سوبر ماركت للأطفال.. اسبانيا تقلب أوراق سرقات عمرها نصف قرن وضحاياها مئات الآلاف
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
شفق نيوز/ على الرغم من أن اختطاف الأطفال والاتجار بهم جرائم تحدث أحيانا، إلا أن ما شهدته إسبانيا من تجربة مريرة يفوق التصور، فإن الحكومة كانت وراءها وضحاياها يقدرون بمئات الآلاف، وفيما يصف مختطفون بعد نحو نصف قرن من هذه الظاهرة أنهم كانوا "سوبر ماركت لسرقة الأطفال"، كانت الحيلة الرئيسة هي إقناع الأهالي بموت أبنائهم.
إنس مادريغال، كانت واحدة من الأطفال الصغار الذين اختطفوا من ذويهم، قالت في وصف ما جرى: "كنا سوبر ماركت أوروبي للأطفال، وسرق الأطفال لمدة 60 عاما".
هذه الضحية كانت قد اختطفت وهي طفلة صغيرة من والدتها في عام 1969، وكانت واحدة من حوالي 300000 طفل اختطفوا من أسرهم وبيعوا في جميع أنحاء أوروبا على مدى 60 عاما!
هذه الظاهرة المأساوية الطويلة ظهرت عقب انتصار الجنرال فرانكو في الحرب الأهلية ضد الجمهوريين بين عامي 1936 – 1939، واستمرت من عام 1939 إلى تاريخ وفاة فرانكو وانتهاء نظامه الفاشي في عام 1975، لكن اللافت والمثير للاستغراب أن ممارستها تواصلت حتى عام 1990!
بعد أن انتصر فرانكو، جرى اختطاف الآلاف من أطفال الجمهوريين أو الشيوعيين بأوامر من الجنرال، وجرى تسليمهم لعائلات موالية للنظام لتبنيهم، ولاحقا تحولت الظاهرة إلى انتزاع الأطفال من أوليائهم الذين عدوا غير مستقرين أخلاقيا او ماديا على الفور ومن مستشفيات الولادة. على سبيل المثال حين يكون الطفل قد ولد من دون زواج.
الأدهى أن عملية الاختطاف التي مورست بشكل واسع بواسطة الخداع، شارك فيها الأطباء والكنيسة الكاثوليكية، وجرت العادة أن تبلغ الأمهات بوفاة أطفالهن حديثي الولادة، ويتم بيع هؤلاء إلى عائلات مختارة.
المواليد ضحايا هذه الجريمة الكبيرة كانوا ينتمون لآباء جمهوريين أو شيوعيين كانوا قاتلوا في الحرب الأهلية الإسبانية أو كانوا مناصرين لخصوم الجنرال فرانكو. كما أن بعض المواليد كانت أمهاتهم أو آباؤهم في السجون أو قتلوا في أتون الحرب.
الحيلة الرئيسة التي كانت تستعمل لانتزاع الأطفال من الوالدين "غير المرغوب فيهما" إبلاغهما بأن مولودهما مات لأسباب مختلفة عقب الولادة مباشرة. وتم لاحقا بعد تفجر الفضيحة بشكل رسمي وبدء التحقيقات في القضية خلال العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، الكشف عن آلاف القبور المزيفة لمواليد انتزعوا من أهلهم وتم الإبلاغ عن وفاتهم وجرى بيعهم في السوق السوداء من قبل راهبات وعاملين في السلك الكهنوتي، حتى أن تقارير تؤكد أن الكنيسة الكاثوليكية كانت ناشطا رئيسا في تلك الشبكة السرية للمتاجرة بالمواليد.
يجري الذكر في هذا السياق أن جميع زبائن هذه التجارة كانوا من الأسر الثرية وقد تم خداعها بالقول إن المبلغ الكبير من المال الذي ستدفعه مقابل الحصول على المواليد مرتبط بـ "ضريبة للتبني".
من أمثلة أساليب الخداع التي استعملتها هذه الشبكة السرية المرتبطة بنظام الجنرال فرانكو أن امرأة تدعى أنغيلا ألفاريز، أبلغها الأطباء في عام 1976 بأنها حامل بثلاثة توائم، ثم اعتذروا وقالوا إن خطأ جرى وأنها حامل بتوأم فقط، ولاحقا أخبروها أن أحد التوأمين توفى، وواجهوا غضبها بمواساتها بالقول "بقي لديك واحد"، وحين أروها جثة وليدها في اليوم التالي استغربت حين ألقت نظرة عليه، مشيرة إلى أنه يبدو كبيرا، أقنعوها بأنها مرهقة وأن الأمور طبيعية جدا!
أحد قضاة التحقيق في هذه القضية يقول إن حوالي 30000 مولود انتزعوا في الفترة التي أعقبت الحرب الأهلية الإسبانية، في حين تواصلت ظاهرة اختطاف الأطفال للمتاجرة بهم واستمرت حتى بعد انتهاء نظام فرانكو عام 1975.
بالمقابل، يقدر عدد من المحامين الأطفال الذين اختطفوا من أمهاتهم بما يصل إلى 300000، وقد تم تسليمهم للتبني لأسر دفعت مقابلهم مبالغ كبيرة، بلغت قيمتها في بعض الحالات ما يعادل 6000 يورو.
منذ مدة يحاول 261 من ضحايا اختطاف الأطفال في إسبانيا البحث عن والديهم الحقيقيين، إلا أن القليل فقط نجح في ذلك، في حين يحاول الكثيرون من هؤلاء البحث عن "العدالة" المفقودة.
المصدر: شفق نيوز
كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير عاشوراء شهر تموز مندلي اسبانيا
إقرأ أيضاً:
ضمان حقوقهم أولوية قصوى.. كيف تعامل القانون مع جرائم إيذاء الأطفال؟
إيذاء الأطفال من القضايا التي تحظى باهتمام كبير في التشريعات الدولية والمحلية، حيث تسعى القوانين إلى توفير الحماية الشاملة للأطفال وضمان حقوقهم الأساسية في الحياة والتعليم والرعاية الصحية.
في ظل التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه العديد من الأسر، أصبح من الضروري أن تعزز التشريعات دورها في التصدي لأي شكل من أشكال الإيذاء الجسدي أو النفسي أو الاجتماعي، مع ضمان بيئة آمنة تمنع الاستغلال أو الإهمال.
وتعتمد القوانين على نصوص صارمة تُجرم العنف ضد الأطفال سواء كان داخل الأسرة أو المدرسة أو في المجتمع، وتفرض عقوبات رادعة على مرتكبي هذه الجرائم.
كما تشمل تلك التشريعات حماية الأطفال من الاستغلال الجنسي، الذي يُعد أحد أخطر أشكال الإيذاء.
وألزمت اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل الدول الأعضاء بوضع آليات وقائية لمنع هذه الجرائم ومعاقبة مرتكبيها.
التعليم حق أساسي للطفل تحميه القوانين، إذ تُجرّم أي أعمال تؤثر على حق الأطفال في التعليم، مثل العمل المبكر أو التسرب المدرسي بسبب الظروف الاقتصادية. كذلك، في حالات الطوارئ والكوارث، تلتزم القوانين الدولية بضمان حماية الأطفال من المخاطر الصحية والنفسية التي قد تنجم عن هذه الأوضاع، بما في ذلك النزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية.
القوانين لا تتوقف عند النصوص بل تتطلب وجود آليات تنفيذ فعالة، تشمل إنشاء مراكز لحماية الطفل، وتوفير الخطوط الساخنة للإبلاغ عن حالات الإيذاء، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال المتضررين. كما تتطلب تدريب العاملين في الرعاية الاجتماعية والقانونية للتعامل مع هذه القضايا بشكل مهني وسريع.
دور الأسرة والمجتمع لا يقل أهمية عن دور القوانين، حيث تُعتبر الأسرة خط الدفاع الأول لحماية الطفل. المؤسسات التعليمية والاجتماعية تتحمل مسؤولية إضافية في الإبلاغ عن أي علامات إيذاء قد يتعرض لها الطفل، لضمان التدخل المبكر وحمايته.
ورغم وجود تشريعات قوية في كثير من الدول، إلا أن تطبيقها يواجه تحديات، منها ضعف الموارد والآليات التنفيذية، والتحديات الثقافية التي قد تعيق الالتزام الكامل بالقوانين. ومع ذلك، تظل حماية الأطفال أولوية قصوى تتطلب تضافر الجهود بين الحكومات والمؤسسات المجتمعية لضمان مستقبل آمن ومشرق لهم.