صدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة عمرو البسيوني، العدد الجديد أكتوبر 2023 من مجلة الثقافة الجديدة، برئاسة تحرير الكاتب الصحفي طارق الطاهر، وهو العدد الذي خصصته المجلة للاحتفاء بطه حسين بمناسبة مرور 50 عامًا على رحيله.

وكتب رئيس التحرير افتتاحية هذا العدد الخاص بعنوان: "الملهم"، لافتًا النظر إلى الخصال العديدة التي تميز بها طه حسين الذي وُصف بالمفكر حينًا والأديب حينًا آخر والأستاذ الجامعي.

. وكان صاحب دور بارز في مسيرة الثقافة المصرية عبر ما يزيد عن قرن من الزمان.

تتنوع مواد هذا العدد بين الدراسات والشهادات والملفات؛ إذ شارك فيه نخبة من الكُتاب المصريين والعرب، لا سيما من المغرب والأردن والعراق. فكتب إيهاب الملاح بورتريه بعنوان: "مشروع للنهضة المصرية.. البحث ما زال مستمرًا!"، استعرض فيه المحطات المهمة في حياة طه حسين، في الأزهر، وفي الجامعة المصرية، وفي دراسته في السوربون، وكذلك أهم الإنتاجات الفكرية التي أنتجها.

جاء الباب الأول في هذا العدد تحت عنوان: "دراسات"، وقد كتب فيه محمد مشبال دراسة بعنوان: "كيف نتحدث عن الأدب؟ طه حسين وبلاغة التواصل النقدي"، مسلطًا الضوء على تنبه طه حسين في وقت مبكر إلى أن ممارسة النقد الأدبي تحكمها إغراءات الحضارة الحديثة للإنسان بالإقبال على كل ما هو قريب سهل، والعزوف عن كل ما هو بعيد يحمله على بذ الجهد.

وجاءت دراسة سامي سليمان أحمد بعنوان: "تعدد الأصوات في خطابه النقدي: قراءة أبي العلاء نموذجًا"، وقد اتخذت هذه الدراسة من ثلاثة كتب خصصها طه حسين للمعري مجالًا لتجريب فرضياته المنهجية، والكتب الثلاثة هي: تجديد ذكرى أبي العلاء، ومع أبي العلاء في سجنه، وصوت أبي العلاء، مؤكدًا أن طه حسين له قارئًا خاصًا، يتملكه شعورٌ دائم بحضور أبي العلاء في عديد من المواقف التي أعلنها العميد أو تأثيره في عدد من الرؤى التي تبناها في لحظات مختلفة. 

بينما كتب جمال العسكري دراسة بعنوان: "مدرسة دار العلوم"، باحثًا في الحقبة التي تحولت فيها مدرسة دار العلوم إلى كلية دار العلوم، ومسلطًا الضوء على دور العميد في هذا التحول، وكذلك على قضية المنهج التي كانت الأساس الذي شغل طه حسين وجيله من المجددين.

وجاءت دراسة زينب العسال بعنوان: "الريادة في دعاء الكروان"، مؤكدة على أن رواية دعاء الكروان قائمة على الزمن النفسي الداخلي المكتنز، كي يتسق مع الحالة النفسية لبطلة الرواية آمنة.

واختتمت الدراسات بدراسة شعيب خلف التي عنونها ب ـ"الهوية والحوار بين طه حسين وعبد الرحمن بدوي"، وفيها يسرد علاقة العميد بأحد تلاميذه -وهو عبد الرحمن بدوي- بوصفه نموذجًا دالًا على الآلية التي كان يتعامل بها طه حسين مع تلاميذه، وكذلك نظرته للتراث باعتدال واضح؛ إذ يأخذ منه ما يناسب عصره ويرفع شأنه ويقيم حضارته وينبي عليه جاعلًا منه أساسًا يتكئ عليه.

وفي ملف العدد الرئيس ناقش طارق الطاهر تفاصيل جديدة في المعركة التي احتدمت حول كتاب "في الشعر الجاهلي"، مسلطًا الضوء على استمرار تلك المعركة بعد عام 1927، كما يسرد ويناقش أهم المحطات الرئيسة في تلك المعركة، وكذلك يعرض آراء المفكرين والسياسيين فيها، وكذلك مناقشة الكتاب في البرلمان المصري، والبلاغات والقضايا التي رفعها المناهضون لفكره الذي أنتجه في هذا الكتاب.

واستعرض مطالب علماء الأزهر من وزير المعارف، تلك المتمثلة في مصادرة الكتاب، وإبعاد طه حسين من الجامعة، ومحاكمته، وكذلك تفويض مجلس جامعة القاهرة مديره بتسوية الأمر، مع مراعاة المبادئ الأساسية للتعليم الجامعي، معضدًا آراءه حول تلك المعركة ببعض المستندات التي تنشر مجتمعة للمرة الأولى.

