بعد إعلان باريس إنهاء وجودها بالنيجر.. ما إمكانية سد روسيا الفراغ الفرنسي؟
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
شكك أكاديميون ومختصون في إمكانية نجاح روسيا في سد الفراغ الذي ستتركه فرنسا بعد إعلان رئيسها إيمانويل ماكرون إنهاء وجود بلده دبلوماسيا وعسكريا في النيجر، بعد شهرين من انقلاب عسكري أطاح بالرئيس محمد بازوم.
وبحسب الدكتور سيد أعمر شيخنا -مدير المركز الإقليمي للأبحاث والاستشارات والخبير في الشأن الأفريقي- فإن النيجر أبرمت تعاونا ثلاثيا يضم أيضا مالي وبوركينا فاسو، وجرى التوافق عليه بوجود نائب وزير الدفاع الروسي.
ومنتصف سبتمبر/أيلول 2023، اتفقت الدول الأفريقية الثلاث -التي تحكمها مجالس عسكرية- على تشكيل تحالف دفاعي لمواجهة تهديدات مشتركة داخلية وخارجية، تزامنا مع اجتماع عقده المسؤول الروسي مع وزراء دفاع الدول الثلاث بالعاصمة المالية.
ويعتقد شيخنا، في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر" بتاريخ (25/9/2023)، أن ما حدث إشارة واضحة إلى أن روسيا ستسد الفراغ الفرنسي، لكنه شكك في إمكانية أن يكون وجودها كافيا.
كما يرى أن موسكو لا قدرة لديها على إدارة التنوع البشري والاجتماعي والديمقراطي والاختلافات العرقية بأفريقيا، فضلا عن التهديدات الإرهابية المتزايدة، مشيرا إلى خطأ المقاربة التي ينتهجها عسكر هذه الدول باستبدال الوجود العسكري الفرنسي وجلب قوات فاغنر.
من جهته، يؤمن أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جنيف الدكتور حسني عبيدي بأن فرنسا لن تطوي صفحة النيجر، حيث ستدخل باريس في مفاوضات مع قادة الانقلاب من أجل خروج قواتها العسكرية، إلى جانب الحفاظ على المصالح الاقتصادية مع إعطاء ضمانات بسلامة الرئيس بازوم.
ويوضح أن موقف فرنسا الأخير بالانسحاب من النيجر كان ثمنه عدم فتح المجال لروسيا، ولفت إلى أن العسكر براغماتيون ويعلمون أهمية الدور الفرنسي ومقاربة التنمية الشاملة التي تحتاج تمويلاً لا تقدر موسكو أو بكين عليه، ومن ثم فإن التعاون التقني الذي سينتج عن مفاوضات سحب القوات سيقود إلى علاقة جديدة.
ماذا خسرت فرنسا؟وبانسحاب فرنسا من النيجر، تكون باريس قد تلقت خسارة حقيقية عسكريا وسياسيا واقتصاديا وإستراتيجيا، وفق شيخنا، الذي قال إن البلد الأفريقي خسر ما تبقى له من نفوذ بمنطقة الساحل رغم حضوره القوي في السنغال وساحل العاج والغابون وبنين وتوغو.
في حين يؤكد عبيدي أن قادة الانقلاب في النيجر حققوا انتصارا مقابل انعطافة كبيرة للنفوذ الفرنسي، بعدما كانت تعول باريس كثيرا على هذا البلد بعد انقلابي بوركينا فاسو ومالي، علاوة على أن ما حدث يمثل رسالة سيئة للدول الأفريقية بأنه لا يمكن التعويل والمراهنة على الإليزيه.
ورأى أن الرسالة الأخطر من كل هذا تكمن في نجاح انقلاب عسكري داخل دولة أفريقية يوجد فيها قوات فرنسية أو أميركية.
لماذا تراجعت باريس؟وبالعودة إلى حيثيات قرار فرنسا بالانسحاب، يرى شيخنا أن باريس وقعت تحت صدمة انقلاب النيجر، إذ لم تتوقع حدوثه، وعندما وقع لم تسرع في التعامل معه، مبينا أنه كان لديها فرصة التدخل عسكريا في أول وثاني أيام الانقلاب، ولهذا وصل ماكرون إلى طريق مسدود.
