النادي الثقافي وتحديات الواقع
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
بداية أشكر صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب على ثقته بتشكيل مجلس إدارة النادي الجديدة، واختياري عضوا فيها، وإن كان هناك من هو أفضل وأولى، مشاركة مع الدكتور محمد البلوشي رئيسا، والدكتور سعود الحنيني نائبا للرئيس، وعضوية أيضا الدكتورة منى السليمية، ومعاوية الرواحي، كما أشكر التفاعل الكبير من المتابعين في وسائل التواصل، والأصدقاء في داخل عمان وخارجها، على حسن الظن، وتفاعلهم الجميل والكبير معا.
بطبيعة الحال النادي الثقافي تأسّس عام 1983م باسم النادي الجامعي، والنادي الجامعي بمعنى نادي الخريجين، حيث كان معنيّا من الابتداء بالخريجين، وتأسّس وفق المرسوم السلطاني رقم 31 / 83، وحينها كان يشرف عليه معالي وزير التربية والتعليم وشؤون الشّباب، لكون التعليم العالي تابعا لها، ولا توجد وزارة حينها باسم التعليم العالي.
والعمانيون كغيرهم لهم شغف كبير بالثقافة والمنتديات الثقافية، كالدم الذي يسري في عروقهم، وكانت لهم منتدياتهم المهاجرة في شرق أفريقيا وغيرها، ولما حكم السلطان قابوس – رحمه الله – عمان 1970م فكّر العديد من المثقفين العمانيين في تأسيس نادي ثقافي منذ فترة مبكرة جدّا، وكما يذكر الأستاذ أحمد الفلاحي في لقاء لي معه في أبريل 2022م تمّ تأسيس النادي الوطني الثقافي عام 1971م، وفكرته «تعود إلى وزير الإعلام السابق حمد بن محمد الراشدي ... مع صديقه يحيى بن سعود السليمي الذي أصبح لاحقا أيضا وزير التربية والتعليم، فاقترح حمد الراشدي أن نؤسّس ناديا يختلف عن الأندية الرياضية الأخرى، ولم يكن حينها تعقيد في إنشاء الأندية، فحصلنا على التّرخيص بسرعة، فهو بدأ بالرّاشدي وأصدقائه، ثمّ دخلت معهم، وكان معنا مجموعة من المهتمين بالثّقافة حينها، وأشركنا من كان يكبرنا سنّا، مثل محمود الخصيبي (ت 1998م)، وخميس بن حارب الحوسني، وعبد الله بن صخر العامري (ت 2001م)، وكان للنّادي نشاط ثقافي كبير، حيث يقيم المحاضرات والنّدوات بشكل متواصل، وكانت لديه فرقة للموسيقى، وفريق للشطّرنج، والفنّ التشكيلي، والرّسم، وغيرها، وفيه مكتبة، واستضفنا شخصيّات عديدة ... والشباب الذين يدرسون في القاهرة ودمشق وبغداد لمّا يرجعون في الصّيف يعملون لنا ندوات مرتبطة بالمجتمع والثّقافة، ومن أهم أنشطة النادي أنّهم فكّروا في إصدار نشرة، سميت بالثقافة الجديدة .... واستمرت هذه النّشرة من سنة إلى سنتين .... وطبعنا العشرات من الأعداد فيها، وتوقفت المجلّة في عام 1977م، حيث حدثت إشكالات في النّادي فتوقف وتوقفت معه المجلّة».