أما في باب الشهادات، فقد تنوعت بين شهادات عامة حول مجمل فكر العميد وإنتاجه الأدبي، وشهادات خاصة حول أعمال أو صفات اتصف بها العميد بعينها، فكتب عمار علي حسن شهادة بعنوان: "نقاش مع أدونيس حول طه حسين وطريقة أخرى للتنوير"؛ إذ يسرد في شهادته تفاصيل نقاش دار بينه وبين المفكر والشاعر السوري أدونيس حول طه حسين، وفيه أكد عمار علي حسن أن طه حسين لم يغير أفكاره أبدًا، وأن المنهج الذي اتبعه في كتابه "في الشعر الجاهلي" لازمه في مختلف كتبه عن الإسلام، مسلطًا الضوء على الثورة المنهجية التي أطلقها العميد وفتحه الباب أمام نزع  القداسة عن الآراء والأشخاص الذين مروا في قرون غابرة. 

كما كتب سعد القرش شهادة بعنوان: "طه حسين بين حداثة منقوصة وفكر لا يجدده المستثمرون للتضليل"، وهي شهادة مرتبطة بشهادة عمار علي حسين، وفيها يؤكد على كون كتاب "في الشعر الجاهلي" ثورة في قراءة الشعر الجاهلي وإعادة النظر في حياة العرب الذين كانوا أصحاب علم ودين وثروة وسياسة، وكذلك كون هذا الكتاب صامدًا منذ مئة عام ضد حملات الضلال والتضليل التي شنت ضده وأنفقت عليها أعمار وأموال المناهضين لفكره. 

وجاءت شهادة عبد السلام الشاذلي بعنوان: "مرايا الذاكرة الحضارية"، يستعرض فيها علاقة طه حسين مع تلاميذه، مؤكدًا على سبقه إلى الربط بين الحركة الأدبية المعاصرة وتاريخنا الأدبي، وأن الجهود التي تنهض ونهضت بها جامعتنا إنما هي ثمرة طبيعية لأصول البحث الأدبي التي وطدتها محاضراته ومصنفاته ومقالاته التي بثها في تلاميذه؛ إذ واجه مجتمعه مواجهة شجاعة في مجالات كثيرة، منها الدرس الأدبي، وظل نصيرًا للجديد الوعد في مجالات الثقافة المختلفة. 

بينما كتبت نجاة علي "أيقونة التمرد والوعي الضدي"؛ وفيها استعرضت تلمذتها على يد أساتذة من تلاميذ طه حسين، ينتسبون منهجيًا إلى مدرسته العقلانية، من أمثال: جابر عصفور، وعبد المنعم تليمة، وفاطمة موسى، وغيرهم، فتعلمت من كتبه مواقفه الصارمة وانحيازاته العلمية والأخلاقية دروسًا لا تنسى، تلك التي دفع لها أثمانًا غالية بمنتهى الشجاعة والإخلاص لمبادئه. 

بينما كتب علاء خالد شهادة بعنوان: "كان أكثر مما توقعوا"، وفيها يؤكد على تأسيسه نظرية وحدة الثقافة العالمية أو المتوسطية وتلك العلاقة الممتدة بين المصريين والمسلمين من ناحية وبين العالم من ناحية أخرى

وكتبت رضوى الأسود عن "المرأة في حياته"، مستعرضة دور زوجته سوزان في حياة العميد من لقاءهما الأول في باريس، ورحلتهما معًا إلى نهايتها بوفاته؛ إذ كانت سوزان معلمته الأولى في طريقه إلى الحرية الفكرية الكاملة.

وأعد "الطاهر" تحقيقًا حول "رسائل تلاميذ ومحبي العميد"، أولئك الذين أصبحوا بمرور الوقت رموز هذا الوطن وتحملوا عبء التنوير مثل أستاذتهم طه حسين، مثل: الناقد د. محمد مندور، د. محمد عبد الهادي شعير، ود. محمد النويهي، وغيرهم، ومن خلال هذا التحقيق يمكن رصد أحول مصر والمصريين على الأصعدة كافة، والرسائل التي يستعرضها ويناقشها هذا التحقيق تُعد تاريخًا مدونًا من قبل شخصيات عشقت مصر وعاصرت طه حسين، ذلك الذي أصبح بالنسبة لتلاميذه ومحبيه بمثابة مؤسسة يقفون على بابها.

أما في باب المقالات، فقد تنوعت بين المقالات التي تدور حول قضية واحدة من قضايا طه حسين، والمقالات التي ناقشت إنتاجاته الفكرية والأدبية والإبداعية، فكتب إبراهيم منصور مقالًا بعنوان: "الفنقلة: من الجدل السفسطائي إلى حرية الفكر"، دار هذا المقال حول لفظة "الفنقلة" التي ذكرها طه حسين في كتاب "الأيام"، ومعنى هذه اللفظة والدلالات المتعلقة بها. 

وجاء مقال محمود الضبع بعنوان: "طه حسين وثقافة الاختزال"، مستعرضًا القضايا والإشكالات الفكرية التي طرحها العميد، مثل قضية كيف نفهم التاريخ؟ وإشكالية القديم والحديث في كل العصور العربية، وقضية الذوق الأدبي وغيرها. 

بينما جاء مقال محمد السيد إسماعيل بعنوان: "حياة ثائرة مثيرة: لماذا استمرت "الأيام" كل هذه السنوات في مناهج التعليم؟"، لافتًا النظر إلى أن الأيام لا تخلو من التخييل الذي يجعلها محققة لوظيفتها الأدبية التي تفصل بينها وبين تسجيل مذاكرات السياسية المصرية لحسين هيكل، وأن العمي قد تحول على يديه إلى طاقة إيجابية أطلقت خياله وفضوله إلى معرفة كل ما ومن حوله. 

وكتب نبيل فرج مقالًا بعنوان: "طه حسين وثورة 1952"؛ إذ كرمته الثورة بوضعه في أعلى المناصب ومنحه أرفع الجوائز، فهو أول من حصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب.

بينما كتب راشد عيسى "حدائق متعددة في مزهرية واحدة"، مؤكدًا أن طه حسين مؤسسة ثقافية شاملة أو عدة أنهار مضغوطة في مزهرية واحدة، استطاع أن يتجاوز محنة بصره ليجعلها منحة بصيرته الفذة الخارقة للمألوف. 

وكتب جاسم خلف إلياس مقالًا بعنوان: "طه حسين تنويرًا"، فأكد أن كتاباته قد خلخلت الاستقرار المعرفي في الثقافة العربية، وشرعت أبوابها للابتعاد عن النقل الذي توارثناه من العنعنات. 

أما عبد العزيز السباعي، فكتب "جناية العصر على طه حسين"، وهو المفكر الذي حظي بحياة فكرية وحزبية متلاطمة، موسومة بالازدهار والنماء في بعض حقول الفكر والثقافة. 

وتناول مقال محمد خلف كتاب "الفتنة الكبرى"، في أجزائه الثلاثة، وهو الذي قرر فيه العميد أن يقتحم ميدانًا شائكًا ويسلط طريقًا مخضبًا بالدماء، وقد أصبح عنوان هذا الكتاب مصطلحًا تاريخيًا معتمدًا في الدراسات العلمية والأدبية لتلك الحقبة من التاريخ العربي والإسلامي. 

واختتم هذا الباب بمقال إيمان أحمد يوسف الذي جاء بعنوان: "نور البصيرة يتجلى بفيوضه ورؤيته"، مستعرضة كيف حوَّل طه حسين محنته إلى منحة إلهية غيرت حياته إلى الأبد.

إدراج معتقل للتعذيب في الأرجنتين إلى قائمة التراث العالمي.. ما القصة؟ ذكرى صلاح السقا | رائد فن تحريك العرائس.. ومبدع الليلة الكبيرة

أما في باب الشاطئ الآخر، فكتب جمال المراغي مقالًا بعنوان: "زيديني يا سوزان"، مؤكدًا أن سوزان طه حسين قد تجاوزت وظيفتها كقارئة إلى أن كانت تقوم بتحضير كل جزء قبل قراءته حتى تكون على استعداد لمناقشة طه حسين فيه، وقد كانت تستمتع برؤيته شديدة العمق وفهمه للأمور. 

وكتبت رشا صالح مقالًا بعنوان: "طه حسين والحوار الخلاق مع الثقافات الأوربية"؛ تستعرض فيه أن طه حسين قد أرجع الفضل إلى كارلو نالينو في معرفة تاريخ الأدب، وكيفية تصنيف المدارس الأدبية، والعلاقات التي نشأت بين الأدب والسياسة من ناحية، وبين الأدب والبيئة من ناحية أخرى، وقد امتدت علاقة العميد بالفرنسية إلى جذور هذه الثقافة من خلال تأصيلها العلمي بأقباله على الثقافة اللاتينية التي تشكل الجذور العميقة للفرنسية.

أما في باب الفن السابع، وهو الباب الذي يتناول أعمال طه حسين التي حُوّلت إلى أفلام أو دراما تليفزيونية، فقد كتب وليد الخشاب "سينما طه حسين: الميلودراما.. الواقعية.. القيمة الفنية"، مؤكدًا على أن العنصر الجامع بين قصصه التي تحولت إلى أفلام هو النوع الفني، فكلها قصص رومانسية تحمل ملامح الميلودراما، وقد كان هناك احتفاء خاص برواية "دعاء الكروان"، والذي ضاعف منه رصيد الفيلم المُعد عنها، باعتباره فيلمًا واقعيًا. 

وكتبت ناهد صلاح "العميد على الشاشة: حضور إنساني.. صراع وجودي.. اشتباك مع الغرب"، ناقشت فيه علاقته بالسينما والتليفزيون، واكتشافه باريس بوصفها مدينة السينما وأنها تحويل من حلم جميل إلى كابوس مرير، مؤكدة على أنه كان شديد التدقيق في كل التفاصيل المرتبطة بتحويل رواياته إلى أفلام سينمائية أو دراما تليفزيونية، فكان يتردد على مواقع التصوير للتدقيق ومتابعة التصور وأداء الممثلين.

ويستعيد أحمد كمالي "مصر في شهر العميد"، ساردًا الأخبار الصحفية المهمة التي كانت تُنشر في شهر أكتوبر 1973 والمتعلقة برحيل عميد الأدب العربي طه حسين، مع بعض الوثائق والأخبار الصحفية المنشورة في ذلك الوقت.

أما في باب رحلة، فكتب محمود عبد الباري تهامي دراسة بعنوان: "طه حسين مجمعيًا، مسلطًا الضوء على المحطات المهمة في حياة طه حسين التي أهَّلته لعضوية المجمع، وصورة عضو مجمع اللغة العربية في ذهن العميد، الذي كان يرى أن عضوية المجمع هدية وشرفًا وأمرًا غير عادي، فهي ليست مجرد وظيفة يُعين فيها من يُعين ثم يُعزل، وقد أصل لآلية عمل المجمع، وهو ما يسير عليه الآن؛ فهو عمل صامت، لا يبتغي شهرة، ولا يتحصل منه عظيم أجر؛ فالعمل المجمعي إلى اليوم عمل جماعي، تتظافر فيه الجهود، وتتراكم به الخبرات والمعارف.

كما تنشر المجلة في هذا العدد، ببليوجرافيا عن طه حسين، تعرض فيها أهم التواريخ في حياته، ومؤلفاته الإبداعية والنقدية والفكرية، وكذلك ترجماته.

وفي مكان، تزور المجلة متحف رامتان، وهو القصر الذي عاش فيه طه حسين، وبعد رحيله أنقذه فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق من مصير قصر يوسف وهبي الذي تحول إلى فندق، كما تستعرض الزيارة أيضًا كرم أسرة العميد التي لم تبخل على الدولة وأعطتها جميع مقتنياته وأوسمته التي حصل عليها طيلة حياته.

ويُختتم هذا العدد بمقال محمد عبد الباسط عيد الذي جاء بعنوان: "دعوة العميد"، تلك الدعوة التي لم يدخر العميد جهدًا في تأكيدها وهي "الروح العملية" أو التفكير العلمي، والدعوة لها، وكذلك حرصه على استمالة الناس إلى ما يكتب بشتى الوسائل.

يذكر أن مجلة الثقافة الجديدة تصدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، نائبا رئيس التحرير الصحفيتان إسراء النمر وعائشة المراغي، مدير التحرير التنفيذي الناقد مصطفى القزاز، الإخراج الفني عمرو محمد.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الثقافة الثقافة الجديدة الثقافة المصرية مجلة الثقافة الجديدة طه حسين مقال ا بعنوان هذا العدد من ناحیة فی حیاة مؤکد ا فی هذا

إقرأ أيضاً:

مجلة السُّودان في رسائل ومدونات (1918-2003)

أحمد إبراهيم أبوشوك

(1)
نظَّم نادي الكتاب (81) جلسة مدارسة رائعة، قدَّمها الدُّكتور صديق عمر الصَّديق عن "السُّودان في رسائل ومدوَّنات (Sudan Notes and Records): ويكيبيديا سودان ما قبل الاستقلال"، وذلك في يوم السَّبت الموافق 8 فبراير 2025، وأدار الجلسة الدُّكتور عبد الباقي أحمد، وحضرها جمع من العلماء والباحثين في مجال الدِّراسات السُّودانيَّة والمهتمِّين بمجلَّة السُّودان في رسائل ومدوَّنات. وتناولت الجلسة جوانب متعدِّدةً من هذه المجلَّة العريقة من حيث الغاية الكامنة وراء تأسيسها، والموضوعات الَّتي تناولتها، وإدارة تحريرها. وأخيرًا، أجمع الحضور على أنَّها دوريَّة نادرة وفريدة في جنسها؛ لأنَّها تحتوي على كنز من المعلومات المتنوِّعة عن السُّودان، الَّتي يصلح معظمها لدراسة ماضي بلد الميلون ميل مربعاً، ونذر منها لاستيعاب مشكلات حاضرها واستشراف مستقبلها الذي يُعد في رحم الغيب. وتثمينًا لذلك، آثرتُ نشر هذا المبحث المستلُّ أدناه من كتابيّ: "المؤرِّخ يوسف فضل حسن: أصالة الكسب وجزالة العطاء"، الشَّارقة، معهد إفريقيا، 2023، ص 155- 162.

(2)
مجلة السُّودان في رسائل ومدونات (1918-2003)
كتب الجنرال ونجت باشا، الحاكم العام الثاني للسودان الإنجليزي-المصري (1899-1916)، تصديرًا (Foreword) للعدد الأول من مجلة "السُّودان في رسائل ومدونات"، والذي نُشر في يناير 1918. واستند ونجت في تصديره إلى رؤية مزدوجة، تقرُّ في طرفها الأول بأن "المعرفة قوة" سواء كانت في أفريقيا أو أي مكانٍ آخر، وتؤكد في طرفها الثاني بأن المجلة الناشئة "ستكون وسيلة لتسجيل المعلومات ونشرها، الأمر الذي سيفضي إلى رؤية واضحة عن البلد، وفهم أفضل لمواطنيه وتاريخهم وظروفهم الاجتماعية وتطورهم المستقبلي، كما أنها ستقدم فائدة دائمة للمسؤولين في الحكومة والمجتمع بصورة عامة"( ). يبدو أنَّ هذه الرؤية الحكومية قد أسهمت أيضًا في وضع لبنات دار الوثائق القومية عام 1916، عندما شرعت إدارة الحكم الثنائي (1898-1956م) في جمع الأوراق المالية والقضائية، وأرشفتها في مكتب صغير بمباني السكرتير الإداري (وزارة المالية بعد الاستقلال)، وبعد أن توسَّعت أعمال المكتب الأرشيفية، أُطلق عليه اسم "مكتب محفوظات السُّودان" عام 1948، ثم دار الوثائق المركزية عام 1965، وأخيرًا دار الوثائق القومية عام 1982( ). أما فكرة إنشاء مجلة "السُّودان في رسائل ومدونات" فقد طرحها ميلو تالبوت (Milo Talbot)( )، مدير قسم المساحة آنذاك، على إدغار بونهام كارتر (Edgar Bonham-Carter)، السكرتير القضائي (1899-1919)، أثناء الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، مسوغًا اقتراحه بأن هناك معلومات كثيرة وقيمة متناثرة في الملفات الحكومة؛ لكن يتعذر الوصول إليها لعدم وجود وعاء معرفيٍ ناقلٍ، يُسهم في استثمارها ونشرها بطريقة علمية. عرض كارتر هذا الاقتراح على كروفوت (J. W. Crowfoot)، مدير مصلحة المعارف (1914-1927)، الذي أوعز للسير لي استاك (Lee Stack)، حاكم عام السُّودان (1916-1924)، بعقد اجتماعٍ لمناقشة الاقتراح. وأخيرًا تبلورت مداولات الاجتماع في التصديق بإصدار مجلة "السُّودان في رسائل ومدونات"، وتدشين عددها الأول في يناير 1918م( ). وظهر على صفحة هيئة تحرير العدد الأول اسم السير لي استاك راعيًا للمجلة، وكروفوت رئيسًا لهيئة تحريرها، وستيري (W. Sterry) نائبًا له، و ر. ويرد (R. Wrdd)، سكرتيرًا وأمينًا للخزينة، كما شملت عضوية هيئة التحرير بيم (W. Beam)، وجليمر (A. G. Galemer)، وكاربن (A. N. Carbyn)، وكارول (F. F. Caroll)، وكنغ (H. H. King) وغراهام (G. Graham)، وهيللسون (S. Hillelson)، وماكمايكل (H. A. MacMichael)، وبيرسون (H. D. Pearson)، وويلس (C. A. Willis) ( ). وواضح من هذه الهيئة التحريرية أنَّ المجلة كانت ذات طابع حكومي، وتُشبه في أهدافها ونشأتها وتصميمها مجلات أخرى، أُسست في بعض المستعمرات البريطانية، ونذكر منها على سبيل "مجلة فرع المضائق للجمعية الملكية الآسيوية" (The Journal of the Straits Branch of the Royal Asiatic Society)، التي أُسست في سنغافورة عام 1878( ).
ركزت الأعداد الأولى لمجلة "السُّودان في رسائل ومدونات" على القضايا الأنثروبولوجية-الاجتماعية والإثنوغرافية، وبعض الموضوعات الثقافية والدينية والتاريخية والجغرافية واللغوية والطبية. وظلت المجلة محافظةً على رسالة تأسيسها، ووحيدة في ميدانها إلى أن ظهر العدد الأول لمجلة كوش المتخصصة في أبحاث الآثار السُّودانية (KUSH: Journal of the Sudan Antiquities Service) عام 1953. وكانت المجلة تُصدر أربعة أعداد سنويًّا في سنواتها الأولى (1918-1922)؛ ثم أصبحت نصف سنوية في الفترة (1923- 1955)، وذلك باستثناء سنوات الحرب العالمية الثانية وما بعدها (1941-1947)، إذ صدرت مرة واحدة في كل سنة. وبعد استقلال السُّودان أصبحت تصدر في شكل عدد منفردٍ أو عددين مدمجين سنويًّا وبانتظام حتى عام 1979م. وتقلصت إصدارتها إلى ثلاثة أعداد في عقد الثمانينيات (1980، 1981، 1983)؛ ثم صدرت في نسخة جديدة في عقد التسعينيات، وتحمل رقمًا مسلسلًا جديدًا (المجلد الأول)؛ بهدف تجاوز مشكلة عدم صدورها غير