«وتقلبك في الساجدين».. هل تعني أن النبي من سلالة لم تعرف الكفر؟
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
«وتقلبك في الساجدين» هل تعني أن النبي من سلالة لم تعرف الكفر؟، سؤال أفرد له العلماء والمفسرون الحديث ضمن كتبهم وذلك في تفسير قوله- تعالى-: «وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ»، حيث سلط الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء الضوء على الآية الكريمة.
المقصود بقوله تعالى وتقلبك في الساجدينوقال علي جمعة من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” تحت عنوان:(المولد العليّ)، إن للشريعة الإسلامية الغراء، مزيد إشادة واعتناء، بشرف منبت خير الأنبياء وسيد الأصفياء؛ تأكيدًا على أن أصول المصطفى من ذوي الاصطفاء، وأن آباءه وأمهاته وأجداده من أهل الاجتباء، جعلهم الله من المصطفَيْنَ الأخيار، والمجتبَيْنَ الأطهار، ليؤهلهم لحمل نور نبوة المختار، من أصلاب آبائه الكرام الأبرار، إلى أرحام أمهاته ذوات الأنوار، فهم أهل المجد والشرف والفخار، عبر الأجيال والعصور، وذلك بالأدلة المتواترةٍ، والبراهين القاطعة الباهرة، من الآيات القرآنية الواضحة الظاهرة، والأحاديث النبوية المتكاثرة، التي هي لذلك مؤيدة ناصرة.
ماهو الواجب نحو النبي؟ داعية تكشف الحقوق الواجبة له المولد النبوي 2023.. وكيل الأزهر: ميلاد النبي كان بذرة الخير ونبراس الهداية
وبين قول البرهانُ إبراهيمُ الباجوريُّ شيخُ الإسلام، العلامةُ الإمام، بلّغه الله أعلى مقام: «جميع آبائِه وأمهاتِه صلى الله عليه وآله وسلم ناجون، ومحكومٌ بإيمانهم، لم يدخلهم ڪفرٌ ولا رجسٌ ولا عيبٌ ولا شيءٌ مما كان عليه الجاهلية؛ بأدلة نقلية؛ كقولِه تعالى: {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ}، وقولِه صلى الله عليه وآله وسلم: «لَمْ أَزَلْ أَنْتَقِلُ مِن الْأَصْلَابِ الطَّاهِرَاتِ إِلَى الْأَرْحَامِ الزَّاكِيَاتِ»، وغيرِ ذلك من الأحاديثِ البالغةِ مبلغَ التواتر».
ما زالَ نورُ المصطفى مُتنقِّلا .. في الطيبينَ الطاهرينَ ذوي العُلا
حتى لعبد الله أوفى مُعلِنًا .. وببطنِ آمنةٍ بدا مُتهلِّلا
فهم الساجدون الذين قال الله فيهم: {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ}.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: «أي: تقلبك من أصلاب طاهرة مِن أبٍ بعدَ أبٍ إلى أن جعلتُك نبيًّا، وقد كان نورُ النبوة في آبائه ظاهرًا».
تنقَّل أحمدٌ نورًا مبينا .. تلألأ في جباه الساجدينا
تقلَّب فيهمُ قرنًا فقرنًا .. إلى أن جاء خير المرسلينا
كما أنهم هم المصطفَوْنَ الأخيار، الذين افتخَرَ بالانتساب إليهم المختار، ومحالٌ أن يفتخر بأحدٍ من الكفار؛ فقد نهى عن عُبِّـــيّةِ الجاهلية - تكبُّرَها وتجبُّرَها - التي يُمَجَّدُ فيها آباءٌ هم فحمُ النار - قال صلى الله عليه وآله وسلم: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَفْتَخِرُونَ بِآبَائِهِمُ الَّذِينَ مَاتُوا إِنَّمَا هُمْ فَحْمُ جَهَنَّمَ، أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللهِ مِنَ الجُعَلِ الَّذِي يُدَهْدِهُ الخِرَاءَ بِأَنْفِهِ، إِنَّ اللهَ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالآبَاءِ، إِنَّمَا هُوَ مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ، النَّاسُ كُلُّهُمْ بَنُو آدَمَ، وَآدَمُ خُلِقَ مِنْ تُرَابٍ» - ، وقد افتخر بآبائه وأخبر أنهم خيارُ الأخيار، فعلمنا بذلك أنهم السادة الأبرار، والكُمّل الأطهار، في سائر الأعصار.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «بُعِثْتُ مِنْ خَيْرِ قُرُونِ بَنِي آدَمَ، قَرْنًا فَقَرْنًا، حَتَّى كُنْتُ مِنَ القَرْنِ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ».
وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ» ، وفي لفظ: «وَاصْطَفَى مِنْ بَنِي هَاشِمٍ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ».
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «خَيْرُ الْعَرَبِ مُضَرُ، وَخَيْرُ مُضَرَ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ، وَخَيْرُ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ بَنُو هَاشِمٍ، وَخَيْرُ بَنِي هَاشِمٍ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَاللهِ مَا افْتَرَقَ فِرْقَتَانِ مُنْذُ خَلَقَ اللهُ آدَمَ إِلَّا كُنْتُ فِي خَيْرِهِمَا».
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: النبي الدكتور علي جمعة المولد النبوي المولد النبوي الشريف ه صلى الله علیه وآله وسلم ب ن ی ه اش م رضی الله
إقرأ أيضاً:
لماذا كان الرسول يقرأ السجدة والإنسان في فجر الجمعة؟.. حكم التكاسل عنهما
لماذا كان الرسول يقرأ السجدة والإنسان في فجر الجمعة؟.. سؤال يشغل ذهن كثير من الناس، خاصة فيما يتعلق بسنن يوم الجمعة التي كان يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم.
ويوم الجمعة من خير أيام الأرض وأعظمها منزلة في الإسلام، فهو خير يوم طلعت عليه الشمس، وفيه ساعة إجابة لذلك نسلط في التقرير التالي الضوء على سؤال لماذا كان الرسول يقرأ السجدة والإنسان في فجر الجمعة؟، وكيف نتقرب إلى الله في هذا اليوم.
لماذا كان الرسول يقرأ السجدة والإنسان في فجر الجمعة ؟كان مِن سُنَّن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي صلاة الصبح يوم الجمعة بسورتي السجدة والإنسان؛ فقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الجُمُعَةِ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ، وَهَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ».
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ السورتين كاملتين، ولم يكن يختار آية السجدة وما حولها من آيات كما يفعل بعض الناس اليوم، ولا أدري ما الذي جعل الناس تعتقد أن المراد بقراءة سورة السجدة هي آية السجدة تحديدًا! إنما السُّنَّة أن نقرأ سورة السجدة كاملة في الركعة الأولى، ثم نقرأ سورة الإنسان كاملة في الركعة الثانية، ولا حُجَّة لمن يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يُطَوِّل في صلاته بالناس. لأن التطويل أو التخفيف أمر نسبي، والمعيار الدقيق له هو سُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي في فجر الجمعة تكون كما وضَّحنا.
أما لماذا اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم هاتين السورتين لفجر يوم الجمعة؟ فهذا لم تُصَرِّح به الأحاديث؛ ولعلَّه لأنه جاء في السورتين ذِكْرُ خَلْقِ الإنسان، وقيام الساعة، ودخول الجنة، وكلها أمور حدثت أو تحدث في يوم الجمعة؛ وذلك لما رواه مسلم عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلاَ تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ».
فلْنحرص على هذه السُّنَّة، وأن لا نلوم أو نعتب على مَنْ قرأ بالسورتين بدعوى أنه أطال؛ بل نُشَجِّعه وندعمه، ولْنتدبَّر في معانيهما؛ ففيهما من الخير الكثير.
لماذا كان الرسول يقرأ السجدة والإنسان في فجر الجمعة ؟تقول دار الإفتاء المصرية في بيانها فضل سورتي السجدة والإنسان في صلاة الفجر يوم الجمعة ، إنها من السنن التي كان يفعلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما ورد ذلك في "الصحيحين"، بل وجاء في رواية الطبراني أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يُديم ذلك، وهذا يدفع اعتراض مَن ينكر المداومة على ذلك أو من يدعي أن من السنة ترك السنة؛ فإن هذا كلام غير صحيح على عمومه، ولو فُهِم على ظاهره لكان تناقضًا؛ إذ حقيقة المستحب والمندوب والسنة هو ما أُمِر بفعله أمرًا غير جازم؛ فهو مأمور به وليس بمستحبٍّ تركُه أصلًا، بل المستحبُّ تركُه إنما هو المكروه الذي نُهِيَ عن فعله نهيًا غير جازم، فصار تركُه لذلك مستحبًّا.
وتابعت الإفتاء أنه قد كان فعل الصحابة رضي الله عنهم على خلاف هذه المقولة؛ فكانوا يتعاملون مع المستحب والمندوب من سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكَأَنّه واجب، فيداومون على فعله ويتلاومون على تركه؛ حرصًا منهم على التأسي بالحبيب صلى الله عليه وآله وسلم في كل صغيرة وكبيرة من أفعاله الشريفة، حتى كان بعضهم يتأسى بأفعاله الجِبِلِّيَّة صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد روى ابن أبي شيبة في "المصنَّف" عن الشعبي رحمه الله تعالى أنه قال: "ما شهدت ابن عباس قرأ يوم الجمعة إلا بـتنزيل وهل أتى".
وشددت: لعل مقصود من قال ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يترك بعض المستحبات خوفًا من أن تفرض على أمته، أو يظن الناس أنها واجب، وأن العالم والمقتدى به قد يفعل ذلك لنفس الغرض، وذلك من باب سد الذرائع، كما يقوله بعض العلماء من المالكية وغيرهم.
ولفتت إلى أن التحقيق أن التوسع في باب سد الذرائع غير مَرضِيٍّ، وقد يُتَصَوَّر هذا قبل استقرار الأحكام، أما بعد استقرارها وتميز المستحب من الواجب فلا مدخل لهذه المقولة، ولا مجال للأخذ بها، فضلًا عن أنَّ هذه السنة بخصوصها ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم المداومة عليها، ولا يصح أن يُجعَل سدُّ الذرائع وأمثال هذه المقولات حاجزًا بين الناس وبين المواظبة على سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد قال أهل العلم: سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أولى بالاتباع على كل حال.