إلّا أنّ فكرة النّادي ظلّت حاضرة، حيث ارتفع عدد المثقفين العمانيين بشكل كبير بسبب النّهضة الحديثة، فكان النادي الجامعي، وارتبط بالخريجين ابتداء كما أسلفنا، ثمّ ارتبط بالثقافة والمثقف العماني عموما، لهذا كما في لائحة النّادي بالموقع على الشّبكة العالميّة «في عام 1986م تم تعديل مسمّى النادي من النادي الجامعي إلى النادي الثقافي، بمقتضى المرسوم السلطاني رقم 42/ 86»، ولتفعيل النّادي بصورة أكبر، وبعد مرور أكثر من خمسة وعشرين عاما على تأسيسه، وارتفاع الوعي الثّقافيّ في عمان، ففي عام 2008م «صدر المرسوم السلطاني رقم 15/ 2008 القاضي بإعادة تنظيم النّادي الثقافي، والذي أسند مهمة الإشراف عليه إلى وزير التّراث والثّقافة بدلا من وزير التربية والتعليم»، وكان حينها جلالة السّلطان هيثم بن طارق – حفظه الله -، الّذي أعطى تعدديّة ثقافيّة في النّادي، ومنحه صلاحيات أكبر بكثير من السّابق.
وفي هذا العام 2023م احتفل النادي الثّقافي بمرور أربعين عاما على تأسيسه، وهو يرفل تحت رعاية وإشراف صاحب السّمو السيد وزير وزارة الثّقافة والرّياضة والشّباب، وبمتابعة خاصّة وتوجيه من جلالته، وقد قدّمتُ شخصيّا مقترحا في الإدارة السّابقة تحت رئاسة الدّكتور محمود السليمي حول قراءة للنادي احتفائيّة ونقديّة بمرور أربعين عاما على تأسيسه؛ فوافقت مشكورة على إقامتها، مع استلهام تلك العقود الأربعة وقد تنوعت فيها المناشط، وساهمت في الوعي العمانيّ المعاصر، واستضافت شخصيّات ورموز كبيرة من خارج عمان، وما زال أرشيف النادي في يوتيوب شاهدا على ذلك، كما تناوبت في دورات رئاسيّة شخوص مختلفة المشارب، ممّا ساهم بشكل كبير في تنوع الفعاليّات، كل حسب توجهه ومقتضيات واقع فترته، كما فتح المجال للمشاركات الخارجيّة من كافة التّنوعات الثّقافيّة العمانيّة لمن لديه تصوّرات ومقترحات لفعاليّات ثقافيّة، أو توجيهات ومقترحات، أو رؤى نقديّة وتوجيهيّة.
وبعد هذا كلّه علينا أن ندرك، ونحن نقرأ النادي الثقافي اليوم أنّ تحدّيات النّادي وقت تأسيسه وما بعده في الثّمانينيّات والتّسعينيّات من القرن الماضي ليس كتحدّيات اليوم، والواقع حينها يختلف تماما عن الواقع اليوم، فحينها كان النّادي قبلة ثقافيّة للجميع، يتسامرون ويحاورون بعضهم، وفيه يقدّمون إبداعهم، ويتزاحمون على الفعاليّات الثّقافيّة، كما أنّ السّكنات الطلابية، ومحبّي الثّقافيّ لم تكن بالبعيدة يومها، وكانت مدينة القرم الّتي يقع فيها النّادي الثقافي واسطة العقد بين الجميع.
وأمّا اليوم فتغير الحال تماما، فالثّقل السكني والطّلابي ابتعد قليلا عن القرم، كما يزاحم النّادي الثّقافي جمعيّات رسميّة ومدنيّة وأهليّة، ومبادرات شبابيّة وطلابيّة، وأصبحت العديد من المكتبات والمقاهي تقام فيها فعاليّات ثقافيّة وأدبيّة وعلميّة ومعرفيّة، ففي الأمس ينتظر المجتمع الثّقافي بشغف يوم الفعاليّات في النّادي الثّقافي، وأمّا اليوم فلا يكاد يأفل يوم من وجود فعاليّة في مسقط، وأحيانا أكثر من فعاليّة في اليوم الواحد، كما زاحمت المقاهي – خصوصا ذات الصّبغة الثّقافيّة – النّادي الثّقافيّ في مجالات اللّقاء التّعارفيّ والإبداعيّ، فإذا كانت السّينما أثرت على المسرح؛ فكذلك الحال هذه المبادرات الأهليّة والشّبابيّة أثرت على المؤسّسات الرّسميّة والأهليّة عموما، والسّؤال المطروح هنا: هل يستطيع النّادي الثّقافي اليوم استيعاب هذه المبادرات، والانفتاح لها بشكل كبير، بدل الفعاليّات التّقليديّة، بحيث يتحوّل النّادي الثّقافي إلى حاضنة لمبادرات الشّباب الثّقافيّة والفنيّة والابداعيّة والابتكاريّة.
هذا الانفتاح ذاته يترتب عليه تحدّيات ماليّة تختلف عن السّابق، كما أنّ الثّورة الرّقميّة اليوم توجب تحدّيات افتراضيّة بشكل كبير، وانفتاح في الفضاء الأوسع، فالعالم اليوم يعيش في قرية واحدة فضلا عن عالمنا العربيّ، فهل يستطيع النّادي الثّقافيّ خلق فضاء ثقافي وفكري وإبداعي وأدبي يتجاوز قاعة النّادي ليس إلى عمان فحسب؛ بل إلى الفضاء الخليجيّ والعربيّ عموما، بحيث تتوسع قبلة النّادي الثّقافيّ لتكون محطة ثقافيّة تساهم في خلق وعي وإحياء عربيّ، مع حضور الرّمزيّات والعقول العربيّة المبدعة في هذا الفضاء الثّقافيّ.
كما لا ننسى تحدّي استثمار الثّقافة، فاليوم لم تعد الثّقافة مجرد ترف أو هواية، أو ذات ارتباط بالعلوم الإنسانيّة المحضة فقط؛ بل أصبحت مرتبطة بالاستثمار والاقتصاد والسياحة، وتساهم في دعم الاقتصاد الوطنيّ، وخلق وظائف جديدة، وعمان اليوم تعيش في ظلّ رؤيتها 2040، وهذا بدوره يعطي تحدّيا آخر للنّادي الثّقافيّ، هل يستطيع اليوم المساهمة في ذلك، خاصّة وأنّ عمان ذات تنوع جغرافيّ وثقافيّ، وفيها محطات سياحيّة، ومواسم سياحيّة وثقافيّة في كلّ عام.
أتصوّر النادي الثقافي كغيره من المؤسّسات الثقافية والفنية والإبداعية والابتكارية، كانت رسميّة أو ذات صبغة مدنية وأهلية، أو ذات مبادرات شبابية وطلابية؛ تعاني من تحدّيات كبيرة، وأصبحت معقدة بشكل أكبر، ولا يمكن مقارنتها بالتحديات السابقة، إلّا أنّه بلا شك إنّ إدارة الدّكتور محمد البلوشي، وبالتّعاون مع إدارة النادي، والمجتمع الثقافي العماني ككل، ومع المؤسّسات والمبادرات الأخرى؛ سوف تساهم بشكل كبير في تجاوز العديد من التحديات بما يرفع من اسم عمان ثقافيّا وإبداعيّا وابتكاريّا، ويساهم في نهضة هذا الوطن، كما ساهم العديد ممّن سبق، وكل يكمل الآخر وفق واقعه، كما أنّ التعددية الموجودة حاليا في الفضاء الثقافي العماني حالة صحيّة تبهج الجميع.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: النادی الثقافی بشکل کبیر وزیر الت ثقافی ة تحد یات ثقافی ا فی عام
إقرأ أيضاً:
بحضور الآلاف .. مجلس الشمس يزف 3 أخبار سارة لأعضاء النادي
فى أجواء رمضانية وأسرية خالصة .. تجمع الألاف من أعضاء نادي الشمس على مائدة إفطار رمضانى واحدة فى “يوم العيلة ” أو “ عيش وملح ” تلك المبادرة التى إبتكرها مجلس إدارة النادي برئاسة الدكتور أسامة أبوزيد منذ 4 سنوات تقريبا وإعتاد على تكررها سنويا فى شهر الخير واليمن والبركات ويعقبه حفل لفرقة “ الأخوة أبوشعر السورية ” للإنشاد الدينى التى تلهب الحماس وتمتع الحضور بمدح خير خلق الله المصطفى نبى الأمة محمد صلى الله عليه وسلم .
