ما بعد الخروج.. ماذا ينتظر الأرمن الفارين من قره باغ؟
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
في ظل موجة فرار الأرمن من إقليم ناغورني قره باغ باتجاه أرمينيا بعد الهجوم الأذربيجاني الخاطف وسيطرتها على المنطقة، تزداد التكهنات بحدوث موجة نزوح جديدة بالقارة العجوز.
ووصل مئات من سكان هذه المنطقة، معظمهم نساء وأطفال ومسنون، إلى مركز إيواء أقامته الحكومة الأرمينية في كورنيدزور عند الحدود الأرمينية الأذربيجانية.
وفي مدينة غوريس، يعج المركز الإنساني الذي أُقيم في مبنى مسرح البلدية باللاجئين، منذ مساء الأحد، حسبما أفاد مراسل وكالة فرانس برس.
وطوال الليل، تدفق نازحون ليسجلوا أسماءهم وللعثور على مسكن أو وسيلة نقل باتجاه مناطق أخرى في أرمينيا.
ورجح المحلل السياسي المقيم في أرمينيا، كارنيك ساركيسيان، حدوث موجة نزوح كبير من جراء الأحداث الجديدة في الإقليم المتنازع عليه بين باكو ويريفان.
مجزرة أم مخاوف غير مبررة؟وفي حديثه لموقع الحرة، أرجع ساركيسيان ذلك إلى أن "الأرمن لا يؤمنون بالضمانات التي تقدمها الحكومة الأذربيجانية"، مضيفا: "الأرمن غير مستعدين للتعرض لمجزرة جديدة".
أما أحمد عبده طرابيك، الباحث في شئون آسيا الوسطي والقوقاز، فأشار في حديثه مع موقع الحرة إلى "مخاوف غير مبررة ومبالغ فيها لدي السكان الذين يقطنون الإقليم من أصول أرمينية من أنهم سوف يتعرضون لمذابح وعمليات تطهير عرقي من قبل السلطان الأذربيجانية عند دخولها الإقليم".
وأشار المحلل إلى أن أذربيجان تعهدت "بأن يكون هؤلاء مواطنين أذربيجانيين لهم نفس الحقوق والواجبات بحسب الدستور والقانون، وقد صرح بذلك الرئيس ووزير الخارجية، لكن هناك جماعات أرمينية لها حسابات سياسية تعمل علي إثارة الذعر والمخاوف لدي هؤلاء السكان وهو ما يجعلهم يفرون من الإقليم في الوقت الراهن".
وفر آلاف اللاجئين من المنطقة إلى أرمينيا، الاثنين، رغم الوعد الذي كرره رئيس أذربيجان، إلهام علييف، بأن حقوق الأرمن الذين سيبقون في هذا الجيب الذي سيطر عليه الجيش الأذربيجاني، الأسبوع الماضي، ستكون "مضمونة".
وأكد علييف، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التركي، رجب طيب إردوغان، أن سكان الإقليم "بغض النظر عن انتمائهم الإتني، هم مواطنون أذربيجانيون. وستضمن الدولة الأذربيجانية حقوقهم".
ويبلغ عدد سكان الإقليم المتنازع عليه بين أذربيجان وأرمينيا 120 ألف نسمة، أغلبهم من عرقية الأرمن.
والأحد، أعلنت سلطات ناغورني قره باغ أن المدنيين الذين شردتهم أعمال العنف الأخيرة سينقلون إلى أرمينيا بمساعدة جنود حفظ سلام روس ينتشرون في المكان منذ الحرب السابقة بين الطرفين في عام 2020.
ويأتي ذلك بعد نزاع لم يستمر سوى 24 ساعة بين القوات الأذربيجانية والقوات الانفصالية في الإقليم المتنازع عليه.
مستقبل اللاجئينوعن مستقبل اللاجئين الفارين إلى أرمينيا، قال المحلل السياسي ساركيسيان إن "سلطات أرمينيا لا تستطيع الرفض وبالتأكيد سيحصلون (الفارون إليها) على الجنسية" الأرمينية.
بينما توقع طرابيك أن تسبب هذه الموجة "عبئا كبيرا لا تستطيع أرمينيا تحمله وحدها".
