احتفالات اليمنيين بذكرى ثورة سبتمبر حضور شعبي وتباين في الرؤى.. ما دلالات الاحتفاء؟ (تحليل)
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
تباينت مظاهر الاحتفاء بالذكرى الـ61 لثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م في اليمن، والتي تعد اليوم الوطني للجمهورية اليمنية، وقضت على العهد الإمامي الذي حكم اليمن لقرون طويلة.
واحتفل اليمنيون هذا العام في ظل استمرار التحديات والمخاطر التي يعيشها البلد، الغارق في أزمة إنسانية، وصراع مسلح منذ تسع سنوات، جراء الانقلاب الذي نفذته جماعة الحوثي في الـ21 من سبتمبر 2014م، ثم الحرب التي شنتها السعودية في اليمن منذ مارس 2015م.
مظاهر احتفالية
وبدت مظاهر الاحتفاء بالثورة السبتمبرية هذا العام أكثر حضورا على المستوى الشعبي، والجماهيري، إذ جرى الاحتفاء بها في عدة مدن بالداخل، وعلى مستوى الجاليات في أكثر من دولة بالعالم، وتنوعت بين الفعاليات الفنية، والمهرجانات الكرنفالية، وإيقاد الشعلة، والعروض العسكرية.
وألقى الصراع الدائر في اليمن، والانقسام الراهن بظلاله على الاحتفال بهذه المناسبة، وسجلت المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، مثل مأرب وتعز مظاهر أعلى في عملية الاحتفاء بالثورة السبتمبرية، قياسيا بغيرها، فيما غابت المحافظات التي تخضع لسيطرة المجلس الانتقالي مظاهر الاحتفاء، بما في ذلك المجلس نفسه الذي قاطع المناسبة، ولم يتطرق لها من قريب أو بعيد، امتدادا للأجندة الانفصالية التي يحملها، والتي تعتبر المناسبة خاصة بما يصفه الشطر الشمالي من اليمن.
أما في مناطق جماعة الحوثي، فقد احتفل السكان هناك، ولكن بطريقة تلقائية وعفوية، تمثلت بالاحتشاد في مراكز بعض المدن، والمديريات، وعلى مستوى الشخصيات الاجتماعية، وكانت الأكثر دلالة وتأثير، جراء القبضة الأمنية لجماعة الحوثي، والتي بادرت للجم مظاهر الاحتفاء، وأطلقت النار على ناشطين، وصادرت كاميرا أحدهم في صنعاء أثناء بثه المباشر على فيسبوك تجمعا شبابيا، فيما وثق ناشطون مصادرة عناصر أمنية الأعلام الوطنية من السيارات والمارة، والتي بررتها قيادات في الجماعة لاحقا بأنها أعمال فردية لا تمثلها.
خطابات الثورة
وحضرت الخطابات في هذه المناسبة، والتي واكبت الذكرى، وتطرقت لها، وألقى رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي كلمة وصف بها جماعة الحوثي بالإماميين الجدد، معتبرا المعركة الدائرة اليوم في اليمن "ليست حربا أهلية، ولا إقليمية، ولا دولية، بل هي معركة بين الامامة والجمهورية، بين الحرية والعبودية، بين من يدعون الحق الإلهي في حكم اليمنيين، والشراكة الوطنية الواسعة".
كلمة العليمي هاجمت جماعة الحوثي، وذكرت بأفعالها، ودعت المواطنين لعدم الانصياع لها، ورفض مشروعها، معتبرا أنها تعد تذكير بالماضي السحيق، والخلافات الطائفية القديمة.
وخلت وكالة سبأ التي نشرت كلمة العليمي من أي تهان بالعيد الوطني للجمهورية اليمنية، من رؤساء الدول والملوك، كما هو معمول بروتوكوليا كل عام في هذه المناسبة الوطنية، فيما لم يصدر عن الأحزاب السياسية أي خطابات بهذه المناسبة، حتى كتابة هذه المادة.
أما جماعة الحوثي فقد ألقى رئيس مجلسها السياسي الأعلى والقيادي فيها مهدي المشاط كلمة بذكرى ثورة سبتمبر، لكنه خصصها للترويج لأجندة جماعته، ومهاجمة 26 سبتمبر، التي لم يصفها بالثورة، ممتدحا حقبة الحكم الإمامي لليمن، ومقللا من إنجازات الثورة السبتمبرية.