وعقب جولة استمرت قرابة الساعة حرص خلالها الدكتور أسامة أبوزيد على مصافحة كل عضو شمساوى تقديرا لتلبيتهم دعوته لحضور يوم العيلة وتلقى منهم الشكر على الثورة الإنشائية والطفرة الرياضية غير المسبوقة التى حدثت منذ توليه المسئولية قبل 7 سنوات أنطلق الحفل الذى حضره العديد من الضيوف يتقدمهم آمنة الطرابلسى رئيس اتحاد الإسكواش وشريف مصطفى رئيس اتحاد الكونغ فو ولفيف من قيادات النادى التنفيذية والرياضية فى مشهد رائع وأجواء رمضانية أروع .
وحضر الحفل، د. أسامة أبوزيد رئيس مجلس إدارة النادي، المستشار محسن عبدالقادر أمين الصندوق، الكابتن أسامة صلاح، المحاسبة دعاء هشام بركات، المهندس كريم مسعود، الأستاذ عمرو عثمان، النائبة أية مدني، أعضاء مجلس الإدارة، الأستاذ مأمون العطار المدير التنفيذي، المحاسب تامر علي مستشار مجلس الإدارة.
وأعلن د. أسامة أبو زيد خلال كلمته بحفل افطار “يوم العيلة” عن استرداد أرض أصحاب الجياد لملكية النادي، بعد اتمام بروتوكول مع الدولة المصرية بأحقية نادي الشمس بها، موجهاً الشكر إلى فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية ولمؤسسات الدولة المصرية، بعد الاتفاق على بروتوكول يفيد بعودة الأرض مرة أخرى في شهر يوليو المقبل، موضحاً أنه يسعى دائما للحفاظ على ممتلكات النادي، وإقامة عدة مشاريع عليها من ضمنها إنشاء باريكنج لسيارات الأعضاء، حمامات سباحة ومبنى إجتماعى لتصبح بمثابة فرعا جديدا للنادى ومتنفسا لإعضائه.
وواصل رئيس النادي الإعلان عن الأخبار السارة لأعضاء الشمس من خلال التأكيد على فوز النادى بدعوى قضائية حول احقيته بالتصرف فى ملاعب كرة القدم الثلاثة المغطاة بالنجيل الصناعى “ ملاعب أكاديمية البراعم السابقة” بالقرب من المسجد الداخلى ليتم تخصيصها لممارسة الأعضاء عليها الساحرة المستديرة حتى سن 15 عاما مقابل 50 جنيها لتأجير الساعة وهذا أقل ثلاثة أضعاف تقريبا من تأجير ملاعب مجمع ملاعب كرة القدم الخماسية .
كما وجه أبوزيد الدعوة إلى أعضاء النادي لحضور إجتماع الجمعية العمومية غير العادية المقرر انعقادها في شهر يونيو القادم، لاتخاذ قرارات لمصلحة النادي ووضع الكثير من الأمور في نصابها الصحيح مؤكدا أنه يأمل أن تجرى الإنتخابات القادمة بنظام القائمة الموحدة بحيث يحق لاى عضو انتخاب قائمة كاملة يرى فيها القدرة على خدمة الشمس والحفاظ على مقدرات أعضائه مما يعنى التخلص من آفة أن تأتى الانتخابات بافراد غير منسجمين وبالتالى قد يعرقل البعض مسيرة التطوير والإنجازات .