تصنيف ائتماني جديد وانتعاش مالي
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
رفعت وكالة «فيتش» التصنيف الائتماني لسلطنة عمان إلى BB+ مع نظرة مستقبلية مستقرة في استمرار لجني نتائج الإصلاحات المالية في سلطنة عمان خلال السنوات الماضية.
ويعد هذا الارتفاع انعكاسًا واضحًا للتدابير الحكومية القوية والحكيمة التي تهدف إلى التحكم في الإنفاق العام والاستفادة من عائدات النفط بكفاءة عالية لتخفيف الدين العام للبلاد وإدارة محفظة الإقراض بمهارة.
وكشفت الإجراءات الاستراتيجية الجديدة التي اتبعتها سلطنة عمان في مجال الحوكمة المالية مرونتها وقدرتها على التكيف في التعامل مع المشهد الاقتصادي، خاصة في الأوقات التي تتصارع فيها الاقتصادات العالمية في غياب واضح لعدم اليقين حول المستقبل قريب المدى في ظل كل التحولات التي يشهدها العالم. وأظهرت التدابير التي نفذتها الحكومة الالتزام بالانضباط المالي والنمو الاقتصادي المستدام، ما يعطي المستثمرين الكثير من الثقة في البيئة الاقتصادية في سلطنة عمان.
إن توقعات وكالة فيتش بأن سلطنة عمان تستعد لتحقيق فائض مالي بنسبة 4.1% هذا العام هي رؤية واعدة جدا ومبنية على رؤية واضحة للإجراءات التي تتخذها سلطنة عمان في هذا المجال، حيث حققت سلطنة عمان خلال النصف الأول من العام الجاري فائضا ماليا مقداره 656 مليون ريال عماني، وهذا الأمر يثير شعورًا بالتفاؤل والثبات بشأن المسار الاقتصادي للبلاد، ويؤكد فعالية الاستراتيجيات والسياسات المالية للحكومة في تعزيز الاستقرار الاقتصادي والمرونة.
إن رفع وكالة فيتش للتصنيف الائتماني وقبلها عدة وكالات أخرى ليس مجرد تعزيز إحصائي؛ إنها تأكيد على نجاح الاستراتيجية المالية والاقتصادية التي تتبعها سلطنة عمان، وفيها تأكيد جديد على قدرة الدولة على إنشاء نظام بيئي اقتصادي متوازن ومستدام، حيث يتم تحسين الموارد، وإدارة المخاطر بدقة، حيث يعد هذا الحذر المالي أمرا بالغ الأهمية لضمان الرخاء الاقتصادي والرفاهية الاجتماعية للدولة على المدى الطويل.
ومن بين مسوغات الوكالة لرفع تصنيف سلطنة عمان توظيفُ عائدات النفط في سداد الدين العام للدولة وإدارة المحفظة الإقراضية وهذا أمر مهم جدا في ظل التحول العالمي نحو مصادر الطاقة المتجددة؛ فإن نهج عُمان في استغلال ثروتها النفطية هو نهج استراتيجي، ويأتي في الوقت المناسب. ومن خلال استخدام عائدات النفط لتعزيز مركزها المالي، تقوم سلطنة عُمان ببناء أساس اقتصادي قوي يمكنه تحمل التحديات والشكوك المستقبلية، مع تمهيد الطريق أيضا للتنويع والاستثمار في مصادر الطاقة المستدامة والمتجددة.
إضافة إلى ذلك فإن التزام سلطنة عُمان بالتحكم في الإنفاق العام يظهر فهما واضحا لأهمية الحفاظ على التوازن المالي وضمان التخصيص الفعال للموارد. ويعد هذا النهج المتوازن في الإنفاق أمرا محوريا لتعزيز اقتصاد مستدام ومرن قادر على التكيف مع الظروف الاقتصادية العالمية المتغيرة والاستجابة بفعالية للاحتياجات والأولويات المحلية.