المنتظم في الثمانينيات. وبالفعل صدر العدد الأول في العام 1997، والثاني في العام 1998، والعدد الثالث في العام 1999م تحت إشراف الدكتور إسماعيل حسين عبد الله، المقيم في الولايات المتحدة الأميركية، بصفته محررًا ضيفًا. وبعد ذلك صدر العدد الرابع في العام 2000، والعدد الخامس في العام 2001، ثم توقفت المجلة عن الصدور. ويصف البروفيسور أحمد عبد الرحيم نصر تكليف الدكتور إسماعيل بالإشراف على العدد الثالث بأنها محاولة تحريرية فريدة في تاريخ المجلة؛ لأنها أراحت يُوسُف، رئيس التحرير (1974-2001)، من "عبء كبير كان يقوم به طيلة السنوات الماضية"، كما أنها "أتاحت للضيف فرصةً اكتسب فيها مهارةً جديدة رغم إشارته إلى أنه لم يكن له يد في اختيار المقالات"، علمًا بأن العرف الأكاديمي المتبع في مثل هذه الحالات، يقضي بأن "يختار المحرر الضيف موضوعًا (theme)، ويستكتب من يراهم من المتخصصين ذوي الكفاءة والخبرة"( ). ولكن بعد هذه التجربة اليتيمة لم يصدر عدد رابع لمجلة السُّودان في رسائل ومدونات، بل احتجبت المجلة عن الصدور، محدثةً بذلك "خسارة كبيرة"؛ لأنها كان تقوم بدور مشهودٍ "في الحياة الثقافية في السُّودان"، وقدمت معلومات وافية، لما أسماه ساندرسون بعلم السُّودان (Sudanology)، فضلًا عن أن بعض مقالاتها في التاريخ والعلوم الاجتماعية تُعَدُّ "حجة"، وكذلك توثيقها لأجناسٍ فولكلورية "اندثرت أو كادت" أن تندثر، يجعلها مرجعًا مهمًّا "لا يمكن الاستغناء عنه"( ).
ونصل بهذا العرض الموجز لرسالة المجلة وموضوعاتها إلى نتيجة مفادها أن الهدف الرئيس من هذا المبحث ليس تقديم عرض شامل لمحتويات مجلة "السُّودان في رسائل ومدونات"، وتحليل سياستها التحريرية والموضوعات التي نُشرت فيها؛ لأن هناك أربع دراسات طرقت هذا الباب بكثافة وقدمت تحليلات مفيدة، أولها دراسة ج. ن. ساندرسون( )، وثانيها دراسة بشرى حمد( )، وثالثها دراسة يُوسُف عيسى عبد الله( )، ورابعها دراسة أحمد عبد الرحيم نصر( ). لكن المبحث يهدف إلى إلقاء إضاءات كاشفة على إسهامات يُوسُف، الذي شغل منصب رئيس تحرير المجلة منذ عام 1974، وطبيعة النهج الذي تبناه في تطوير سياستها التحريرية، واختيار موضوعاتها للنشر، ونوع الجهد الذي بذله في سبيل استمراريتها قبل أن توصد أبوابها في الألفية الثالثة. سجل يُوسُف اسمه تحت الرقم (17) في قائمة الذين تولوا رئاسة تحرير المجلة، بدءًا بكروفوت، مدير مصلحة المعارف، (1918-1927) وانتهاءً بالإداري السُّوداني الطيب عبد الله (1969-1974). وكانت رئاسة تحرير المجلة قبل عام 1974 تُوكل إلى السكرتير الإداري، بدءًا بالسير هارولد ماكمايكل (1927-1934)، وانتهاء بالسير غوين بل (G. W. Bell)، الذي شغل منصب الوكيل الدائم لوزارة الداخلية (1954-1955)، بعد إلغاء منصب السكرتير الإداري وتحويل مهامه الوظيفية إلى وزارة الداخلية الناشئة آنذاك. وبعد إعلان استقلال السُّودان في يناير 1956 شغل منصب رئيس هيئة تحرير المجلة نخبة من الإداريين السُّودانيين في وزارة الداخلية، وهم حسب الترتيب الآتي: محمد محمود الشايقي (1955-1959)، ومكاوي سليمان أكرت (1959-1962)، ومحمد عباس فضل (1962-1964)، وأمير الصاوي (1964-1965)، وحسين محمد أحمد شرفي (1965-1967)، والتجاني سعد (1967-1969)، والطيب عبد الله (1969-1974).
انضم الدكتور يُوسُف إلى هيئة تحرير مجلة "السُّودان في رسائل ومدونات" بعد عام من ثورة أكتوبر 1964، ووقتها كان حسين محمد أحمد شرفي رئيسًا لهيئة التحرير، وإيان كُنيسون (Ian Cunnison) محررًا، وميرغني عبد النور سكرتيرًا، وشملت عضوية هيئة التحرير: مكي الطيب شبيكة، وإبراهيم نور، ومحمد عمر بشير، وج. ن. ساندرسون. ولم يكن يُوسُف أول سوداني ينضم إلى هيئة تحرير المجلة آنذاك، بل سبقه مكي شبيكة (1946)، وعوض ساتي (1948)، ومكي المنا (1951)، وسعد الدين فوزي (1952)، وعبد القادر إبراهيم تلودي (1954)، وأمين عبد الله الكارب (1954)، وحمزة ميرغني (1956)، وأبو بكر بشير (1962)، ومحمد عمر بشير (1962)، وإبراهيم نور (1962)، وميرغني عبد النور (1964).
يعكس هذا العرض من زاوية أخرى كيف انتقلت مجلة "السُّودان في رسائل ومدونات" بخطوات منظمة من كونها مجلة حكومية-"استعمارية" إلى مجلة أكاديمية، ومعظم أعضاء هيئة تحريرها من الأكاديميين. في ضوء هذه التطورات، انتقل يُوسُف من مقعد محرر المجلة الأول (Editor)، الذي شغله منذ عام 1967، إلى مقعد رئيس تحريرها (Chairman) عام 1974، وخلال هذه الفترة استطاع أن يحقق العديد من المنجزات المهمة، التي نلخصها في النقاط الآتية.
أولًا: إنَّه قد تمكَّن من الجمع بين رئاسة تحرير المجلة وإدارة تحريرها، ملغيًا بذلك ازدواجية العمل التحريري، وممهدًا الطريق لانتقال المجلة من حاضنتها الإدارية (وزارة الداخلية) إلى وضعها تحت إدارة أكاديمية مستقلة. وفي سبيل إنجاز هذه الخطوة الإدارية اختار معظم أعضاء هيئة تحرير المجلة من الأكاديميين المنتسبين لجامعة الخرطوم أو المؤسسات البحثية الأخرى (مثل دار الوثائق المركزية). وبدأت هذه الخطوة منذ أن كان يُوسُف محررًا رئيسًا للمجلة عام 1967، إذ شملت عضوية هيئة تحريرها: إيان كنيسون (شعبة الأنثروبولوجيا الاجتماعية)، وف. رفش (شعبة الأنثروبولوجيا الاجتماعية) ومكي الطيب شبيكة (شعبة التاريخ)، وج. ن. ساندرسون (شعبة التاريخ)، ومحمد عمر بشير (جامعة الخرطوم)، وإبراهيم نور (معهد المعلمين العالي)، وعبد الله عمر عبد الرحمن سكرتير المجلة (وزارة الداخلية).
ثانيًا: من حيث الشكل، حافظ يُوسُف على تبويب المجلة في أربعة أبواب رئيسة، شملت: (1) المقالات، و(2) الرسائل القصيرة، و(3) مراجعات الكتب، و(4) التقرير السنوي للجمعية الفلسفية.
ثالثًا: من الناحية الموضوعية، أضحى معظم المقالات التي تُنشر في المجلة ذات طابع أكاديمي؛ لأن معظم مؤلفيها أعضاء هيئة تدريس في جامعة الخرطوم، وجامعات عالمية وإقليمية أخرى. ونذكر على سبيل المثال، أن عدد أعضاء هيئة التدريس الذين ينتسبون إلى جامعة الخرطوم وساهموا في محتويات المجلد 56 لسنة 1975 قد بلغ 53%، ومن الجامعات الأخرى 23%، ومن المصالح الحكومية في السُّودان وخارجها 24%( ). وتأكيدًا لهذه النقلة النوعية كتب يُوسُف في احتفال المجلة بعيدها الفضي (1968)، قائلًا: "ولكن في السنوات الأخيرة، تكاثر العلماء المحترفون من السُّودانيين بشكل خاص، وانعكس ذلك في المقالات الأخيرة"( ).
رابعًا: إلى جانب الاهتمام بالمقالات الأكاديمية، حافظت هيئة تحرير المجلة على الطرف الثاني من رسالتها التأسيسية، الذي يقضي بضرورة حث الباحثين الهواة على جمع الروايات أو الممارسات التراثية وتوثيقها ونشرها لتكون متاحة للبحث العلمي المتعمق. وفي هذا السياق يقول يُوسُف: "لا يزال هناك مجال واسع لمساهمات موظفي الحكومة المحلية والهواة المهتمين والقادرين على إلقاء الضوء على أسماء الأماكن، والموروثات الشعبية، واللغات غير العربية، واللهجات القبلية العربية، والعادات الاجتماعية أو المتغيرات العرفية"( ). وبموجب ذلك أضحى الباب الخاص بالرسائل القصيرة مفتوحًا لاستقبال مثل هذه المشاركات ونشرها، دون التزام حرفي بمعايير النشر الأكاديمية.
خامسًا: حافظ رئيس تحرير المجلة على نشر وقائع اجتماعات وحوارات الجمعية الفلسفية التي أُسست عام 1945م، وكذلك بعض الأوراق التي كانت تُقدم في اجتماعاتها ومؤتمراتها بعد تحكيمها وتحريرها. وقد بدأ هذا التقليد منذ عام 1950، عندما عُدل اسم المجلة إلى مجلة "السُّودان في رسائل ومدونات المدمجة فيها وقائع الجمعية الفلسفية بالسُّودان".
سادسًا: استطاع رئيس هيئة التحرير وأعضاؤها أن يواصلوا مسيرة المجلة بصورة منتظمة كمًّا ونوعًا، لفترة امتدت لما يربو على عقد من الزمان (1967-1979)، وكانت عضوية هيئة تحريرها متجددة بصفة شبه دورية لتراكم الخبرات وضمان استمرارية العطاء( )، ولكن رئاسة تحريرها ظلت دائمة في يد يُوسُف (1974-2003)، الذي عزا ذلك إلى عدم تبعية المجلة إلى أي جهة حكومية أو أكاديمية، وأن دعمها المالي واستمراريتها كانا مرتبطين إلى حد كبير بجهده الشخصي واتصالاته الأكاديمية والفردية مع الجهات الممولة.

