"أشرقت شمس الهداية، وانجلى ليل الغواية، إذ أتى طه نبيًا، رافعًا للحق راية،  يا رسول الله أهلًا، نورك الهادي تجلى، ولك الأكوان غنت، مرحبا أهلًا وسهلا"، هكذا يهيم المسلمون حول العالم عشقًا، محتفلين ومهللين بفرح وترحاب بموعد قدوم النبي محمد خير الأنام، فهو القدوة والمثل الأعلى لهم، فيتم إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول كل عام، والذي يوافق يوم الثلاثاء 26 سبتمبر 2023، ويجدر بالذكر أنه بالرغم من أن هذه الاحتفالات مشتركة في كثير من البلدان العربية والإسلامية، إلا أن هناك اختلافًا في طبيعة تلك الاحتفالات، ولكن المناسبة الدينية واحدة والمحبة متأصلة في أعماق كل المسلمين نحو هذا اليوم المبارك، لذلك تعتبر هذا فرصة لتعزيز  الروحانية والوحدة والمحبة والانفتاح على الآخرين.

هنا وهناك ترى الشوارع تضج  بالابتهالات والأناشيد الدينية احتفالاً بالمولد النبوي الشريف، فترى الرجال قد خرجوا مصطفين مهللين يقومون بالضرب على الدفوف وتوزيع الأطعمة والحلويات المعروفة بكل منطقة في وسط الشوادرالمغطاة المملوءة بالزينة والإضاءة الصاخبة والابتهالات، وفي بعض البلدان يتم تنظيم مواكب تضم قارعي الطبول والأغاني الدينية الصوفية، كما يتم تنظيم مراسم وحلقات ذكر يجريها المسلمون للتعرف على صفات النبي محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم ويطلبون شفاعته ويعبرون عن شوقهم لرؤيته.

"الطمينة والزردة".. تباين مظاهر الاحتفال بالمولد في الدول العربية

تتعدد مظاهر البهجة في الشارع المصري، فمنذ قديم الأصل وقد ربط هذا الشعب الكريم المناسبات سواء الدينية أو الاجتماعية بالاحتفالات وتجهيز الشوادر وإطعام الطعام وتبادل المباركات، فترى هنا في مصر أن معظم المناسبات مرتبطة بأكلات معينة، فكل البلدان العربية تقريبًا تعظم المولد النبوي الشريف وتحتفل بقدوم خير الأنام ولكن في مصر يضاف إلى هذا التكريم بيع وشراء “حلاوة المولد” فترى الشوادر في الأرجاء ممتلئة بكافة أنواع الحلوى وترى “عرائس المولد” و"الأحصنة" تملأ السرادق المختلفة مع الإضاءة الصاخبة والابتهالات تطرب مسامع المارين في الطرقات.

ولكن للدول العربية الشقيقة طقوس ومراسم أخرى، فيحتفل الشعب التونسي بتحضير الحلوى التونسية الشهيرة المعروفة باسم “عصيدة الزقوقو”، تتكون هذه الحلوى من الصنوبر المطحون والمزين بطبقة من الفواكه المجففة والكريمة والحلويات المميزة، ويقوم الشعب الجزائري بإعداد حلوى تعرف باسم “الطمينة"، وهي واحدة من الحلويات التقليدية التي تشتهر بها المنطقة والتي تتكون من مزيج من السميد والعسل والزبدة، أما الشعب العرقي فيحتفلون  بإعداد حلوى تعرف باسم “الزردة”، وهي حلوى مصنوعة من السكر وماء الورد والهيل والأرز وتزين بالقرفة على الوجه، وفي السودان تعتمد حلوى المولد بشكل رئيسي على بذور السمسم والفول السوداني المكرمل والفستق والمكسرات الأخرى، وفي الأردن وفلسطين يتم الاحتفال بذكرى المولد النبوي من خلال إعداد الحلويات المشهورة في المنطقة والمتمثلة بالكنافة والنمورة وحلوى المشبك وغيرها من الحلويات المعروفة في المنطقة، وأخيرًا في مصر يحتفل المصريون  من خلال تقديم حلوى خاصة تعرف باسم حلوى المولد، تأتي هذه الحلوى بأشكال وأنواع مختلفة ولكن تبقى عروسة المولد وحصان المولد أكثرهما شهرة، وحلوى المولد تكون عبارة عن تماثيل مزخرفة مصنوعة من بشكل أساسي من السكر.