وكان رئيس وزراء أرمينيا، نيكول باشينيان، صرح، الجمعة، بأن السلطات أعدت أماكن لاستيعاب 40 ألفا على الأقل، من بين 120 ألف هم عدد سكان الإقليم.
وأضاف أنه "إذا لم تتهيأ ظروف المعيشة الحقيقية للأرمن في ناغورني قرة باغ، والآليات الفاعلة للحماية من التطهير العرقي، فالاحتمال يتزايد بأن الأرمن سيطردون من أرضهم باعتبار أن هذا السبيل الوحيد للخلاص".
ويشرح طرابيك أن العدد الذي ذكره رئيس الوزراء، وهو 40 ألفا، يعني حوالي ثلث عدد سكان الإقليم، ومن ثم فإن زيادة أكثر من ذلك العدد سوف "تسبب مشكلات اجتماعية واقتصادية كبيرة لدي أرمينيا التي لا يزيد عدد سكانها عن 3 ملايين نسمة، مع ضعف الموارد الاقتصادية".
ويوضح أن تصريحاته تشير إلى أن الحكومة الأرمينية جهزت مساكن مؤقتة أو مخيمات لإقامة 40 ألف شخص فقط، إلى جانب توفير متطلباتهم من الغذاء والخدمات الصحية والتعليمة والاجتماعية وغيرها".
ويرى المحلل أنه سيكون بمقدور الأرمن الذين هاجروا من أرمينيا واستوطنوا في الإقليم العودة إلي بيوتهم وأرضهم التي تركوها في أرمينيا، وهم بالطبع مواطنون أرمن ويحملون الجنسية الأرمينية.
أما الأرمن الذين جاءوا إلى الإقليم من دول أخري سواء من سوريا أو من غيرها، فإن بإمكانهم العودة إلي الدول التي أتوا منها، أو البقاء في أرمينيا، وهذا ما تحدده الحكومة الأرمينية.
ويشير إلى أن السكان الأذربيجانيين من أصول أرمينية، أو "أرمن أذربيجان"، وهم الذين كانوا يعيشون في الإقليم قبل الحرب الأولي، هم الذين لهم حق لهم البقاء في الإقليم والحصول علي الجنسية الأذربيجانية.
وتعهدت أذربيجان بالسماح للقوات الانفصالية بالانتقال إلى أرمينيا شريطة تسليم أسلحتها.
ومع ذلك، يعتقد ساركيسيان أن "المقاومة" في الإقليم ستكون مستمرة، حيث "سيبقى رجال في الجبال للدفاع عن أراضيهم"، موضحا أن "أزمة الإقليم لن تنتهي".
وقال ساركيسيان إن الصراع في ناغورني قره باغ "ليس من الحوادث التي يمكن حصرها في زمن محدد وجغرافية محددة، بل من الممكن أن يمتد".
أما طرابيك فيوضح أنه تم عقد لقاء يوم 21 سبتمبر في مدينة يفلاخ الأذربيجانية، وفي يوم 25 سبتمبر تم عقد اللقاء الثاني في مدينة خوجالي بين ممثلي الأرمن في الإقليم وممثلين عن الحكومة الأذربيجانية لمناقشة الخروج الآمن، وغيرها من الموضوعات التي تخص سكان الإقليم، والتحضير لدمج الإقليم وسكانه مع المجتمع الأذربيجاني.
وقال إنه "ليس من مصلحة أذربيجان اضطهاد السكان من أصول أرمينية، لأن أذربيجان تسعي إلي توقيع اتفاق سلام مع أرمينيا".
ويشير، في هذا الصدد، إلى اجتماع متوقع بين رئيس أذربيجان، ورئيس وزراء أرمينيا، يوم 5 أكتوبر في مدينة غرناطة الأسبانية بحضور الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني، أولاف شولتس، ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، لمناقشة وضع سكان الإقليم من أصول أرمينية، والحصول على تعهدات أذربيجانية بضمان حقوق هؤلاء السكان.
الأرمن يغادرون قره باغ.. أبعاد أزمة إنسانية وتغيير "توازن دقيق" عمره عقود عاد اسم ناغورني قرة باغ إلى الظهور مجددا بعد تجدد الصراع في الإقليم الذي امتد لعقود من الزمانومنطقة ناغورني قره باغ متنازع عليها منذ عقود، وهي جيب في القوقاز ألحقه الزعيم السوفيتي ستالين بأذربيجان عام 1921، ومُنح الحكم الذاتي في العام 1923.
