احتفالًا بالمولد النبوي فقط، ولكن كانت احتفالا بموسم الزواج أيضا، وكانت تقدم كهدايا من العريس لعروسته، واستمرت هذه العادة حتى اليوم على الرغم من الثقافات الجديدة التي طرأت على المجتمع المصرى.

 

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الحلوى الشارع المصري المولد النبوى الشريف المولد النبوي حلقات ذكر حلاوة المولد حلوى المولد ذكرى المولد النبوي الشريف ذكري المولد النبوي شوادر عروسة المولد مدح النبي مظاهر الاحتفال بالمولد النبوی الشریف المولد النبوی الشریف عروسة المولد حلاوة المولد حلوى المولد النبی محمد یتم تنظیم فی بعض فی مصر

إقرأ أيضاً:

احصل على ثواب صلاة الجماعة خلف رسول الله في دقائق.. اعرف هذه العبادة

الذكر من أعظم العبادات التي دعا إليها الإسلام، وحثّ عليها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة في مختلف الأحوال والهيئات.

 ومن أبرز الأذكار التي رغب فيها النبي صلى الله عليه وسلم، كلمة التوحيد "لا إله إلا الله"، إذ قال عنها: "أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله".

 فالذكر له فضل عظيم في حياة المسلم؛ فهو يلين القلب، ويزيل الذنوب، ويبعث الطمأنينة في النفس، كما أنه يحمي المسلم من وساوس الشيطان وأذى الجن، ويقيه شرور الإنس والجن على حد سواء. 

ومن يداوم على الذكر بصدق وإخلاص، يحقق الفلاح في الدنيا والآخرة.

فضل الأذكار بعد الصلاة

الدكتور رمضان عبد الرازق، عضو لجنة الدعوة بالأزهر الشريف، تناول في تصريح حديث له أهمية الالتزام بالأذكار عقب الصلوات المكتوبة، مؤكدًا أن من يُصلي جماعة ثم يجلس ليذكر الله بالأذكار المأثورة، ينال أجرًا عظيمًا يعادل صلاة الجماعة خلف النبي صلى الله عليه وسلم نفسه. 

كما أضاف أن الله تعالى يغفر له جميع ذنوبه، ويمنحه ثواب المجاهد في سبيل الله، بالإضافة إلى فتح أبواب الجنة الثمانية أمامه ليدخل من أيها شاء.

واستشهد عبد الرازق بما ورد في الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سبَّح الله في دُبُر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وحمد الله ثلاثًا وثلاثين، وكبَّر الله ثلاثًا وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غُفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر".

حكم تغيير النية في الصلاة

سؤال شائع ورد عن جواز تغيير نية الصلاة، حيث أوضح العلماء حكم هذه المسألة بالتفصيل. على سبيل المثال، إذا دخل المصلي المسجد بنية أداء سنة العصر القبلية، ثم انضم إليه آخرون بنية الصلاة الفرضية فغيّر نيته من السنة إلى الفريضة، فإن هذا التصرف يُعتبر غير جائز. 

وأكد العلماء أن تغيير النية في الصلاة يُخرج المصلي عن الهدف الأساسي منها، وبالتالي فإنه لن ينال ثواب الفريضة التي أداها، بل يحصل فقط على ثواب السنة التي نواها في البداية.

أما المصلون الذين وقفوا خلفه بنية أداء الفريضة، فصلاتهم صحيحة لأنهم غير معنيين بنية الإمام. ومع ذلك، يجب على الإمام في هذه الحالة إعادة الصلاة لاحقًا، لأن الفرض يتطلب نية واضحة وصريحة لا لبس فيها.

الجهر بالأذكار بعد الصلاة

أوضحت دار الإفتاء المصرية أن الذكر عقب الصلاة، سواء كان جهرًا أو سرًا، يعد من الأمور الواسعة التي تركها الإسلام لاختيار المصلي. واستدلت الدار بقول الله تعالى: "فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ" [النساء: 103]، موضحة أن الآية جاءت بصيغة مطلقة دون تحديد.

كما أشارت إلى الحديث الشريف الذي رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. وقال ابن عباس: كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته".

وأضافت الدار أن العلماء اختلفوا في فهم هذا الحديث؛ فمنهم من رأى أن الجهر بالذكر عقب الصلاة مشروع لأنه ظاهر النص، ومنهم من اعتبر أن الجهر كان للتعليم في بداية الإسلام، وأن الإسرار به أولى. إلا أن الجميع اتفقوا على أن كلا الأمرين جائز.

بذلك، تبقى أبواب الذكر مفتوحة أمام المسلم، ليختار ما يناسب حاله وظروفه، مستحضرًا نية التقرب إلى الله ونيل رضاه.

مقالات مشابهة

  • الجيش العراقي: الحكومة صاحبة السلطة لاستخدام أراضينا في تنفيذ أي عمليات عسكرية
  • مفتاح الجنة: عبادة بسيطة تقربك من رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • احصل على ثواب صلاة الجماعة خلف رسول الله في دقائق.. اعرف هذه العبادة
  • علي جمعة: ما ترك لنا رسول الله طريقا يؤدي الى النار إلا وحذرنا منه
  • معنى قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ﴾ وسبب نزولها
  • السديس يرفع الشكر للقيادة بمناسبة موافقة مجلس الوزراء على الترتيبات التنظيمية لرئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي
  • تجلب الرزق وتمنع البؤس.. تعرف على فضل قراءة سورة الواقعة
  • عاجل | مجلس الوزراء: الموافقة على الترتيبات التنظيمية لرئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي
  • مشروب محرم في الأفراح يخسف بك الأرض ويمسخك قردا أو خنزيرا.. فاحذره
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم