انتهجت القيادة السياسية منذ عام 2014، مجموعة من التطبيقات السياسية التى استهدفت معالجة الخلل الذى واجه تمكين الشباب على مدار عقود وسنوات طويلة، حيث عانى الشباب جملة من الأزمات، تلخصت فى ظاهرة التهميش على المستوى السياسى، إذ لم يتمكن الشباب من الانخراط فى الحياة السياسية والتعبير عن آرائهم والوصول إلى المناصب التنفيذية؛ أو على المستوى الاقتصادى، مما دفع الدولة لاتخاذ سياسات، لتعزيز مفهوم تنمية وتمكين الشباب بعد عام 2014.

جهود كبيرة بذلتها الدولة المصرية فى ملف التمكين السياسى على مدار 9 سنوات، إذ شهد الشباب خلالها اهتماماً بالغاً من القيادة السياسية، أولى خلالها الرئيس السيسى اهتماماً كبيراً بملف التمكين السياسى للشباب فى المناصب القيادية والوظائف.

البرنامج الرئاسى استهدف إنشاء قاعدة غنية بالكفاءات الشبابية

وجاءت بداية الاهتمام بملف التمكين السياسى للشباب فى تلك اللحظة الحاسمة فى التاسع من يناير 2016، باحتفالية الدولة المصرية بيوم الشباب المصرى فى دار الأوبرا، عندما أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى عن إطلاق عام 2016 عاماً للشباب المصرى، كما أعلن آنذاك عن بدء البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة، فكانت البداية لحلم يتحقّق بأيدى الشباب.

وكذلك تم الإعلان عن إطلاق سلسلة من اللقاءات الدورية تحت عنوان: «المؤتمر الوطنى للشباب.. أبدع انطلق»، لتصبح مؤتمرات الشباب طريقاً لهم للتعبير عن آرائهم وأفكارهم وتطلعاتهم وآمالهم، وتم إطلاق المؤتمر الوطنى الأول للشباب فى ديسمبر 2016، على مدار 3 أيام، بمشاركة 1000 شاب وفتاة، ثم جاء المؤتمر الوطنى الثانى للشباب بمدينة أسوان فى يناير 2017، بمشاركة 1300 شاب وفتاة، واستمرت فى الانعقاد، لتتحول الفكرة إلى منصة عالمية تخاطب شباب العالم أجمع، حقّقت نجاحاً باهراً من خلال نُسخ متتالية من منتدى شباب العالم.

وفى دراسة صدرت مؤخراً عن المركز المصرى للفكر والدراسات، أكد خلالها أهمية السياسات التى اتبعتها الدولة فى تمكين الشباب، وفى مقدّمتها إطلاق الرئيس عبدالفتاح السيسى البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة فى شهر سبتمبر عام 2015، بهدف إنشاء قاعدة قوية وغنية من الكفاءات الشبابية كى تكون مؤهلة للعمل السياسى، والإدارى والمجتمعى بالدولة، وذلك من خلال إطلاعها على أحدث نظريات الإدارة والتخطيط العلمى والعملى، وزيادة قدرتها على تطبيق الأساليب الحديثة لمواجهة المشكلات التى تحيط بالدولة المصرية.

وأوضحت الدراسة أن المشروع القومى لتأهيل الشباب للمحليات والمشاركة السياسية، هذه المبادرة التى تم تدشينها بمشاركة وزارتى الشباب والرياضة، والتنمية المحلية، استهدف العمل على دعم الكوادر الشبابية المصرية من أجل الانضمام إلى المجالس المحلية المصرية، إضافة إلى رفع الوعى الفكرى، سواء الثقافى أو السياسى لديهم.

فضلاً عن تأهيلهم لفهم الشارع المصرى والعمل على حل التحديات التى تواجه المواطن المصرى، وكذلك العمل على التقائهم مع أصحاب الفكر والرؤى والرموز السياسية البارزة، من أجل التعلم واكتساب الخبرات، وذلك من خلال الحوار البنّاء والمناقشات الثرية، حيث يشمل البرنامج لقاءات حوارية مفتوحة مع شخصيات سياسية بارزة.

«الأكاديمية الوطنية» جاءت لدعم وبناء الإنسان

وتم إنشاء «الأكاديمية الوطنية للتدريب»، لتكون الشكل المؤسسى لبرامج تدريب وتأهيل الشباب، وهى ثانى آليات تمكين الشباب، التى تهدف إلى تحقيق متطلبات التنمية البشرية للكوادر الشبابية بجميع قطاعات الدولة، والارتقاء بقدراتهم ومهاراتهم، حيث انطلقت الأكاديمية، كإحدى توصيات المؤتمر الوطنى الأول للشباب بشرم الشيخ، والتى تعتبر طفرة فى مجال التدريب والتأهيل والتطوير فى مصر.

وجاءت ضمن اهتمامات الرئيس عبدالفتاح السيسى بتأهيل وتطوير وبناء الإنسان المصرى، فصدر قرار جمهورى عام 2017 بإنشاء الأكاديمية الوطنية، التى يطمح الرئيس السيسى لتصبح المصدر الرئيسى لاختيار القيادات وكبار المسئولين فى الدولة، وتزويد الجهاز الإدارى باحتياجاته من الموارد البشرية المدرّبة وفق أفضل المناهج العلمية، من أجل بلوغ هذا الهدف الاستراتيجى.

ومن أجل بلوغ هذا الهدف، حدّدت الأكاديمية 13 هدفاً فرعياً تعمل على تحقيقها، بحيث يتم تجميع طاقات الشباب فى عمل وطنى يفيد الدولة ويبنى نهضتها، ونشر الوعى الثقافى والاجتماعى والدينى والسياسى بين قطاعات الشباب، وكذلك الإسهام فى إعداد الأنظمة والسياسات الحكومية، لتصبح أكثر ملاءمة مع احتياجات الشباب.

وإعداد كوادر سياسية وإدارية قادرة على معاونة الدولة فى مهامها، وتنمية قدرات ومهارات الشباب لتكون شريكاً أساسياً وفعّالاً فى الحكم المحلى، وبناء شراكات مجتمعية تنموية فاعلة مع كل القطاعات (العام - الخاص - الأهلى)، وتوعية الشباب بالأخطار والتحديات التى تواجه الدولة، إضافة إلى تنمية مهارات الشباب وتأهيلهم لتلبية احتياجات سوق العمل، والتوعية بالدور المجتمعى فى مواجهة جميع أنواع الأخطار التى تواجه الدولة.

وتشجيع الفن والإبداع والارتقاء بالفكر والذوق العام، والعمل على الحد من التسرّب من التعليم والمشاركة فى تعليم المتسرّبين، وكذلك مواجهة ظاهرة أطفال الشوارع وتعليمهم وتأهيلهم لعمل جاد يفيد المجتمع، والاهتمام بذوى الاحتياجات الخاصة وتنمية مهاراتهم فى جميع المجالات لدمجهم بالمجتمع.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: المتفوقين المؤتمر الوطنى من أجل

إقرأ أيضاً:

سمير مرقص يكتب.. 30 يونيو: مصر تدافع عن نفسها

عندما يتصدر المشهد السياسى رموز الإرهاب التاريخى فى مصر، ويقومون بتهديد مواطنى مصر على اختلافهم السياسى والثقافى والدينى إما بالرضوخ لمشروعهم أو الإقصاء المعنوى والمادى، فيما يشبه الحرب على عموم المصريين.

وعندما تحاول جماعة ما أن تغير طبيعة الدولة المصرية الوطنية الحديثة التى تقوم على الدستورية، والمواطنة، والعصرنة، والمؤسسية، والتعددية، لصالح الاحتكار، والاستئثار، والانغلاق، ونفى كل من هم من غير أعضائها.

وعند الانحراف عن الشرعية التى ارتضتها مكونات الجماعة الوطنية على اختلاف انتماءاتها وفرض شرعية مغايرة، تلك الشرعية التى أطلقت عليها فى حينها «شرعية الإكراه»، وذلك من خلال إعلان دستور وصفناه آنذاك بـ«دستور الغلبة».

كذلك عندما تتهدد أركان الدولة الحديثة مغامرة الجماعة إقامة مؤسسات موازية لمؤسسات الدولة المصرية التاريخية الوطنية الحديثة «بغير حق» فيما يشبه المؤامرة فأصبحوا كما يقول الشاعر مثل الذين «يطلقون الأسد منهم» بغية تقييد أسدى: الأسد المصرى»..

عندما يحدث كل ما سبق لا بد أن ينتفض المصريون بكل «الحمية الوطنية»؛ إذا ما استعرنا تعبير مؤسس نهضة مصر الحديثة الفكرية الطهطاوى التى من شأنها يفدى الوطنى المخلص فى حب الوطن، وطنه بجميع منافع نفسه ويخدمه ببذل جميع ما يملك ويفديه بروحه»...

