نقيب الفلاحين يطالب بدعم الرئيس السيسي.. لو هدفه المنصب لوزع الأموال على الشعب
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
قال حسين أبو صدام نقيب الفلاحين، إن مصر زرعت العام الماضي 3 ملاين و650 ألف قدان قمح للمرة الأولى في التاريخ، إنتاجيتها نحو 10 ملايين طن، وهذه الإنتاجية جاءت بسبب العلماء المصريين الذين توصلوا إلى بذور قمح إنتاجيتها مرتفعة، فالفلاح المصري باع الإردب، الـ150 كليو، قمح بنحو 1500 جنيه، وزادت إنتاجية الفدان من 18 إردب إلى 32 إردب.
وأكد خلال استضافته مع الكاتب الصحفي والإعلامي أحمد الطاهري في برنامج "كلام في السياسة" على شاشة "إكسترا نيوز"، أن كل محافظة لها أصناف معينة لزراعتها بحسب التركيبة المحصولية، وفتحنا 160 سوقا جديدة، وصدرنا نحو 7 ملايين طن فائض من الخضروات والفواكه، حتى الأسعار في الأسواق ليست مرتفعة بالنسبة للإنتاج، كيلو الطماطم في مصر بـ25 جنيها لكنه في فرنسا بما يعادل 100 جنيه.
ولفت إلى أن دعم الرئيس السيسي واجب من أجل مستقبل مصر، ولو كان يريد المنصب فقط لكان وزع الأموال على الناس ولم يهتم بإنشاء المشروعات التي سترى فائدتها الأجيال التالية، لن نرى رئيسا يعرف كل هذه التفاصيل عن الفلاحين والزراعة والري، فنحن في أزهى عصور الزراعة، كل ما طالبنا به تم عمله، زراعة تعاقدية، طرق زراعة جديدة وصوب.
ارتباط بطين الأرضولفت إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أقام مشروعات عملاقة يتمتع بإنكار ذات غير مسبوق، فلم أر مدينة باسم السيسي، ولا قطار ولا كوبري ولا غواصة، بعد أن اعتدنا أن أي مسؤول يجب أن يبني مشروعات باسمه.
ولفت إلى أنه حين رأيت الرئيس السيسي في قرية سدس في بني سويف بين الناس تمنيت أن يعلن ترشحه للرئاسة اليوم قبل الغد، وهذا كلام ليس وليد اللحظة، فالفلاح يكون مرتبطا بطين الأرض أكثر من أي مواطن آخر.
وذكر أن الفلاحين الذين يختلفون على أولوية الري، إذا مرض أحدهم يروي جاره أرضه، فالفلاح دائما يرى الزرع كأنه طفل صغير يجب أن يروى، وما حدث خلال السنوات العشر الأخيرة من منع التعديات على الأرض الزراعية واستصلاح 4 ملايين فدان وشق وتبطين الترع للري، خير لمصر كلها يجري "على حجر الفلاح المصري".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حسين أبو صدام نقيب الفلاحين نقيب الفلاحين الفلاح المصرى آردب
إقرأ أيضاً:
البحر والبر
كل بيئة حيوية تفرض على الكائن الحي فـيها نمطًا من الحياة، مع الوقت والتكرار يتحول ذلك النمط إلى سمة وثقافة، فإذا كانت الطبيعة الجغرافـية للأرض تقسمها لبحر وبر، فإن ذلك ينعكس على الإنسان نفسه وعلى نمط حياته وثقافته.
فـي عُمان مثالا أينما تأملت وجردت جغرافـيتها فهي فـي المجمل تكوين من الاثنين، البر والبحر، ثم تجد تفاصيل بحرية بين البحر الهادئ أو المفتوح على المحيط، وبين الساحل الحجري والرملي، وتفاصيل برية من السهل للجبل للرمل، وكل منهما عامل مؤثر فـي أنماط الحياة البشرية التي قامت والتي تقوم، ولا يمكن إغفال هذه الفكرة حين التفكير فـي الطبيعة الاجتماعية للناس، بما أن الطبيعة البشرية تتأثر ببيئتها.
ظل البحر يحمل المتغير إلينا مع أمواجه، وكان البر يمثل الثابت بجباله، وبما أن البحر أفق مفتوح فهو يفرض المغامرة والارتحال والاستقبال المستمرين، ولما كان البر شاسعًا فقد فرض على ساكنه التنقل فـي طلب الرزق والمعايش، والكلأ للرعاة، والشراء والبيع للفلاحين، وكل ذلك خلق مناطق مشتركة هي المراكز والمدن اللاحقة، مع أن كل نمط من تلك الأنماط الحياتية ظل يستدعي سمات خاصة به، ويخلق بالتالي مناخًا خاصًا وثقافة خاصة، والملاحظ أن تلك الثقافات المحلية ظلت منفتحة على بعضها البعض، ولكنها حافظت على شبه خصوصيتها وعلى سماتها الخاصة بها وتفردها طوال قرون، رغم أوضاع الشدة والرخاء المتعاقبة وعلى اختلاف الدول.
السلطة من جانبها تتطلب البقاء والثبات النسبيين، وهذا ما جعل العواصم بنظرنا تلجأ للداخل وتسلم زمامها للثقافة الأكثر تماسكًا واستقرارًا، خاصة فـي لحظات الأخطار الخارجية الداهمة، كما حدث فـي صدر الإسلام بتحول العاصمة من صحار ودبا إلى نزوى، ثم الرستاق، والعودة لمسقط، ثم الانشقاق بين مركزين هما مسقط ونزوى إلى منتصف القرن العشرين، وذلك قد يلمح إلى أن الثقافة الثابتة الأقل تغيرًا، كانت هي المتسيدة على ثقافة المتغير، وأن تأثير المتغيرات القادمة من البحر كان أقل إلى حد ما، مقارنة بالمتغيرات القادمة بريًا والتي كانت جذرية.
إن الاستقرار الفلاحي والرعوي، وهو مزيج من الاثنين، انتشر فـي الداخل، بفعل الطبيعة الجغرافـية، والفلاح كما هو معروف مرحلة لاحقة على الرعوي والصياد البري، فهو ابنهما، وهذا الجيل اللاحق الذي شق الأفلاج وبلغ مصادر المياه، وبالتالي أسس البلدات والقرى المتفرقة، خلق أمكنة قابلة للحياة أكثر استدامة، وشكلت بالتالي مراكز قامت عليها حتى الحياة الرعوية المتنقلة بطبيعتها، وبدل البحث الرعوي الدائب عن المراعي من مكان لمكان جرت زراعة علف الحيوانات، عشب القت تحديدًا، فتوفرت بالتالي الموارد الكافـية التي يمكن للرعاة الاعتماد عليها عند تأخر الأمطار وقلة المراعي، وبذلك ارتبط الرعاة والفلاحون بعقد تبادلي، واعتماد متبادل ربط مصيرهم ببعض، وإن ادعى الفلاح عدم حاجته للراعي واكتفائه بما لديه، بما أنه مرب لحيوانات الأسر هو الآخر، لكن ذلك تنفـيه الوقائع، لأن الاعتماد ظل متبادلًا، خاصة فـي حاجة التجارة لنقل البضائع، ونقل المسافرين، حيث كان الرعاة هم الأقدر والأكثر خبرة بحكم تنقلهم المستمر، فكان أغلب الأدلة والمرشدين والمسييرين للقوافل البرية منهم لا من غيرهم، على الغالب.
العلاقة الأخرى كانت بين الفلاح والصياد، وهي كذلك علاقة منفعة اقتصادية متبادلة، سواء من ناحية تبادل المنتجات أو من ناحية النقل والسفر الخارجي، أو توفـير الغذاء والطعام والماء، وقد امتلك كل منهما ميزة فمن ناحية كان هناك استقرار الفلاح وركونه للبقاء مقابل استمرار سفر البحار، واعتماده المغامرة والمواسم، وقد يدعي كل منهما الغلبة على الآخر، لكن يبدو أن الوقائع التاريخية لها إثباتاتها الخاصة. وكما يبدو فـي نظرنا فإن ثبات المورد المائي واستمرار جريانه، جعل الميزان يميل لصالح الفلاحية أكثر، ولا يخلو الأمر من نسبية فـي كل الأحوال.
فـي بيئة متغيرة تعتمد على أمطار موسمية تختلف من سنة إلى سنة، بقي تفكير الإنسان متجهًا لما يبقى، أي لإنتاج منتجات تدوم مدة أطول، على تغير المواسم والسنوات، ومن هنا نشأت فكرة الأطعمة المجففة، فإذا كان الغيل والغدير القديم مهددين بالجفاف والنضوب جرى البحث عن ماء أكثر استدامة، وإذا كانت الآبار تكشف عن مياه مستمرة لا تتأثر بسرعة بالجدب وقلة الأمطار فإن الفكرة هي جعل مياه الآبار جارية، وهي الفكرة التي قامت منها الأفلاج، وبهذه الطريقة جرى توفـير مصدر مياه مستمر لا ينقطع طوال أيام السنة، ولا يتأثر مباشرة بقلة الأمطار بل يصمد لسنوات.
هكذا نجد كذلك أن أغلب القرى العمانية فـي الداخل أو الساحل تقوم على ضفاف الأودية وعند مصادر المياه، بما أن الماء حاجة مركزية لا غنى للإنسان عنها، وبذلك نشأت الصور الأولى للاستقرار والمدنية والحضارة، وقد تمكن الإنسان من شق طريقه لتلبية الحاجات للأجيال، والمشاركة الفعالة فـي محيطه الجغرافـي الإقليمي، فـيما يتعلق بأسباب الحياة والعيش وكل ذلك خلق أنماطًا وأشكالًا متنوعة وغير جامدة من الثقافة الحية حتى فـي إطار الجماعة البشرية الواحدة، حيث تجد كل الأنماط الثلاثة مجالها الحيوي وتتوطد علاقاتها.
هناك مسألة أخرى تتعلق بالثقافة الفلاحية، وهي فكرة الأرض الوطن، لأن الفلاح لا يمتلك خفة الانتقال من مكان لمكان كالراعي، أو الأسفار الطويلة بالشهور كالبحار، فليس بمقدوره الانتقال بأرضه وبستانه من مكان إلى مكان، فهو أكثر لصوقًا بالأرض، وأكثر تجذرًا بها، ويعتمد عيشه واتساع رزقه على بقائه فـي نفس الأرض، وهمه زيادة ملكيته منها، لذلك فإن الأرجح بنظرنا أن فكرة الوطن الثابت المحدد بأطره وحدوده نشأت من الثقافة الفلاحية، ومن البستان تحديدًا، ولا يعني ذلك عدم وجود ذلك المفهوم عند الراعي والصياد بطبيعة الحال، بل إن تنقلهم أسهل من تنقل الفلاح الذي يفقد معناه دون أرض محددة بعينها وملكيتها.
يبدو لنا الآن أن هذه بالمجمل هي الأسباب التي أدت إلى رجحان كفة النمط الفلاحي على الرعوي والساحلي، والتقسيم نظري لأغراض التأمل، ففـي الواقع ظلت الجماعات البشرية معنا محافظة داخلها على نمطين أو أكثر من أنماط الحياة، فـي نوع من المزج، فتجد الأنماط الثلاثة موجودة فـي أنماط يسود فـيها الرعي أو الصيد والإبحار أو الفلاحة، وذلك ما شكل فـي اتحاده مزيجًا أكثر لحمة وصلابة، دون أن يخسر تنوعه واختلافه وغناه، وتكامله.
إبراهيم سعيد شاعر وكاتب عُماني