علماء وقانونيون لـ «العرب»: المحامون ليسوا دعاة طلاق.. ودورهم كبير في الإصلاح الأسري
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
د. أحمد الفرجابي: على المحامين أن يشترطوا في «الإصلاح» ما يحتاجونه من أموال.. وأن يبدوا الحقائق دون نقصان
زينب محمد: غياب بعض مكاتب المحاماة عن الإصلاح الأسري لا يعني أن الجميع من أنصار «هدم البيوت»
محمد الهاجري: الصورة المأخوذة عن اللجوء للمحامين وما يترتب عليه من مشكلات ليست صحيحة
أكد عدد من العلماء والمحامين أن مكاتب المحاماة لها دور كبير في الإصلاح الأسري، وأن الكثير منهم يحرصون على الإصلاح بين الزوجين قبل الوصول إلى الطلاق، ولا يدفعون في اتجاه تطليق الزوجة، إلا بعد استيفاء خطوات الإصلاح بين الزوجين.
وأشاروا في تصريحات لـ «العرب» إلى أن هناك صورة خاطئة يتخذها البعض بأن المحامين يسعون إلى الوصول إلى الطلاق طمعاً في تحقيق مكسب مادي أو معنوي، وأن هذه الصورة خاطئة، فالكثير منهم يحرصون على إحالة الزوجين إلى مكتب التصالح الأسري التابع للمجلس الأعلى للقضاء، وغيرها من الخطوات التي تسهم في حل المشكلات الأسرية قبل الوصول إلى الطلاق.
وطالبوا بضرورة اتخاذ المزيد من الخطوات للحد من الطلاق في المجتمع، كتنظيم دورات للمقبلين على الزواج، ليتعرفوا بصورة أقرب على الحياة الزوجية وما يتطلب منهم، مشيرين إلى أن مثل هذه الدورات حققت نجاحاً في الكثير من الدول، مشيدين بدور مكتب الإصلاح الاسري في حل الكثير من المشكلات قبل وصولها إلى الطلاق.
ودعا الشيخ الدكتور أحمد الفرجابي، المستشار الأسري والتربوي، المحامين أن يكونوا مصلحين وأن يقصدوا وجه الله تعالى بتقريب وجهات النظر، وقال د. الفرجابي: فما كتبه الله لهم من رزق سيأتيهم، وأود أن أقول أن من حق المحامي أن يدافع عن الطرف المظلوم، لأن الإنسان من حقه أن يتخذ من يتكلم بحجته، ولكن في هذه الحالة عليه أن يتحرى الصدق، وأن يحرص دائماً على ألا يتجاوز ذلك.
وأضاف: الإشكال ليس في أن أدافع عن امرأة لا تعرف أن تتكلم أو زوج لا يعرف كيف يورد حجته، فهذا ليس إشكالا، ولكن الحرمة تدخل حينما يزيد في الكلام بما هو ليس حقيقيا أو يلقن المحامي موكله بغير الحقيقة، أو أن تكتم الزوجة ما خلق الله في رحمها من الحمل، وهو ما نهى الله سبحانه وتعالى عنه، أو أن يطلب من موكله تحريف الكلام، فهذا يدخل في الحرمة مباشرة ولا يُقبل من الناحية الشرعية.
وأردف: نتمنى أن يكون دور المحامين دائماً هو الإصلاح ومراعاة مصلحة الأسرة، ولهم أن يشترطوا في مشروع الإصلاح ما يحتاجونه من أموال، كأن يقول في بداية القضية أنه سيحصل على مبلغ بعينه، وبعد ذلك يبدأ في النصح، فإن رفض الزوجان الصلح وطلبا الانفصال، فعلى المحامي أن يبدي الحقائق كما هي دون زيادة أو نقصان، وبهذه الطريقة يكون محاميا مسلما أدى ما عليه.
وأكد على أن دور المحامين أساسي، فما كل الناس يستطيع أن يوضح حجته، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله «إنَّما أنا بَشَرٌ وإنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ، ولَعَلَّ بَعْضَكُمْ أنْ يَكونَ ألْحَنَ بحُجَّتِهِ مِن بَعْضٍ، فأقْضِي علَى نَحْوِ ما أسْمَعُ، فمَن قَضَيْتُ له مِن حَقِّ أخِيهِ شيئًا، فلا يَأْخُذْهُ فإنَّما أقْطَعُ له قِطْعَةً مِنَ النَّارِ»، وأن خطورة المحاماة تقع عندما يكون هناك كذب أو تحريف للحقائق أو تحريض على الشر أو مبالغة في الأموال التي يحصل عليها، فكلها أمور إن راعاها فإن عمل المحامي يكون عملا مبرورا ومقبولا، لأنه ينبغي أن ندافع عن الضعيف، وأن نتكلم بلسانه وأن ننصره ونشهد له.