ومن المرجح أن تؤدي هذه الترقية من قبل فيتش إلى تعزيز جاذبية عُمان للمستثمرين الأجانب وتعزيز الثقة في الاستقرار الاقتصادي وآفاق النمو في البلاد، وهي خطوة إيجابية إلى الأمام في تعزيز مكانة سلطنة عمان على الساحة الاقتصادية العالمية، وستسهم بلا شك في جذب المزيد من الاستثمارات، وتعزيز الابتكار، وخلق فرص العمل.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: سلطنة عمان سلطنة ع
إقرأ أيضاً:
المؤيد الراشدي .. من شغف الأخشاب إلى ريادة الأعمال الفنية في سلطنة عمان
وجد المؤيد بن سعيد الراشدي في الأخشاب المحلية جمالًا أخّاذًا وتفاصيل ساحرة، دفعته إلى تقديم لمسات فنية تُبرز هذا الجمال للجمهور، ليشاركهم عشقه لهذه الخامة الفريدة وأسس ورشة "مِيس".
انطلق المؤيد في رحلته الفنية عام 2019، حين كان يعتني بطيور الزينة، ومع الإغلاق الذي فرضته جائحة كورونا، لم يتمكن من شراء قفص جديد لطيوره، فقرر صنعه بنفسه مستخدمًا بقايا الأخشاب. "استغرق مني صنع أول قفص 30 يومًا"، يقول المؤيد، "لكنها كانت تجربة غيرت مساري بالكامل، حيث بدأت أبحث في مجال النجارة وصناعة الأثاث".
بدأ المؤيد في صناعة ملحقات الحدائق المنزلية من الخشب وبعض قطع الأثاث مثل الكراسي والطاولات وبعد إحدى الكوارث الطبيعية التي حصلت في الولاية تساقطت الأشجار بسبب جريان الأودية، ففكرت في إعادة تدوير أخشاب هذه الأشجار واتجهت إلى صناعة الأعمال الفنية من الأخشاب الطبيعية العُمانية.
وأشار المؤيد إلى أن الطريق لم يكن سهلًا، حيث واجه صعوبات في تعلم أساسيات النجارة والتعامل مع الأخشاب، لكنه تغلب على هذه التحديات بالالتحاق بدورات تدريبية داخل وخارج سلطنة عمان، تحمل تكاليفها بنفسه، مما ساعده على تطوير مهاراته وصقل موهبته.
شارك المؤيد في العديد من المعارض والمنتديات بدعم من هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، كان أبرز إنجازاته تمثيل سلطنة عمان في معرض بنان الدولي بالمملكة العربية السعودية عام 2024، ضمن 10 حرفيين عمانيين من بين 500 حرفي من 26 دولة. "هذه المشاركة فتحت لي آفاقًا جديدة، وأطمح لتحقيق المزيد من الإنجازات العالمية".
يعتبر المؤيد فنه مزيجًا من الهواية والمصدر المالي قائلا: "هذا الفن يدر دخلًا مباركًا إذا تم تقدير الفنان وفنه بالشكل الصحيح"، مضيفًا أنه يقضي معظم وقته في العمل على أعماله الفنية دون أن يشعر بالملل، حيث يجد في ذلك متعة لا توصف.
يستلهم المؤيد أعماله من المعالم التاريخية والصناعات العالمية، مثل الأبراج الشهيرة والفنون الفارسية التي تعلّمها في مدينة شيراز بإيران. كما يستلهم من الطبيعة العُمانية، مثل تصميمه المفضل "مزهرية حَدَش". ويروي المؤيد قصة هذه المزهرية المصنوعة من شجرة "العتم" العريقة التي عاشت أكثر من ألف عام بالقرب من مسجد حدش في ولاية نخل. "أردت أن أخلّد أثر هذه الشجرة العظيمة من خلال تصميم مزهرية تعكس جمالها الطبيعي".
يشير المؤيد إلى أن تقبل المجتمع للأعمال الفنية ما زال محدودًا، وأنه يتعين على الجميع تعزيز الوعي بأهمية الحرف اليدوية من خلال أمسيات وفعاليات فنية تثقيفية. ويوجه المؤيد نصيحته للمبتدئين قائلاً: "ابحثوا عن شغفكم وجربوا العمل على أرض الواقع، فالتجربة خير برهان".
وعن طموحاته المستقبلية، يسعى المؤيد لافتتاح معرضه الخاص الذي يضم أعماله الفنية، وتحقيق جوائز عالمية تعكس تميزه في مجاله.
يختم المؤيد حديثه برسالة ملهمة للشباب: "ابحروا في عالم الفن، وابدعوا فيه، واحرصوا على الحفاظ على إرثنا الجميل".