انتكاسة فرنسية في النيجر.. ما مستقبل التدخل الغربي بمنطقة الساحل؟
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
تستعد فرنسا لمغادرة النيجر، آخر حليف لها في منطقة الساحل، في أحدث انتكاسة لباريس التي سبق طردها من مالي وبوركينا فاسو، الأمر الذي قد يقلب "البصمة الأمنية" للغرب في المنطقة.
وفي مقابلة مع التلفزيون الفرنسي، قال ماكرون إن سفير البلاد لدى النيجر سيغادر "خلال الساعات المقبلة". وأضاف: "وكذلك ننهي تعاوننا العسكري مع سلطات الأمر الواقع في النيجر، لأنها لم تعد ترغب في محاربة الإرهاب".
ويأتي هذا الإعلان القصير بعد أسابيع من تصاعد التوترات بين فرنسا والقادة العسكريين الجدد في النيجر، الذين استولوا على السلطة في انقلاب في تموز/ يوليو. كما أنه يتوج سنوات من تراجع نفوذ فرنسا، المستعمر السابق في غرب أفريقيا، الذي لا يزال وجوده الاقتصادي ونفوذه العسكري في المنطقة كبيرا على الرغم من التحديات المتزايدة التي يواجهها من قبل الطغمات العسكرية والقوى الأجنبية مثل روسيا، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".
ووصفت السلطات الجديدة في النيجر، المعروفة باسم المجلس الوطني لحماية البلاد، القرار الفرنسي بأنه "لحظة تاريخية" للأمة.
وعلى مدى أسابيع، تظاهر عشرات الآلاف من المتظاهرين في عاصمة النيجر، نيامي، بانتظام أمام القاعدة التي تستضيف القوات العسكرية الفرنسية.
بعد الانقلاب الذي أطاح بالرئيس المدني محمد بازوم، علقت الدول الغربية مساعداتها وشراكاتها الأمنية مع النيجر، إحدى أفقر دول العالم، والتي كان يُنظر إلى زعيمها على أنه أحد آخر الحلفاء الموثوقين في منطقة يهيمن عليها الآن رجال يرتدون الزي العسكري.
وبينما استدعت الدول الغربية قواتها التي كانت تقوم بتدريب جنود نيجيريين في الأسابيع الأخيرة، فإن مستقبل التدخل الغربي في منطقة الساحل ــ مركز النشاط الجهادي في العالم ــ يظل غير مؤكد.
وتعد النيجر دولة عبور رئيسية في طريق الهجرة إلى أوروبا، وفي السنوات الأخيرة، ضخ الاتحاد الأوروبي مئات الملايين من الدولارات لحماية مناطقه الشمالية بمراكز العبور ورحلات العودة إلى الوطن، ومن الممكن أن يبشر انسحاب فرنسا بتحول في الوجود الأمريكي في غرب أفريقيا.
وقالت أنيليز برنارد، مستشارة وزارة الخارجية السابقة التي عملت في النيجر وتشغل الآن منصب مديرة مستشاري الاستقرار الاستراتيجي، وهي مجموعة استشارية لتقدير المخاطر مقرها واشنطن: "يشير هذا إلى بداية نهاية حقبة لكل من فرنسا والولايات المتحدة في منطقة الساحل. لقد فشلت الولايات المتحدة في تقديم استراتيجيتها الخاصة حقا. لقد كانوا دائما يعتمدون على المقاربة الفرنسية".
وأعلنت الولايات المتحدة هذا الشهر أنها ستنقل قواتها من القاعدة في نيامي، حيث يتمركز الجنود الفرنسيون أيضا، إلى موقع متقدم في أغاديز في الشمال، حيث تقوم بتشغيل المسيرات لمراقبة أنشطة المتمردين في المنطقة.
وعلى مدى ما يقرب من عقد من الزمن، أرسلت فرنسا آلاف الجنود إلى مالي وبوركينا فاسو والنيجر لمواجهة التمرد الجهادي الذي تزايدت بصماته منذ ذلك الحين. وقدمت الولايات المتحدة معلومات استخباراتية تم جمعها من أنشطة المسيرات وقامت بتدريب القوات الخاصة الأفريقية.
ولكن مع تحول منطقة الساحل إلى نقطة ساخنة رئيسية للنشاط الجهادي، واجهت فرنسا خطر البقاء هناك. وأصبح وجودها الكثيف على الأرض عائقا. وازدهرت المقارنات مع الاحتلال الأمريكي لأفغانستان.
وبعد ذلك، وكما تسقط قطع الدومينو تباعا، نظم الجنود انقلابات في تلك البلدان الثلاثة على مدى السنوات الثلاث الماضية وقطعوا العلاقات مع فرنسا.
وفي حين لا تزال فرنسا تحتفظ بقوات في تشاد -جارة النيجر- وكذلك في السنغال وساحل العاج والغابون في غرب ووسط أفريقيا، فإن مستقبل وجودها العسكري في المنطقة يبدو غير مؤكد.
ودافع ماكرون يوم الأحد عن سجل فرنسا في المنطقة، بحجة أنها لم تتدخل عسكريا إلا بناء على طلب دول مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وأن تلك الدول كانت ستقع فريسة "للجماعات الإرهابية" لولا وجود قوات فرنسية.
واعتبر الباحث ايفان غيشاوا، المتخصص في شؤون منطقة الساحل، على موقع إكس (تويتر سابقاً) أن الانسحاب من هذا البلد "يكرس الفشل الذريع لسياسة فرنسا في منطقة الساحل".
وبحسب العديد من المراقبين، فإن باريس لم تلحظ أو لم ترغب في رؤية التطورات الجارية في المنطقة، بحسب وكالة فرانس برس.
وقال دبلوماسي فرنسي إن ما حدث في "مالي امتد ببطء، كنا نعلم أننا أمام مثل هذا التوجه الواضح. لقد شهدنا هذه الموجة تتنامى منذ سنوات. شعرت فرنسا بأنها تفقد مكانتها، لكنها ظلت في حالة إنكار واستغراب".
وأضاف "نجد أنفسنا الآن أمام عواقب العسكرة المفرطة في علاقتنا مع أفريقيا، في حين تعصف أزمات أمنية وبيئية ومجتمعية أيضا بمنطقة الساحل"، وهي من أفقر مناطق العالم.
وذكرت صحيفة وولف كوتيديان السنغالية "مع هذه الانتكاسة الأخيرة، ترى فرنسا أن نفوذها وسلطتها يتضاءلان بشكل كبير في غرب أفريقيا خاصة وفي أفريقيا عموماً".
وأشار فهيرامان رودريغ كوني، كبير الباحثين في معهد الدراسات الامنية والمتخصص في شؤون الساحل، إلى أن "فرنسا لم تعرف كيف تنسحب في الوقت المناسب وأرادت الاستمرار في لعب دور القائد في سياق تشهد فيه البيئة الاجتماعية تغيراً كبيراً".
وسيمثل الانسحاب من النيجر تحديا لوجستيا للجيوش الفرنسية إذا تم تنفيذه خلال ثلاثة أشهر، على خلفية تدهور الوضع الأمني في جميع أنحاء منطقة الساحل.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة فرنسا النيجر الساحل أفريقيا فرنسا النيجر أفريقيا الساحل القوات الأمريكية صحافة صحافة صحافة تغطيات سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی منطقة الساحل فی المنطقة فی النیجر فی غرب
إقرأ أيضاً:
حقائق مثيرة تتكشف في مقتل مسلم بفرنسا واحتجاجات بالبلاد على معاداة المسلمين
لا تزال أجهزة الأمن الفرنسية تسابق الزمن للقبض على الجاني الفرنسي الذي قتل المواطن المسلم أبو بكر داخل مسجد صبيحة الجمعة، إذ طعنه بنحو 50 طعنة وصور نفسه قبل أن يفر بعد أن لاحظ وجود كاميرات مراقبة بالمسجد سهلت تحديد هويته.
وأوردت صحيفة لوباريزيان، أن الضحية يتحدر من دولة مالي، وعمره 24 عاما، وعرف عنه أنه يتطوع كل أسبوع لتنظيف المسجد وتجهيزه قبل وصول المصلين لأداء صلاة الجمعة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مقتل نجل مسؤولة بالسي آي إيه أثناء قتاله في صفوف الجيش الروسي بأوكرانياlist 2 of 2لوبوان: هذه أسرار مالية الفاتيكانend of listونقلت لوباريزيان عن الادعاء العام، أن كاميرا المراقبة أظهرت الضحية وهو يتحدث إلى القاتل بشكل عادي، ثم توجها معا إلى قاعة الصلاة، حيث بدأ الضحية أبو بكر في أداء الصلاة، وبدا الجاني وكأنه يقلده، قبل أن يخرج سكينه ويشرع في طعنه.
وأثارت الجريمة المروعة سخطا كبيرا في فرنسا، وذكرت لوموند اليوم، أن الإدانات الرسمية والشعبية للجريمة تتواصل، بينما نظمت وقفات منددة بما جرى، ودعت شخصيات وهيئات سياسية فرنسية مختلفة إلى تنظيم مظاهرة حاشدة عشية اليوم الأحد وسط العاصمة باريس احتجاجا على الجريمة وعلى الخطاب التحريضي ضد الإسلام والمسلمين.
???????? FLASH – Nous avons retrouvé une photo de meilleure qualité de l’assassin.