وقال د. الفرجابي: أحيانا يحصل تنسيق بين المحامين في بعض الأمور لنصح الزوجين، وفي أحيان أخرى يكون الأمر عبارة عن تحد، يحاول أن يظهر فيه كل محام قدراته في كسب القضية سواء بالحق أو الباطل، فيمكن أن يقوم المحامي بالنصح، خاصةً في حالات وجود أطفال، فإن أصروا على الانفصال فعليه أن يبرز الحقائق دون زيادة أو نقصان.
وأشاد بجهود الجهات الرسمية، سواء كان «وفاق» أو الإصلاح الأسري أو العاملين في التحكيم، والتي كان لها أثر كبير جداً في بث الوعي بين الأزواج ومساعدتهم على إدارة الخلاف الزوجي.
وأضاف: الخلاف بين الزوجين لابد أن يحدث، ولكن كيف ندير الخلاف ونستفيد من المشاكل، فهي تقوي الصلات، حتى أن الشيخ جاسم المطوع ألف كتابا عن «فوائد المشاكل الزوجية»، فهي تكسب العلاقة الزوجية ما يشبه التحصين الطبي والمناعة، فإذا أحسنا إدارة المشاكل فإنها تقوي العلاقة.
وتابع: الجهات الرسمية تسعى للإصلاح الاسري، حتى أن الجهات القضائية تحيل القضايا الأسرية للمحكمين والاستشاريين، ونريد أن يكون المحامي جزءا من هذه الأدوار الكبيرة في السعي للإصلاح أولاً فإن تعذر الإصلاح فعليه أن ينصر الطرف الذي جاءه ولكن بالحق بأن يظهر الحقائق دون أي تزييف أو زيادة عليها أو نقصان.
قالت المحامية زينب محمد إن مكاتب المحاماة لها دور جوهري في الإصلاح الأسري، وأن غياب بعض المكاتب عن هذا الدور لا يعني أن الجميع باتوا من أنصار «هدم البيوت» طمعاً في انتصار بقاعات المحاكم، فإصلاح المحامي للعلاقة بين الزوجين أولى من هدم الأسرة، خاصةً لما يترتب على الطلاق من نتائج كارثية على المجتمع ككل.
وأضاف: مهنة المحاماة شأنها شأن أي مهنة بالعالم، كالطب والهندسة والاعلام، وغيرها من القطاعات التي قد تجد فيها من يزن كل الأمور بميزان العقل والضمير، ومن يتعامل بمنطق «ميكافيلي» لا يكترث إلا بما يحققه من نجاح، حتى وإن كان على حساب الاخرين.
وتابعت: نظرة المجتمع إلى التقاضي على أنه الخطوة الأخيرة، وليس بعدها سوى الطلاق أمر خاطئ، فحتى السادة القضاة يُقدمون احتمالات التصالح على طلاق الزوجين، وينشدون الصلح بينهما، لذا يحرصون على منحهم الفرصة كاملة من أجل إعادة حساباتهم، كذلك فإن المحامين إن وجدوا أن أسباب الطلاق واهية يدعون إلى إعادة التفكير في الأمر، وإلى التريث في طلب الطلاق.
وأكد على أن الكثير من المحامين يتعاملون مع مكتب التصالح الاسري التابع للمجلس الأعلى للقضاء، حيث يحرصون على التواصل مع مسؤولي المكتب من أجل عرض الحالات الأسرية التي ترد لهم، وكيف يمكن أن يسهم المكتب في حلها دون الوصول إلى الطلاق.
وأشار إلى أن الطلاق يعد من المشكلات التي يعاني منها المجتمع، وأن ارتفاع نسبته في الآونة الأخيرة له الكثير من الأسباب، والتي يجب أن يتكاتف كل أفراد المجتمع في مناقشتها وحلها، لأن الأسرة هي نواة للمجتمع وصلاحها يمثل ضرورة لتحقيق الاستقرار المجتمعي.
وأكد المحامي محمد ماجد الهاجري أن الكثير من العاملين بمكاتب المحاماة حريصون على أن يسهموا في الإصلاح الأسري، من منطلق انساني في المقام الأول، نظراً لما يترتب على الطلاق من نتائج تصل إلى هدم الأسرة بصورة كلية وتأثر مستقبل الأبناء.