صاحبة "شادر حلوى": الاحتفال بشراء حلاوة المولد شيء أساسي عند الناس  

وسط سرادق ضخم يعج بالأضواء الصاخبة والابتهالات الدينية التي تطرب مسامعك من بعد شارعين وأكثر، وكراتين حلوى ملونة ومزخرفة موضوعة فوق بعضها البعض بشكل هرمي، وهنا عروسة مولد تجذب الفتيات وهنا حصان يتحسسه أنامل طفل صغير، وبين مارٍ وسائل وبائع ومشتري، ترى مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف والفرحة بقدومه قد أصبحت عادة متأصلة في نفوس المحبين.

تقول السيدة "أمل محمود" صاحبة الشادر، إنه برغم غلاء الأسعار ترى المقبلين المحبين يترددون على المكان، مؤكدة أنه قد تقل الكمية التي يقومون بشرائها لكن ليس هناك بيت مصري لا يشتري “حلاوة المولد”، مهللة بصوتها: “ده مولد سيدنا النبي يا ولاد إزاي منحتفلش"، وأشارت أنه قد ازداد سعر السكر عشرة جنيهات بخلاف المواد الأخرى التي تضاف للحلوى ولكن في مصر قد أصبحت حلاوة المولد طقس ديني واجتماعي لا يمكن الاستغناء عنه، فقد ترى كسادًا في شراء الحلويات الأخرى أو الملابس ولكن لحلوى المولد شأن آخر.

وقالت إحدى السيدات، إنها قد رتبت أولوياتها هذا العام واستغنت عن شراء بعض المستلزمات حتى تستطيع توفير نقودًا لشراء حلاوة المولد، وأن أبناءها يطالبوها بشرائها منذ أكثر من عشرة أيام، مؤكدة أنهم يفرحون بها كثيرًا كما تستغل هي تلك الأجواء لتحكي لهم عن صفات النبي محمد وبداية ظهور الإسلام وتسرد لهم بعض مواقفه السامية وتبرز لهم بعض صفاته الحميدة.

وأضافت "أمل" أنه على الرغم من وجود أماكن متخصصة لبيع حلاوة المولد في مصر، إلا أن هناك العديد من الأهالي يشعرون بصعوبة التنقل إلى هناك ويبتاعون من أقرب الأماكن إليهم مصطحبين أبنائهم ليدخلوا الفرحة إلى قلوبهم ويقومون بالاختيار بين الأنواع المختلفة، ومن أبرز الأماكن في مصر التي تقيم لاحتفالات المولد النبوي مظاهر ومباهج لا مثيل لها هي شارع بين الحارات، فيمتلئ الشارع على جانبيه بقطع الحلوى بمختلف أنواعها، وعرائس المولد بأسعار بسيطة في متناول الجميع، ويبعد عدة أمتار عن ميدان رمسيس، وهناك شارع باب البحر المتفرع من ميدان رمسيس، ويمتد حتى باب الشعرية، وهو من أهم المناطق التي تهتم حيث تتوفر تصنيع الحلوى التي توفرها بسعر الجملة للمواطنين، والتجار بأسعار تنافس المحلات الكبرى، وبجودة عالية، حيث يضاء الشارع بأكمله بالأنوار، ويزين بالزينة الخاصة بمثل تلك المناسبة، أما منطقة السيدة زينب فيتم إنشاء الشوادر لبيع الحلوى بمختلف أشكالها وأنواعها جملة وقطاعي، إذ تعد منطقة السيدة زينب من أكثر المناطق الحيوية في القاهرة، التي يتوجه إليها الكثير من المواطنين بشكل خاص في المناسبات الدينية، وكذلك منطقة الحسين التي تستقبل المناسبات الدينية بشكل خاص كما أنها تعد من أرخص الأماكن بيعاً لحلوى المولد من الشوادر التي يتم تجهيزها لهذا الغرض، بأسعار مناسبة في متناول المواطن البسيط.