Olivier H. pourrait avoir quitté le département du Gard ; un rasage des cheveux ne peut être exclu.
La plus grande vigilance est recommandée, un risque élevé de récidive étant redouté.
Voici la tenue… https://t.co/BEVEWwjZSc pic.twitter.com/kCACM7JqKA
— Tajmaât (@Tajmaat_Service) April 26, 2025
مظاهرة باريسوأضافت لوموند أن رئيس حزب لافرانس أنسوميز (فرنسا الأبية) جان لوك ميلانشون وعددا من أعضاء قيادة حزبه أكدوا المشاركة في مظاهرة باريس، وكذلك فعلت زعيمة حزب الخضر مارين توندولييه.
إعلانوشدد ميلانشون في تغريدته على منصة إكس (تويتر سابقا) على أن مقتل المواطن المسلم داخل مسجد هي نتيجة للتحريض المتزايد على الإسلام والمسلمين، وأكد أن ما جرى يسائل البلاد كلها فضلا عن أنه خطر عليها، ومن ثم فالإدانة الجماعية للجريمة هو الإجراء المطلوب.
كما عبر المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية في بيان عن صدمته لوقوع هذه "الجريمة الإرهابية المعادية للإسلام"، وطالب المسلمين في فرنسا بأخذ الحيطة والحذر، وعدم البقاء فرادى داخل المساجد. ودعا المجلس السلطات الفرنسية إلى وضع خطة وطنية لحماية أماكن العبادة الخاصة بالمسلمين.
بدوره أدان الممثل الوطني لمؤتمر قساوسة فرنسا جان فرانسوا بور بشدة الجريمة، ودعا إلى التصدي بقوة وصرامة لمشاعر الكراهية ضد المسلمين، توضح الصحيفة.
Un homme a été assassiné à la mosquée de la Grand-Combe (Gard) parce qu’il était musulman.
Nos sincères condoléances et pensées vont à sa famille et à ses proches en cette difficile épreuve. #JeSuisAboubakar #Islamophobie pic.twitter.com/Nbsgoiyfcq
— EMR (@EnModeReplay) April 27, 2025
إدانات رسميةوكان الرئيس إيمانويل ماكرون قد أدان -في تغريدة على منصة إكس- الجريمة، وقال إن العنصرية والكراهية بسبب الدين لا يمكن أن يكون لها وجود في فرنسا، وإن حرية التعبد مضمونة وغير قابلة للانتهاك. وعبر عن تضامنه مع أسرة الضحية والمواطنين المسلمين.
وندد رئيس الحكومة فرانسوا بايرو يوم السبت بـ"العار المُعادي للإسلام"، وأضاف: "نحن نقف مع عائلة الضحية، ومع المؤمنين الذين صدمتهم هذه الحادثة"، موضحا أن الدولة تحشد كل مواردها لضمان القبض على القاتل ومعاقبته.
في الوقت نفسه، توجه وزير الداخلية برونو روتايو اليوم الأحد إلى منطقة غار (جنوب فرنسا) التي شهدت ارتكاب الجريمة، بحسب ما أكدته صحيفة لوفيغارو الفرنسية.
إعلانوأوضحت الصحيفة أن تفاصيل تحركات روتايو في منطقة ارتكاب الجريمة لم توضح، لكن رجحت مصادر أن يلتقي بممثلين عن هيئات دينية مختلفة باعتباره مسؤولا عن الشؤون الدينية، وأكدت أنه لا يود إرباك مسار التطورات الحالية.
وبحسب الإعلام الفرنسي، فالبحث عن الجاني جار على قدم وساق، وقد أجريت عمليات بحث يوم السبت في منطقة غارد وفي مقاطعة هيرولت المجاورة، وفقا لمصدر قريب من القضية.
وأكدت لوفيغارو أن القاتل ولد في ليون عام 2004، واسمه "أوليفييه هـ."، وهو فرنسي الجنسية، وغير مسلم، ويتحدر من عائلة بوسنية، بعضها يقيم في منطقة غارد، وليس لديه سجل جنائي، وعاطل عن العمل، ولم يكن معروفا لدى الأجهزة الأمنية.
وذكرت صحيفة لوباريزيان الفرنسية، أن المدعي العام لمنطقة أليس عبد الكريم غريني أكد أنه من الواضح أن الجاني لم يكن يعرف الضحية، وقال إن السلطات تبحث في ما إذا كانت هذه الجريمة تحمل دلالات عنصرية أم معادية للإسلام؟.
ونقلت لوفيغارو عن المدعي العام في نيم الفرنسية "إن المشتبه به خطِر للغاية" ومن الضروري القبض عليه قبل أن يتسبب في سقوط المزيد من الضحايا.