وقال الهاجري: المحامون ليسوا «هادمي أسر»، وأن الصورة التي يأخذها البعض عن اللجوء للمحامين وما يترتب عليه من مشكلات ليست صحيحة، ويشارك في صنعها في بعض الأحيان الأعمال التليفزيونية والسينمائية التي يشاهدها البعض، فالمحامي لن يسعى لهدم أسرة لأجل تحقيق مكسب مالي أو معنوي، فهذا الأمر كفيل بأن يُشعر كل صاحب ضمير بالرفض التام.
وأضاف: مع زيادة حالات الطلاق في المجتمع القطري، ولجوء الكثيرين إلى المحامين لإنهاء الإجراءات القانونية، زادت القضايا المتعلقة بشؤون الأسرة ومنها قضايا الطلاق، وهذا الأمر لا يختلف عن قضايا الشيكات بالنسبة للمحامي، فهي أيضاً زادت في الآونة الأخيرة، وتزيد في الكثير من المجتمعات ذات الدخول المرتفعة، فهل المحامون مسؤولون أيضاً عن زيادة قضايا الشيكات.
ونوه الهاجري إلى أن الخطوة الأولى التي يقوم بها المحامي بعد طلب أحد الزوجين إتمام إجراءات الطلاق هي محاولة التواصل مع الطرف الآخر، والوصول إلى الصلح بين الطرفين، ثم التواصل مع مكتب التصالح الأسري، والذي يقوم بجهد متميز في الإصلاح بين الأزواج والزوجات، وبعض المحامين يسعون للتواصل مع الأهل من أجل حل القضية قبل اللجوء للحل النهائي الذي أحلته الشريعة الإسلامية وهو الطلاق، الذي يكون في بعض الأحيان أفضل من مكوث الزوجين معاً.
وطالب بضرورة مشاركة المقبلين على الزواج في دورات إعداد قبل الزواج، الأمر الذي يعرفهم بما عليهم من مسؤوليات وواجبات، وكيفية حل المشكلات الزوجية بينهم دون اللجوء إلى الأسرة الممتدة أو القضاء، مشيراً إلى أن هذه الدورات حققت نجاحاً كبيراً في بلدان أخرى، وساهمت في الحد من انتشار حالات الطلاق.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر الإصلاح الأسري الطلاق بین الزوجین الکثیر من على أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
مؤتمر مجمع البحوث الإسلامية بأسوان يستعرض ظاهرة تفشى الطلاق بالمجتمع
قام وفد مجمع البحوث الإسلامية برئاسة الدكتور محمد الجندى الأمين العام للمجمع بتنظيم مؤتمر للتوعية المجتمعية بعنوان (ظاهرة تفشى الطلاق، عقب لقاؤهم بمحافظ أسوان اللواء دكتور إسماعيل كمال لبحث سبل تكثيف العمل الدعوى، وإستعراض الدور التوعوى الذى يقوم به وعاظ وواعظات الأزهر الشريف بمختلف مدن ومراكز المحافظة.
وذلك بالتنسيق والتعاون مع جامعة أسوان ومديريات الأوقاف والتربية والتعليم والشباب والرياضة والتضامن والثقافة والصحة وفرع المجلس القومى للمرأة بالإضافة على عدد من مؤسسات المجتمع المدنى والجهات المعنية.
وقد أكد الدكتور إسماعيل كمال على أهمية هذه الموتمر التوعوى ودوره فى بحث ومناقشة الحلول الإيجابية لمواجهة القضايا والتحديات المجتمعية الحالية.
مشيداً بالجهود المتميزة لمجمع البحوث الإسلامية والأزهر الشريف بقيادة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب لأداء رسالته السامية لنشر الوسطية والفكر الصحيح المعتدل.
وقد شملت فعاليات المؤتمر التوعوى عرض حزمة من المبادرات الاجتماعية والأخلاقية التى يطلقها الأزهر الشريف لتنمية القيم والإرتقاء بها والحفاظ على كيان الأسرة والمجتمع.
بالإضافة عن إلقاء عدد من الكلمات والمحاضرات المتخصصة التى تسلط الضوء على قضية الطلاق وبحث أسبابها وأثارها الإجتماعية المترتبة، فضلاً عن تقديم النصائح وأساليب العلاج للحد من إنتشار ظاهرة الطلاق حفاظاً على الأسرة بإعتبارها نواه للمجتمع.