وإضافة إلى ذلك، ثمة متغيرات حدثت كالموقف الأميركي الذي تمايز عن نظيره الفرنسي، وسط رغبة واشنطن في وراثة النفوذ بمنطقة غرب أفريقيا بدل باريس.
وكذلك موقف المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) الذي بدا ضعيفا، لأنها -وفق الضيف- لا تستطيع التصرف من دون دعم فرنسي أو دولي، وهو ما اتفق معه عبيدي الذي قال إن باريس وصلت لطريق مسدود في ظل القناعة بأن قوات إيكواس غير جاهزة ولا تقدر على القيام بعمل ريادي لعودة بازوم من دون فرنسا، كما أن أي تدخل ستكون عواقبه وخيمة.
ولفت أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جنيف إلى أن فرنسا أصبحت معزولة في وقت بدأت فيه أميركا تسوية مع النيجر وأبقت على قواتها، فضلا عن دخول الجزائر على خط الوساطة، ورفضها التدخل العسكري وصولا إلى انقلاب الغابون.
وحول التبرير الذي استخدمه ماكرون للخروج من النيجر بزعم أنها لا تريد محاربة الإرهاب، يوضح عبيدي أن الرئيس الفرنسي كان مجبرا على قول هذا للرأي العام بعد التعنت الكبير خلال الفترة السابقة حيث كان يراهن على تدخل عسكري.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
زعيم اليسار الفرنسي ينتقد ماكرون: “لا نريد الحرب مع الجزائر”
وجه زعيم حزب “فرنسا الأبية”، جون لوك ميلانشون، انتقادات جديدة لحكومة بلاده، بسبب التطورات الأخيرة في العلاقات الجزائرية الفرنسية.
وقال لوك ميلانشون، في تصريح شديد اللهجة، على هامش ندوة صحفية نشطها قبل أيام: “لا نريد حربا مع الجزائر.. الجزائريون، إخوتنا وأخواتنا وخالاتنا وأجدادنا وأصدقاؤنا”.
كما إنتقد ميلانشون، الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماركون، معتبرا بأن سياسته الخارجية تجعله يُفسد العلاقات مع الجميع.
مشيرا إلى أنه “ملّ” من خطابات وزراء الحكومة الفرنسية، التي لا تتوقف عن التهديد بالتصعيد ضد الجزائر. كما فعل وزير الخارجية جون نويل بارو ووزير الداخلية برونو ريتايو.
وأورد ذات المتحدث: “سئمنا هذا الخطاب وسئمنا توجيه أصابع الاتهام، دائماً نفس الأصابع لنفس الأشخاص.. سئمنا من القول سنرد.. أي رد هذا وعما تتحدثون”.
وشدد ميلانشون، على ضرورة عدم اتخاذ أية إجراءات ضد الجزائر، بل الذهاب إلى “النقاش والحوار”.
وأكد زعيم اليسار الفرنسي، أنّ الفرنسيين يريدون العيش في سلام وتفاهم مع الجزائر والمغرب وتونس وليبيا والسنغال ومالي وبوركينا فاسو والكونغو.
ويأتي هذا، في الوقت الذي تشهد فيه فرنسا، اضطرابات سياسية غير مسبوقة منذ عقود هزت أركان نظامها السياسي وأثارت تساؤلات عميقة بشأن مستقبل الجمهورية الخامسة.
فقد تعاقبت الأحداث بدءا من حل البرلمان، مرورا بإسقاط البرلمان الجديد للحكومة، وصولا إلى تعيين 4 حكومات خلال عام واحد. لتدخل البلاد العام الجديد في ظل أزمة حادة، وسط مطالب باستقالة الرئيس.
وفي خضم هذه التحولات، قرر حزب “فرنسا الأبية”، عدم ترك الساحة فارغة أمام اليمين المتطرف لقطع ما تبقى من حبل الود بين الجزائر وفرنسا.
وجان لوك ميلانشون، صحفي وسياسي يساري فرنسي، بدأ حياته صحفيا ومدققا لغويا، ثم انخرط في السياسية وأصبح أصغر عضو في مجلس الشيوخ الفرنسي عام 1986.
وترشح ميلانشون، بإسم حزب “فرنسا الأبية” للانتخابات الرئاسية عدة مرات، وانتخب لمناصب تشريعية إقليمية ووطنية وأوروبية مختلفة.
https://x.com/JLMelenchon/status/1879973981731610688
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور