كيف جمع فيلم مطاردة في البندقية بين الرعب وأغاثا كريستي؟
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
منذ 6 سنوات بدأ الممثل والمخرج كينيث براناه فصلا جديدا في مسيرته الفنية، وذلك بتدشين سلسلة أفلام يقدم فيها شخصية المحقق البلجيكي "هيركول بوارو" الذي أبدعه خيال كاتبة روايات الإثارة الشهيرة أغاثا كريستي.
قدم براناه عام 2017 أول أفلام السلسلة بعنوان "جريمة قتل في قطار الشرق السريع" (Murder on the Orient Express)، ثم أتبعه عام 2022 بفيلم "وفاة على ضفاف النيل" (Death on the Nile)، وتعرض دور السينما حول العالم الآن الفيلم الثالث بعنوان "مطاردة في البندقية" (A Haunting in Venice)، والذي يختلف كثيرا عن سابقيه بمزجه الرعب بأدب أغاثا كريستي المشهور بالجريمة.
يعرف محبو أدب أغاثا كريستي الصامد عبر الأجيال السمات الشهيرة لرواياتها، والتي غالبا ما تبدأ بجريمة قتل وتنتهي بمعرفة المحقق بوارو أو ميس ماربل العجوز هوية القاتل، وخلال هذه الرحلة نتعرف على كثير من المشتبه فيهم، وكل منهم يمتلك دافعا للجريمة، وكلما كان المجرم عصيا على الاكتشاف، زاد غموض الرواية وإثارتها بالنسبة للقارئ.
اقتبست كل من السينما والتلفزيون والمسرح روايات كريستي مرات عديدة، بل حصلت بعض الروايات الشهيرة على عدة نسخ مرئية ولكن يبقى سحرها مستمرا، مما جذب المخرج الحاصل على جائزة أوسكار كينيث براناه إلى هذه الأعمال لتقديمها في ثوب جديد وبمساعدة أشهر الوجوه السينمائية.
في فيلمه الأول والثاني استخدم براناه روايتين تم تقديمها سينمائيا من قبل في أفلام شهيرة للغاية، وحاصلة على الجوائز، والتزم كذلك بالنص الأصلي إلى حد كبير، الأمر الذي يعني أن فيلمه ليس سوى نسخة محدثة من رواية وفيلم يعرفهما أغلب المشاهدين، ولكن في "مطاردة في البندقية" اختلف الوضع تماما.
"مطاردة في البندقية" مقتبس من رواية "حفلة الهالوين" المنشورة عام 1969، ولم تظهر على الشاشة الكبيرة من قبل، أو تبلغ من الشهرة ما وصلت إليه روايات "جريمة قتل في قطار الشرق السريع" أو "وفاة على ضفاف النيل"، كذلك لم يلتزم المخرج بشكل حرفي بالنص الأصلي.
في رواية "حفلة الهالوين" يحضر المحقق بوارو حفلة هالوين بصحبة صديقته وهي كاتبة روايات إثارة شهيرة، وخلال الليلة تخبره فتاة مراهقة أنها شهدت جريمة قتل حينما كانت أصغر سنا، وعندما يقابلها الجميع بعدم التصديق تخرج من الغرفة غاضبة، وبعد ساعات يتم إيجاد جثتها، وقد تم قتلها بالطريقة نفسها التي وصفت بها الجريمة قبل قليل، ويكون على المحقق بوارو التحقيق ليس في جريمة قتل واحدة، بل في جريمتين.
"مطاردة في البندقية" مقتبس من رواية "حفلة الهالوين" المنشورة عام 1969 (المصدر : آي إم دي بي)بينما يبدأ الفيلم ببوارو المقيم في فينسيا بعدما قرر اعتزال عمله محققا في الجرائم، تخترق عزلته صديقته الكاتبة أريادن أوليفر داعية إياه إلى حضور حفل الهالوين في منزل أحد معارفها، إذ ستقام جلسة لتحضير الأرواح، الأمر الذي لا يؤمن به نهائيا، وتتحداه لكشف سر نجاح جويس رينولدز الروحانية الشهيرة.
وفي القصر المقام فوق مياه فينسيا لا تحدث جريمة قتل واحدة بل 3 جرائم بالإضافة إلى أخرى قديمة، ويكون على بوارو نفض الغبار عن مهاراته والكشف عن القاتل أو القتلة ممن حوله.
الرعب على طريقة أغاثا كريستيروايات أغاثا كريستي، وبالتبعية الأفلام المقتبسة منها تعتمد بشكل أساسي على إثارة البحث عن القاتل بين المشتبه فيهم، ولكن كينيث براناه أخذ العالم عدة خطوات إلى الأمام، فصنع فيلما يحمل كثيرا من سمات أفلام الرعب، يبدأ ذلك من اختياره مكان الأحداث، وهو قصر نائي، أغلب حجراته مهجورة، تخرج المياه من جدرانه وأسقفه، وله ماض مرعب، وقد حُبس فيه عدد من الأطفال في أحد الأقبية، وظلوا وحيدين فماتوا جوعا وعطشا، وتحكي الأسطورة أن أشباح هؤلاء الضحايا تطارد سكان القصر، خاصة الأطباء والممرضات الذين تركوهم بلا رعاية طبية.
لا تختبر الحبكة قدرات بوارو كمحقق فقط، ولكن إيمانه بالأشباح والماورائيات، الأمر الذي أبرزه أسلوب تصوير كثير من المشاهد، وقد عمد المخرج ومدير تصويره هاريس زامبرلوكوس إلى اختيار زوايا حادة، ووضعوا الكاميرا بالأعلى لترمق الممثلين كما لو أنها أشباح طائرة تشاهد عبث البشر، وقد تعاون كل من مدير التصوير والمخرج من قبل في عدة أعمال أهمها "بلفاست" (Belfast) والذي ترشح لـ6 جوائز تصوير.
ساهمت الموسيقى التصويرية أيضا في تعزيز جو الرعب، والهلاوس السمعية البصرية التي يعاني منها بطل الفيلم، وتجعله حائرا بين معتقداته الراسخة، وما يراه ويسمعه في هذا القصر الملعون، وقد ألفتها الأيسلندية هيلدور غونادوتير الفائزة من قبل بأوسكار أفضل موسيقى في فيلم "جوكر" (Joker)، وقد ركزت في "مطاردة في البندقية" على الآلات الوترية في معزوفات تخلط بين الشجن والترقب.
رعب فيلم "مطاردة في البندقية" لا يعتمد على المشاهد المفاجئة التي تدفع المتفرج إلى التجمد رعبا (الجزيرة) كثير من الإثارةرعب فيلم "مطاردة في البندقية" لا يعتمد على قفزات التخويف أي المشاهد المفاجئة التي تدفع المتفرج إلى التجمد رعبا نتيجة لتغيير في الصورة، أو ظهور شخصية غير متوقعة، أو حتى مؤثرات بصرية مروعة -وإن احتوى على مشهد أو اثنين من هذا النوع- ولكن بشكل أساسي كان الرعب مضفرا بعناية في نسيج الفيلم، يظهر في الصورة والصوت، والجو القلق الذي تشيعه تصرفات الممثلين غير المتوقعة، الأمر الذي يجعله مؤهلا لأن يكون أحد أفلام موسم "الهالوين" في شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، ولكن لا ينضم إلى أفلام رعب أكثر رسوخا في النوع السينمائي، مثل "سو" (Saw) أو "أعرف ماذا فعلت الصيف الماضي" (I Know What You Did Last Summer).
من الناحية الفنية يعتبر فيلم "مطاردة في البندقية" أفضل ما قدمته هذه السلسلة حتى الآن، وقد حصل بموقع "روتن توماتوز" على معدل 76% في حين لم يتجاوز تقييم الفيلمين الأول والثاني 61%، وحتى الآن لم يحقق الفيلم الإيرادات الكافية لتغطية ميزانيته، ولكن موسم عيد الرعب لايزال في بدايته، ومن المتوقع استقطاب الفيلم لشريحة واسعة من المشاهدين، الذي يرغبون في القليل من الرعب والكثير من الإثارة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الأمر الذی جریمة قتل من قبل
إقرأ أيضاً:
بكري: مصر نجت من التقسيم برعاية الله وحماية جيشنا العظيم وقيادتنا الرشيدة.. ولكن لا تستهينوا بالتحديات
أكد الإعلامي مصطفى بكري، عضو مجلس النواب، أن مصر كانت الجائزة الكبرى من الفوضى الحادثة بالعراق، وهي الهدف الأساسي في المنطقة، ولكن صلابة جيش مصر جعلهم مذهولين، فالتساؤل الوحيد هو أن جيش العراق وسوريا والسودان واليمن قد انتهى فلماذا يقفون عند الجيش المصري؟ فمصر هي الدولة الوحيدة التي عادت مرة أخرى بفضل جيشها وشعبها وقيادتها الرشيدة، حيث منحها الله حاكم رزين وحكيم ولديه وعي في إدارة الأزمات وخاصة في فترة المحنة، ولا بد أن يتحدث كل فرد منا لمن حوله ليثبتهم أننا على الطريق الصحيح.