المشاط أبدى خطابه استغرابه مما وصفه الطريقة التقليدية الغريبة للاحتفال بالثورة كل عام، والتي قال إنها لم تكن سوى إفراغ للأيام الوطنية من جمالها وفروسيتها، معتبرا الاحتفالات السنوية المذكرة بالحقبة الإمامية كانت بمثابة خسارة كبيرة، ووأد للحقائق، وتسطيح للأطروحات، مضيفا بالقول: "لم نر بلدا واحدا يحول الاحتفالات الوطنية إلى مناسبات للتهريج والمزايدات ونشر الكراهية والأحقاد وتمزيق الذات الوطنية الواحدة مثلما يجري في اليمن منذ عقود".
وهاجم المشاط ذكرى الثورة، وقال "إن 61 عاما مضت من عمر اليمن لم نر الدولة اليمنية التي تليق بالإنسان اليمني الكريم"، في إشارة لحديث اليمنيين عن المنجزات التي تحققت منذ حدوثها، ودعا لمغادرة منطق الكراهية، وإعلان القطيعة مع كل الأنماط الفاشلة ونأخذ الجميل من كل عصر وتاريخ.
وعلى النقيض من الخطابين وجهت الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام كلمة بذات المناسبة ربطت بينها وبين الحقبة الإمامية، وقالت "من لم يعرف الإمامة عليه اليوم أن يشاهدها في جماعة الحوثيين، وظلمهم واستعلائهم على الشعب اليمني، وضراوتهم المعروفة تاريخيا في محاولتِهم إذلال شعبنا، وإفقاره وإعادته إلى عهود الظلام والعبودية التي تحرر منها بثورته السبتمبرية المجيدة"، مشيرة إلى أن "الحوثي اليوم يعيد التذكير بعهد أجداده، إنه يشرح بطريقة عملية كيف يفكر الإمامي، وكيف يحكم".
واستطردت: "لقد قدم الحوثي كل الأدلة التي تظهر قبح هذا المشروع، الذي دخل اليمن في غفلة من الزمن، وكان سببا أساسيا في تخلف بلادنا عن دول العالم، وفي تفكيكه".
واعتبرت كرمان ثورة سبتمبر بأنها "غيرت مجرى تاريخنا المعاصر، وأخرجت شعبنا من الظلمات إلى النور، ليست مجرد ثورة عابرة في تاريخنا"، مضيفة: "لقد كانت الجمهورية أهم إنجازات ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، ومثلت الجمهورية تعبيرا تاريخيا عن دولة اليمنيين، ومشروعهم الذي طال انتظاره".
دلالات الاحتفاء
تكشف مظاهر الاحتفاء بثورة سبتمبر حالة التململ من جماعة الحوثي، وازدياد حالة الاحتقان في مناطق سيطرتها، كما تشير إلى وعي شعبي يتنامى، وإلى تحول الثورة السبتمبرية لأرضية جامعة لمختلف الأطراف اليمنية، وكيف أصبحت مظاهر الاحتفاء استفتاء شعبيا على تدهور الأوضاع الراهنة، والطموح بتغير الأوضاع نحو الأفضل.
وبقدر ما أبان الاحتفال عن انقسام الأطراف اليمنية، بقدر ما أدى إلى عملية فرز واضحة لها، ونظرتها للقضايا الوطنية، ومدى الافتراق وفقدان الثقة الذي تعيشه.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: 26 سبتمبر ثورة 26 سبتمبر ثورة سبتمبر الثورة اليمنية الموقع بوست جماعة الحوثی ثورة سبتمبر فی الیمن
إقرأ أيضاً:
الإفراج عن «أبو عطاء».. تصعيد خطير للتعاون بين الحوثيين وتنظيم القاعدة فى اليمن
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
كشفت مصادر أمنية عن قيام جماعة الحوثي، المدعومة من إيران في شمال اليمن، بالإفراج عن أحد القيادات البارزة في تنظيم القاعدة وعدد من عناصر التنظيم من أحد سجونها.
يأتي ذلك في إطار خطة للتنسيق وتنفيذ عمليات مشتركة في المناطق الخاضعة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، وفي خطوة تمثل أحدث مرحلة من التعاون بين جماعة الحوثي المصنفة كمنظمة إرهابية وتنظيم القاعدة.
