لجريدة عمان:
2024-09-19@20:58:26 GMT

كيف نضمن نجاح تمويل العمل المناخي؟

تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT

بينما ننتقل من أسبوع الأمم المتحدة للمناخ إلى مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (مؤتمر الأطراف 28) في دبي بوقت لاحق من هذا العام، ينبغي لنا أن نكف عن «التمني الأخضر» و«الغسل الأخضر»، وأن نبدأ في التفكير بالأدوات الكفيلة بتمكين القطاع الخاص والمستثمرين في القطاع الخاص من توجيه مزيد من رأس المال نحو تعزيز القدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ والتنمية المستدامة.

وفي حين يستطيع القطاع العام أن يضطلع بدور مهم في هذا الصدد، فإن الحلول القابلة للتوسع تتطلب التزامات كبيرة من موارد القطاع الخاص. ومع الخراب والدمار الذي أوقعه تغير المناخ بالفعل بالبلدان الفقيرة والغنية على حد سواء، أصبح إطلاق العنان لهذا المجمع غير المستغل إلى حد كبير من رؤوس الأموال أولوية مُـلِـحّـة.

ولكن في ظل الأوضاع الراهنة، يربط عدد كبير من المستثمرين مثل هذه الاستثمارات التي تركز على المناخ و«الأثر الاجتماعي» بانخفاض الربحية. ورغم أن المستثمرين المخضرمين يملكون الوسائل اللازمة لنشر رؤوس أموالهم بشكل مُـربِـح نحو إزالة الكربون، وتحول الطاقة، وغير ذلك من القطاعات المرتبطة بالمناخ، فإن مثل هذه الاستثمارات تميل إلى أن تكون غير سائلة. وهي تظل مغلقة بإحكام في صناديق الأسهم الخاصة، وبالتالي لا يمكن الوصول إليها من جانب المستثمرين العاديين والمدخرين الأكثر عُـرضة لانعدام أمن الغذاء والماء والطاقة بسبب تغير المناخ.

يتلخص الحل في خلق استثمارات مناخية مربحة وسائلة ومتاحة للجميع. ويقدم مؤتمر الأطراف 28 (COP28) الفرصة لإعادة النظر في الكيفية التي نقدم بها مثل هذه الحلول القائمة على السوق، وكيف يمكننا تسخير الإبداع الرقمي لنشر النماذج الواعدة على نطاق أوسع. لتعبئة مبالغ كبيرة من رأس المال، يتعين علينا أن نعتمد على المدخرات العالمية التي يحتفظ بها مستثمرون أفراد فضلا عن مؤسسات مثل صناديق المعاشات، وشركات التأمين، والصناديق السيادية. ومن الممكن تحقيق تنويع المخاطر من خلال أدوات سهلة الاستخدام في البيع بالتجزئة، وتتسم بالسيولة، ويسهل الوصول إليها، مثل الصناديق المتداولة في البورصة.

وتتمثل الطريقة المعقولة لبناء استراتيجية استثمارية مربحة وطويلة الأجل ومتوائمة مع المناخ ويسهل الوصول إليها على نطاق واسع في تطوير محفظة متنوعة من الأصول التي تدعم بشكل مباشر أو غير مباشر تمويل العمل المناخي. من منظور المستثمرين الذين يتحرون الاستثمار الطويل الأجل، يجب أن تتألف المحفظة التي تلبي هذه المتطلبات من 3 أنماط رئيسية من الأصول.

أولا، العقارات والبنية الأساسية القادرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ ــ وهذا يعني الأصول القائمة في مناطق جغرافية مستقرة ومقاومة للعوامل الجوية والمعرضة للمناخ بدرجة خفيفة. من المتوقع أن ترتفع تقييمات العقارات والبنية الأساسية في مثل هذه المناطق بشكل كبير على خلفية التحولات السكانية من المناطق العالية المخاطر في مختلف مناطق نصف الكرة الأرضية الجنوبي إلى مجتمعات أكثر مرونة وقدرة على الصمود في أمريكا الشمالية، وشمال أوراسيا، ومناطق جغرافية منتقاة في الجنوب العالمي. تُـعَـد صناديق الاستثمار العقاري المختارة بعناية والتعرض للتطورات غير المستغلة من خلال الصناديق المتداولة في البورصة من الطرق المعقولة لتأمين عائدات يمكن التعويل عليها من جهود التكيف مع المناخ. وكمكافأة إضافية، تقدم مثل هذه الاستثمارات فوائد اقتصادية ومجتمعية أعرض، بما في ذلك نمو الإنتاجية، وخلق الوظائف، وتوفير فرص العمل والإسكان للسكان المهاجرين.

يتمثل العنصر الثاني في السلع الأساسية الخضراء. يستلزم الانتقال إلى مستقبل أكثر مرونة استثمارات ضخمة ليس فقط في أصول الطاقة والغذاء والمياه، بل وأيضا في المعادن والمعادن الأساسية الحرجة المستخدمة في مشاريع الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية. وهذا يشمل سلعا أساسية مثل الصويا، والقمح، والنحاس، والعناصر الأرضية النادرة، والكوبالت، والليثيوم، وما إلى ذلك. لتجنب «التضخم الأخضر» (التضخم الناجم عن جهود إزالة الكربون) واختناقات العرض، فإننا في احتياج ماس إلى تعزيز الإنتاج وخفض تكلفة تأمين هذه السلع الأساسية.

أخيرا، يجب أن تشتمل أي محفظة معقولة متوائمة مع المناخ على أصول توفر إمكانية التحوط ضد التضخم والمخاطر الجغرافية الاقتصادية، مثل السندات السيادية القصيرة الأجل والمربوطة بالتضخم والذهب. ليس الأمر أن الارتباط السلبي بين هذه الأصول وغيرها من الاستثمارات المرتبطة بالمناخ يوفر ثِـقَـلا موازِنا إضافيا فحسب، بل ويوفر أيضا السيولة والتعرض للتقلبات بدرجة ضئيلة لتلبية احتياجات عدد كبير من المستثمرين الأفراد، والمتقاعدين، والمدخرين. ومرة أخرى، يشتمل الأمر على مكافأة إضافية: ذلك أن زيادة الاستثمارات في الأصول السيادية المقاومة للتضخم من شأنها أن تسمح للحكومات ببذل مزيد من الجهد لتمويل التحول الأخضر. لتحقيق أعظم أثر ممكن، يجب أن تكون أدوات الاستثمار المناخي هذه متاحة للمستثمر العادي بشروط سائلة ومنخفضة التكلفة. ورغم أن الصناديق المتداولة في البورصة قد تكون مفيدة في هذا الصدد، فليس كل الناس لديهم حسابات وساطة، أو حتى حسابات مصرفية. نحن نميل إلى تجاهل السكان غير المتعاملين مع البنوك في الجنوب العالمي، وكذا الأجيال الأكثر شبابا التي قد تكون الأصول الرقمية أكثر جاذبية في نظر المنتمين إليها. وفقا لتقارير البنك الدولي، لا يتعامل 1.4 مليار شخص بالغ مع البنوك على مستوى العالَـم، وتتجاوز نسبة السكان غير المتعاملين مع البنوك 50% في كثير من دول الشرق الأوسط، وآسيا، وأفريقيا، وتضم أعدادا أكبر من السكان الشباب («المواطنين الرقميين»). نظرا لهذه العوامل، يتعين علينا أن نعمل على ابتكار تمثيل رقمي رمزي لكل حلول الاستثمار المناخي المذكورة أعلاه، سواء لتحقيق نطاق عالمي أو لحماية الأشخاص الأكثر عُـرضة لخطر تغير المناخ وانخفاض قيمة العملات الورقية. لكن الأصول الرقمية من غير الممكن أن تقدم حلا قابلا للتطبيق إلا إذا كانت مدعومة بأصول مادية ومالية حقيقية. ومن الأهمية بمكان التخفيف من مخاطر المضاربة والحفاظ على السيولة أثناء الأزمات لضمان عدم تحول هذه الأصول الرقمية إلى شكل آخر من أشكال العملات المشفرة العديمة القيمة في الأساس. لبناء مجتمعات قادرة على تحمل تغير المناخ، وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص عبر الحدود، وتأمين الإمدادات الخضراء الحرجة، واستيعاب التحولات السكانية التي يحركها المناخ في مختلف أنحاء العالَـم، يتعين على صناع السياسات وأصحاب الأصول أن يسارعوا إلى إعادة النظر في كيفية توجيه رأس المال على نطاق ضخم. وفي ظل التصاعد السريع الذي تشهده التكاليف المرتبطة بالمناخ، يظل الإبداع (التكنولوجي والمالي) الأداة الأقوى تحت تصرفنا. مع اقتراب موعد انعقاد مؤتمر الأطراف 28، لم نعد نملك ترف إهدار الوقت على المماطلة والأماني الخضراء الفارغة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: تغیر المناخ مثل هذه

إقرأ أيضاً:

كيف وقعت الصين الشيوعية في حب الخصخصة؟

تناولت مجلة "إيكونوميست" قضية لجوء السلطات الصينية المتزايد إلى الخصخصة كوسيلة لسد العجز المالي المتزايد في البلاد.

فخلال زيارته الأخيرة لمدينته لايشي (شرقي الصين) تفاجأ غوو بينغ (اسم مستعار) بأن الحكومة المحلية باعت عددا من الأصول المملوكة للدولة، بما في ذلك خزانات للمياه.

ويعكس هذا الإجراء الوضع المالي الصعب الذي تواجهه المدن والبلدات في جميع أنحاء الصين، حيث تراجعت إيرادات الحكومات المحلية بشكل كبير كما تشير الصحيفة.

وفي ظل محاولات المسؤولين لإنعاش الاقتصاد، شهدت البلاد تراجعا في الإيرادات الضريبية. كما أن أزمة العقارات زادت الوضع سوءا، إذ أثرت بشكل مباشر على قدرة السلطات المحلية على بيع حقوق استخدام الأراضي التي كانت تُعد مصدرا رئيسيا للدخل.

وعام 2023، انخفضت الإيرادات المتعلقة بالأراضي إلى 26% من إجمالي إيرادات السلطات المحلية، مقارنة بـ36% عام 2020.

ومع تراجع الإيرادات، بدأت المدن في البحث عن طرق جديدة لزيادة إيراداتها. وبدأت بعض المناطق في فرض رسوم وغرامات جديدة. على سبيل المثال، في مدينة ووتشو، أصبحت الغرامات المفروضة على المخالفات المرورية تشكل نحو 50% من دخل المدينة، في حين كانت النسبة تقل عن 8% في معظم المدن الأخرى.

مدينة جوانزو جمعت 50 مليون دولار من خلال السماح لشركات المياه والحافلات ببيع قطع أراض (شترستوك) اللجوء إلى بيع الأصول

وتشير إيكونوميست إلى أنه وفي محاولة لتخفيف الضغوط المالية، دعت الحكومة المركزية عام 2022 السلطات المحلية إلى "إحياء" أصولها، أي بيعها أو تأجيرها أو إعادة تمويلها. والعام الماضي، وجه مجلس الدولة الصيني تعليمات إلى 12 مقاطعة تعاني من الديون بضرورة "كسر الأواني وبيع الحديد" وهو تعبير يُستخدم للإشارة إلى جهود أكبر لجمع الأموال.

