منجزات الثورة والمسؤوليات الوطنية..
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
يأتي إحياء ذكرى ثورة الـ 21 من سبتمبر 2014م تتويجاً لنضالات الثوار الأحرار الذين حملوا على عاتقهم الواجبات والمسؤوليات الدينية والأخلاقية التي من المفترض ألا يفرط أو يقصر فيها أحد ممن لديه الغيرة والحمية على دين الله وعلى الأرض والعرض، وسلام الله على الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي الذي أبى إلا أن يناهض تبعية وعمالة وارتهان النظام الحاكم حينها لأعداء الله ورسوله والمؤمنين قوى الاستكبار في هذا العالم وعملائهم من الأعراب الأشد نفاقاً وتطبيعاً وعمالةً لأمريكا وبريطانيا وإسرائيل.
كان الشهيد القائد في دروسه ومحاضراته كثيراً ما يلفت انتباه أبناء الأمة إلى الحذر واليقظة والتنبه إلى خطر ومؤامرات الغرب وأدواته ووسائله الخبيثة ضد الإسلام والمسلمين الذين يسعون جهدهم إلى إضلال وإفساد الأمة وانحرافها عن منهج الله سبحانه وما لذلك من تبعات وأبعاد في التطبع بثقافة الغرب الفاسقة الماجنة الدخيلة والطاغية على أبناء الأمة وبالتالي التطبيع السياسي والأمني والعسكري مع أعداء الله وأعداء البشرية والإنسانية وهو ما حصل فعلاً وواقعاً مع أنظمة الخليج وشعوبها.
إن ثورة ال 21 من سبتمبر بحق، انتصار تاريخي وإنجاز عظيم وكبير، رسم ملامحها وأطلق شرارتها الشهيد القائد وأسس مداميكها السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله الذي أشار في إحدى خطاباته أنها ثورة لا زالت مستمرة وتمثل أهمية كبيرة لشعبنا اليمني العظيم في أهدافها وفي مضمونها وفي نتائجها فيما يتعلق بالحاضر والمستقبل.
لقد حققت الثورة بالنوايا الصادقة والجادة وبالفعل وبالتحرك في الميدان السياسي والعسكري مكسباً سيادياً مهماً لا يختلف عليه اثنان ولا يمكن أن تزيف الأيام ولا الأحداث والوقائع حقيقة تجسيد المكسب الشعبي الثوري الواعي والمتمثل في حماية الثروة النفطية والغازية من النهب وذلك بمنع قوى الاحتلال من مواصلة نهب الثروة اليمنية من النفط والغاز وحرمان الشعب اليمني من أبسط حقوقه على أرضه وخيراته ومقدراته.
ولو لم يكن من نتائج ومنجزات الثورة إلا تحقيق الأمن والاستقرار ونيل حرية وكرامة الشعب اليمني واستقلال قراره السياسي والحفاظ على هويته الإيمانية وثوابته وتاريخه المليئ بالتضحيات لكفى ذلك فخراً وشرفاً أن نحيي هذه الذكرى في نفوسنا وواقعنا الذي نشاهد فيه اليوم القوة العسكرية والصاروخية والدفاعية والأمنية وهي بذلك التنظيم الدقيق و الأسس الصحيحة والعقيدة القتالية السليمة إعداداً وولاءاً مطلقاً لله ولأولياء الله الصادقين والمستوى العالي والجهوزية الأعلى والتي أرعبت أنظمة العمالة والارتزاق لقوى الاستكبار العالمية التي تعيث في الأرض الفساد والضلال والانحراف.
إن ما نشاهده اليوم من إنجازاتٍ كبيرة في التصنيع العسكري بدءاً من البندقية وحتى الصواريخ والطائرات المسيرة ما هو إلا ثمرةً للإرادة والعزيمة والبأس اليماني بعد ثقة أبناء الجيش اليمني بالله ثقة مطلقة والتوكل عليه والذي أضحى ذلك التصنيع مصدر فخر للوطن وأبناء الوطن رغم الظروف الحرجة والصعوبات والعدوان والحصار.
ولا يخفى على أحد سياسات قوى الاستكبار الأمريكية الخبيثة في المنطقة التي تتجه بالدول العربية نحو الاعتراف بالعدو الإسرائيلي كدولة والسعي للتطبيع معها في كثير من المجالات كما قامت بذلك عدد من الأنظمة العربية والتي ساهمت بهذه السياسات بشكل كبير في تصفية القضايا المصيرية للأمة ومنها قضية وحدة الصف والموقف الإسلامي العربي و القضية الفلسطينية فكانت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر هي الدافع والحصن الحصين الذي دافع عن هذه القضايا وحافظ عليها لتكون من منطلق قرآني ومنطقٍ إسلامي أولويات يجب على كل الأنظمة العربية وعلى كل إنسان مسلم غيور على دينه ووطنه أن يوليها كل الاهتمام والمسؤوليات وليس أحد بمنأى عن تحمل ذلك وفي هذا المقام تجدر الإشارة إلى خطاب رئيس المجلس السياسي الأعلى المشير مهدي المشاط عن هذه الثورة بقوله :
«إن احتفاءنا بالحادي والعشرين من سبتمبر المجيد ليس عملاً ترفياً وإنما هو تتويج سنوي لنضالات شعب كريم قرر الخلاص من براثن الوصاية والهيمنة الخارجية والانعتاق من أشكال وصيغ الارتهان والتبعية في إطار ثورة مجيدة وضعت نصب عينيها عزة اليمن ورفعته ثورة كل ما فيها يمني وكل ما فيها وطني».
وعن ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر يقول الرئيس الشهيد صالح الصماد رضوان الله عليه «لقد أسقطت الثورة نظام العمالة والتبعية والفساد وأطاحت برموز العمالة والتخلف والإرهاب وفتحت الباب لانعتاق القرار السياسي اليمني من مرحلة الوصاية والهيمنة الخارجية التي ظلت تكبل شعبنا بقيود الفقر والتخلف والقمع والوصاية على القرار السياسي» وفي مقابل الإنجازات العسكرية والأمنية ينبغي على حكومة الإنقاذ استشعار الواجبات الدينية والمسؤوليات الوطنية والنهوض بها بغية تصحيح وضع مؤسسات الدولة وتطهيرها من الخونة والعملاء والفاسدين والانتهازيين، فالتحديات كبيرة والمسؤوليات عهد وأمانة في أعناق كل أبناء اليمن الشرفاء وسلام الله على السيد القائد حين قال : «الثورة خطت خطوة واحدة إلى الأمام وأمامها الكثير من الخطوات».
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
بيان الثورة التحريرية الجزائرية في ذكراها السبعين
معرفة الحقوق الكاملة للرعية أمر ضروري من أجل المطالبة بها. ولا تحبذ السلطة غير المشفقة بشعبها إلا الحديث عن الواجبات المنوط بـ"المواطن" القيام بها، مع حرصها الشديد على تجهيل الناس بتلك الحقوق، وتذكيرها المستمر بـالعقوبات التي تنجر عن الإخلال بالواجبات، تخويفا للشعب كي لا يتجرأ على المطالبة بتلك الحقوق كاملة، المنوط بالسلطة توفيرها للناس.
إنها"شعرة معاوية" بين الراعي والرعية، ومن يحسن منهما شدها إليه من دون أن تقطع سيربح المعركة بسلم وسلام. والحال عندنا هكذا اليوم، شد وجذب، وعند الدول المتقدمة استراح الجميع من هذه اللعبة الشاقة، وتفرغوا لبناء حضارة، وإن كانت مادية لا روح فيها، إلا أن العقل العلمي يتحكم فيها. ولله في تصريف الأمور عجائب!
بأي منطق يفكر الحاكم في الجزائر اليوم؟ بلد يتربع على ثروة يستطيع أن يعتاش عليها شعب بمئات الملايين لعدة قرون، عدا خراج الأرض وحده الكفيل بذلك العيش الرغيد مدى الحياة الدنيا. ويستحكم في هذا الشعب نظام سياسي غريب عن ثقافة المجتمع برجال ينتدبهم منه وليسوا بخياره، وهنا مكمن الخلل لدى من يدعي فهما سقيما للحديث الشريف: "كيفما تكونوا يولى عليكم".
مغالطات تاريخية
يحلو لسدنة النظام في الجزائر ربط تاريخ البلاد برسو طلائع الاحتلال الفرنسي في ميناء سيدي فرج عام 1830م، ثم بجلائها عام 1962م، ليبدأ فجر الاستقلال بقيام الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية، lن دون أن يلتفتوا إلى الحديث عن الدولة عقب الغزو، أي إبان المقاومة الشعبية بقيادة الأمير عبد القادر وجيشه المشكل من القبائل الجزائرية؛ وتلكم مغالطة تاريخية انطلت على معظم الجماهير. ولكي تبقى الجماهير مغيبة عن هذه الحقيقة، يرجأ في كل مرة العمل السنيمائي المخلد لشخصية الأمير، ذات الأبعاد المتكاملة في الدين والسياسة والاقتصاد والثقافة والأخلاق، لتتحدث وزيرة الثقافة السابقة عن تفكير وزارتها في تناول شخصية الأمير في الفيلم من الجانب الصوفي فحسب! وزيرة كانت عضوة في "عصابة" حكمت البلاد خلال عشرين سنة من تاريخ الجمهورية!
الشعب الجزائري يحتاج إلى نداء وطني من أجل تفعيل الإسلام في السياسة والحكم كنداء الفتح من نوفمبر لتصحيح مسار الدولة الجزائرية، لأن معضلة الجزائر تكمن ها هنا وليس في مكان غيره، وما عدا ذلك تفاصيل، تفاصيل شاردة في متاهات التبعية والتجريب والارتجال، وكلها آفات تنخر في كيان الدولة منذ الاحتلال الفرنسي للبلاد.إذن هنالك "عقدة توضع في المنشار" عن قصد عند كل مناسبة كما يقول المثل، لأن تسليط الضوء على تلكم المرحلة المباركة من جهاد شعبنا يفتح عينيه على تاريخه قبل الاستعمار كله، وهو تاريخ مجيد بكل المقاييس، إيمانا ومنعة ورخاء؛ فبعد الفتح الإسلامي تداولت على حكم البلاد دول لها صولة في الإدارة وجولة، لم تحد عن حكم الشريعة وتعاليمها قيد أنملة خلال اثني عشر قرنا، بدءا من عام ( 86ه /705م) وحتى العام (1245ه/ 1830م). الأمويون كانوا في طليعة الأخيار، فالعباسيون، فالرستميون، فالفاطميون، فبنو حماد، فالموحدون، فبنو زيان، فبنو مرين، فالعثمانيون. ثم حل بأرضنا الأشرار، حتى اندحروا بفضل الله تعالى، فأعقبهم خلف لم يقتفوا آثار أسلافهم إلا ظاهرا، وتشبهوا بأعدائهم باطنا، ولا أدل على ذلك من الموروث السياسي السائد في دواليب الحكم والإدارة الجزائرية اليوم، من علمانية، وتضييق على الشريعة الإسلامية.
فروق مهمة بين ثورتين خالدتين
بين حرب التحرير الجزائرية وحرب التحرير الأفغانية أوجه شبه واختلاف. فكلاهما شعب مسلم سني العقيدة والمذهب حتى النخاع، وكلاهما شديد الطباع صعب المراس، وكلاهما يحيا حياة بدوية ليس فيها ما يذم، وكلاهما تعرض لاحتلال غاشم لا رحمة فيه. ويزيد الأفغان على الجزائريين محنة تعرضهم لموجات متلاحقة من الغزاة، بدءا بالإنجليز، فالاتحاد السوفياتي البائد، ثم أعقبهم الأمريكان دهرا، ليولوا بعده أفغانستان هاربين. الجزائريون تعاملوا مع محتل وحيد هو الفرنسي، وما عداه من غزاة فكان شأنهم معه في التاريخ القديم لا الحديث.
أما أوجه الاختلاف بين الشعبين فهي مربط الفرس في الموضوع. الجزائريون قدموا لتحرير بلدهم مليونا ونصفه من الشهداء، في مدة سبع سنوات، وقاتلوا تحت راية معلق عليها بيان الفاتح من نوفمبر، ذي الصبغة الإسلامية جسدا وروحا، والذي نص على "إقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية ذات السيادة ضمن إطار المبادئ الإسلامية". بيد أن قادة من جيش التحرير لم يكونوا أوفياء للبيان بالإخلاص نفسه الذي كان عليه الشعب وكثير من قادة الولايات والمناطق، فاختلط الحابل بالنبل أثناء الحرب، ولم يُر أثر ذلك الخلل إلا بعد الاستقلال، حيث تنكبت فئة عن وعدها المقطوع للأمة وارتدت عن روحية بيان نوفمبر، وجلبت لشعبها مذاهب أجنبية لا تراعي أسس الدين والعقيدة كما قال العلامة محمد البشير الإبراهيمي (رحمه الله) في آخر بيان نشره قبل الممات وهو في الإقامة الجبرية "بعد الاستقلال"؛ فأقيمت- على أرض معطاء حباها الخالق سبحانه وتعالى كل شيء- دولة كأنها محتاجة إلى كل شيء؛ وتلكم هي أم المعضلات في الحياة الجزائرية الراهنة.