وكان الإقليم مسرحا لحربين بين الجمهوريتين السوفياتيتين السابقتين أذربيجان وأرمينيا: واحدة من 1988 إلى 1994 أسفرت عن وقوع 30 ألف قتيل، والأخرى في خريف 2020 وسقط خلالها 6500 قتيل في ظرف 6 أسابيع فقط.
وهذه المرة، انتهت العملية العسكرية الأذربيجانية في 24 ساعة، إذ لم تكن القوات الانفصالية بثقل باكو نفسه، ورفضت يريفان زج قواتها في نزاع جديد في هذه المنطقة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: ناغورنی قره باغ سکان الإقلیم إلى أرمینیا فی أرمینیا فی الإقلیم عدد سکان فی مدینة إلى أن
إقرأ أيضاً:
مأساة «20 يناير الأسود»هي صفحة من صفحات المجد والشجاعة في تاريخ أذربيجان الحديث
بقلم : معتز محي عبد الحميد ..
هناك الكثير من الكوارث في تاريخ الامم والشعوب سجلت بحروف سوداء ولكن مذبحة باكو التي ارتكبتها القوات السوفيتية لها طبيعة خاصة وكارثيه من نوع غير عادي حيث قتل العديد من الأبرياء المدنيين ووقعت هجمات إرهابية ومذابح وإبادة جماعية.
في تلك الليلة من يوم العشرين من يناير عام 1990 عندما هاجم 26 ألف جندي من الجيش الأحمر السوفيتي معظم جنوده من الأرمن هجوما عسكريا على عاصمة أذربيجان مدينة باكو بلا سابق إنذار وبدون إعلان لحالة الطوارئ.
حيث باتت دماء الأبناء والبنات و الاطفال الأبرياء من الشعب فجر ذلك اليوم تسيل في شوارع العاصمة باكو وذلك في محاولة يائسة من القيادة السوفيتية بهدف الحفاظ على تماسك الاتحاد السوفيتي الذي شارف قاب قوسين من الاضمحلال والهلاك، إذ أخذ الجنود المقعقعين بالأسلحة والدبابات والآليات العسكرية الأخرى إطلاق النيران الكثيفة صوب المتظاهرين السلميين الذين كانوا يطالبون بالحرية والاستقلال عن الاتحاد السوفيتي سابقا .
المحصلة النهائية لتلك المذبحة بحق الناس العُزل، راح ضحيتها مئآت المسالمين، وبينهم مئآت المصابين بجروح مختلفة ، ناهيك عن الخسائر غير البشرية الفادحة، غير أن القسوة الفائقة ضد الشعب الأذربيجاني لم تسفر عن نتيجة منشودة وضعتها القيادة السوفيتة تحت رئاسة ميخائيل غورباتشوف نصب عينها، بل عززت من عزيمة وإرادة الشعب إزاء نيل الاستقلال والحرية خارج نطاق الاتحاد السوفيتي الشمولي.
شجاعة الزعيم حيدر علييف افي ادانة المجزرة
الزعينم حيدر علييف الذي كان موجودا في موسكو في ذلك الوقت، على عكس قادة أذربيجان الآخرين، عرض حياته للخطر وجاء إلى الممثلية الدائمة لأذربيجان في موسكو في اليوم التالي للمأساة. حيث أصدر حيدر علييف بيانا حادا أدان فيه مرتكبي مجزرة يناير الدموية. وطالب بتقديمهم الى المحاكمة، ونقل للعالم مصيبة الشعب الاذربيجاني. وبهذا، أثبت القائد علييف مرة أخرى شجاعته وإقدامه، وأنه ابن مخلص لشعبه.
لقد صمت العالم على هذه المأساة ولم يتكلم عنها إلا أن الزعيم القومي حيدر علييف عقد في 21 يناير 1990 مؤتمرا صحفيا في موسكو ليدين بعبارات قاسية العدوان السوفيتي على الشعب الأذربيجاني مع العلم أنه تعرض نتيجة لذلك لضغوط كبيرة من موسكو. وكانت أحداث هذه الليلة من بين العوامل التي أدت لسقوط الاتحاد السوفيتي رسميا في أوائل 1991 وحصلت أذربيجان على استقلالها.