"الجبة" و"البشت".. أبرز الملابس العربية التقليدية للاحتفال بالمولد النبوي

تضج الشوارع العربية بالموسيقى احتفالًا بالمولد النبوي الشريف، فترى الرجال قد خرجوا مصطفين مهللين  يقومون بالضرب على الدفوف وتوزيع الأطعمة والحلويات المعروفة بكل منطقة في وسط الشوادرالمغطاة المملوءة بالزينة والإضاءة الصاخبة والابتهالات الدينية، وفي بعض البلدان يتم تنظيم مواكب تضم قارعي الطبول والأغاني الدينية الصوفية، كما يتم تنظيم مراسم وحلقات ذكر يجريها المسلمون للتعرف على صفات النبي محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم ويطلبون شفاعته ويعبرون عن شوقهم لرؤيته.

ويخصص الرجال والنساء أزياء تقليدية توارثتها الأجيال للاحتفال بهذه المناسبة، وأبرزها "الثوب الشرقي" هو ملابس تقليدية شائعة في العديد من البلدان العربية، يمكن أن يكون الثوب مزينًا بالزخارف ويعكس التراث والثقافة المحلية للمنطقة، وتأتي في المرتبة الثانية "الجلابية" وهي قطعة قماش طويلة تلبس فوق الثوب، وهي شائعة في بعض الدول العربية مثل السعودية واليمن، وتأتي الجلابية بألوان وتصاميم مختلفة من أبرزها اللون الأبيض، كما يرتدي رتدي كل من الرجال والنساء في بعض المناطق العربية الزي التقليدي الذي يتميز بألوانه الزاهية وتطريزاته الفنية، فعلى سبيل المثال، “الجبة” في المغرب أو “البشت” في الإمارات، وهناك "الزي البسيط" ففي العديد من البلدان يختار البعض ارتداء ملابسهم اليومية البسيطة دون تزيين خاص، مع التركيز على الحضور إلى المساجد والاحتشام والتأمل.

وفي بعض البلدان لا يشمل الاحتفال ملابس معينة، فترى الأهالي يحتفلون بالمناسبة بملابس الأعياد، فتحرص الأسر المصرية على تحضير أشهى المأكولات الشعبية مع شراء الحلوى التقليدية من سمسمية وحمصية وملبن وغيرها من أنواع الحلوى، وشراء عروس المولد والحصان للأطفال، كما تحرص العائلات على زيارة بعضها وتقديم التهانى مع إقامة حلقات الذكر بالمساجد، وتضاء الشموع وتوزع الحلوى وتقرأ الأناشيد فى مدح النبى بالعراق، كما تحرص الأسر على الذهاب إلى المساجد، وفي المغرب يتم الاحتفال بإقامة دروس دينية عن السيرة النبوية الشريفة، مع الإنشاد، كما تحرص بعض الأسر المتصوفة على التجمع لقراءة القرآن ومدح النبى، وتحرص الأسر المغربية أيضاً على شراء الملابس الجديدة وتحضير الأكلات الشعبية مثل الكسكسى مع الدجاج.

وفي سوريا تحرص الأسر على الذهاب للمساجد وتزيين الشوارع بالأضواء والأعلام وإقامة حلقات الذكر ومدح النبى وقراءة القرآن وتوزيع الحلوى وشراء الملابس الجديدة للأطفال، وتحتفل السعودية بإضاءة 16 حزمة ضوئية ببرج الساعة بالحرم المكى مع إقامة الخطب الدينية وتحرص الأسر على زيارة بعضها البعض وتحضير أشهى المأكولات. 

“كانت تسمى العلاليق”.. بداية ظهور حلوى المولد في مصر حتى أصبحت عادة متأصلة

ترتبط "حلوى المولد" بالحقبة التي أقام بها الفاطميون في مصر، فهم أول من من صنعوا حلوى المولد، حيث كانوا يستخدمونها للترويج السياسي لحكمهم وليس الترويج الديني، ويأتي ذلك من دراسة الدولة الفاطمية لطبيعة وطبائع الشعوب وعاداتهم الاجتماعية، ولأن المصريون شعب حب وسلام واحتفالات، فقد اشتغل الفاطميون هذه النقطة كنوع من التودد والتغلغل داخل الشعب المصري.

وكان الفاطميون يقيمون احتفالات بجميع المناسبات الدينية، مثل الاحتفال بآل البيت و المولد النبوي، كما قاموا بعمل مخازن لصناعة الحلوى، وقبل مولد النبوي بشهرين تجهز الحلوى وتوزع مجانًا على الشعب، وعندما زاد الطلب عليها بدأ ظهور محلات لبيعها، وحلويات المولد كانت تسمى «العلاليق»، لأنها كانت تعلق على أبواب المحلات التجارية في سوق مخصص للحلويات كان يسمى «سوق الحلوين»، وبعد ذلك أصبحت عادة سنوية استمرت حتى اليوم.