أما الأفغان، فقدموا لتحرير بلدهم ما يربو عما قدمه الجزائريون مدة وعددا، ولكن قادة الحرب لديهم كانوا أحرص الناس على نقاء الراية التي جمعوا الناس من حولها ونقاء سريرة الذين يمشون على دربها. وبدا أثر ذلك الحرص والإخلاص لاحقا في المفاوضات مع الغزاة رعاة الأبقار، فالأفغان لم يتنازلوا عن قيام الإمارة الإسلامية مهما كلفهم الأمر من أثمان، وكان لهم ما أرادوا. وباتوا اليوم أسعد الناس بالتضحيات، يمضون في بناء دولتهم على أسس متينة، لا تزال في مراحلها الأولى، لكنها مراحل طبيعية، تسلم لقيام دولة مسلمة عصرية، متحضرة حضارة من وحي الإيمان والسياسة الشرعية.
تجديد البيان
الشعب الجزائري يحتاج إلى نداء وطني من أجل تفعيل الإسلام في السياسة والحكم كنداء الفتح من نوفمبر لتصحيح مسار الدولة الجزائرية، لأن معضلة الجزائر تكمن ها هنا وليس في مكان غيره، وما عدا ذلك تفاصيل، تفاصيل شاردة في متاهات التبعية والتجريب والارتجال، وكلها آفات تنخر في كيان الدولة منذ الاحتلال الفرنسي للبلاد.
إن واجب التذكير بمعالم جمهورية جديدة في الجزائر، هي الأمل الوحيد الذي تبقى لأهلها من أجل دولة حديثة ذات سيادة في إطار المبادئ الإسلامية، تمتد بها الجذور إلى القائد الأمير عبدالقادر بن محيي الدين الجزائري،نداء سلمي يقوده أحرار الأمة، وليس أولائك الذين "يتحسّبون كثيرا" لموازين الربح والخسارة إن هم شاركوا فيه، والحق بين لا لبس فيه، فلكل جزائري الحق بأن يخاطب أي مسؤول في البلاد عن مصلحة الشعب كما يراها، فكيف إذا كانت المصلحة عليا، لها صلة بأمانة الله الكبرى، التي من أجلها خلق الإنسان.
قد لا تستطيع الكلمات حيلة ولا يهتدي صاحبها سبيلا في إبلاغ المعاني إلى المتلقي، فيكون من الكائنات الحية أصدق التعبير وأبلغ الأثر. ولكن للناس في قراءة تلك الرسائل مذاهب شتى؛ فمنهم اللبيب يلتقط المعاني من الإشارة، ومنهم من يحتاج إلى العبارة، ومنهم دون ذلك. وفي خضم هذه الآيات التي تترى في حياتنا المعاصرة، لتذكر الناس بالله قبل أن تنقضي الأعمار، تعاني بلادنا الجزائر من مكابرة سياسية شقت على البشر، كما شقت على الشجر والحجر، فكان لهذه المخلوقات تأوه وحنين.
في سير الصالحين من عباد الله بغية للمرء في الحياة، خاصة ممن كانت لهم في الأرض علامات. وإعادة النظر في ما صنعه هؤلاء من وعي لأمتهم يغني الخبرة في ما هو مؤمل من خير قادم بحول الله. لا أحد معصوم من النقد مهما علا شأنه إلا ساكن يثرب (عليه الصلاة والسلام).
لن تتعب نفسك طويلا عندما تقارن الطبقة السياسية في الجزائر بنظيراتها في الدول المحترمة، لتخلص على عجل إلى الفروق الصارخة فيما بينها قولا وعملا. وليت السياسيين الرسميين، ومن يحوم حماهم، لم يعدوا الأمة بإصلاح ما أفسدوه، هم والعصابة التي عاشروها طويلا طويلا.. لقد كان عرقوب لهم مثلا، وما مواعيدهم إلا الأباطيل. تلكم أخلاقيات سياسية، تحتاج إلى سياسات أخلاقية.
إن واجب التذكير بمعالم جمهورية جديدة في الجزائر، هي الأمل الوحيد الذي تبقى لأهلها من أجل دولة حديثة ذات سيادة في إطار المبادئ الإسلامية، تمتد بها الجذور إلى القائد الأمير عبدالقادر بن محيي الدين الجزائري، بعد طول شرود، وشقاء ومرود. هل ترانا سنسعد يوما بكرامة ذلك لو تحقق في الغد القريب، أم أن البون دونها أمسى بعيدا، والنضال في سبيلها بات عسيرا؟ يتركز جل اهتمام من يقارع الاستبداد السياسي على "شرعية" السلطة القائمة، قاصدا بذلك استمداد الحكم شرعيته من تفويض شعبي ديموقراطي، ونادرا ما يتعداه إلى التفكير في "مشروعية" ذلك الذي ينادي به. ونعني بـ"المشروعية" سلامة النظام السياسي من المخالفة الشرعية؛ لكون الشريعة محجة لا مزاح فيها مع مالك الإنسان والكون والحياة؛ وذلك ثقب أسود تعثر الآراء فيه، وعثرة الرأي تردي.