مدينة جوانزو، على سبيل المثال، جمعت 370 مليون يوان (حوالي 50 مليون دولار) من خلال السماح لشركات المياه والحافلات ببيع قطع أراض. وفي تشونغتشينغ، أعلن أحد الأحياء في أغسطس/آب أنه سيبيع أصوله للتخفيف من أزمة الديون.

وفي مدينة تشينغداو والتي تشمل لايشي، بلغت مبيعات الأصول المملوكة للدولة في البورصة المحلية 5.9 مليارات يوان (832 مليون دولار) العام الماضي، وهو أكثر من ضعف ما كان عليه في العام السابق. وتضمنت هذه المبيعات حقوق استخدام 7 خزانات بعقود تستمر حتى 40 عامًا.

تحديات وانتقادات

ومع ذلك، فإن عملية بيع الأصول الحكومية تواجه العديد من التحديات حسبما قالت إيكونوميست. أحد أبرز هذه التحديات هو تحديد الملكية الفعلية للأصول، خاصة تلك التي يزيد عمرها على عقدين وتفتقر إلى الوثائق الرسمية. كما أن دمج المدن وتوسعها على مدى العقود الماضية جعل من الصعب تحديد المالك الفعلي للكثير من هذه الأصول.

وهناك أيضا مخاطر قانونية -وفق الصحيفة- تحيط بمثل هذه الصفقات، حيث يخشى المشترون من أن تكون هذه المبيعات عرضة للتحقيقات في المستقبل بتهمة الفساد أو بيع الأصول بأسعار أقل من قيمتها الحقيقية. إضافةً إلى ذلك، يشعر المشترون من القطاع الخاص بالخوف من أن يتهموا بالحصول على الأصول بأسعار منخفضة جدا، أو أن تنطوي الصفقة على مخاطر تجعلها غير مجدية اقتصاديا.

وتعرضت هذه المبيعات لانتقادات واسعة. فعلى سبيل المثال، أظهرت وثائق بيع خزانين في لايشي أن المشتري كان شركة حكومية أخرى في نفس المدينة، مما يشير إلى أن العملية ليست خصخصة حقيقية.

وتثير هذه التحركات تساؤلات حول فعالية هذه الإجراءات في حل مشكلة الديون المتراكمة على المدى الطويل. وقد أعرب غوو عن استيائه من هذه المبيعات، مشيرا إلى أن هذا يعكس "تدهورا اقتصاديا تدريجيا."

وتظل هذه الجهود -وفق إيكونوميست- جزءا من محاولة أوسع من قبل الحكومة الصينية لرفع الإيرادات في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة. ومع ذلك، يبقى السؤال ما إذا كانت هذه التدابير ستكون كافية لمعالجة المشكلات المالية العميقة التي تواجهها البلاد.

مقالات مشابهة

  • “مجلس الإمارات للعمل المناخي” يستعرض الاستعدادات النهائية للمشاركة في مؤتمر الأطراف COP29
  • مجابهة آثار تغير المناخ بهدف تعزيز الأمن الغذائي في اليمن
  • تغير المناخ يزيد حجم الجليد في "بوابة الجحيم"
  • النائب سيد حنفي يثمن نجاح الحكومة في الحفاظ على حقوق العمال
  • أذربيجان تعلن أهدافًا للتمويل المناخي وتخزين الطاقة خلال رئاسة كوب 29.. فيديو
  • أذربيجان تعلن أهدافا للتمويل المناخي وتخزين الطاقة خلال رئاسة كوب 29
  • التمويل المناخي وتخزين الطاقة.. الإعلان عن أهداف "كوب29"
  • كيف وقعت الصين الشيوعية في حب الخصخصة؟
  • وزير الري: نعمل على توفير تمويلات لتنفيذ مشروعات مائية والتكيف مع تغير المناخ عربيًّا وإفريقيًّا
  • دراسة تكشف حقيقة تأثير تغير المناخ على صحة الإنسان