وتابع بكري، خلال الندوة التي عقدتها كلية الدراسات العليا للبحوث الإحصائية بجامعة القاهرة، اليوم الأربعاء، بعنوان «التحديات الراهنة في المنطقة وتأثيرها على الأمن القومي المصري»، أنه لابد أن يكون كلا منا طرفا فاعلا في العملية السياسية، فلا تستهينوا بالتحديات التي نواجهها، وسنكون في رعاية الله ثم حماية جيشنا العظيم وقيادتنا الرشيدة، مؤكدا أن ما يواجه المنطقة من تحديات هو أخطر فترة نقف أمامها لنطرح تساؤلات عديدة حول الحاضر والمستقبل، ولا نظن أن الوطن مستبعد من هذا الذي تشهده المنطقة بسقوط سوريا.
وأضاف بكري: ما أتصوره في هذه المرحلة المهمة إن التحديات يمكن اختصارها في 4 تحديات تكمن في التهجير القصري، ذلك أن هناك تصميما من قبل المحتل الإسرائيلي لتهجير 2 أو 3 مليون فلسطيني»، مؤكدا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي رفض فكرة التهجير لأنها تعني تصفية القضية الفلسطينية.
وقدم بكري الشكر لإدارة الكلية على إدارة اللقاء، الذي عقد برعاية الأستاذ الدكتور أحمد عصام عميد الكلية، والأستاذ الدكتور أحمد أمين الشيخ، وكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، بقاعة الأستاذ الدكتور حسن حسين.
الإعلامي مصطفى بكريوتابع: أن تهجير الفلسطينيين باتجاه سيناء والضفة الأخرى من جانب الأردن سيؤكد أن القضية الفلسطينية تم تصفيتها بالكامل، ففي كتاب بنيامين نتنياهو «مكان تحت الشمس» ذكر أن «سيناء ستبقى عاصمة الدين اليهودي لأنها هي التي تكلم بها نبي الله موسى ربه، لذا لن نقبل بالتنازل عنها لأنها عاصمة الدين اليهودي»، أما القدس فهي عاصمة الدولة اليهودية لأنهم يريدون الدولة الدينية اليهودية التي تكون على جانبي النهر كي تكون دولة يهودية خالصة تمتد من النيل للفرات.
وواصل: خرج بنيامين بعد طوفان الأقصى قائلا «نحن أمام شرق أوسط جديد»، فالمخطط الذي يعملون على تحقيقه الآن في سوريا هو تقسيمها لجزء في الشمال الشرقي، والساحل المتوسط، وحلب، ودمشق، على أن يتم تقسيمها بذلك دينيًا، فبدأنا نرى الأكراد في منطقة الساحل تود أن تستقل وكذلك العلويين والسنة، لذا فالشعب السوري يمر بأزمة حقيقية وأوضاع اقتصادية غير مستقرة، وذلك عملا بالمخطط الذي طرحه برنارد لويس سابقًا وهو «تقسيم المقسم وتفتيت المفتت»، والهدف هو الوطن العربي واقترح وقتها، فخريطة تقسم الوطن العربي كان أساسها «الفوضى الخلاقة»، وهذا ما وجدناه في كل المناطق العربية في ثورات الربيع العربي، فما يحدث في الوطن العربي اليوم هو الفترة الثانية للربيع العربي».
وأوضح: أن مصر استطاعت تخطي فترة الربيع العربي بفضل حمى الجيش الوطني، فبعد 25 يناير ووقت اجتماعنا مع المشير طنطاوي وبالرغم من التعدي على قوات الأمن المصري كان دائما ما يقول لي لابد أن نصبر لأننا 100 مليون لا يجب أن ندخل في حرب، فمصر هي «قلب الخرشوفة» إذا سقطت سقطت المنطقة»، وأضاف: لذا فإسقاط سوريا هو أمن قومي لمصر، فما حدث في سوريا هو أمن قومي لمصر، وما يحدث في السودان هدفه إسقاط مصر، كذلك ما يحدث في مضيق باب المندب أيضا يستهدف مصر، فنحن بلد مستهدف، لذا لابد أن يوقن الشباب أن دوره الحقيقي يكمن في الدفاع عن وطنه ليس فقط بالسلاح بل بالكلمة.
الإعلامي مصطفى بكريوأردف: سوريا منذ 2011 واجهت مظاهرات ما سمي بالربيع العربي إلى أن خرجت لنا المليشيات المسلحة فتعامل معها النظام بالقوة، وتنتمي هذه المليشيات لما يسمى بتيار الإسلامي السياسي، فأبو أحمد الجولاني كانت بدايته مع تنظيم القاعدة ثم انضم لجماعة أبو مسعد الزرقاوي ثم سجن فترة من الوقت ثم انتقل إلى داعش تحت إشراف أبو بكر البغدادي ثم إلى تنظيم القاعدة ثم أعلن البيعة للإرهابي أيمن الظواهري.
وفي سياق متصل، أكد بكري: أن ما حدث في سوريا أن جسدت الميليشيات تحت مسمى هيئة تحرير الشام، فهجم أكثر من 60 ألف شخص خرجوا من إدلب إلى حلب، فانسحب الجيش السوري وقبل أنهم يتجمعون عند حمص لأنها خط الدفاع الأساسي وفجأة وجدنا الجيش السوري انسحب إلى دمشق، وعندها جرت مفاوضات مع الرئيس السوري بشار الأسد أن ينسحب ووقتها تخلى عنه الروس والإيرانيون، ذهب بمساعدة الروس إلى اللاذقية وبعد محاولة استهدافه ذهب إلى روسيا ولم يكلف أحدا من بعده ليحكم، فسلمت البلاد بخيانة إلى أبو محمد الجولاني وعصابته المسلحة وأصبحنا نتساءل ماذا حدث؟ فأبو محمد الجولاني مطلوب من أمريكا لتورطه في قضايا إرهابية، لنستوعب حجم المؤامرة الكبيرة ضد الوطن العربي.
الإعلامي مصطفى بكريوأكمل قائلا: وأدى مخطط التقسيم السوري إلى فتح الطريق أمام إسرائيل لتدمير الجيش السوري من طيارات ومطارات وبينة الجيش الأساسية، وحل الجيش السوري وإلغاء التجنيد الإجباري في الجيش لتحل محله المليشيات السورية، وهذا ما كانت جماعة الإخوان أن تحدثه في مصر إلا أن المؤسسة العسكرية واعية وعلى دراية حقيقية، فجيشنا العظيم لم يسمح بهذا الأمر بأي شكل من الأشكال، بالإضافة إلى نشر الشائعات بالصور والفيديوهات المصنعة بواسطة الذكاء الاصطناعي لسجناء مزيفين محررين من سجن صيدنايا لإثارة الهول والفزع في القلوب، وهذا تمامًا ما حدث وقت أحداث ثورة 25 يناير وأيضا وقت صدام حسين عندما أثاروا الشائعات بشأن المقابر الجماعية التي ارتكبها والتي ما كانت إلا زيف من أجل إسقاطه.
واستطرد: استطاعت إسرائيل أن تحتل 235 كيلومترا من الأراضي السورية، فعندما كانت تحتل كيلو مترا واحدا من الأراضي المصرية في طابا دافعنا عنه بشرف ولم نتركه وتقدمنا لمحكمة العدل الدولة لنثبت ملكية الأرض لنا.
واستكمل: «إحنا عايشين في مشاكل وعندنا أوضاع اقتصادية صعبة وشروط صندوق النقد الدولي إلا إننا بلد آمن ومستقر فيه أزمات اقتصادية ومعدلات نمو إلا أننا أيضا شهدنا طفرة في الكثير من الجواب حيث أضفنا 4.5 مليون فدان من الأراضي الزراعية في العشر سنين الماضية وأصبحنا أقوى جيش في المنطقة»، متابعا: «يمكن الناس مش لامسة دا لأن كل أهدافهم سد مصاريفهم الشخصية ودا حقهم لكن لولا الإصلاح الاقتصادي دا مكنش هيبقى فيه دولة».
وفي نهاية الندوة تم فتح باب الأسئلة والنقاش جاوب من خلالها عضو مجلس النواب على تساؤلات الحاضرين، ثم تم تكريمه بشهادة ودرع كهدية رمزية من الكلية.
اقرأ أيضاًمصطفى بكري: إلغاء التجنيد الإجباري في سوريا يكشف زيف شعارات الميليشيات الإرهابية
مصطفى بكري: «نبيل الحلفاوي» كان إنسانا بمعنى الكلمة وقيمة إبداعية ووطنية عظيمة
«القادم أخطر وأفظع».. مصطفى بكري: «انتظروا زيارة أيمن الظواهري لـ دمشق قريبا»