وعلى الرغم من محاولة الحكام فيما بعد القضاء على جميع مظاهر الاحتفالات التي أقامها الفاطميون بشتى الطرق، بحجة أن هناك حروبًا ولا يوجد وقت للرفاهية، حيث كانت لهم أهداف سياسية، للقضاء على كل الظواهر الاجتماعية بالعصر الفاطمي، لكن فشلت جميع محاولتهم ولم يتخلى الشعب المصري عن هذه الاحتفالات والعادات التي اكتسبوها من الفاطميين، وظلوا متمسكين بها حتى يومنا هذا.

وهناك عدة نصائح يجب اتباعها عند شراء حلاوة المولد، فيجب أن تكون ذات رائحة مميزة تعبر عن صلاحيتها للاستهلاك الآدمي، ويعد تغير الألوان بـ «حلاوة المولد النبوي» أحد أبرز العلامات على انتهاء صلاحيتها، خاصًة في حالة تواجد اللون الأخضر، وفي حالة فسادها أو سوء تغليفها ستجد تجمعات من النمل عليها، والخطوة الأهم هي التأكد من تاريخ الإنتاج وتاريخ انتهاء الصلاحية المدون على الغلاف. 

سيدة: شراء عروسة المولد لخطيبة ابني بيكون عربون ود ومحبة

تعددت أشكال العرائس وتقدمت صناعتها على نحو متزايد في الآونة الأخيرة، ولكن عروسة المولد التقليدية تتربع على عرش القائمة ولا غنى عنها في البيوت المصرية، فتراها تقريبًا في كل بيت رغم تطور عالم صناعة العرائس إلا أن تلك العروسة بشكلها التقليدي مطلب كل الفتيات، وقد اختلفت صناعة العرائس فى الوقت الحالى  عن الفترة الماضية، فقديما كانت تصنع من الكرتون والورد فقط ولكن فى الوقت الحالى تصنع من التل الذى يستخدم فى فساتين العرائس مع استخدام حامل حديد حتى تظهر بمظهر مقارب من فستان العروسة، وكذلك توضع على الرأس طرحة، وتتباين أسعارها  بحسب حجمها لتصل إلى 200 جنيهًا، ويقبل على شرائها الفتيات وكذلك العرائس وتعتبر بمثابة هدية أساسية بالتزامن مع المولد النبوي أثناء فترة الخطوبة.

قالت السيدة “منى فتحي” أنها قد أتت مع ابنتها لاختيار “عروسة مولد” لتهديها إلى خطيبة ابنها، قائلة “العريس يجيب الحلاوة وأنا عليا العروسة، مؤكدة أن هذه الهدية تعبر عن الود والمحبة وانتظار قدوم فرد جديد للعائلة، مضيفة أنها وقت خطوبتها قد أهدتها أمها واحدة وكذلك حماتها، وأنه تقليد متبع لا يمكن تجاوزه والتنكر له، وأشارت أنها قد وضعت هديتها في ”النيش" والأخرى أهدتها لشقيقتها الصغرى وأنها هدايا رمزية لا يمكن الاستفادة منها بشكل أو آخر لكنها تعبر عن التقدير والود والمحبة، مضيفة “كنت هزعل لو محدش جابهالي وأنا عروسة”.

وقد اقترن ظهور "عروسة المولد" بعهد الحاكم بأمر الله الفاطمي، الذي كان يصطحب إحدى زوجاته للخروج في مولد النبي "صلى الله عليه وسلم" وهي ترتدي أجمل الثياب ومتزينة، كانت ترتدي فستانًا ناصع البياض، وتاجا من الياسمين فوق رأسها، حتى لمعت الفكرة عند صناع الحلوى، بصناعة عروسة من الحلوى على شكل زوجة الحاكم وتزينها.

ولم تكن عروسة المولد فقط، إنما ظهر أيضا الحصان، حتى يكون للفتيان، والعروسة للفتيات، فكانت صناعة الحصان الذي يمتطيه فارس شاهرا سيفه وخلفه علم يتغير بتغير الدولة الإسلامية، مصنوعًا من الحلوى أيضًا، وهو كان يعبر عن شخص الحاكم بأمر الله، فالحصان يعد على مر العصور رمز الفروسية والرجولة والشجاعة، حيث كانت هذه القيم تزرع داخل الأطفال منذ الصغر

ويذكر أن الحاكم "بأمر الله" أمر بمنع الزواج إلا في المولد النبوى، لذا كان يعتبر موسم الزواج والمناسبات السعيدة، ولذلك أبدع صناع الحلوى في صناعة العرائس وتغطيتها بأجمل الثياب والفساتين البيضاء، وأصبحت العروسة الحلاوة ليس احتفالًا بالمولد النبوي فقط، ولكن كانت احتفالا بموسم الزواج أيضا، وكانت تقدم كهدايا من العريس لعروسته، واستمرت هذه العادة حتى اليوم على الرغم من الثقافات الجديدة التي طرأت على المجتمع المصرى.

 

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الحلوى الشارع المصري المولد النبوى الشريف المولد النبوي حلقات ذكر حلاوة المولد حلوى المولد ذكرى المولد النبوي الشريف ذكري المولد النبوي شوادر عروسة المولد مدح النبي مظاهر الاحتفال بالمولد النبوی الشریف المولد النبوی الشریف عروسة المولد حلاوة المولد حلوى المولد النبی محمد یتم تنظیم فی بعض فی مصر

إقرأ أيضاً:

عيد محور المقاومة الذي لا يشبه الأعياد

 

أكثر من خمسين ألف شهيد كتبت أسماؤهم ودونت في رضوان الله ومستقر رحمته؛ نساء وأطفال وشيوخ، وأكثر من مائة وخمسين ألف جريح؛ وما يزيد على مليوني ألف إنسان تخلت عنهم الإنسانية الزائفة وسلمتهم للإجرام فطردهم إلى العراء بعد ان دمر منازلهم وتركهم؛ ومازال يلاحقهم ليقضي عليهم ويبيدهم في الخيام التي نُصبت لإيوائهم ؛يكابدون الحصار القاتل والقتل والإبادة ويعايشون مرارة الخذلان وتكالب الإجرام لأن إمبراطورية الإجرام أرادت القضاء عليهم لانهم يؤمنون بالله الواحد القهار ولا يؤمنون بالنصرانية أو اليهودية، فصهاينة العرب والغرب يرون التخلص منهم ديناً وعقيدة .

أرسلوا الدعم والتأييد (ملوك وزعماء وأمراء العالمين العربي والإسلامي)للمجرمين واستعانوا بهم على استكمال جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية ونسقوا جهودهم وتخلوا عن جهادهم سراً وعلانية؛ واحتفلوا بالعيد بعد أن قتلوا وسجنوا كل من يقول كلمة الحق؛ وكل مناصرٍ ومؤيدٍ لمظلومية غزة وفلسطين ؛وصهاينة الغرب قدموا كل أشكال الدعم من الأسلحة الحديثة والمتطورة والمواقف السياسية والاقتصادية، يريدون القضاء على غزة وتدميرها وتهجير أهلها وسكانها لأن تعاليم التوراة المحرفة ميزت بين المدن القريبة –لا يستبق منها أحدا- أما المدن البعيدة فيتم استعبادها وتسخيرها، وخير مثال على ذلك خدمة وتسخير أنظمة الدول العربية والإسلامية لخدمة المشروع الصهيوني الصليبي.

‌محور المقاومة يشكلون الاستثناء، غزة بمقاومتها وصمودها واليمن بدعمه وإسناده وعدم قدرتهم على تطويعه وجعله حديقة خلفية للأنظمة المستعبدة والمسخّرة لليهود، وإيران بعدم قدرتهم على الإحاطة ببرامجها النووية والاستراتيجية ودعمها للمقاومة، أما سوريا فقد زال الخطر وأمن جانبها بعد إسقاط النظام السابق.

محور الإجرام الذي يصفه -نتن ياهو- بمحور الخير يطمح إلى إبادة محور المقاومة يحارب اليمن ويقتل في لبنان وسوريا ويضرب ويهدد إيران ويتوعد بالجحيم، وصدق الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم أن الأعور الدجال يخوّف الناس بالجحيم والحقيقة عكس ذلك فناره نعيم؛ وهو يوهم نفسه بقدرته على تحقيق انتصار بوحشيته وإجرامه وفساده وطغيانه.