ووفقًا للمصادر؛ أفرجت جماعة الحوثي عن القيادي في تنظيم القاعدة «ع. م. ر» الملقب بـ«أبو عطاء»، مع مجموعة من عناصر التنظيم، من السجن المركزي في صنعاء، وذلك في إطار صفقة بين الطرفين لتنسيق وتنفيذ عمليات مشتركة، حيث يتسارع التعاون بين الحوثيين وتنظيم القاعدة.
وتشير المصادر إلى أن الصفقة تضمنت تسهيل عبور أبو عطاء وأفراد مجموعته من المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين إلى المحافظات الجنوبية التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، في إطار خطة لإطلاق هجمات إرهابية وتنسيق عمليات أمنية واستخبارية ولوجستية بين الطرفين.
وأكدت المصادر، أن أبوعطاء يُعد أحد القياديين في تنظيم القاعدة والمتورطين في الهجوم الانتحاري الذي استهدف قوات الأمن الخاصة "الأمن المركزي سابقًا" في ٢١ مايو ٢٠١٢ في ميدان السبعين بصنعاء، والذي أسفر عن مقتل ٨٦ جنديًا وضابطًا وإصابة العشرات.
وبحسب تقارير صحفية، تُعد هذه الصفقة جزءًا من سلسلة التعاون بين جماعة الحوثي وتنظيم القاعدة منذ عام ٢٠١٦، والتي شملت تبادل الأسرى بين الطرفين، وتطورت في الآونة الأخيرة إلى تنسيق أمني وتنظيم عمليات مشتركة.
من جانبها؛ اعتبرت الحكومة اليمنية قيام ميليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران، بإطلاق عناصر في تنظيم القاعدة، على رأسهم القيادي أبو عطاء، امتدادًا لتنسيق ميداني مستمر برعاية إيرانية، بهدف تقويض سيادة الدولة اليمنية وزعزعة استقرار اليمن والمنطقة، وتهديد المصالح الدولية.
وقالت الحكومة على لسان وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، إن استمرار هذا التحالف المشبوه يعزز من إعادة ترتيب الجماعات الإرهابية لصفوفها وتمكينها من استعادة قدراتها بعد الضربات الأمنية التي تعرضت لها منذ ٢٠١٥، وخلق بيئة خصبة للعنف والتطرف في اليمن.
مما يضع أمن الخليج العربي والأمن الإقليمي بأسره في دائرة الخطر، ويهدد استقرار طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، مع ما لذلك من تداعيات كارثية على الاقتصاد العالمي.
ودعا «الإرياني» المجتمع الدولي، لتحمل مسئولياته القانونية والأخلاقية في التصدي لتهديدات ميليشيا الحوثي الإرهابية المرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش، مؤكدًا أن تساهل المجتمع الدولي مع هذا التنسيق الخطير يعكس تقديرًا خاطئًا لحجم الخطر والتهديد الذي قد يدفع العالم ثمنه باهظًا.
وطالب «الإرياني» المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات حازمة للتصدي لهذه التهديدات، عبر تجفيف موارد ميليشيا الحوثي والشروع الفوري في تصنيفها كمنظمة إرهابية عالمية، وندعو لدعم جهود الحكومة اليمنية في استعادة سيطرتها على كامل أراضيها وتعزيز قدراتها لمكافحة الإرهاب والتطرف بجميع أشكاله وصوره.
وكان تقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة، والمقدم لمجلس الأمن في ١١ أكتوبر ٢٠٢٤، أشار إلى أن التحالف الانتهازي بين الطرفين، يتميز بالتعاون في المجالين الأمني والاستخباري، وقيامهما بتوفير ملاذات آمنة لأفراد بعضهما البعض، وتعزيز معاقلهما وتنسيق الجهود لاستهداف القوات الحكومية.
وحذر التقرير من عودة تنظيم القاعدة إلى الظهور بدعم من ميليشيا الحوثي بعد تعيين التنظيم قائد جديد يدعى سعد بن عاطف العولقي.
وتحدث التقرير عن تنسيق الطرفين عملياتهما بشكل مباشر منذ بداية العام ٢٠٢٤، وقيام الحوثيين بنقل طائرات مسيرة إضافة لصواريخ حرارية وأجهزة متفجرة وتوفير التدريب لمقاتلي تنظيم القاعدة.