(3)
أعضاء هيئة التحرير في عهد رئاسة يُوسُف فضل حسن للمجلة (1974-2003)، وفترات عضويتهم، وبعضهم بدأت عضويته في المجلس قبل تولي يُوسُف رئاسة تحريرها: ج. ن. ساندرسون (1954-1965) ومحمد عمر بشير (1962-1983)، وإيان كنيسون (1962-1999)، ومكي شبيكة (1943-1946، 1969)، ومحمد إبراهيم أبو سليم (1971-1999) والسماني عبد الله يعقوب (1971-1975)، وعبد القادر أبو القاسم (1971-1974)، وأرب يورك أييك (1971)، وطه حسن النور (1972-1974)، والفاتح محجوب (1974-1975)، وأمير الصاوي (1974-1975)، وعبد القادر حسن خطَّاب (1974-1980)، وسيد البشرى (1975-1976)، وتوحيدة عثمان حضرة (1976-2001)، وقلوباوي محمد صالح (1976-1980)، والحاج بلال عمر (1976)، وعلي عبد القادر (1977-1999) وموم نهيال أرو (1980-1981)، وسيد حامد حريز (1981-1999)، وعمر حسن جحا (1981-1983)، وحسن مكي (1997-2001)، وأكولدا مانتير (1997-2001)، وحسن محمد صالح (1997-1999)، ومحمد جلال هاشم (1997-2001)، ويُوسُف أبو جديري (1997-2001)، وبدر الدين عمر البيتي (1997-2001).

ahmedabushouk62@hotmail.com  

مقالات مشابهة

  • ذكرى رحيل حسين صدقي.. واعظ السينما المصرية الذي حول الشاشة إلى منبر للتغيير الاجتماعي
  • قتيلان في هجوم بمُسيرة مجهولة في إدلب
  • “العميد” يحافظ على الصدارة و ” الأخضر” يلاحقه
  • الكشف عن الوحدة السرية الجديدة التي ستقود حرب الظل الروسية ضد الغرب
  • مجلة السُّودان في رسائل ومدونات (1918-2003)
  • قطر ترحب بالخطوات الإيجابية التي اتخذتها الإدارة الجديدة في سوريا
  • المكان في روايات نجيب محفوظ بنقاشات قصور الثقافة بأسوان
  • خمسة عروض للفيلم المصري ضي – سيرة أهل الضي بمهرجان برلين
  • خطيب المسجد الحرام: سيرة أصحاب الذكر الجميل تتخطى الآفاق وتفتح لهم القلوب
  • بكري: الجيش المصري الذي حقق النصر في أكتوبر قادر على تكرارها