تعقد ناشطة يهودية مقارنة بين حال الحلف الإجرامي قبل وبعد الطوفان (كنا نعتقد اننا دولة لا تهزم قوية ومدعومة من أقوى دول العالم وأن المستقبل أمام الفلسطينيين معدوم سيستسلمون ويرضخون للأمر الواقع ؛الطوفان قلب الأمر رأسا على عقب واتضح أننا الطرف الذي سينهار أولاً ؛الفلسطينيون لن يتراجعوا ؛يقاتلون مقتنعين إن الله معهم وإنها معركتهم المصيرية وسيقاتلون حتى النهاية ؛يخرجون من تحت الإنقاض والركام ليقاتلوا بلا ماء ولا طعام؛ يدفنون أطفالهم ونساءهم ثم يعودون للقتال ؛اما نحن نقاتل لأننا مجبرون اذا رفضنا سنُعامل كخونة ولا خيار آخر إما ان نطرد أو نسجن وكل شيء ينهار).

صهاينة العرب والغرب يريدون أن يمنعوا الانهيار فيدعمون الإجرام والمجرمين في معركة لها جانب واتجاه واحد للحقيقة: نصرة المستضعفين والمظلومين وتحقيق رضوان الله التزاما بأوامره ومواجهة الإجرام والظلم والطغيان بصورته وهيئته غير الإنسانية وغير الأخلاقية ، ولذلك اختلف مع رأي البرفسور طارق السويدان رعاه الله أن غالبية أهل السنة خذلوا المقاومة ونصرها الشيعة فلا سنة ولا شيعة في الخيانة والخذلان بل الجميع يد واحدة في نصرة المظلوم ومواجهة الإجرام والطغيان والاستكبار العالمي الصهيوني والصليبي؛ وإن كان الوصف يصدق على الأنظمة الحاكمة التي تتحكم في القرار السياسي للدول الإسلامية وتصنف الناس على أسس مذهبية وطائفية ؛لكن كيف يستقيم الأمر لمن يدعم ويناصر اليهود والنصارى وينشر الرذيلة ويحارب الإسلام والمسلمين إن قال إنه سنّي ؛معنى ذلك ان عبد الله بن أبي كان سنيا لأنه حالف اليهود ودعمهم وهذا غير صحيح فالخيانة والخذلان بينها الله في كتابه الكريم بقوله تعالى ((ومن يتولهم منكم فانه منهم)) وهنا أتفق مع رأي د. عبد الله النفيسي – لا تصدقوا أن للملوك والرؤساء والزعماء العرب علاقة بالإسلام حتى وان تعلقوا باستار الكعبة.

عيد غزة استثناء من كل الأعياد عيد تحقيق آيات القرآن وأثبات الإيمان الوثيق بوعود الله ، دماؤهم الزكية أكدت للعالم أن شعب فلسطين شعب الجبارين الذي لا يستسلم للهزيمة؛ أنهت أسطورة الدعاية الصهيونية والإجرام وقدم القضية الفلسطينية بأنصع صورها واكرمها وأفضلها وأنهت كل مشاريع اغتصاب الحقوق الإنسانية لفلسطين (صفقه القرن؛ وارض الميعاد؛ وخطط التهجير؛ وأرض بلا شعب لشعب بلا ارض) وكما قال الشهيد القائد حسين بن بدر الدين (لا فرج بدون موقف وبدون تضحيات ).

فبينما يعتمد المشروع الإجرامي الصهيوني الصليبي على صهاينة العرب والغرب لكن في المحصلة النهائية حتى الإجرام لا يمكنه الاستثمار في المشاريع الفاشلة والتي قد تنهار في أية لحظة وصدق الله العظيم ((إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس)) وقال تعالى ((إن تكونوا تألمون فانهم يألمون كما تألمون وترجون من الله مالا يرجون))النساء104.