وبعد عودة الزعيم الوطني حيدر علييف إلى قيادة أذربيجان، تم تقييم أحداث 20 يناير 1990 سياسيا وقانونيا ونشرت أسماء مرتكبيها. وتم اعتبارها مناسبة وطنية مقدسة، يحتفل بها الشعب كل عام ويعلن فيها الحداد الوطني.
اذربيجان وسياسة حب السلام والمحبة
لقد أكدت جمهورية أذربيجان مرارا أنه وبالرغم من المآسي والأهوال التي ألمت بها والتي عانى منها شعبها وعلى رأسها أحداث العشرين من يناير عام 1990م، واحتلال 20% من أراضيها، وتشريد نحو مليون مواطن من الشعب الأذربيجاني من وطنهم وأراضيهم الأصلية. إلا أنها تتميز دائما بسياسة حب السلام وقد تمكنت وخلال فترة وجيزة من بناء نظام ديمقراطي قائم على التعددية السياسية وخطت خطوات واسعة نحو تطبيق مبادىء اقتصاد السوق الحر واقامة الدولة المدنية الحقوقية، كما انها قدمت نموذجا فريدا في استعادة الدول لأراضيها المحتلة بقوة سواعدها وجيشها ، وقبل ثلاث اعوام وبعد حرب استمرت 44 يوما توصلت أذربيجان وأرمينيا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، واستعادت أذربيجان السيطرة على أقاليمها المحتلة ، (آغدام ، وكالبجار، ولاتشين ) ، وإن توقيع أذربيجان لاتفاق سلام عقب تحرير أراضيها، يعكس نهجها السلمي في بناء علاقاتها الخارجية، وتعمل الحكومة حاليا وبعد تحرير اراضيها المحتلة ، على تهيئة هذه المناطق واعادة إعمارها وبناء البنى التحتية فيها، وإزالة الألغام من تلك المناطق بمساعدة بعض الفرق الدولية من أجل تأهيلها لسكن وعودة ابنائها. كما وتنشط الدولة حاليا في إنشاء المطارات وإقامة المشاريع داخل إقليم قرة باغ الذي تم تحريره والذي يحظى بأهمية تاريخية دينية وثقافية لدى أذربيجان إلى جانب أهميته الاقتصادية التي كثيرا ما غطت عليها الحروب والنزاعات المتكررة، وهناك حاليا العديد من المشاريع لإعادة بناء المدن التي تم تحريرها مع المحافظة على طابعها التاريخي وتراثها العريق (كمدينة شوشا) أحدى أبرز الرموز التاريخية الثقافية للشعب الاذربيجاني.
تخليد الشهداء
ان الشعب الاذربيجاني المسلم الصديق لاينسى ارواح شهدائة الابرارابدا ، ففي صباح يوم 20 يناير من كل عام ، تقام في كافة أنحاء البلاد مراسم الحداد تخليدا لذكرى أرواح الشهداء الأبرار الذين سقطوا نتيجة لهذه الجريمة البشعة، حيث يزور الآلاف من الناس نصب الشهداء لتقديم تحيةٍ إجلال واحترامٍ لهم من خلال وضع الزهور وحمل ( أزهار القرنفل ) خصوصا، التي باتت رمزا لهم والتوجه بها إلى مقابر الشهداء والصلاة على الضحايا تعبيرأ عن استنكارهم الشعبي لمرتكبي هذه المأساة المروعة، وعند منتصف النهار، يقف الجميع دقيقة صمت إحياءً لذكرى الشهداء. وتنطلق صافرات الإنذار في السفن والسيارات والقطارات في جميع أنحاء البلاد، وتقام المراسم التذكارية في كافة المدن والبلدات، ويتم تنكيس العلم الوطني فوق كافة المباني”تعبيرا عن الوفاء لشهداء الوطن الذي أشعلوا فتيل الاستقلال”.
ورغم هذة الاحداث المؤلمة، ومع ذلك خرجت أذربيجان أقوى مما كانت وصارت دماء الشهداء شعلة خالدة في تاريخ أذربيجان.”ولن تهز أو تدمر وحدة الشعب الأذربيجاني أو أن تقف عائقا أمام سعيه للاستقلال وتأسيس دولته على أرضه المستقلة.