تحرك المصريون دفاعاً عن مصر: الوطن والدولة الحديثة؛ فى 30 يونيو 2013، من خلال تحالف عريض عابر: للطبقات، والأجيال، والانتماءات، والثقافات.. إلخ، يضم قطاعات عريضة من الشعب وكافة القوى المدنية الشعبية والحزبية ومؤسسات الدولة القانونية والقضائية والعسكرية والحداثية، يعلنون موقفاً مصرياً وطنياً تاريخياً موحداً تجاه الجماعة؛ موقف وقفوا فيه «وقفة الحزم.. بعزمة المستعد» كما قال شاعر النيل فى قصيدته المغناة الذائعة الصيت: «مصر تتحدث عن نفسها».

استطاعت تلك الوقفة التاريخية حماية: أولاً: مصر من الاستقطاب السياسى والدينى، وثانياً: المركب الحضارى المصرى المتعدد العناصر، وثالثاً: مؤسسات الحداثة، ورابعاً: المجتمع من أن يتمزق نسيجه النسيج الاجتماعى والثقافى والسياسى المصرى، وخامساً: حكم مصر حكماً دينياً استبدادياً.

ما مكّن من الانتصار، بالأخير، لمشروع الدولة الوطنية المصرية الحديثة، غير المخاصمة للدين، ومواجهة مشروع الجماعة المناقض بالكلية لمشروع الوطن المصرى. إذ إنه مشروع يتناقض تناقضاً تاريخياً مع مشروع الوطنية المصرية الحديثة، ولا مجال، بل ليس من العدل، لمشروع يقوم على «تكدير وِرد الأوطان»...

احتشد المواطنون، فى 30 يونيو، فى أنحاء الوطن، فى حشود تقاوم القيود؛ قيود «شرعية الإكراه»؛ فى ميادين مصر وشوارعها وأمام مساكنها.. وفى النجوع والكفور والعزب فى ريفنا المصرى الممتد.. كما ضمت الحشود كتلاً شبابية وعمالية فى كل مكان.. كذلك أسر الطبقة الوسطى بكامل هيئتها من آباء وأمهات وأطفال.. وذلك بشكل سلمى مقاومة ورافضة للقيود.. قيود «الإملاء السياسى»، والاقصاء الدينى والثقافى»، حشود تجسد أن المصريين العاديين لديهم قدرات هادرة لإحداث تحولات جذرية، وقادرة على حفر مسارات كبرى..

كانت الحشود التى خرجت فى 30 يونيو 2013 بمثابة نور تمثل فى عدد من «الموحدات» يتجلى الموحد الأول فى: رفض وطنى جمعى يعبر عن التيار الرئيس للمصريين على اختلاف ألوانهم للعنف والتدمير. أما ثانى الموحدات فيتمثل فى: الطمأنينة إلى حضور الجيش الوطنى جيش كل المصريين لا جماعة أو طائفة أحد الأركان الثلاثة الرئيسية للدولة الحديثة إضافة لمؤسسات الحداثة والجهاز الإدارى، لتأمين البلاد والعباد.

وأخيراً الموحد الثالث الذى يعكس رغبة حقيقية فى استعادة مصر «المقاومة/ القائمة».. المقاومة لكل أشكال الشر، والقائمة بما اكتسبته من مقومات الحداثة..

هكذا توحدت مصر فى 30 يونيو حيث جسّدت المركب الحضارى بتعددية عناصره وكيف وقف مواجهاً الأحادية

مقالات مشابهة

  • القس د. أندريه زكي يكتب: 30 يونيو مصر لا تنهزم
  • سمير مرقص يكتب.. 30 يونيو: مصر تدافع عن نفسها
  • الإنتفاضة العظيمة.. والعودة إلى الحياة
  • مجدي البدوي يكتب: ثورة بناء
  • الدكتور باسل عادل يكتب: ميلاد ثورة ووأد جماعة
  • ثورة 30 يونيو.. «الحلقة السادسة المدن الجديدة»
  • لأنه الوفد
  • ثورة 30 يونيو أعادت الشباب إلى المجال السياسي والاجتماعي (شاهد)
  • جمال رائف: «30 يونيو» أعادت الشباب إلى المشهد السياسي والاجتماعي
  • جمال رائف: ثورة 30 يونيو أعادت الشباب إلى المجال السياسي والاجتماعي