وهنا اقتطف من تقرير اليهودية(الجميع يشعر بالقلق ماذا لو انسحبت أمريكا ودول الغرب ولم يأت الدعم لا تستطيع إسرائيل الاستمرار) وهو ما صرح به ترامب أن دول الخليج لا تستطيع الصمود لمدة أسبوع اذا سحبت أمريكا دعمها ولا يختلف الحال عن كيان الاحتلال لأنها حكومات إنشاها الاستعمار لخدمة مصالحه لكن جوهر الاختلاف عنها من حيث اللغة التي يتحدثون بها فإسرائيل عبرية وتلكم عربية والجامع بينهم واحد(كل شيء ينهار الجنود يفقدون رغبتهم في القتال والشباب يهربون من الخدمة ومعظم العائلات تفكر في الهجرة والثقة منعدمة في الحكومة ؛دولة تظهر قوتها للآخرين وهي تنهار من الداخل).

لم يقصر صهاينة العرب ولا الغرب في دعم كيان الاحتلال فها هي الإمارات قدمت تريليون وأربعمائة مليون دولار متقدمة على البقرة الحلوب وهناك دعم المعتمد القائم على الضفة الغربية الذي يتنفس بالرئة اليهودية وتتحكم إسرائيل بكيانه من خلال السيطرة علي مخصصات السلطة ولذلك فهو يرى (التنسيق الأمني مع الإجرام الصهيوني شيء مقدس) واجب عليه كالصلاة والزكاة والصيام وغير ذلك من أركان الإسلام وتكفل لإسرائيل بالأمن الكامل (لإسرائيل الحق بالحصول على الأمن الكامل ؛طالما انا موجود هنا في هذا المكتب لن تكون هناك انتفاضة ثالثة ابدأ)الانتفاضتان الأولى والثانية كانت تستخدم المقلاع والحجارة ، وتعهده بالقضاء على انتفاضة الحجارة وهي وسائل بدائية ؛ما بالك اذا تم استخدام الأسلحة فهنا سيكون العبء عليه كبيرا .

ولا يقل رأيه الديني باعتباره علامة السُلطة ومفتي الديار عن رأيه السياسي فقد اصدر فتوى بتكفير المسلمين لصالح اليهود (المسلم الذي يقول انني ضد اليهود فقد كفر) حيث خلط بين السياسة والدين بينما الأمر واضح ولا يحتاج إلى التلبس لكن على ما يبدو تأثر بمعظم المرجعيات التي نصّبتهم الأنظمة العربية المتصهينة لتكفير المقاومة ودعم وتأييد إجرام الحلف الصهيوني الصليبي لكنه لما لم يجد من يعينه للقيام بهذه المهمة قام بها بنفسه إرضاء لليهود والنصارى .

عيد محور المقاومة بالتصدي للإجرام وكسر طغيانه واستكباره وإظهار وجهه الإجرامي لأبشع استعمار في العصر الحديث أراد أن يرسخ بنيانه على الأرض المقدسة بعد ان غرسها في عقول وقلوب المتآمرين من صهاينة العرب والغرب باستخدام كل الوسائل والأساليب الإجرامية والحروب الناعمة وغيرها، ومع ذلك فان المصير الحتمي يؤكد انه لن يستمر إلى مالا نهاية .

الإيمان يصنع المعجزات والاعتماد على الله أساس لأنه قادر على كل شيء واذا قال لشيء كن فسيكون اما الإجرام فمهما امتلك من قوة ومهما ارتكب من الإجرام فلا يعدو ان يكون نمراً من ورق يسقط عند أول مواجهة ومقاومة ((والله غالب على أمره ولكن اكثر الناس لا يعلمون)) .

 

 

مقالات مشابهة

  • تكريم 30 حافظًا للقرآن الكريم بسوهاج سردوا المصحف الشريف خمس مرات متتالية دون أخطاء
  • مفاهيم إسلامية: الصراط المستقيم
  • هل زيارة قبر النبي من تمام العمرة والحج؟.. دار الإفتاء تجيب
  • هل نسيان النية في صيام الست من شوال يبطلها؟.. الإفتاء توضح الحكم
  • أنوار الصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام
  • صاحبة أطول لسان في العالم ترعب الجمهور.. لن تصدق كيف تستخدمه!
  • كيف تكون مسرورا؟.. علي جمعة يصحح مفاهيم خاطئة عن السعادة
  • يخدع الناس بالصور.. ضبط شخص يدعى بيع الأسلحة البيضاء على الفيس
  • عيد محور المقاومة الذي لا يشبه الأعياد
  • «حكماء المسلمين»: رعاية اليتيم واجب ديني ومسؤولية مجتمعية وأخلاقية